قصة المواجهة بين مدير المخابرات الاسبق سعد خير وعمر سليمان بحضور مبارك

[باربيمراقب عام]

[b] رغم أجواء الإرتياح الظاهرية التي كانت تسود علاقة مدير المخابرات الأردنية السابق المشير سعد خير، ونظيره المصري وقتذاك الجنرال عمر سليمان، إلا أن الندية والتنافس والخبرة والبروز دوليا كانت كلها سمات العلاقة بين الجنرالين، أقله من جانب الجنرال المصري الذي تولى إدارة المخابرات العامة في بلاده منذ عام 1991، ولم يحظى بقدر ضئيل من الشهرة العالمية التي حظي بها المشير خير على المستوى العالمي منذ توليه منصبه في نوفمبر عام 2000.

ورغم التنسيق الأمني الرفيع بينهما، والمستمر إلا أن المشير خير كان يرى في اللواء سليمان شخصا يريد البروز سياسيا لا أمنيا، ويحلم بمنصب سياسي لا إنجازات إستخبارية، إذ تصدق تنبؤات المشير خير حتى بعد ثلاثة سنوات تقريبا من وفاته، فاللواء سليمان اليوم هو المرشح المحتمل لرئاسة مصر كأول رئيس مصري منتخب بعد الإطاحة قبل أكثر من عام بالرئيس السابق حسني مبارك.

في 1- أكتوبر 2004 جرى إتصال هاتفي مشفر بين المشير خير وسليمان قال خلاله الاول أن لدى جهاز الإستخبارات الأردني معلومات في غاية الأهمية عن تدبير منظم لا علاقة للجماعات الأصولية به ينوي شن هجمات إرهابية ضد فنادق في مدينة طابا في سيناء المصرية، وهي آخر المناطق التي إستعادتها مصر من إسرائيل، إذ شكك اللواء سليمان بدقة هذه المعلومات رغم أنه وعد المشير خير بعمل اللازم للحيلولة دون وقوع هذه الهجمات.

إلا أنه في السابع من الشهر ذاته وقعت ثلاثة إنفجارات أستخدمت فيها شاحنات متفجرة ضد فنادق هيلتون ومركز سياحي إسرائيلي في المدينة، إذ قتل نحو 40 إسرائيليا، وبعد الحادث بساعات كان إتصالا هاتفيا آخرا يجرى بين خير وسليمان طلب خلاله الأخير، الحصول على معلومات إضافية ومعمقة عن الجهود الإستخبارية الاردنية، أذ أكد خير لمحدثه المصري أن المخابرات الأردنية لا تمتلك أكثر من معلومات، وأنه يفضل للتحقيقات المصرية أن ترسم مسارا مغايرا للمسار التقليدي، وأن تفتش عن أطراف مستفيدة من هكذا تفجيرات ، وقبل إنهاء الإتصال أتفقا على اللقاء في القاهرة لمزيد من التشاور.

في العاشر من الشهر ذاته، وفي القاهرة طلب المشير خير من مدير المخابرات المصرية التفتيش عن مسار جديد في التحقيقات، وأن الإعتقالات العشوائية لبدو سيناء والتي بلغت ستة آلاف معتقل من شأنها أن تؤجج الأوضاع، وأنه بخبرته الامنية لا يرى أيا منهم منفذا أو مخططا لعملية طابا، واستمر النقاش في هذا الإطار وقتا طويلا، وسط عناد وتشكيك من اللواء سليمان الذي كان يقول للمشير خير أن التحقيقات ستظهر فاعلا أو فاعلين من بين المعتقلين، وأن سيناء تعد حاضنة لحركات أصولية فلسطينية، إضافة الى مكان آمن لبعض قيادات الصف الثاني في تنظيم القاعدة.

وفي إطار السجال الدائر، تلقى اللواء سليمان إتصالا هاتفيا من الرئيس المصري السابق حسني مبارك للإستعلام عن الوضع العام أولا بأول، قبل أن يفاجأ سليمان بأن مبارك يطلب حضوره ومعه مدير المخابرات الأردنية المشير خير، إذ جرى اللقاء في قصر القبة، وخلال اللقاء بين مبارك وخير وسليمان وحضره وزير الخارجية المصري وقتذاك أحمد ماهر، طلب مبارك من المشير خير أن يشرح له الوضع الإستخباري المعقد، وجهود التنسيق الإستخباري بين عمان والقاهرة، إذ بدأ خير حديثه بتوجيه اللوم لجهاز المخابرات المصري على تجاهله للنصائح الأردنية بتلافي عملية إرهابية في طابا.

وهو الأمر الذي بدا أن سليمان لم يحط به مبارك أبدا، قبل أن يكرر المشير خير في حضور مبارك أن سير التحقيق في هذه القضية مناقض تماما للفكر الإستخباري، وهنا أبدى مبارك إهتماما بحديث خير، إذ أعلن المشير خير أنه كضابط يمتلك خبرة إستخبارية فإنه يعتقد أن العملية حاولت تقليد الطرق التقليدية في التفجيرات للحركات الأصولية، إلا أن الأخيرة بريئة منها تماما، إذ فجر المشير خير مفاجأة من العيار الثقيل أمام مبارك بالتأكيد أنه يعتقد أن جهاز الموساد الإسرائيلي يقف خلف هذه العمليات لإنتزاع مواقف سياسية وأمنية وعسكرية من مصر، قبل أن يتدخل اللواء سليمان بقوة ويؤكد أن من يتفوه بهذا الكلام لا يعرف مصر ولا القيادة المصرية ولا المخابرات المصرية، وأن هذا التحليل الإستخباري يصعب أن يأتي به مجند مستجد في الإستخبارات، إلا أن مبارك طلب من سليمان الصمت وطلب من خير أن يكمل.

تابع خير حديثه قائلا: كنت في لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إرئيل شارون الشهر الماضي، وكان مستاء للغاية من التعنت المصري حيال بعض قضايا الحدود، ووجود الجيش المصري على الحدود، والسلام البارد على مستويات كثيرة مع مصر، والتقارب المصري مع القوى السياسية الفلسطينية، والمناصرة العلنية للسلطة الفلسطينية، ورفض مصر أي إزاحة لعرفات خارج مقره المحاصر في مدينة رام الله، إذ أكد خير أنه ذهب لمقابلة إرئيل شارون لحضه على عدم السعي للتخلص من ياسر عرفات، إذ وصلت للمشير خير معلومات عن نية شارون التخلص من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، إلا أن المعلومات لم تكن مكتملة خصوصا بشأن الطريقة.

صدم مبارك من حجم المعلومات والخبرة التي يمتلكها خير، ومال الى تحليلاته وآرائه، بل أن مبارك اقترح على المشير خير وسليمان تشكيل غرفة عمليات إستخبارية مشتركة في سيناء المصرية والعقبة الأردنية لمكافحة الإرهاب، وهو ما أبدى خير ترحيبا عميقا بشأنه، وفتورا من جانب سليمان الذي كان يحسد خير بشدة على سطوع نجمه في عالم المخابرات العالمية.

وفي الطريق الى المطار كان خير وسليمان يتناقشان في ضرورة التصدي لأي مخططات إسرائيلية قد تفضي الى قتل عرفات أو نفيه، إذ سأل سليمان خير عن الشكل المتوقع لتنفيذ تهديدات شارون بالتخلص من عرفات، وعندها مال خير الى الإعتقاد أن إسرائيل ستجرب طريقة غير تقليدية للتخلص من عرفات، إذ استبعد خير أن يلجأ شارون للطريقة العسكرية المباشرة للتخلص من عرفات وإثارة الرأي العام العالمي ضده، إذ غادر خير مطار القاهرة عائدا الى عمان، وبمجرد وصوله الى عمان مساء الحادي عشر من أكتوبر كان يبلغ أن تقريرا وصل من رام الله جاء فيه أن تدهورا متزايدا بدأ يطرأ على صحة ياسر عرفات، وأنه يعاني من إضطرابات صحية غير مبررة، وأنه طلب طبيبه الخاص أشرف الكردي للإنتقال الى مقر إقامته المحاصر في مدينة رام الله.

نشر يالانفاق.[/b]