- باربيمراقب عام
- عدد المساهمات : 11902
نقاط : 28065
التقيم : 14
تاريخ التسجيل : 30/10/2011
المزاج : رائق
ميكافللي
الأربعاء أبريل 11, 2012 11:12 pm
[b]نيقولو ميكافللي صاحب مقولة ( الغاية تبرر الوسيلة )
ميكافيلي
نيكولو دي برنارد ميكافيلي
نيكولو مَيكافِيلّي (وُلِدَ في فلورنسا، 3 مايو، 1469 - تُوفي في فلورنسا، 21 يونيو، 1527)
فيلسوف سياسي إيطالي إبان عصر النهضة. أصبح مكيافيلي الشخصية الرئيسية والمؤسس للتنظير السياسي الواقعي، والذي أصبحت فيما بعد عَصّبَ دراسات العلم السياسي. أشهر كتبه على الإطلاق، كتاب ( الأمير )، والذي كان هدف ميكافيلي منه أن يكتب تعليمات للحكام. نُشرَ الكتاب بعد موته، وأيد فيه فكرة أن ما هو مفيدٌ فهو ضروري، والتي كان عبارة عن صورة مبكرة للنفعية والواقعية السياسية.
ولقد فُصلت نظريات مكيافيلي في القرن العشرين.
نيكولو مَكيافِيلّي (وُلِدَ في فلورنسا، 3 مايو، 1469 - تُوفي في فلورنسا، 21 يونيو، 1527) فيلسوف سياسي إيطالي إبان عصر النهضة. أصبح مكيافيلي الشخصية الرئيسية والمؤسس للتنظير السياسي الواقعي، والذي أصبحت فيما بعد عَصّبَ دراسات العلم السياسي. أشهر كتبه على الإطلاق، كتاب الأمير،والذي كان عملاً هدف ميكافيلي منه أن يكون كتيب تعليمات للحكام. نُشرَ الكتاب بعد موته، وأيد فيه فكرة أن ما هو مفيدٌ فهو ضروري، والتي كان عبارة عن صورة مبكرة للنفعية والواقعية السياسية. ولقد فُضلت نظريات مكيافيلي في القرن العشرين.
ولقد ألف مكيافيلي العديد من "المطارحات" حول الحياة السياسية في الجمهورية الرومانية، فلورنسا، وعدة ولايات، والتي من خلالها برع في شرح وجهات نظر أخرى. على كُلٍ، فصفة "ميكافيلي" والتي ينظر إليها الباحثون على أنها تصف بشكل خاطئ ميكافيلي وأفكاره، أصبحت تصف التصرف الأناني والذي تهدف له الجماعات الربحية. ومع ليوناردو دا فنشي، أصبح نيكولو ميكافيلي الشخصية المثالية لرجل عصر النهضة. ومن اللائق أن يقال أن ميكافيلي يستحوذ على صفات "الذكاء الميكافيلي"، عوضاً عن وصفه بالميكافيلية.
السيرة الذاتية
وُلِدَ مكيافيلي في فلورنسا لمحامٍ هو برناردو دي نيكولو مكيافيلي وبارتولومي دي استفانو نيلي، والذي كانا منحدرين من أسرة توسكانية عريقة.
من عام 1494 إلى 1512، تقلد مكيافيلي الشاب منصباً إدارياً في الحكومة، زار خلالها البلاط الملكي في فرنسا، وألمانيا، وعدة مقاطعات إيطالية في بعثات دبلوماسية. بعدها بقليل حُبسَ مكيافيلي في فلورنسا عام 1512، نُفي بعدها لسان كاساينو، وتوفي في فلورنسا عام 1527 ودفن في سانتا كراوس.
ويمكن تقسيم فترة حياته إلى ثلاثة أجزاء كلها تمثل حقبة مهمة من تاريخ فلورنسا، حيث عاصر في شبابه وطور نموه ازدهار فلورنسا وعظمتها كقوة إيطالية تحت حكم لورنزو دي مديتشي، وسقوط عائلة مديتشي في عام 1494، حيث دخل مكيافيلي في الخدمة العامة، حيث تحررت فلورنسا خلالها وأصبحت تحت حكم جمهورية، والتي استمرت لعام 1512، حيث استرجعت عائلة مديتشي مقاليد السلطة، وخسر ماكيافيلي منصبه. وحكمت عائلة مديتشي حتى عام 1527، حيث تم إجلاءهم عن المدينة في 22 يونيو مرة أخرى، وحينها كانت الفترة التي تمخضت عن نشاطات مكيافيلي ومؤلفاته، ولكنه توفي، عن عمرٍ يناهز الثامنة والخمسين قبل أن يسترجع منصبه في السلطة.
شبابه ونشأته
مع أن القليل دُون عن فترة شباب مكيافيلي، إلا أن فلورنسا تلك الحقبة معروف بشكل يسهل التنبأ معه بحياة أحد مواطنيها. لقد وُصفت فلورنسا على أنها مدينة ذات نمطي حياة مختلفين، واحدٌ مُسير من قبل المتشدد الراهب سافونارولا، والآخر من قبل لورنزو دي مديتشي. لابد وأن يكون تأثير سافونارولا على مكيافيلي الشاب دون أي تأثيرٍ يُذكر، إلا أنه مع تحكم سافونارولا بأموال فلورنسا، فقد أوجد لمكيافيلي مادة في كتابه الأمير عن النهاية المأسوية للنبي الغير مسلح. أما عن روعة حكم المديتشيين إبان عهد لورنزو العظيم فقد كان ذا أثرٍ ملموس على الشاب، حيث أشار عدة مرات إليهم، ويجدر الإشارة إلى أن كتابه الأمير قد أُهدي إلى حفيد لورنزو (وهذه من الطرائف عند الحديث عن هذا الشاب حيث كان والده وجده من المعارضين لحكم المديتشيين).
ويعطينا كتابه، تاريخ فلورنسا، صورة عن الشباب الذين قضى معهم فترة شبابه، حيث يقول: "لقد كانوا أحراراً أكثر من آبائهم في ملبسهم وحياتهم، وصرفوا الكثير على مظاهر البذخ، مبذرين بذلك أموالهم ووقتهم طمعاً بالكمال، واللعب، والنساء. لقد كان هدفهم الرئيس هو أن يبدو الشخص فيهم بمظهرٍ حسن وأن يتحدث بلباقة وذكاء، وقد أُعتبر من يجرح الناس بذكاء أحكمهم كما ذكر ." وفي رسالة لابنه غويدو، يظهر مكيافيلي ضرورة أن تُستغل فترة الشباب بالإنكباب على الدراسة، وهذا ما يقودونا إلى الإعتقاد بأنه قد انشغل كثيراً إبان شبابه. ويقول مكيافيلي: "لقد تلقيتُ رسالتك، والتي منحتني شعوراً عظيماً بالسعادة، خصوصاً وأنك استعدت عافيتك، ولن يكون هناك خبرٌ أجمل من هذا. فقد وهبك الرب ووهبني الحياة، وآمل أن أصنع منك رجلاً كفؤً إذا ما كنت مستعداً لتقوم دورك." ومن ثم يُكمل: "سوف يكون هذا جيداً لك، ولكنه واجبٌ عليك أن تدرس، حيث لن يكون لك العذر في أن تتباطأ بحجة المرض، واستغل ألمك لدراسة الرسائل والموسيقى، حيث سيبدو لك الشرف الذي يكون لي بامتيازي بمثل هذه المهارة. إذن، بُني، إذا ما أردت إسعادي، وأن تجلب لنفسك الشرف والنجاح، قم بالمطلوب وادرس، لأن الجميع سيساعدونك إذا ما ساعدت نفسك."
منصبه في الدولة
تمثال لمكيافيلي الفترة الثانية من حياته قضاها في خدمة الجمهورية الفلورنسية،الكائنة ما بين فترة طرد عائلة مديتشي في 1494 إلى عودتهم في 1512. بعدما خدم مدة أربع سنين في إحدى الدوائر الحكومية، عُين مستشاراً وسكراتيراً لإحدى مكاتب الأرشفة. وخلال هذه الفترة قام مكيافيلي بأخذ دورٍ رائد فيما يتعلق بشؤون الجمهورية، ومن هنا يُعرف من أي اكتسب الخبرة التي أهلته لتأليف كتابٍ كالأمير.
مهمته الأولى كانت في 1499 لكاثرين سافورزا، أو كما سماها في الأمير "سيدة فلوري"، والتي استشف من سلوكها أدبيات فكره والذي ينص فيها على أنه من الأفضل كسب ود الشعب عوضاً عن الاعتماد على القلاع، ويشير مكيافيلي إلى هذا في إحدى فصول كتابه (الباب العاشر) حيث أنه من الأفضل كسب ود الشعب خصوصاً في فترة الحروب عندما يقاسون فيها الأمرين من حرق لمؤنهم وتدمير لبيوتهم حتى يستجلبهم العدو لصالحه، وهو في رأي مكيافيلي سياسة ناجحة دوماً في حالة لم يعمل الأمير على رفع معنويات الشعب وأنهم سيجتازون هذه المحنة، ولولا هذا المعاملة فلن تنفع الحصون الشعب أو الأمير حينئذ للوقاية من شر الأعداء خصوصاً عند انعدام السلاح.
وفي عام 1500، أُرسل إلى لويس الثاني عشر ليحصل منه على شروط استمرار الحرب على بيزا، ومن سلوك هذا الملك استشف مكيافيلي الأخطاء الخمس القاتلة في شؤون إدارة الدول، والتي تبعاً لها أُخرج لويس من إيطاليا (كما يشير مكيافيلي في الباب الثالث من الأمير). وهو أيضاً من أُعتبر طلاقه شرطاً لتأييد البابا ألكسندر السادس.
حياة مكيافيلي العامة شُغلت بالأحداث تباعاً لطموح البابا ألكسندر السادس وابنه سيزار بورجيا، دوق فالنتينو، وهذه الشخصيات تملأ فراغاً كبيراً في الأمير. ولم يتردد مكيافيلي في الاستشهاد بأفعال الدوق لفائدة أولئك الذين يريدون الإبقاء على ممتلكاتهم عن طريق الغصب. إنه، وبكل تأكيد، لن يجد مانعاً لتقديم سلوك سيزار بورجيا كنموذج، حتى أن بعض النقاد زعموا أن سيزار بدا بمظهر البطل في كتاب الأمير. إلا أن الدوق في الأمير استشهد به كمثال للأمراء الذين يُنَصبون عن طريق مساعدة الآخرين لهم (في حالته فهو والده البابا)، ويسقطون معهم.
وعند وفاة البابا بيوس الثالث في 1503، لمراقبة الانتخابات على من يخلفه، وهناك لاحظ غش سيزار بورجيو ليتم اختيار المجمع لجوليانو ديلا روفري (البابا يوليوس الثاني)، والذي كان أحد الكاردينالات ذوي الأقوى حجة لمهابة الدوق. وعندما طُلب من مكيافيلي التعليق على هذا الاقتراع قال أن من يعتقد أن محاولات الإحسان إلى قوي لينسى جروحه القديمة يخدع نفسه، وبالفعل لم يرتح يوليوس الثاني حتى دمر الدوق.
لقد خضعت إيطاليا في 1507 لحكم فرنسا، وإسبانيا، وألمانيا، مع نتائج دامت إلى يومنا هذا، وما يهمنا هنا هم الثلاثة الفاعلون في تلك الممالك، حيث تعدى تأثيرهم ليصل لشخصية مكيافيلي. ولقد تمت الإشارة إلى شخصية ملك فرنسا ودراسة مكيافيلي لها. ولقد صور مكيافيلي فرديناند الثاني كشخص قام بأفعالٍ عظيمة ولكن تحت ستار الدين، ولكنه في الواقع لم يكن شخصاً ذا إيمان، أو انسانيةإنسانية، أو رحمة، أو نزاهة ... وأن من يجعل مثل هذه الأمور تكون دافعاً له قد يعمل على تدمير نفسه. أما بالنسبة للإمبراطور ماكسمليان فقد كان أحد أكثر شخصيات ذلك العصر إثارةٍ، وقد تم تشخيصه من قبل العديد، إلا أن مكيافيلي، والذي عمل رسولاً للإمبرطور ما بين 1507 و1508، يكشف سراً عن سبب إخفاقات ذلك الإمبرطور، بأنه رجلٌ كتوم، لم يعمل على تحقيق أمانيه وغالباً ما يناقض نفسه، لكونه لا يعرف ما الأحق أن يُتبع، ولم يعمل مطلقاً على استشارة أحد لذلك.
الفترة الأخيرة من حياة مكيافيلي الرسمية كانت مليئة بالأحداث مُوجهة غالباً من قبل تحالف كامبري، والذي تم في 1508 بين ثلاثة قوى أوروبية جرى ذكرها بالإضافة إلى البابا لهدف سحق الجمهورية الفينيسية، والذي نتج عنها خسارة البندقية (فينيسيا) في يوم واحد لما كسبته في ثمانممائة عام. وقد واجهت فلورنسا وقتاً عصيباً في خضم هذه الأحداث المعقدة، لا سيما عندما نشب النزاع بين البابا وفرنسا. وفي 1511، قام يوليوس الثاني بالإعلان عن التحالف المقدس ضد فرنسا، وبمساعدة سويسرا تم إبعاد فرنسا عن إيطاليا، ورضخت فلورنسا لشروط البابا بعد أن كانت تخضع لفرنسا، وإحداها أن لعائلة مديتشي الرجوع للسلطة. وعندما تم ذلك في الأول من سبتمبر، من عام 1512 لحقه سقوط الجمهورية، وإقصاء مكيافيلي ومن معه عن العمل، وتوفي مكيافيلي دون أن يرجع لمنصبه.
كتاب الأمير ووفاة مكيافيلي
عند عودة المديتشيين أمل مكيافيلي عودته لمنصبه في الخدمة العامة تحت سلطة الأسياد الجدد لفلورنسا أُقصي في الثاني عشر من نوفمبر، لعام 1512. واتُهم لاحقاً بالتورط في مؤامرة ضد المديتشيين، وسُجن، وتم استجوابه تحت التعذيب. وقام البابا المديتشي الجديد، ليو العاشر، بالعفو عنه وإطلاق سراحه، وذهب مكيافيلي لسان كازينو ليقضي فترة تقاعده، بالقرب من فلورنسا، حيث قضى وقته بالكتابة. وفي رسالة لفرانسيسكو فيتوري، مؤرخة بثالث عشر من سبتمبر، من عام 1513، يذكر مكيافيلي وصفٍ مثيراً للحياة التي قضاها في تلك الفترة، والتي بين فيها الدوافع لكتابة الأمير. فبعد أن وصف حياته اليومية مع عائلته والجيران، يكتب مكيافيلي: "عندما يحل المساء أعود إلى البيت، وأدخل إلى المكتبة، بعد أن أنزع عني ملابسي الريفية التي غطتها الوحول والأوساخ، ثم أرتدي ملابس البلاط والتشريعات، وأبدو في صورة أنيقة، أدخل إلى المكتبة لأكون في صحبة هؤلاء الرجال الذين يملأون كتبها، فيقابلونني بالترحاب وأتغذى بذلك الطعام الذي هو لي وحدي، حيث لا أتردد بمخاطبتهم وتوجيه الأسئلة لهم عن دوافع أعمالهم، فيتلطفون علي الإجابة، ولأربع ساعات لا أشعر بالقلق، وأنسى همومي، فالعوز لا يخيفني والموت لا يرهبني ... لقد تملكني الإعجاب بأولئك العظام،
ولأن دانتي قال:
يُحفظ العلم الذي يأتي بالتعلم
ولقد دونتُ ملحوظاتٍ من محاوراتهم، وألفت كتاباً عن 'الإمارات'، حيث أنكبُ جاهدا في التأمل والتفكر بما يتعلق بهذا الموضوع، مناقشة ماهية الإمارات، وأنواعها، وكيفية امتلاكها، ولماذا تٌفقد، وعليه فهذا على الأرجح سيعجبك، إلا أنه لأميرٍ جديد سيكون محل ترحابه، ولذا فقد أهديتُ الكتاب لجلالته جوليانو . وقام فيليبو كازافتشيو بإرساله، وسيخبرك عن محتواها وعن حواري معه، ومع ذلك فما زالت تحت التنقيح."
ولقد تعرض الكتيب للعديد من التغيرات قبل أن يستقر على الشكل الذي هو عليه الآن. ولسببٍ ما تم إهداء الكتاب للورنزو إل دي مديتشي. مع أن مكيافيلي ناقش كازافتشيو إذا ما كان من الأفضل إرساله أو عرضه شخصياً، إلا أنه لم يثبت أن لورنزو قد استلم الكتاب أو حتى قرأه، وبطبيعة الحال لم يقم بتوظيف مكيافيلي. ولم يقم مكيافيلي بنشر الكتاب بنفسه، وقد اختلف فيما إذا كان النص الأصلي للكتاب لم يتعرض للتحريف، إلا أنه قطعاً تعرض للسرقة الأدبية.
وختم مكيافيلي رسالته إلى فتوري قائلاً: "وبالنسبة لهذا الكتاب الصغير، عندما يُقرأ، فسيترائ لقارئه أني لم أنم أو أتكاسل في دراسة فن السياسة وإدارة الدولة طوال الخمسة عشر عاماً التي قضيتها متنقلاً بين الملوك، وعليه الرغبة في أن ينهل من خبرة هؤلاء."
وقبل أن يُنهي مكيافيلي كتاب الأمير بدأ مطارحاته بالكتابة عن العقد الأول لتايتوس ليفيوس، والذي يجب أن يُقرأ تزامناً مع الأمير. هذه الأعمال وأخرى أصغر أبقته منشغلاً حتى 1518، حتى وُكل بمهمة المراقبة على أعمال بعض التجار في في جينوا. وفي عام 1519، منح حكام فلورنسا المديتشيون صلاحيات سياسية للمواطنين، وأصبح مكيافيلي وآخرون مستشارين حسبما ينص الدستور الجديد حالما يتم إرجاع المجلس العظيم.
وأصبح عام 1520 مُذهلاً لكي يعاود مكيافيلي الانخراط في مجتمع فلورنسا الأدبي، كما كان هذا العام هو بداية إنتاج كتاب فن الحرب. وقد طلب الكاردينال دي مديتشي من مكيافيلي تأليف كتاب تاريخ فلورنسا، مهمةٌ أشغلت مكيافيلي حتى 1525.
وعندما انتهى من كتاب تاريخ فلورنسا، ذهب به لروما ليعرضه على البابا جوليو دي مديتشي، المعروف بالبابا كليمنت السابع، ولقد أهدى هذا الكتاب إلى رأس أسرة مديتشي. ومن ذلك العام قامت معركة بافيا ودمرت أملاك فرنسا في إيطاليا تاركةً فرانسيس الأول أسيراً تحت رحمة تشارلز الخامس وطُرد المديتشيون من فلورنسا مجدداً.
كان مكيافيلي حيئذ غائباً عن فلورنسا، ولكنه أسرع في العودة لكي يؤمن مركزه كمستشار. ولكنه مرض فور وصوله حيث تُوفي في الثاني والعشرين من يونيو، من عام 1527.
ما بعد مكيافيلي
يُعتبر مكيافيلي بلا شك مؤسس مدرسة التنظير السياسي الواقعي حينما فصل بين السياسة والأخلاق مخالفاً بذلك أرسطو القائل في كتاب "السياسة": "لما كانت الدولة، كل دولة، نوعاً من المشاركة، وكانت كل مشاركة تتم للوصول إلى النفع والخير - إذ أن المفروض من كل عمل أن ينتهي إلى خير - فإن من الواضح أن بالنظر لكونه الخير هدف جميع المشاركات فإن الخير الأسمى، في أرفع رتبه، هو هدف تلك المشاركة السامية، التي تضم كل ما عداها، أو بكلمة أصح، الدولة أو المشاركة السياسية." ويلخص أرسطو الشروط التي يجب أن تتوفر في من يملك السيادة المطلقة:
الإخلاص لنظام الدولة
الكفاءة لأاء مهام وظائفهم
الفضيلة والعدالة، في المعنى الذي يتفق مع نظام الدولة
وعن أفضل السبل للمحافظة على الدولة يشدد أرسطو على أن الواجب هو تعليم المواطنين على روحية الدولة إذ بدونها لا يكون لهذه القوانين المفروضة لحماية الدولة والمجتمع أي قيمة (وهي ما يُعتبر صورة مبكرة لأفكار جان جاك روسو في العقد الاجتماعي).
أما مكيافيلي فيختلف مع أرسطو في أن كيف أن البشر والحاكم لا يُهدفون إلى النفع والخير، فيقول في الباب السابع عشر من الأمير: "من الواجب أن يخشاك الناس وأن يحبوك، ولما كان من العسير الجمع بين الأمرين فالأفضل أن يخشوك على أن يحبوك، هذا إذا ما توجب عليك الاختيار بينهما، وقد يقال عن الناس بصورة عامة، أنهم ناكرون للجميل، متقلبون، مراؤون ميالون إلى تجنب الأخطار وشديدو الطمع. وهم إلى جانبك طالما أنك تفيدهم، فيبذلون لك دماءهم وحياتهم وأطفالهم وكل ما يملكون كما سبق لي أن قلت، طالما أن الحاجة بعيدة نائية، ولكنها عندما تدنو يثورون، ومصير الأمير الذي يركن إلى وعودوهم دون اتخاذ أي استعداد هو الدمار والخراب. إذ أن الصداقة التي تقوم على أساس الشراء، لا على أساس نبل الروح وعظمتها هي صداقة زائفة تُشترى بالمال ولا تكون أمينة موثوقة، وهي عرضة لأن لا تجدها في خدمتك في أول مناسبة. ولا يتردد الناس في الإساءة إلى ذلك الذي يجعل من نفسه محبوباً بقدر ترددهم الإساءة إلى من يخافونه، إذ أن الحب يرتبط بسلسلة من الإلتزام التي قد تتحطم، بالنظر إلى أنانية الناس، عندما يخدم تحطيمها مصالحهم، بينما يرتكز الخوف على الخشية من العقاب وهي خشية قلما تُمنى بالفشل."
وفي دراسة لأرنستو لاندي عن مكيافيلي نراه يقول: "كان مكيافيلي واقعياً بمعنى أنه شدد دوماً على ما اعتبره حقائق عن الطبيعة الإنسانية والمجتمعات السياسية مهما ابتعدت هذه الحقائق عن الخلق. وأن ميوله الجمهورية لم تكن محاكاة لذلك المجتمع السياسي المركانتلي الذي كان يراه في فينيسيا، على النقيضذلك كانت ميوله تنبع من رعبة في إحياء نمط جمهوري استهواه عند قراءته كتب التاريخ لا سيما تاريخ روما القديم. وكان مكيافيليمفكراً سياسياً مبكراً، وقد قام اعتقاده على أن قواعد السلوك الإنساني يمكن استنباطها من الاختبار، آملاً استخدام هذه العبر لأغراض نبيلة مثل خلق جمهورية في إيطاليا المعاصرة تحاكي روما القديمة في مجدها." إلا أن مكيافيلي على ما أراد إعادة خلق هذا النظام في إيطاليا فقد تراءا له استحالة ذلك لا سيما في عصره.
اعتبر مكيافيلي أن هدف السياسة هو المحافظة على قوة الدولة والعمل توسيع نفوذها، وهذا لا يتم بوجود وازع ديني أو أخلاقي، حيث الغاية تُبرر الوسيلة. ولهذا فقد أُعجب مكيافيلي بالحكام الذين توسع سلطانهم غير آبهين بأي رادعٍ كان، ولذا قال دوفرجيه عندما قارن بينا أرسطو ومكيافيلي: "لقد أوجد أرسطو الركن الأول ف علم السياسة وهو اعتماد منهج الاستقراء والملاحظة، وأوجد مكيافيلي الركن الثاني، وهو المنهج الموضوعي المُجرد من الاهتمامات الأخلاقية." ولكن شدد مكيافيلي مع هذا أن الدولة القوية تقوم على وازعٍ أخلاقي، وإن استخدم الحاكم الوسائل المنافية للأخلاق للوصول لأهدافه. حيث أكد مكيافيلي أن ولاء المواطن مُرتبط بمقدار خدمته للمجتمع.
ومع هذا فلا يزال مكيافيلي معتقداً بسوء نوايا البشر، وأنهم غالباً ما يركنون إلى الراحة والدعة والتملك بأقل قدر من الخسائر، سواء كانوا مواطنين وحكام، ولذا أوجدت الدولة والحكومات والقوانين، وهي للحد من نفوذهم. ولذا يقول فرانسيس بيكون: "لقد تناول مكيافيلي الناس كما هم، لا كما يجب أن يكونوا."
ردود الفعل تجاه الأمير ومكيافيلي
لم يتم نشر الأمير إلا بعد وفاة مكيافيلي بخمس سنين، ولذا لم يفهمه البعض وهاجموه حتى اصبح اسمه ملازماً للشر دائماً حتى في الفنون الشعبية. وأول من هاجم مكيافيلي هو الكاردينال بولس مما أدى لتحريم الإطلاع على كتاب الأمير ونشر أفكارها، وكذلك انتقد غانتيه في مؤلفٍ ضخم أفكار مكيافيلي، ووضعت روما كتابه عام 1559 الكتب الممنوعة وأحرقت كل نسخة منه.
ولكن وعندما بزغ نور النهضة في أرجاء أوروبا ظهر من يدافع عن مكيافيلي ويترجم كتبه. ولم يصل مكيافيلي وفكره لما وصل إليه الآن إلا في القرن الثامن عشر عندما مدحه جان جاك روسو، وفيخته، وشهد له هيغل بالعبقرية. ويُعتبر مكيافيلي أحد الأركان الذين قام عليهم عصر التنوير في أوروبا.
ولقد اختار موسليني كتاب الأمير موضوعاً لأطروحته التي قدمها للدكتوراه، وكان هتلر يقرأ هذا الكتاب قبل أن ينام كل ليلة. ناهيك عن من سبقهم من الملوك والأباطرة كفريدريك وبسمارك وكريستينا وكل من ينشد السلطة.
مقولات لمكيافيلي
" حبي لنفسي دون حبي لبلادي "
" من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يحبوك "
" الغاية تُبـــرر الوسيلة "
" أثبتت الأيام أن الأنبياء المسلحين احتلوا وانتصروا، بينما فشل الأنبياء الغير مسلحين عن ذلك "
[/b]
ميكافيلي
نيكولو دي برنارد ميكافيلي
نيكولو مَيكافِيلّي (وُلِدَ في فلورنسا، 3 مايو، 1469 - تُوفي في فلورنسا، 21 يونيو، 1527)
فيلسوف سياسي إيطالي إبان عصر النهضة. أصبح مكيافيلي الشخصية الرئيسية والمؤسس للتنظير السياسي الواقعي، والذي أصبحت فيما بعد عَصّبَ دراسات العلم السياسي. أشهر كتبه على الإطلاق، كتاب ( الأمير )، والذي كان هدف ميكافيلي منه أن يكتب تعليمات للحكام. نُشرَ الكتاب بعد موته، وأيد فيه فكرة أن ما هو مفيدٌ فهو ضروري، والتي كان عبارة عن صورة مبكرة للنفعية والواقعية السياسية.
ولقد فُصلت نظريات مكيافيلي في القرن العشرين.
نيكولو مَكيافِيلّي (وُلِدَ في فلورنسا، 3 مايو، 1469 - تُوفي في فلورنسا، 21 يونيو، 1527) فيلسوف سياسي إيطالي إبان عصر النهضة. أصبح مكيافيلي الشخصية الرئيسية والمؤسس للتنظير السياسي الواقعي، والذي أصبحت فيما بعد عَصّبَ دراسات العلم السياسي. أشهر كتبه على الإطلاق، كتاب الأمير،والذي كان عملاً هدف ميكافيلي منه أن يكون كتيب تعليمات للحكام. نُشرَ الكتاب بعد موته، وأيد فيه فكرة أن ما هو مفيدٌ فهو ضروري، والتي كان عبارة عن صورة مبكرة للنفعية والواقعية السياسية. ولقد فُضلت نظريات مكيافيلي في القرن العشرين.
ولقد ألف مكيافيلي العديد من "المطارحات" حول الحياة السياسية في الجمهورية الرومانية، فلورنسا، وعدة ولايات، والتي من خلالها برع في شرح وجهات نظر أخرى. على كُلٍ، فصفة "ميكافيلي" والتي ينظر إليها الباحثون على أنها تصف بشكل خاطئ ميكافيلي وأفكاره، أصبحت تصف التصرف الأناني والذي تهدف له الجماعات الربحية. ومع ليوناردو دا فنشي، أصبح نيكولو ميكافيلي الشخصية المثالية لرجل عصر النهضة. ومن اللائق أن يقال أن ميكافيلي يستحوذ على صفات "الذكاء الميكافيلي"، عوضاً عن وصفه بالميكافيلية.
السيرة الذاتية
وُلِدَ مكيافيلي في فلورنسا لمحامٍ هو برناردو دي نيكولو مكيافيلي وبارتولومي دي استفانو نيلي، والذي كانا منحدرين من أسرة توسكانية عريقة.
من عام 1494 إلى 1512، تقلد مكيافيلي الشاب منصباً إدارياً في الحكومة، زار خلالها البلاط الملكي في فرنسا، وألمانيا، وعدة مقاطعات إيطالية في بعثات دبلوماسية. بعدها بقليل حُبسَ مكيافيلي في فلورنسا عام 1512، نُفي بعدها لسان كاساينو، وتوفي في فلورنسا عام 1527 ودفن في سانتا كراوس.
ويمكن تقسيم فترة حياته إلى ثلاثة أجزاء كلها تمثل حقبة مهمة من تاريخ فلورنسا، حيث عاصر في شبابه وطور نموه ازدهار فلورنسا وعظمتها كقوة إيطالية تحت حكم لورنزو دي مديتشي، وسقوط عائلة مديتشي في عام 1494، حيث دخل مكيافيلي في الخدمة العامة، حيث تحررت فلورنسا خلالها وأصبحت تحت حكم جمهورية، والتي استمرت لعام 1512، حيث استرجعت عائلة مديتشي مقاليد السلطة، وخسر ماكيافيلي منصبه. وحكمت عائلة مديتشي حتى عام 1527، حيث تم إجلاءهم عن المدينة في 22 يونيو مرة أخرى، وحينها كانت الفترة التي تمخضت عن نشاطات مكيافيلي ومؤلفاته، ولكنه توفي، عن عمرٍ يناهز الثامنة والخمسين قبل أن يسترجع منصبه في السلطة.
شبابه ونشأته
مع أن القليل دُون عن فترة شباب مكيافيلي، إلا أن فلورنسا تلك الحقبة معروف بشكل يسهل التنبأ معه بحياة أحد مواطنيها. لقد وُصفت فلورنسا على أنها مدينة ذات نمطي حياة مختلفين، واحدٌ مُسير من قبل المتشدد الراهب سافونارولا، والآخر من قبل لورنزو دي مديتشي. لابد وأن يكون تأثير سافونارولا على مكيافيلي الشاب دون أي تأثيرٍ يُذكر، إلا أنه مع تحكم سافونارولا بأموال فلورنسا، فقد أوجد لمكيافيلي مادة في كتابه الأمير عن النهاية المأسوية للنبي الغير مسلح. أما عن روعة حكم المديتشيين إبان عهد لورنزو العظيم فقد كان ذا أثرٍ ملموس على الشاب، حيث أشار عدة مرات إليهم، ويجدر الإشارة إلى أن كتابه الأمير قد أُهدي إلى حفيد لورنزو (وهذه من الطرائف عند الحديث عن هذا الشاب حيث كان والده وجده من المعارضين لحكم المديتشيين).
ويعطينا كتابه، تاريخ فلورنسا، صورة عن الشباب الذين قضى معهم فترة شبابه، حيث يقول: "لقد كانوا أحراراً أكثر من آبائهم في ملبسهم وحياتهم، وصرفوا الكثير على مظاهر البذخ، مبذرين بذلك أموالهم ووقتهم طمعاً بالكمال، واللعب، والنساء. لقد كان هدفهم الرئيس هو أن يبدو الشخص فيهم بمظهرٍ حسن وأن يتحدث بلباقة وذكاء، وقد أُعتبر من يجرح الناس بذكاء أحكمهم كما ذكر ." وفي رسالة لابنه غويدو، يظهر مكيافيلي ضرورة أن تُستغل فترة الشباب بالإنكباب على الدراسة، وهذا ما يقودونا إلى الإعتقاد بأنه قد انشغل كثيراً إبان شبابه. ويقول مكيافيلي: "لقد تلقيتُ رسالتك، والتي منحتني شعوراً عظيماً بالسعادة، خصوصاً وأنك استعدت عافيتك، ولن يكون هناك خبرٌ أجمل من هذا. فقد وهبك الرب ووهبني الحياة، وآمل أن أصنع منك رجلاً كفؤً إذا ما كنت مستعداً لتقوم دورك." ومن ثم يُكمل: "سوف يكون هذا جيداً لك، ولكنه واجبٌ عليك أن تدرس، حيث لن يكون لك العذر في أن تتباطأ بحجة المرض، واستغل ألمك لدراسة الرسائل والموسيقى، حيث سيبدو لك الشرف الذي يكون لي بامتيازي بمثل هذه المهارة. إذن، بُني، إذا ما أردت إسعادي، وأن تجلب لنفسك الشرف والنجاح، قم بالمطلوب وادرس، لأن الجميع سيساعدونك إذا ما ساعدت نفسك."
منصبه في الدولة
تمثال لمكيافيلي الفترة الثانية من حياته قضاها في خدمة الجمهورية الفلورنسية،الكائنة ما بين فترة طرد عائلة مديتشي في 1494 إلى عودتهم في 1512. بعدما خدم مدة أربع سنين في إحدى الدوائر الحكومية، عُين مستشاراً وسكراتيراً لإحدى مكاتب الأرشفة. وخلال هذه الفترة قام مكيافيلي بأخذ دورٍ رائد فيما يتعلق بشؤون الجمهورية، ومن هنا يُعرف من أي اكتسب الخبرة التي أهلته لتأليف كتابٍ كالأمير.
مهمته الأولى كانت في 1499 لكاثرين سافورزا، أو كما سماها في الأمير "سيدة فلوري"، والتي استشف من سلوكها أدبيات فكره والذي ينص فيها على أنه من الأفضل كسب ود الشعب عوضاً عن الاعتماد على القلاع، ويشير مكيافيلي إلى هذا في إحدى فصول كتابه (الباب العاشر) حيث أنه من الأفضل كسب ود الشعب خصوصاً في فترة الحروب عندما يقاسون فيها الأمرين من حرق لمؤنهم وتدمير لبيوتهم حتى يستجلبهم العدو لصالحه، وهو في رأي مكيافيلي سياسة ناجحة دوماً في حالة لم يعمل الأمير على رفع معنويات الشعب وأنهم سيجتازون هذه المحنة، ولولا هذا المعاملة فلن تنفع الحصون الشعب أو الأمير حينئذ للوقاية من شر الأعداء خصوصاً عند انعدام السلاح.
وفي عام 1500، أُرسل إلى لويس الثاني عشر ليحصل منه على شروط استمرار الحرب على بيزا، ومن سلوك هذا الملك استشف مكيافيلي الأخطاء الخمس القاتلة في شؤون إدارة الدول، والتي تبعاً لها أُخرج لويس من إيطاليا (كما يشير مكيافيلي في الباب الثالث من الأمير). وهو أيضاً من أُعتبر طلاقه شرطاً لتأييد البابا ألكسندر السادس.
حياة مكيافيلي العامة شُغلت بالأحداث تباعاً لطموح البابا ألكسندر السادس وابنه سيزار بورجيا، دوق فالنتينو، وهذه الشخصيات تملأ فراغاً كبيراً في الأمير. ولم يتردد مكيافيلي في الاستشهاد بأفعال الدوق لفائدة أولئك الذين يريدون الإبقاء على ممتلكاتهم عن طريق الغصب. إنه، وبكل تأكيد، لن يجد مانعاً لتقديم سلوك سيزار بورجيا كنموذج، حتى أن بعض النقاد زعموا أن سيزار بدا بمظهر البطل في كتاب الأمير. إلا أن الدوق في الأمير استشهد به كمثال للأمراء الذين يُنَصبون عن طريق مساعدة الآخرين لهم (في حالته فهو والده البابا)، ويسقطون معهم.
وعند وفاة البابا بيوس الثالث في 1503، لمراقبة الانتخابات على من يخلفه، وهناك لاحظ غش سيزار بورجيو ليتم اختيار المجمع لجوليانو ديلا روفري (البابا يوليوس الثاني)، والذي كان أحد الكاردينالات ذوي الأقوى حجة لمهابة الدوق. وعندما طُلب من مكيافيلي التعليق على هذا الاقتراع قال أن من يعتقد أن محاولات الإحسان إلى قوي لينسى جروحه القديمة يخدع نفسه، وبالفعل لم يرتح يوليوس الثاني حتى دمر الدوق.
لقد خضعت إيطاليا في 1507 لحكم فرنسا، وإسبانيا، وألمانيا، مع نتائج دامت إلى يومنا هذا، وما يهمنا هنا هم الثلاثة الفاعلون في تلك الممالك، حيث تعدى تأثيرهم ليصل لشخصية مكيافيلي. ولقد تمت الإشارة إلى شخصية ملك فرنسا ودراسة مكيافيلي لها. ولقد صور مكيافيلي فرديناند الثاني كشخص قام بأفعالٍ عظيمة ولكن تحت ستار الدين، ولكنه في الواقع لم يكن شخصاً ذا إيمان، أو انسانيةإنسانية، أو رحمة، أو نزاهة ... وأن من يجعل مثل هذه الأمور تكون دافعاً له قد يعمل على تدمير نفسه. أما بالنسبة للإمبراطور ماكسمليان فقد كان أحد أكثر شخصيات ذلك العصر إثارةٍ، وقد تم تشخيصه من قبل العديد، إلا أن مكيافيلي، والذي عمل رسولاً للإمبرطور ما بين 1507 و1508، يكشف سراً عن سبب إخفاقات ذلك الإمبرطور، بأنه رجلٌ كتوم، لم يعمل على تحقيق أمانيه وغالباً ما يناقض نفسه، لكونه لا يعرف ما الأحق أن يُتبع، ولم يعمل مطلقاً على استشارة أحد لذلك.
الفترة الأخيرة من حياة مكيافيلي الرسمية كانت مليئة بالأحداث مُوجهة غالباً من قبل تحالف كامبري، والذي تم في 1508 بين ثلاثة قوى أوروبية جرى ذكرها بالإضافة إلى البابا لهدف سحق الجمهورية الفينيسية، والذي نتج عنها خسارة البندقية (فينيسيا) في يوم واحد لما كسبته في ثمانممائة عام. وقد واجهت فلورنسا وقتاً عصيباً في خضم هذه الأحداث المعقدة، لا سيما عندما نشب النزاع بين البابا وفرنسا. وفي 1511، قام يوليوس الثاني بالإعلان عن التحالف المقدس ضد فرنسا، وبمساعدة سويسرا تم إبعاد فرنسا عن إيطاليا، ورضخت فلورنسا لشروط البابا بعد أن كانت تخضع لفرنسا، وإحداها أن لعائلة مديتشي الرجوع للسلطة. وعندما تم ذلك في الأول من سبتمبر، من عام 1512 لحقه سقوط الجمهورية، وإقصاء مكيافيلي ومن معه عن العمل، وتوفي مكيافيلي دون أن يرجع لمنصبه.
كتاب الأمير ووفاة مكيافيلي
عند عودة المديتشيين أمل مكيافيلي عودته لمنصبه في الخدمة العامة تحت سلطة الأسياد الجدد لفلورنسا أُقصي في الثاني عشر من نوفمبر، لعام 1512. واتُهم لاحقاً بالتورط في مؤامرة ضد المديتشيين، وسُجن، وتم استجوابه تحت التعذيب. وقام البابا المديتشي الجديد، ليو العاشر، بالعفو عنه وإطلاق سراحه، وذهب مكيافيلي لسان كازينو ليقضي فترة تقاعده، بالقرب من فلورنسا، حيث قضى وقته بالكتابة. وفي رسالة لفرانسيسكو فيتوري، مؤرخة بثالث عشر من سبتمبر، من عام 1513، يذكر مكيافيلي وصفٍ مثيراً للحياة التي قضاها في تلك الفترة، والتي بين فيها الدوافع لكتابة الأمير. فبعد أن وصف حياته اليومية مع عائلته والجيران، يكتب مكيافيلي: "عندما يحل المساء أعود إلى البيت، وأدخل إلى المكتبة، بعد أن أنزع عني ملابسي الريفية التي غطتها الوحول والأوساخ، ثم أرتدي ملابس البلاط والتشريعات، وأبدو في صورة أنيقة، أدخل إلى المكتبة لأكون في صحبة هؤلاء الرجال الذين يملأون كتبها، فيقابلونني بالترحاب وأتغذى بذلك الطعام الذي هو لي وحدي، حيث لا أتردد بمخاطبتهم وتوجيه الأسئلة لهم عن دوافع أعمالهم، فيتلطفون علي الإجابة، ولأربع ساعات لا أشعر بالقلق، وأنسى همومي، فالعوز لا يخيفني والموت لا يرهبني ... لقد تملكني الإعجاب بأولئك العظام،
ولأن دانتي قال:
يُحفظ العلم الذي يأتي بالتعلم
ولقد دونتُ ملحوظاتٍ من محاوراتهم، وألفت كتاباً عن 'الإمارات'، حيث أنكبُ جاهدا في التأمل والتفكر بما يتعلق بهذا الموضوع، مناقشة ماهية الإمارات، وأنواعها، وكيفية امتلاكها، ولماذا تٌفقد، وعليه فهذا على الأرجح سيعجبك، إلا أنه لأميرٍ جديد سيكون محل ترحابه، ولذا فقد أهديتُ الكتاب لجلالته جوليانو . وقام فيليبو كازافتشيو بإرساله، وسيخبرك عن محتواها وعن حواري معه، ومع ذلك فما زالت تحت التنقيح."
ولقد تعرض الكتيب للعديد من التغيرات قبل أن يستقر على الشكل الذي هو عليه الآن. ولسببٍ ما تم إهداء الكتاب للورنزو إل دي مديتشي. مع أن مكيافيلي ناقش كازافتشيو إذا ما كان من الأفضل إرساله أو عرضه شخصياً، إلا أنه لم يثبت أن لورنزو قد استلم الكتاب أو حتى قرأه، وبطبيعة الحال لم يقم بتوظيف مكيافيلي. ولم يقم مكيافيلي بنشر الكتاب بنفسه، وقد اختلف فيما إذا كان النص الأصلي للكتاب لم يتعرض للتحريف، إلا أنه قطعاً تعرض للسرقة الأدبية.
وختم مكيافيلي رسالته إلى فتوري قائلاً: "وبالنسبة لهذا الكتاب الصغير، عندما يُقرأ، فسيترائ لقارئه أني لم أنم أو أتكاسل في دراسة فن السياسة وإدارة الدولة طوال الخمسة عشر عاماً التي قضيتها متنقلاً بين الملوك، وعليه الرغبة في أن ينهل من خبرة هؤلاء."
وقبل أن يُنهي مكيافيلي كتاب الأمير بدأ مطارحاته بالكتابة عن العقد الأول لتايتوس ليفيوس، والذي يجب أن يُقرأ تزامناً مع الأمير. هذه الأعمال وأخرى أصغر أبقته منشغلاً حتى 1518، حتى وُكل بمهمة المراقبة على أعمال بعض التجار في في جينوا. وفي عام 1519، منح حكام فلورنسا المديتشيون صلاحيات سياسية للمواطنين، وأصبح مكيافيلي وآخرون مستشارين حسبما ينص الدستور الجديد حالما يتم إرجاع المجلس العظيم.
وأصبح عام 1520 مُذهلاً لكي يعاود مكيافيلي الانخراط في مجتمع فلورنسا الأدبي، كما كان هذا العام هو بداية إنتاج كتاب فن الحرب. وقد طلب الكاردينال دي مديتشي من مكيافيلي تأليف كتاب تاريخ فلورنسا، مهمةٌ أشغلت مكيافيلي حتى 1525.
وعندما انتهى من كتاب تاريخ فلورنسا، ذهب به لروما ليعرضه على البابا جوليو دي مديتشي، المعروف بالبابا كليمنت السابع، ولقد أهدى هذا الكتاب إلى رأس أسرة مديتشي. ومن ذلك العام قامت معركة بافيا ودمرت أملاك فرنسا في إيطاليا تاركةً فرانسيس الأول أسيراً تحت رحمة تشارلز الخامس وطُرد المديتشيون من فلورنسا مجدداً.
كان مكيافيلي حيئذ غائباً عن فلورنسا، ولكنه أسرع في العودة لكي يؤمن مركزه كمستشار. ولكنه مرض فور وصوله حيث تُوفي في الثاني والعشرين من يونيو، من عام 1527.
ما بعد مكيافيلي
يُعتبر مكيافيلي بلا شك مؤسس مدرسة التنظير السياسي الواقعي حينما فصل بين السياسة والأخلاق مخالفاً بذلك أرسطو القائل في كتاب "السياسة": "لما كانت الدولة، كل دولة، نوعاً من المشاركة، وكانت كل مشاركة تتم للوصول إلى النفع والخير - إذ أن المفروض من كل عمل أن ينتهي إلى خير - فإن من الواضح أن بالنظر لكونه الخير هدف جميع المشاركات فإن الخير الأسمى، في أرفع رتبه، هو هدف تلك المشاركة السامية، التي تضم كل ما عداها، أو بكلمة أصح، الدولة أو المشاركة السياسية." ويلخص أرسطو الشروط التي يجب أن تتوفر في من يملك السيادة المطلقة:
الإخلاص لنظام الدولة
الكفاءة لأاء مهام وظائفهم
الفضيلة والعدالة، في المعنى الذي يتفق مع نظام الدولة
وعن أفضل السبل للمحافظة على الدولة يشدد أرسطو على أن الواجب هو تعليم المواطنين على روحية الدولة إذ بدونها لا يكون لهذه القوانين المفروضة لحماية الدولة والمجتمع أي قيمة (وهي ما يُعتبر صورة مبكرة لأفكار جان جاك روسو في العقد الاجتماعي).
أما مكيافيلي فيختلف مع أرسطو في أن كيف أن البشر والحاكم لا يُهدفون إلى النفع والخير، فيقول في الباب السابع عشر من الأمير: "من الواجب أن يخشاك الناس وأن يحبوك، ولما كان من العسير الجمع بين الأمرين فالأفضل أن يخشوك على أن يحبوك، هذا إذا ما توجب عليك الاختيار بينهما، وقد يقال عن الناس بصورة عامة، أنهم ناكرون للجميل، متقلبون، مراؤون ميالون إلى تجنب الأخطار وشديدو الطمع. وهم إلى جانبك طالما أنك تفيدهم، فيبذلون لك دماءهم وحياتهم وأطفالهم وكل ما يملكون كما سبق لي أن قلت، طالما أن الحاجة بعيدة نائية، ولكنها عندما تدنو يثورون، ومصير الأمير الذي يركن إلى وعودوهم دون اتخاذ أي استعداد هو الدمار والخراب. إذ أن الصداقة التي تقوم على أساس الشراء، لا على أساس نبل الروح وعظمتها هي صداقة زائفة تُشترى بالمال ولا تكون أمينة موثوقة، وهي عرضة لأن لا تجدها في خدمتك في أول مناسبة. ولا يتردد الناس في الإساءة إلى ذلك الذي يجعل من نفسه محبوباً بقدر ترددهم الإساءة إلى من يخافونه، إذ أن الحب يرتبط بسلسلة من الإلتزام التي قد تتحطم، بالنظر إلى أنانية الناس، عندما يخدم تحطيمها مصالحهم، بينما يرتكز الخوف على الخشية من العقاب وهي خشية قلما تُمنى بالفشل."
وفي دراسة لأرنستو لاندي عن مكيافيلي نراه يقول: "كان مكيافيلي واقعياً بمعنى أنه شدد دوماً على ما اعتبره حقائق عن الطبيعة الإنسانية والمجتمعات السياسية مهما ابتعدت هذه الحقائق عن الخلق. وأن ميوله الجمهورية لم تكن محاكاة لذلك المجتمع السياسي المركانتلي الذي كان يراه في فينيسيا، على النقيضذلك كانت ميوله تنبع من رعبة في إحياء نمط جمهوري استهواه عند قراءته كتب التاريخ لا سيما تاريخ روما القديم. وكان مكيافيليمفكراً سياسياً مبكراً، وقد قام اعتقاده على أن قواعد السلوك الإنساني يمكن استنباطها من الاختبار، آملاً استخدام هذه العبر لأغراض نبيلة مثل خلق جمهورية في إيطاليا المعاصرة تحاكي روما القديمة في مجدها." إلا أن مكيافيلي على ما أراد إعادة خلق هذا النظام في إيطاليا فقد تراءا له استحالة ذلك لا سيما في عصره.
اعتبر مكيافيلي أن هدف السياسة هو المحافظة على قوة الدولة والعمل توسيع نفوذها، وهذا لا يتم بوجود وازع ديني أو أخلاقي، حيث الغاية تُبرر الوسيلة. ولهذا فقد أُعجب مكيافيلي بالحكام الذين توسع سلطانهم غير آبهين بأي رادعٍ كان، ولذا قال دوفرجيه عندما قارن بينا أرسطو ومكيافيلي: "لقد أوجد أرسطو الركن الأول ف علم السياسة وهو اعتماد منهج الاستقراء والملاحظة، وأوجد مكيافيلي الركن الثاني، وهو المنهج الموضوعي المُجرد من الاهتمامات الأخلاقية." ولكن شدد مكيافيلي مع هذا أن الدولة القوية تقوم على وازعٍ أخلاقي، وإن استخدم الحاكم الوسائل المنافية للأخلاق للوصول لأهدافه. حيث أكد مكيافيلي أن ولاء المواطن مُرتبط بمقدار خدمته للمجتمع.
ومع هذا فلا يزال مكيافيلي معتقداً بسوء نوايا البشر، وأنهم غالباً ما يركنون إلى الراحة والدعة والتملك بأقل قدر من الخسائر، سواء كانوا مواطنين وحكام، ولذا أوجدت الدولة والحكومات والقوانين، وهي للحد من نفوذهم. ولذا يقول فرانسيس بيكون: "لقد تناول مكيافيلي الناس كما هم، لا كما يجب أن يكونوا."
ردود الفعل تجاه الأمير ومكيافيلي
لم يتم نشر الأمير إلا بعد وفاة مكيافيلي بخمس سنين، ولذا لم يفهمه البعض وهاجموه حتى اصبح اسمه ملازماً للشر دائماً حتى في الفنون الشعبية. وأول من هاجم مكيافيلي هو الكاردينال بولس مما أدى لتحريم الإطلاع على كتاب الأمير ونشر أفكارها، وكذلك انتقد غانتيه في مؤلفٍ ضخم أفكار مكيافيلي، ووضعت روما كتابه عام 1559 الكتب الممنوعة وأحرقت كل نسخة منه.
ولكن وعندما بزغ نور النهضة في أرجاء أوروبا ظهر من يدافع عن مكيافيلي ويترجم كتبه. ولم يصل مكيافيلي وفكره لما وصل إليه الآن إلا في القرن الثامن عشر عندما مدحه جان جاك روسو، وفيخته، وشهد له هيغل بالعبقرية. ويُعتبر مكيافيلي أحد الأركان الذين قام عليهم عصر التنوير في أوروبا.
ولقد اختار موسليني كتاب الأمير موضوعاً لأطروحته التي قدمها للدكتوراه، وكان هتلر يقرأ هذا الكتاب قبل أن ينام كل ليلة. ناهيك عن من سبقهم من الملوك والأباطرة كفريدريك وبسمارك وكريستينا وكل من ينشد السلطة.
مقولات لمكيافيلي
" حبي لنفسي دون حبي لبلادي "
" من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يحبوك "
" الغاية تُبـــرر الوسيلة "
" أثبتت الأيام أن الأنبياء المسلحين احتلوا وانتصروا، بينما فشل الأنبياء الغير مسلحين عن ذلك "
[/b]
- angelالمدير العام
- عدد المساهمات : 8871
نقاط : 14094
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 27/10/2011
الموقع : عمان
المزاج : إذا ضبطت نفسك متلبساً بالغيرة "على " إنسان ما فتفقد أحاسيسك جيداً فقد تكون في حالة " حب " وأنت "لا تعلم"..
رد: ميكافللي
الخميس أبريل 12, 2012 7:40 pm
ميكافللي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى