- باربيمراقب عام
- عدد المساهمات : 11902
نقاط : 28065
التقيم : 14
تاريخ التسجيل : 30/10/2011
المزاج : رائق
متألم يا طالب الدنيا...متألم.
السبت نوفمبر 19, 2011 2:53 am
t]size=24]b]
إن كل من طلب الدنيا وسعى لها تعذب وتألم بها, فهم يتعذبون بالحرص على جمعها , وبالتعب الشديد في تحصيلها , ومقاساة أنواع المصاعب والآلام والمشاق في طريق جمعهم للمال والمتاع, فأنت تجد من حصَّلها ربما يحكي ذكرياته فيقول: "لطالما تألمنا وتعبنا وتعذبنا حتى جمعنا المال", ولكنك تراه يظل متألمًا حتى يفارقها !
فلا تجد أتعب ممن الدنيا أكبر همه وهو حريص بجهده وقوته على جمعها , وفي حديث الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه ، وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه ، وفرق عليه شمله ، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ) صححه الألباني
قال ابن القيم رحمه الله: "ومن أبلغ العذاب - لطالب الدنيا - تشتيت الشمل وتفريق القلب وكون الفقر نصب عيني العبد لا يفارقه, ولولا سكرة عشاق الدنيا بحبها لاستغاثوا من هذا العذاب, على أن اكثرهم لا يزال يشكو ويصرخ منه, وفي الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله تعالى: ابن آدم, تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك, وإن لم تتفرغ لعبادتي ملأت يديك شغلاً ولم أسد فقرك)
قال رحمه الله : وهذا أيضًا من أنواع العذاب, وهو اشتغال القلب والبدن بتحمل أنكاد الدنيا ومقاساة معاداة أهلها كما
قال بعض السلف: "من أحب الدنيا فليوطن نفسه على تحمل المصائب", قال: ومحب الدنيا لا ينفك من ثلاث: هم لازم, وتعب دائم, وحسرة لا تنقضي؛ وذلك أن محبها لا ينال منها شيئًا إلا طمت نفسه إلى ما فوقه, كما في الحديث الصحيح عن( عن ابن عباس رضي الله عنهما ، يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب ) روى البخاري في صحيحه
وقد ضرب الله سبحانه مثل الحياة الدنيا فقال سبحانه: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً}
ذاك مثل الحياة الدنيا, , ماء ينزل فيختلط بنبات الأرض ويتركه هشيمًا تذروه الرياح, آيات تلقي في النفس معنى الفناء وصورته ومثله ومعنى الزوال وقلة الدنيا وهوانها.
فالماء ينزل من السماء فلا يجري ولا يسيل ولكنه يختلط بنبات الأرض, والنبات لا ينمو ولا ينضج ولكنه يصبح هشيمًا تذروه الرياح وتذهب به, وما بين ثلاث جمل قصار ينتهي شريط الحياة, وبعد ذلك تقرر الآيات بميزان العقيدة قيم الحياة التي يتعبدها الناس في الأرض والقيم الباقية التي تستحق الاهتمام.
فالمال والبنون زينة الحياة, والإسلام لا ينهي عن المتاع بالزينة في حدود الطيبات, ولكنه يعطيهما القيمة التي تستحقها الزينة في ميزان الخلود ولا يزيد, إنهما زينة ولكنهما ليسا قيمة, فما يجوز أن يوزن بهما الناس, ولا يجوز أن يقدروا على أساسهما في الحياة, إنما القيمة الحقة للباقيات الصالحات من الأعمال والأقوال والعبادات.
وإذا كان أمل الناس عادة يتعلق بالأموال والبنين, فإن الباقيات الصالحات خير ثوابًا وخير أملاً عندما تتعلق بها القلوب, ويناط بها الرجاء ويرتقب المؤمنون نتاجها وثمارها يوم الجزاء.
أما حاجتنا من الدنيا فينبغي أن يتعلم الإنسان أن ما يحتاجه من الدنيا هو رعاية بدنه بالطعام الذي يكفيه حتى يمارس حياته وعباداته, وكساءً له يستر عورته ويحفظ وقاره ومروءته, ومسكنًا يأوي إليه ويرعى فيه أهله وولده, وأن ذلك إذا عود نفسه التقلل منه والتواضع فيه والقناعة به, اندفعت الهموم عنه وفرغ القلب وسهل عليه ذكر الآخرة واتجهت همته إلى الاستعداد لها.
وإذا تعدى الإنسان بالطعام والكساء والمسكن والمال قدر الحاجة المطلوبة كثرت الأشغال وكلما زادت زادت همومه وتشعبت غمومه في أودية الدنيا فتاه في إحداها وهلك.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: (من جعل الهموم همًّا واحدًا همَّ المعاد, كفاه الله هم دنياه, ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك) رواه ابن ماجة وغيره بسند حسن
عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قال: (يقول ابن آدم: مالي مالي, وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت؟) أخرجه مسلم والنسائي والترمذي والحاكم وأحمد وقال الترمذي حديث حسن صحيح
وعن عبيد الله بن محصن الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم آمنًا في سربه معافى في جسده, عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) صحيح ابن ماجه[/b][/size]
إن كل من طلب الدنيا وسعى لها تعذب وتألم بها, فهم يتعذبون بالحرص على جمعها , وبالتعب الشديد في تحصيلها , ومقاساة أنواع المصاعب والآلام والمشاق في طريق جمعهم للمال والمتاع, فأنت تجد من حصَّلها ربما يحكي ذكرياته فيقول: "لطالما تألمنا وتعبنا وتعذبنا حتى جمعنا المال", ولكنك تراه يظل متألمًا حتى يفارقها !
فلا تجد أتعب ممن الدنيا أكبر همه وهو حريص بجهده وقوته على جمعها , وفي حديث الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه ، وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه ، وفرق عليه شمله ، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ) صححه الألباني
قال ابن القيم رحمه الله: "ومن أبلغ العذاب - لطالب الدنيا - تشتيت الشمل وتفريق القلب وكون الفقر نصب عيني العبد لا يفارقه, ولولا سكرة عشاق الدنيا بحبها لاستغاثوا من هذا العذاب, على أن اكثرهم لا يزال يشكو ويصرخ منه, وفي الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله تعالى: ابن آدم, تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك, وإن لم تتفرغ لعبادتي ملأت يديك شغلاً ولم أسد فقرك)
قال رحمه الله : وهذا أيضًا من أنواع العذاب, وهو اشتغال القلب والبدن بتحمل أنكاد الدنيا ومقاساة معاداة أهلها كما
قال بعض السلف: "من أحب الدنيا فليوطن نفسه على تحمل المصائب", قال: ومحب الدنيا لا ينفك من ثلاث: هم لازم, وتعب دائم, وحسرة لا تنقضي؛ وذلك أن محبها لا ينال منها شيئًا إلا طمت نفسه إلى ما فوقه, كما في الحديث الصحيح عن( عن ابن عباس رضي الله عنهما ، يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب ) روى البخاري في صحيحه
وقد ضرب الله سبحانه مثل الحياة الدنيا فقال سبحانه: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً}
ذاك مثل الحياة الدنيا, , ماء ينزل فيختلط بنبات الأرض ويتركه هشيمًا تذروه الرياح, آيات تلقي في النفس معنى الفناء وصورته ومثله ومعنى الزوال وقلة الدنيا وهوانها.
فالماء ينزل من السماء فلا يجري ولا يسيل ولكنه يختلط بنبات الأرض, والنبات لا ينمو ولا ينضج ولكنه يصبح هشيمًا تذروه الرياح وتذهب به, وما بين ثلاث جمل قصار ينتهي شريط الحياة, وبعد ذلك تقرر الآيات بميزان العقيدة قيم الحياة التي يتعبدها الناس في الأرض والقيم الباقية التي تستحق الاهتمام.
فالمال والبنون زينة الحياة, والإسلام لا ينهي عن المتاع بالزينة في حدود الطيبات, ولكنه يعطيهما القيمة التي تستحقها الزينة في ميزان الخلود ولا يزيد, إنهما زينة ولكنهما ليسا قيمة, فما يجوز أن يوزن بهما الناس, ولا يجوز أن يقدروا على أساسهما في الحياة, إنما القيمة الحقة للباقيات الصالحات من الأعمال والأقوال والعبادات.
وإذا كان أمل الناس عادة يتعلق بالأموال والبنين, فإن الباقيات الصالحات خير ثوابًا وخير أملاً عندما تتعلق بها القلوب, ويناط بها الرجاء ويرتقب المؤمنون نتاجها وثمارها يوم الجزاء.
أما حاجتنا من الدنيا فينبغي أن يتعلم الإنسان أن ما يحتاجه من الدنيا هو رعاية بدنه بالطعام الذي يكفيه حتى يمارس حياته وعباداته, وكساءً له يستر عورته ويحفظ وقاره ومروءته, ومسكنًا يأوي إليه ويرعى فيه أهله وولده, وأن ذلك إذا عود نفسه التقلل منه والتواضع فيه والقناعة به, اندفعت الهموم عنه وفرغ القلب وسهل عليه ذكر الآخرة واتجهت همته إلى الاستعداد لها.
وإذا تعدى الإنسان بالطعام والكساء والمسكن والمال قدر الحاجة المطلوبة كثرت الأشغال وكلما زادت زادت همومه وتشعبت غمومه في أودية الدنيا فتاه في إحداها وهلك.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: (من جعل الهموم همًّا واحدًا همَّ المعاد, كفاه الله هم دنياه, ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك) رواه ابن ماجة وغيره بسند حسن
عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قال: (يقول ابن آدم: مالي مالي, وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت؟) أخرجه مسلم والنسائي والترمذي والحاكم وأحمد وقال الترمذي حديث حسن صحيح
وعن عبيد الله بن محصن الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم آمنًا في سربه معافى في جسده, عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) صحيح ابن ماجه[/b][/size]
- ابو ادممشرف عام
- عدد المساهمات : 5188
نقاط : 7790
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 26/10/2011
العمر : 45
الموقع : google
المزاج : مصدهج
رد: متألم يا طالب الدنيا...متألم.
الأحد أبريل 08, 2012 12:43 am
]
إن كل من طلب الدنيا وسعى لها تعذب وتألم بها, فهم يتعذبون بالحرص على جمعها , وبالتعب الشديد في تحصيلها , ومقاساة أنواع المصاعب والآلام والمشاق في طريق جمعهم للمال والمتاع, فأنت تجد من حصَّلها ربما يحكي ذكرياته فيقول: "لطالما تألمنا وتعبنا وتعذبنا حتى جمعنا المال", ولكنك تراه يظل متألمًا حتى يفارقها !
فلا تجد أتعب ممن الدنيا أكبر همه وهو حريص بجهده وقوته على جمعها , وفي حديث الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه ، وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه ، وفرق عليه شمله ، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ) صححه الألباني
قال ابن القيم رحمه الله: "ومن أبلغ العذاب - لطالب الدنيا - تشتيت الشمل وتفريق القلب وكون الفقر نصب عيني العبد لا يفارقه, ولولا سكرة عشاق الدنيا بحبها لاستغاثوا من هذا العذاب, على أن اكثرهم لا يزال يشكو ويصرخ منه, وفي الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله تعالى: ابن آدم, تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك, وإن لم تتفرغ لعبادتي ملأت يديك شغلاً ولم أسد فقرك)
قال رحمه الله : وهذا أيضًا من أنواع العذاب, وهو اشتغال القلب والبدن بتحمل أنكاد الدنيا ومقاساة معاداة أهلها كما
قال بعض السلف: "من أحب الدنيا فليوطن نفسه على تحمل المصائب", قال: ومحب الدنيا لا ينفك من ثلاث: هم لازم, وتعب دائم, وحسرة لا تنقضي؛ وذلك أن محبها لا ينال منها شيئًا إلا طمت نفسه إلى ما فوقه, كما في الحديث الصحيح عن( عن ابن عباس رضي الله عنهما ، يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب ) روى البخاري في صحيحه
وقد ضرب الله سبحانه مثل الحياة الدنيا فقال سبحانه: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً}
ذاك مثل الحياة الدنيا, , ماء ينزل فيختلط بنبات الأرض ويتركه هشيمًا تذروه الرياح, آيات تلقي في النفس معنى الفناء وصورته ومثله ومعنى الزوال وقلة الدنيا وهوانها.
فالماء ينزل من السماء فلا يجري ولا يسيل ولكنه يختلط بنبات الأرض, والنبات لا ينمو ولا ينضج ولكنه يصبح هشيمًا تذروه الرياح وتذهب به, وما بين ثلاث جمل قصار ينتهي شريط الحياة, وبعد ذلك تقرر الآيات بميزان العقيدة قيم الحياة التي يتعبدها الناس في الأرض والقيم الباقية التي تستحق الاهتمام.
فالمال والبنون زينة الحياة, والإسلام لا ينهي عن المتاع بالزينة في حدود الطيبات, ولكنه يعطيهما القيمة التي تستحقها الزينة في ميزان الخلود ولا يزيد, إنهما زينة ولكنهما ليسا قيمة, فما يجوز أن يوزن بهما الناس, ولا يجوز أن يقدروا على أساسهما في الحياة, إنما القيمة الحقة للباقيات الصالحات من الأعمال والأقوال والعبادات.
وإذا كان أمل الناس عادة يتعلق بالأموال والبنين, فإن الباقيات الصالحات خير ثوابًا وخير أملاً عندما تتعلق بها القلوب, ويناط بها الرجاء ويرتقب المؤمنون نتاجها وثمارها يوم الجزاء.
أما حاجتنا من الدنيا فينبغي أن يتعلم الإنسان أن ما يحتاجه من الدنيا هو رعاية بدنه بالطعام الذي يكفيه حتى يمارس حياته وعباداته, وكساءً له يستر عورته ويحفظ وقاره ومروءته, ومسكنًا يأوي إليه ويرعى فيه أهله وولده, وأن ذلك إذا عود نفسه التقلل منه والتواضع فيه والقناعة به, اندفعت الهموم عنه وفرغ القلب وسهل عليه ذكر الآخرة واتجهت همته إلى الاستعداد لها.
وإذا تعدى الإنسان بالطعام والكساء والمسكن والمال قدر الحاجة المطلوبة كثرت الأشغال وكلما زادت زادت همومه وتشعبت غمومه في أودية الدنيا فتاه في إحداها وهلك.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: (من جعل الهموم همًّا واحدًا همَّ المعاد, كفاه الله هم دنياه, ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك) رواه ابن ماجة وغيره بسند حسن
عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قال: (يقول ابن آدم: مالي مالي, وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت؟) أخرجه مسلم والنسائي والترمذي والحاكم وأحمد وقال الترمذي حديث حسن صحيح
وعن عبيد الله بن محصن الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم آمنًا في سربه معافى في جسده, عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) صحيح ابن ماجه[/b][/size]
إن كل من طلب الدنيا وسعى لها تعذب وتألم بها, فهم يتعذبون بالحرص على جمعها , وبالتعب الشديد في تحصيلها , ومقاساة أنواع المصاعب والآلام والمشاق في طريق جمعهم للمال والمتاع, فأنت تجد من حصَّلها ربما يحكي ذكرياته فيقول: "لطالما تألمنا وتعبنا وتعذبنا حتى جمعنا المال", ولكنك تراه يظل متألمًا حتى يفارقها !
فلا تجد أتعب ممن الدنيا أكبر همه وهو حريص بجهده وقوته على جمعها , وفي حديث الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه ، وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه ، وفرق عليه شمله ، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ) صححه الألباني
قال ابن القيم رحمه الله: "ومن أبلغ العذاب - لطالب الدنيا - تشتيت الشمل وتفريق القلب وكون الفقر نصب عيني العبد لا يفارقه, ولولا سكرة عشاق الدنيا بحبها لاستغاثوا من هذا العذاب, على أن اكثرهم لا يزال يشكو ويصرخ منه, وفي الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله تعالى: ابن آدم, تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك, وإن لم تتفرغ لعبادتي ملأت يديك شغلاً ولم أسد فقرك)
قال رحمه الله : وهذا أيضًا من أنواع العذاب, وهو اشتغال القلب والبدن بتحمل أنكاد الدنيا ومقاساة معاداة أهلها كما
قال بعض السلف: "من أحب الدنيا فليوطن نفسه على تحمل المصائب", قال: ومحب الدنيا لا ينفك من ثلاث: هم لازم, وتعب دائم, وحسرة لا تنقضي؛ وذلك أن محبها لا ينال منها شيئًا إلا طمت نفسه إلى ما فوقه, كما في الحديث الصحيح عن( عن ابن عباس رضي الله عنهما ، يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب ) روى البخاري في صحيحه
وقد ضرب الله سبحانه مثل الحياة الدنيا فقال سبحانه: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً}
ذاك مثل الحياة الدنيا, , ماء ينزل فيختلط بنبات الأرض ويتركه هشيمًا تذروه الرياح, آيات تلقي في النفس معنى الفناء وصورته ومثله ومعنى الزوال وقلة الدنيا وهوانها.
فالماء ينزل من السماء فلا يجري ولا يسيل ولكنه يختلط بنبات الأرض, والنبات لا ينمو ولا ينضج ولكنه يصبح هشيمًا تذروه الرياح وتذهب به, وما بين ثلاث جمل قصار ينتهي شريط الحياة, وبعد ذلك تقرر الآيات بميزان العقيدة قيم الحياة التي يتعبدها الناس في الأرض والقيم الباقية التي تستحق الاهتمام.
فالمال والبنون زينة الحياة, والإسلام لا ينهي عن المتاع بالزينة في حدود الطيبات, ولكنه يعطيهما القيمة التي تستحقها الزينة في ميزان الخلود ولا يزيد, إنهما زينة ولكنهما ليسا قيمة, فما يجوز أن يوزن بهما الناس, ولا يجوز أن يقدروا على أساسهما في الحياة, إنما القيمة الحقة للباقيات الصالحات من الأعمال والأقوال والعبادات.
وإذا كان أمل الناس عادة يتعلق بالأموال والبنين, فإن الباقيات الصالحات خير ثوابًا وخير أملاً عندما تتعلق بها القلوب, ويناط بها الرجاء ويرتقب المؤمنون نتاجها وثمارها يوم الجزاء.
أما حاجتنا من الدنيا فينبغي أن يتعلم الإنسان أن ما يحتاجه من الدنيا هو رعاية بدنه بالطعام الذي يكفيه حتى يمارس حياته وعباداته, وكساءً له يستر عورته ويحفظ وقاره ومروءته, ومسكنًا يأوي إليه ويرعى فيه أهله وولده, وأن ذلك إذا عود نفسه التقلل منه والتواضع فيه والقناعة به, اندفعت الهموم عنه وفرغ القلب وسهل عليه ذكر الآخرة واتجهت همته إلى الاستعداد لها.
وإذا تعدى الإنسان بالطعام والكساء والمسكن والمال قدر الحاجة المطلوبة كثرت الأشغال وكلما زادت زادت همومه وتشعبت غمومه في أودية الدنيا فتاه في إحداها وهلك.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: (من جعل الهموم همًّا واحدًا همَّ المعاد, كفاه الله هم دنياه, ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك) رواه ابن ماجة وغيره بسند حسن
عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قال: (يقول ابن آدم: مالي مالي, وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت؟) أخرجه مسلم والنسائي والترمذي والحاكم وأحمد وقال الترمذي حديث حسن صحيح
وعن عبيد الله بن محصن الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم آمنًا في سربه معافى في جسده, عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) صحيح ابن ماجه[/b][/size]
- باربيمراقب عام
- عدد المساهمات : 11902
نقاط : 28065
التقيم : 14
تاريخ التسجيل : 30/10/2011
المزاج : رائق
رد: متألم يا طالب الدنيا...متألم.
الأحد أبريل 08, 2012 12:50 am
متألم يا طالب الدنيا...متألم.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى