سلمى و اليرقات

[نورنائبة المدير العام]

(سلمى واليرقات) لهيا صالح







تعتبر القاصة والإعلامية والناقدة هيا صالح والتي تعمل مديرة للنشاط الإعلامي والثقافي في مؤسسة خالد شومان – دارة الفنون بعمّان واحدة من ألمع الأسماء النسائية المعاصرة في مجال الكتابة القصصية للأطفال في الأردن،وقد صدرلها في مجال الكتابة للأطفال مجموعتين قصصيتين هما: «كعكة الفاكهة»،والتي صدرت عن سلسلة كتاب الطفل في وزارة الثقافة الأردنية في عام 2006،ومجموعة «سلة العنب»،وهي قصص مترجمة صدرت ضمن سلسلة كتاب «حاتم» عن المؤسسة الصحفية الأردنية،2010)، وأما مجموعتها القصصية الثالثة والمخصصة للفتيان والفتيات فقد صدرت حديثاً عن «سلسلة كتب الأطفال» التي تصدرها وزارة الثقافة في المملكة الأردنية الهاشمية وكانت بعنوان «سلمى واليرقات» وهي تقع في 31 صفحة من القطع المتوسط،وتتكون من حكاية واحدة تشتمل على مغزى تربوي وأخلاقي تتضمنه الحكاية من دون مباشرة أو افتعال،علاوة على ما فيها من إمتاع للقارئ الطفل وتوسيع مداركه،وفي القصة تحريض غير مباشر على حب الطبيعة وما فيها من كائنات حية وأشجار،وفيها كذلك تحليق في عالم الخيال الذي يبهج الطفل القارئ ويحرضه على المغامرة الخلاقة وعلى التفكير فيما حوله من ظواهر وكائنات.

ولابد من القول أن قصة «سلمى واليرقات» تعتبر بحق محاولة تجريبية ناجحة للكتابة الجديدة للأطفال،وهي قصة غنية بالأبنية الفنية مثل المونولوج والانفعالات والحوارات والعواطف،وهي قصة تحمل في ثناياها قيماً تربوية تتمثل في أن يتعلم الأطفال عدم إيذاء النباتات والكائنات الحية،لأنها مخلوقات لطيفة غير مخيفة،كذلك فإنها ترشد الأهل إلى طريقة الإقناع في تعليم أبناءهم،وهي الطريقة المثلى التي يمكن أن يلجأ إليها الأهل من أجل التعليم بدلاً من اللجوء إلى العنف والقسوة أو السخرية لإيصال المعلومة.

لقد لجأت القاصة إلى أسلوب السرد القصصي المشوق على لسان الجدة التي نجحت في إقناع حفيدتها بإمساك اليرقات ذات الملمس الناعم اللطيف،دون أن تجبرها على ذلك أو تسْخَر من خوفها الفطري إزاء ذلك،وهي بذلك تكون قد نجحت في تكريس مفهوم أن الوصول إلى المعرفة يكون بالاختبار والتجربة،لا بالتلقين المباشر،وذلك من خلال التركيز على أشياء بسيطة يسهل على الصغار فهمها وتخيلها،وبأسلوب سهل جداً،يُسهم في خلق ألألفة بين الطفل والحكاية،مما أتاح للطفلة الصغيرة سلمى أن تنظر بعينيها الجميلتين،وأن تراقب،تتأمل،تسمع،ومن ثم تكسر حاجز الخوف فتتجرأ على لمس اليرقة،وبذلك تكون الصغيرة (سلمى) قد تعرفت من خلال حواسها ومدركاتها المختلفة على اليرقة وحياتها،أين تعيش،وماذا تأكل،وكيف تحمي نفسها،وكيف تتحول إلى فراشة.ومما يُحسب للقاصة أيضاً مراعاتها لمستوى الحوار بين سلمى وجدتها،والذي راعت فيه القاصة مستوى وعي الطفلة (سلمى)،وكذلك وعي الجدة التي حرصت على أن تخاطب حفيدتها بلغة بسيطة مفهومة تتوافق مع عمرها الصغير،مما جعلها تقدم لها المعلومة العلمية البسيطة دونما تعقيد أو إغراق في المصطلحات،

بقي لي أن أقول أن إخراج هذا الكتاب جاء على درجة عالية من الفنية والجمال،فالغلاف مقوى،والورق صقيل،وعلى كل صفحة هناك رسومات مفروزة الألوان،تعبر عن براءة سلمى وجمالها،وعلى أي حال،لا يحتل الكلام سوى مساحة صغيرة من صفحات الكتاب،لتُترك المساحة الأكبر لرسوم نور الرشدان النابضة بالألوان.

[ابو ادممشرف عام]

يسلموا يا نادين