- اسمر66660عضو ذهبي
- عدد المساهمات : 1113
نقاط : 4711
التقيم : 12
تاريخ التسجيل : 30/10/2011
اقصاء الجسد كمفهوم من الثقافات الشعبية
الإثنين ديسمبر 05, 2011 12:11 am
ان كلمات الفرد المتداولة كثيرا ما تعبر عن شخصيته و بنيته الذهنية من جهة, و عن ثقافة الجماعة التي ينتمي
اليها من جهة ثانية, و نحن اذا تأملنا اللغات العامية لبعض البلدان العربية, سنجد أن كلمة الجسد أو حتى
الجسم لا وجود لها في لغاتنا المحلية, كما لا وجود لمقابل لها فيما درج من كلمات, فمغاربيا مثلا تتحول
جملة " غطي جسمك " الى عبارة " غطي راسك " و مشرقيا يقال "غطي حالك " و في مصر على الخصوص
تستعمل كثيرا كلمة "جثة " كبديل لكلمة " جسد " فيقال مثلا " اعدل جثتك "
ان هذا التغييب لمصطلح الجسد يدل على تغييبه في الثقافة العربية, حيث يدخل الحديث عن الجسد ضمن
خانة الممنوع و الخطوط الحمراء..حتى اذا سألت شخصا ما عن ماهيته سيعجز عن الرد, من منطلق أن
الجسد هو أول مصدر لوحدة الشخص و هويته, بل حتى قيمة الشخص تبدأ من الجسد الذي ينبغي منحه
العناية التي يستحق..ولكن و للأسف فقد سقط الفرد منا في هوة سحيقة تفصله عن أنطولوجيته
هذه الهوة التي غرست جذورها في مرحلة الطفولة المبكرة..حيث أي سؤال يصدر عن الطفل بخصوص
الجسد و وظائفه يتم مواجهته بالتمويه لتجنب الرد عليه أو قد يتم تلقين الطفل أن مثل هذا السؤال
عيب و لا يمت للأخلاق بصلة..و يحصل هذا التنميط مع الطفلة الأنثى بشكل أكبر, اذ هناك خلط واضح
في الحس المشترك بين الجسد و جسد المرأة بما قد يحمله من فتن و مغريات..و بالتالي يمنعونها حتى من
الحديث عن بعض التغيرات الفيزيولوجية التي ستلحق جسدها,ليتمثل لها هذا الأخير على هيئة خطر كامن
عليها أن تستمر في الحفاظ على كمونه..و ترى الصدمة تصيبها عند مرحلة البلوغ و نزول دم الحيض
و يتملكها الخجل و الشعور بالنقص و تنقصها الحيلة في التعامل مع هذه الظاهرة الجسمية التي باتت
نفسية بما تجلبه من ارتباك للذات..
و الخلاصة أننا نستبطن أجسادنا في مساحة اللاشعور..التي تضم كل ما يتم قمعه من قبل الحضارة و القيم
السائدة..و هذا القمع في مجتمعاتنا راجع الى الخلط بين الجسد و الجنس..بالفعل الجسد يدل فيما يدل
عليه على وضعية الكائن في بعده الفطري الغرائزي فيشير الى مجموع الرغبات و الميولات التي تعتري الذوات
البشرية بحكم طبيعتها , لكن ليس هذا كل شيء فهناك الجانب البيولوجي بما تفرع عنه من علوم طبية
و هناك الجانب الفزيولوجي و الجمالي..و الاطلاع على المبادئ الكبرى لهذه الجوانب يعيننا على استيعاب
بعض الظواهر و التحولات الجسمية..
و حتى لو توقفنا مع رغبات الجسد, فلا يمكن أن نهدم حقيقة أن الانسان كائن راغب, بالاضافة الى كونه
كائنا عاقلا, و عوض أن تعمل التنشئة الاجتماعية بمؤسساتها المختلفة على تنوير أفرادها بحقيقة رغباتهم
و طبيعتها فيواجهونها و بعدها ينتقلون الى حسن تدبيرها أخلاقيا..يتم منع كل حديث عن الجسد
و الرغبات الجنسية, فتصبح رغبات لاشعورية تعبر عن نفسها كما يقول المحلل النفسي
" سيجموند فرويد " في الأحلام و فلتات اللسان و النكت..و كذا بعض الأمراض النفسية و السلوكات غير
السوية التي باتت موجة يركبها الشباب خاصة كمعاكسة الجنسين بعضهم لبعض.. و الادمان على بعض
المواقع الاباحية..بمعنى أن هذا المنع ضخم الكبت في البنية النفسية للشخص , و خلقت لديه الحاجة
لضرورة تصريفه بأية طريقة كانت و ان فقدت الشرعية مما يخل بتوازن الفرد و يسقطه في غربة عن
الذات..لتستغل بعض مؤسسات المجتمع كالاعلام مثلا هذا الكبت و تتعامل مع الجسد كسلعة لتحقيق الربح
و حسبها مجتمعاتنا التي تحتكم للرأي عوض المعرفة و للظن عوض العلم و للعرف بدل المبدأ..أنها
بتشييئها للجسد تكون قد ضمنت سيرا أخلاقيا سويا لأفرادها..و لكن كل ما فعلته هو العكس..فقد أججت
و حفزت منطقة " الهو " التي تعمل في الخفاء و بشكل دائم بحثا عن اللذة و تجنبا للألم متملصة من سلطة
الدين و المجتمع
بل حتى نظرتنا لكثير من الأمور و القضايا الانسانية تتأسس على هذا الكبت الذي صنعه المنع , و اذا
ما استشهدنا بظاهرة الاغتصاب كمثال, سنجد أنه في الوقت الذي كان لزاما تناولها كقضية انسانية و كفعل
اجرامي يستوجب دفاعا مميتا..تم تمثلها كجنس فدخلت ضمن الممنوع و المسكوت عنه..بل حتى اغتصاب
الأطفال تم تلقيه بالصمت و بعقلية الستر العربية..مما فتح الباب لتضخم هذه الآفات
و الحال أنه لو كان الانسان متصالحا مع جسده يعيه و يتوحد به في كيان واحد , لما خلق لديه كل ذلك
الاحراج و الأشكلة العميقة المتجذرة في الذات, و لا قل اندفاعه الى ما هو غير محمود أو على الأقل
لوجدت أسباب أخرى لذلك
و العجيب أن حتى من يعتقدهم البعض ذوي أخلاق سوية تجد عندهم من هذا الاختلال شيئا مختلفا كتلك
النظرة الدونية للمرأة و بدون وجود حتى سبب واهي لذلك , و كأنها تهدد عفتهم و حرمة أجسادهم
و ان حدثتهم معرفيا و علميا عن الجانب الغريزي في الانسان يخجلون..
فهل نخجل من بعض حقائق وجودنا ؟
- angelالمدير العام
- عدد المساهمات : 8871
نقاط : 14094
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 27/10/2011
الموقع : عمان
المزاج : إذا ضبطت نفسك متلبساً بالغيرة "على " إنسان ما فتفقد أحاسيسك جيداً فقد تكون في حالة " حب " وأنت "لا تعلم"..
رد: اقصاء الجسد كمفهوم من الثقافات الشعبية
الخميس ديسمبر 08, 2011 4:05 am
اقصاء الجسد كمفهوم من الثقافات الشعبية اقصاء الجسد كمفهوم من الثقافات الشعبية اقصاء الجسد كمفهوم من الثقافات الشعبية اقصاء الجسد كمفهوم من الثقافات الشعبية اقصاء الجسد كمفهوم من الثقافات الشعبية اقصاء الجسد كمفهوم من الثقافات الشعبية
- باربيمراقب عام
- عدد المساهمات : 11902
نقاط : 28065
التقيم : 14
تاريخ التسجيل : 30/10/2011
المزاج : رائق
رد: اقصاء الجسد كمفهوم من الثقافات الشعبية
الخميس ديسمبر 08, 2011 9:57 pm
فهل نخجل من بعض حقائق وجودنا ؟
فهل نخجل من بعض حقائق وجودنا ؟
فهل نخجل من بعض حقائق وجودنا ؟
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى