- angelالمدير العام
- عدد المساهمات : 8871
نقاط : 14094
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 27/10/2011
الموقع : عمان
المزاج : إذا ضبطت نفسك متلبساً بالغيرة "على " إنسان ما فتفقد أحاسيسك جيداً فقد تكون في حالة " حب " وأنت "لا تعلم"..
التحـديات الأمنية للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط
الأربعاء ديسمبر 07, 2011 6:59 pm
الكتاب الجديد المشترك لمؤلفيه: الأستاذ الدكتور أمين المشاقبة، والأستاذ سعد شاكر شبلي، الصادر حديثاً عن “دار الحامد للنشر والتوزيع” في عمَّان، بعنوان:” التحديات الأمنية للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط (مرحلة ما بعد الحرب الباردة)”، والواقع في مقدمة وستة فصول موزعة على ثلاثمائة وعشرين صفحة، دراسة بحثية سياسية تاريخية، تستعرض وتناقش وتحلل، جملة التحديات الأمنية التي تواجه الولايات المتحدة الأمريكية في ما بات يعرف بمنطقة الشرق الاوسط، عبر تتبع وتقصي الاحداث التي مرت بها هذه المنطقة بشكل عام، مع تركيز على العراق بشكل خاص، خلال ثمانية عشر عاماً تستغرق المدة الزمنية الواقعة ما بين عامي:1990-2008.
بعد تمهيد سريع مكثف لوقائع ومحطات الاهتمام الأمريكي تاريخياً بمنطقة الشرق الاوسط، يقدم الفصل الاول من الكتاب: “الإطار النظري للسياسة الخارجية في الشرق الأوسط”، تعريفاً بالمفاهيم والمصطلحات التي يتناولها الكتاب بالبحث: (مفهوم التحديات، مفهوم السياسة الخارجية، مفهوم السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، مفهوم الشرق الاوسط، ومفهوم ما بعد الحرب الباردة)، قبل ان ينتقل لمعالجة صلب الموضوع، اي:”الإطار النظري...”. وفي هذا المجال يعرض الكتاب العوامل التي أسست للاهتمام الأمريكي بالمنطقةاسرائيل، النفط)، والسياسات المتبعة التي رسمتها القيادات الرسمية المتعاقبة لتحقيق الأهداف الامريكية، والسمات التي اتسمت بها هذه السياسات، والاستراتيجيات التي اعتمدتها، والمبادىء القائمة عليها، بعدما تم تعريف وتحديد المنطقة كمنطقة مصالح حيوية مهمة لأميركا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث يرى المؤلفان” أن الحدث الأكبر الذي ترك آثاراً عميقة على الأوضاع السياسية والإستراتيجية في الشرق الأوسط وعلى العلاقات العربية مع الغرب والولايات المتحدة على وجه التحديد هو الاعتراف الأمريكي بقيام دولة إسرائيل في مايو 1948 في عهد الرئيس ترومان. ثم حظيت منطقة الشرق الأوسط بأهمية كبيرة لدى صانع القرار السياسي الأمريكي أثناء مرحلة الحرب الباردة إذ تبلورت فيها مجموعة مصالح كانت تتركز على:
-احتواء النفوذ السوفيتي في المنطقة.
-استمرار تدفق النفط العربي بأسعار معقولة وتفضيلية.
-دعم المواقف السياسية الإسرائيلية وحفظ أمنها وسيادتها.
-الحفاظ على الأسواق التجارية في المنطقة.
وفي هذا السياق، يقول الكتاب: “تم اعتماد استراتيجية الاحتواء للنفوذ السوفيتي المستند على مبدأ ترومان الصادر في 12 مارس 1947، بالإضافة إلى سياسة حافة الهاوية المتبعة من قبل حلف شمال الأطلسي الذي أنشىء عام 1949، وسياسة الانتقام الشامل في عهد الرئيس أيزنهاور والذي قامت حكومته بإنشاء حلف بغداد عام 1954”. ويتابع الكتاب استعراض الاحداث المختلفة التي مرت بها المنطقة- خلال مرحلة الحرب الباردة وما بعدها- والكيفية التي تعاملت بها أميركا مع هذه الأحداث لضمان مصالحها، وصولا إلى العام 2008 الذي جرت في أواخره الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وما نتج عنها من فشل مرشح اليمين المحافظ وفوز مرشح الحزب الديمقراطي باراك اوباما بمنصب الرئيس.
الخروج من المظلة الأمريكية
الفصل الثاني من الكتاب خصصه المؤلفان لتناول”التحدي العراقي للخروج من المظلة الامريكية”، ويضم ثلاثة مباحث. المبحث الاول: حرب الخليج الثانية 1991، ويشتمل على ثلاثة مطالبأسباب شن الحرب على العراق، الموقف العربي والتأثيرات الدولية على نشوب الحرب، نتائج حرب الخليج الثانية). وبدوره يشتمل المبحث الثاني: احتلال العراق 2003، على ثلاثة مطالب هي سياسة احتواء العراق، مرحلة المواجهة العسكرية، نتائج الاحتلال الأمريكي للعراق). وأخيراً، يتضمن المبحث الثالث والأخير: تداعيات الاحتلال الامريكي للعراق-المشكلة الكردية أنموذجاً، ثلاثة مطالب هي: تطورات القضية الكردية على الساحة التركية، تطورات القضية الكردية على الساحة العراقية، التهديد التركي باقتحام شمال العراق.
وينقسم الفصل الثالث:”ظاهرتا الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل” إلى مبحثين، الأول: ظاهرة الإرهاب. وفيه ثلاثة مطالب: مفهوم الإرهاب، أسباب ظاهرة الإرهاب، والولايات المتحدة والحرب على الإرهاب. والمبحث الثاني: انتشار أسلحة الدمار الشامل، الذي ينقسم بدوره إلى ثلاثة مطالب: الولايات المتحدة والحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل، التحدي النووي الإيراني، والإستراتيجية النووية الأمريكية. يتضمن الفصل الرابع:” التحدي الإيراني والقوى المحلية الصاعدة في الشرق الاوسط” ثلاثة مباحث. المبحث الأول: الصعود الإيراني كقوة إقليمية في الشرق الأوسط. ويشتمل على ثلاثة مطالب: التجاذب الإيراني الأمريكي في الصراع على الشرق الأوسط، الإستراتيجية الإيرانية في الشرق الأوسط، الدور الإيراني في الإشكالية الأمنية في الشرق الاوسط. ويشتمل المبحث الثاني: “القوى المحلية الفاعلة الاخرى في الشرق الأوسط” أيضاً على ثلاثة مطالب: حزب الله في لبنان، حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية”حماس”، القوى السياسية الشيعية في العراق. ويتضمن المبحث الثالث: التحالفات الإيرانية مع القوى الفاعلة في الشرق الاوسط، ثلاثة مطالب هي: التحالف الإيراني السوري، التحالف الإيراني مع حزب الله، التحالف الإيراني مع حركة المقاومة الفلسطينية.
دعم إسرائيل ومشروع الشرق الأوسط الجديد
الفصل الخامس:”التحديات المتعلقة بالدعم الاميركي لإسرائيل ومشروع الشرق الأوسط الجديد” تضمن مبحثين: الدعم الأمريكي لإسرائيل، ويشتمل على ثلاثة مطالب: الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، الدعم الاقتصادي الأمريكي لإسرائيل، الدعم السياسي الامريكي لإسرائيل. ويتضمن المبحث الثاني: مشروع الشرق الاوسط الجديد، مطلبين: الجذور الأيديولوجية لمشروع الشرق الأوسط الجديد، وظروف ولادة مشروع الشرق الأوسط الجديد.
ثم نصل إلى الفصل السادس والأخير الذي حمل عنوان: الخاتمة.
في هذا الفصل يصوغ مؤلفا الكتاب، الاستاذ الدكتور أمين المشاقبة وسعد شاكر شبلي، الاستنتاجات العامة التي توصلا إليها في ضوء دراستهما للسياسة الخارجية الامريكية في الشرق الاوسط في حقبة ما بعد الحرب الباردة (1990-2008). ولأهمية هذه النتائج فإننا نوردها بتوسع كما يلي:
1.حدوث إخفاقات واضحة في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط خلال مرحلة ما بعد الحرب الباردة، أدت لبروز تحديات أمنية عديدة كان من أبرزها:
أ. ظهور التحدي العراقي للمظلة التي تفرض سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط.
ب. حصول توازنات جديدة أدت لبروز دور القوى الإقليمية والمحلية الصاعدة في الشرق الأوسط.
2. وجود أطراف دولية وإقليمية فاعلة تدفع نحو استمرار تدهور الأوضاع في العراق وخلق الفوضى الخلاقة فيه، وذلك بعد ارتكاب الإدارة الأمريكية لأخطاء عديدة تتعلق بسوء التقدير للمعلومات التي توفرت لديها بوجود علاقة بين العراق وتنظيم القاعدة، إلا أن هذه الإدارة قد وضعت العراق على رأس اولوياتها لسنوات طويلة جراء تأثير الأطراف الفاعلة في السياسة الأمريكية والمتمثلة في:
أ. المحافظون الجدد والقوميون المتطرفون الذين سيطروا على السياسة الخارجية الامريكية في إدارة الرئيس بوش الابن، ولم يخدعوا بالمعلومات الاستخبارية المضللة عن علاقة العراق بتنظيم القاعدة، بل أنهم لفقوا هذه المعلومات لتبرير الغزو الذي كانوا ينتظرون تنفيذه منذ وقت طويل لأسباب اخرى تتعلق بتوجهات”منظمة مشروع من أجل قرن أمريكي جديد” التي طالبت باتباع سياسة تجمع بين القوة العسكرية و”الوضوح الأخلاقي” من أجل التحكم بالسياسة الخارجية الأمريكية بعد إحساسهم بنشوة النجاح الواضح في أسقاط المعسكر الشيوعي 1989-1991.
ب. اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ومن ورائه اسرائيل.
لم يكن العراق هدفاً مثالياً للمحافظين الجدد فحسب، بل إنه كان يعتبر الخطر الأكبر بالنسبة لإسرائيل، التي أمطرها صدام حسين ب39 صاروخاً بالستياً خلال حرب الخليج الثانية عام 1991، إلا أن الروابط المتينة بين المحافظين الجدد الذين هم بالأصل صهاينة، وحزب الليكود المتطرف في إسرائيل، مع أداء اللوبي الصهيوني لدوره البارز في الضغط على الإدارة الأمريكية ورموزها من أجل اتخاذ سياسات تتماشى مع التوجهات الإسرائيلية، لذا كان هدف تدمير نظام صدام حسين يخدم أغراض إسرائيل.
الفوضى الخلاقة لإحداث التغيير
هنا كان القرار الذي دفعت به هذه الأطراف لإحداث الفوضى الخلاقة في العراق بما يخدم الهدف العام في التغيير لكن في مجالات محددة ومراحل زمنية خاصة، من خلال استغلال عناصر داخل المجتمع العراقي التي تتطلع نحو هذا التغيير المطلوب ودعمها عبر تحريك الإعلام المحلي والعالمي واختراع رموز يمكنها التوحد حولها، وزيادة الضغط الدولي تجاه القوى التي يعارضونها. وان اختيار العراق ليكون هدفاً للحرب الاستباقية التي خططت لها الاطراف الدولية والإقليمية الفاعلة، جاء بسبب موقعه الجغرافي الذي يعد عصب العلاقات في المنطقة حيث تتصل حدوده مع كل الدول الهامة في الشرق الاوسط: إيران والسعودية وتركيا وسوريا والأردن والكويت، لذا فإن استمرار تدهور الأوضاع في العراق سيجعل من التواجد الأمريكي على أراضيه أمراً منطقياً، وسيؤكد أن أمريكا هي القوة المهيمنة في المنطقة، وسوف يوجد عوامل محفزة لتغيير النظام في سوريا، وسيكتمل هدف فرض الحصار على إيران، فضلاً عن وجود الاحتياطيات الضخمة من النفط التي يحتويها العراق والتي تسمح السيطرة عليها بالتحكم بجزء كبير من حركة النفط وأسعاره عالمياً.
-تحدي البرنامج النووي الإيراني
3. نجاح المشروع النووي الإيراني في أن يكون تحدياً أمنياً بارزاً للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، وذلك بعد تحول الخوف الامريكي من البرنامج النووي الإيراني من مجرد توقعات أو معلومات قد يكون كثيرا منها مبالغاً فيه، إلى حقيقة واقعة بدأت مع حلول شهر أغسطس من عام 2005، حيث طردت إيران مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأزالت الأختام التي وضعت على منشآتها الخاصة بتخصيب اليورانيوم متحدية الولايات المتحدة ضمنياً، وبأن تفعل ما تشاء بخصوص هذا الأمر، في ظل عدم قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية القيام بأي شيء ضد إيران سوى إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن، بعد نفاد جميع السبل التي استخدمتها لدفع إيران إلى التخلي عن برنامجها النووي، أما عن القدرات العسكرية والنووية الإيرانية فإن الولايات المتحدة تعلم جيداً بأن هذه القدرات هي السقف الأعلى لمشروع إيران الاستراتيجي تجاه منطقة الشرق الأوسط، وذلك لأنها نجحت حتى الآن في فرض حضورها الإقليمي دون الغطاء النووي، فكيف سيكون الحال عند تمكنها من إنتاج السلاح النووي خلال فترة قريبة، وهذا يعني أن الولايات المتحدة أمام خيارين لا ثالث لهما: فهي اما أن تتصرف بما ينسجم وتهديداتها بالهجوم على إيران، وهذا يعني بأنها تتجه مباشرة نحو المواجهة العسكرية الكارثية في الشرق الأوسط، مع احداث أزمة اقتصادية عالمية، او لا تقوم بمهاجمة إيران، وهناك احتمالات عديدة اكثر تعقيداً، لكن اقل كارثية، لذا يعد المشروع النووي الإيراني تحدياً أمنياً بارزاً للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط خلال هذه المرحلة الزمنية.
استنتاجات عامة
وفي الختام فقد توصلنا في هذا الكتاب إلى ما يلي:
1.إن التحدي العراقي للمظلة الأمريكية على الشرق الأوسط قد دفع الولايات المتحدة الامريكية لاحتلال العراق وتغيير نظام الحكم فيه الأمر الذي أفرز تداعيات عديدة كانت نتائجها مأساوية على الشعب العراقي جعلت من تركيز الإدارة الأمريكية على الأدوارالتالية:
أ.تغيير المهمة العسكرية للقوات الأمريكية في العراق من مهمة احتلال هجومية إلى مهمة تنفيذ عمليات مقاومة للعمليات التي تؤديها عناصر المقاومة العراقية ومن ثم العمل بجدية لتوقيع اتفاقية سحب القوات بحيث لا تتجاوز مدة بقاء القوات الأمريكية نهاية عام 2011.
ب.تكثيف تواجد القوات العسكرية الامريكية في محافظة بغداد واعتبارها مركز الثقل الرئيس في توفير الأمن والاستقرار.
ج.تهيئة مشروعات أشغال عامة وتوفير الخدمات البلدية الأساسية وضخ الأموال اللازمة لها مع توفير وظائف وفرص عمل للعاطلين من السكان، على ان يتزامن ذلك مع خفض مستويات العنف.
د.دفع الحكومة العراقية لاتخاذ خطوات عملية لتقليل حدة الانقسام الطائفي والاثني في العراق في البلاد تمهيداً لخلق ظروف اكثر ملائمة للمصالحة الوطنية والوصول إلى صيغة توافقية لاسلوب وآليات الحكم في البلاد.
2.إن مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية لما تسميه ظاهرتي الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل جاءت بعد تهديدها من قبل بعض القوى الإسلامية المعادية لها والتي وصلت إلى السلطة في عدد من دول المنطقة، وما رافقها من حدوث صحوة اسلامية، دفعت الولايات المتحدة لدراسة هذه الحالة بالاعتماد على المنهج الاستشرافي، فكانت الرؤى التي تتعرض للاسباب الموضوعية للصحوة الاسلامية مبنية على عدد من العناوين الرئيسة التي تركز على:
أ.الظروف: وهذه تتعلق بفشل النماذج السياسية والاقتصادية والبنية الفكرية الموالية للغرب في حكم الدول بالإضافة إلى عدم قدرتها على إيجاد حلول لأزمات المنطقة المستعصية مثل الصراع العربي-الإسرائيلي، مع تعاظم السلطة الدينية في الإسلام السياسي.
ب.المسارات: وتتمثل بميلاد حالة الانبعاث الإسلامي لدى القوى السياسية والتنظيمات والأفراد، مع توفر التمويل الخارجي للتشدد الديني.
ج.الأحداث المحفزة: وتشمل:
- اندلاع الثورة الإيرانية واستمرار نظام حكمها في إيران منذ عام 1979.
- مساهمة الحرب الأفغانية منذ الاحتلال السوفييتي لأفغانستان عام 1979.
- اندلاع حرب الخليج الثانية عام 1991.
- احداث 11 سبتمبر 2001 وبدء ما يسمى بالحرب العالمية على الإرهاب.
- غزو العراق عام 2003.
التعامل مع القوى الصاعدة
3.إن طريقة تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع القوى الصاعدة في الشرق الأوسط قد أخذت أشكالاً متعددة فهي تنظر للصراع في منطقة الشرق الأوسط على أنه يقوم بين المعتدلين والمتشددين، وهي تحاول بخطوات محددة تحت مظلة الغطاء السياسي دفع هذه القوى إلى التخلص من بعض الأوضاع والسياسات التي تراها أمريكا ضرورية لتحقيق تطبيع في العلاقات بينهما، والتي تتعلق بالآتي:
أ.تخلي إيران عن البرنامج النووي الطموح الذي يهدف لإنتاج السلاح النووي.
ب.التخلص من أسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها جميع الدول والقوى السياسية في المنطقة عدا إسرائيل وعدم إنتاج أو استخدام الصواريخ بعيدة المدى التي يتراوح مداها”1000-1500كم”، مع التخلص من منظومات الصواريخ المضادة للصواريخ.
ج. احترام حقوق الإنسان في الدول المعنية كإيران وسوريا ولبنان.
د. ضرورة إنهاء العداء التاريخي لإسرائيل من هذه الاطراف.
4.إن تبرير الولايات المتحدة الأمريكية دعمها لإسرائيل خلال مرحلة ما بعد الحرب الباردة، كان يقوم على أنهما مهددتان من قبل جماعات إرهابية تعود اصولها إلى العالمين العربي والإسلامي، ومن قبل دول لقبت”بالمارقة” تساعد هذه الجماعات وتسعى للحصول على اسلحة الدمار الشامل، مما يعطيهما حرية التصرف في التعامل مع بعض هذه الجماعات، خاصة تلك المتواجدة في فلسطين المحتلة، وفرضت على الولايات المتحدة تعقب هذه الجماعات وعلاقاتها مع إيران وسوريا، مما بلور تحالفاً لما يسمى الحرب على الإرهاب.
إعادة هيكلة الوطن العربي والعالم الإسلامي
5.إن الولايات المتحدة الأمريكية قد صممت ومن قبل الرئيس بوش شخصياً، مهمة إعادة هيكلة الوطن العربي والعالم الإسلامي عبر ما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير، وخيرت العالم بين تأييد خطواتها فيما يسمى بمحاربة الإرهاب، مع الربط بين “الإرهابيين” وانتشار اسلحة الدمار الشامل، فتلاقت بذلك المصالح الأمريكية والإسرائيلية في إعادة صياغة خريطة المنطقة من خلال تسويق صفقة ملائمة لإدخال إسرائيل في منطقة ينزع عنها مواصفات الجغرافيا التاريخية وسمات التاريخ الحضاري والثقافي، ويشدد فيها على الجغرافيا الاقتصادية في نظام السوق العالمية.
وأخيراً هناك تغيرات جذرية في السياسة الخارجية الأمريكية جاءت بعد انهيار وفشل اليمين المحافظ في الانتخابات الرئاسية مع نهاية عام 2008 وفشل مشروعه في المنطقة، وبروز الحزب الديمقراطي برئاسة باراك أوباما ومحاولة تغيير صورة أمريكا في العالم ومحاورة الأعداء قبل الأصدقاء واستبدال استخدامات القوة العسكرية بالحوار، علّ وعسى أن تتغير الحال في الشرق الأوسط، وأن يتم التعامل مع قضاياه وشعوبه ودوله بشيء من العدالة والإنصاف، واستبدال مبدأ استخدام القوة العسكرية بالحوار من اجل تغيير الوضع في الشرق الاوسط من خلال التعامل مع قضاياه وشعوبه بشيء من العدالة والإنصاف ومحاولة إيجاد حلول جوهرية لقضية العرب المركزية بعد انشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، والابتعاد عن سياسة الانحياز المطلق لإسرائيل وتناسي المصالح الوطنية لشعوب المنطقة، إذ ان حق تقرير المصير اطلقه الرئيس ودرو ويلسون في العشرينات من القرن الماضي ويعتبر من المبادىء القانونية التي أقامت عليها الأمة الامريكية حضارتها، يضاف لذلك الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحرياته. أليس من الإنصاف ان تتعدل سياسة الولايات المتحدة بهذا الاتجاه؟ وتنتهي حالة عدم الاستقرار القائمة في المنطقة منذ عدة عقود، أم أن عدم الاستقرار مطلوب لتحقيق رغبات أمم اخرى واستمرار الدور السياسي المهيمن؟!.
إن استخدام القوة العسكرية لن يفضي إلى شيء حقيقي دائم على الأرض عندما يتعلق الأمر بحقوق وطنية مشروعة لأنها موجودة بالوجدان والضمير الانساني، وهذا لا يمكن نزعه بقوة السلاح، فقد آن الأوان لسياسة خارجية أمريكية تستند إلى المبادىء والقيم الأخلاقية التي أرسى قواعدها البناة الأوائل، فنزع تلك القيم عن السياسة الخارجية الأمريكية يطيح بها إلى مستويات متدنية ويجعلها قريبة من شريعة الغاب، فالقوة ليست هي الحق دائماً وانما الحق قوة، والأمل معقود على الأجيال لتفهم هذه الحقيقة والعمل على تحقيقها، فقد أثبت التاريخ السياسي المعاصر فشل سياسات اليمين المحافظ برمتها، التي أفضت إلى زعزعة وتشويه صورة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم، لذا يستوجب الأمر من الساسة الأمريكان تحسين وتعديل هذه الصورة.
وفي النهاية، يخصص المؤلفان الصفحات الاخيرة من الكتاب لقائمة المراجع العربية والأجنبية التي رجعا إليها في تأليفه، وجدول زمني بالأحداث السياسية الواردة في الدراسة، التي تقدم مادة معرفية محفزة للمعنيين من الساسة والأكاديميين والباحثين-وبخاصة من البلاد العربية- الذين يشغلهم فهم السياسات الأمريكية المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط عامة، والوطن العربي بشكل خاص. سواء كان هذا الانشغال لأغراض بحثية علمية، أو لدواع سياسية تتصل بكيفية التعامل مع هذه السياسات لما لها من أثار على مجمل الأوضاع في المنطقة.
بعد تمهيد سريع مكثف لوقائع ومحطات الاهتمام الأمريكي تاريخياً بمنطقة الشرق الاوسط، يقدم الفصل الاول من الكتاب: “الإطار النظري للسياسة الخارجية في الشرق الأوسط”، تعريفاً بالمفاهيم والمصطلحات التي يتناولها الكتاب بالبحث: (مفهوم التحديات، مفهوم السياسة الخارجية، مفهوم السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، مفهوم الشرق الاوسط، ومفهوم ما بعد الحرب الباردة)، قبل ان ينتقل لمعالجة صلب الموضوع، اي:”الإطار النظري...”. وفي هذا المجال يعرض الكتاب العوامل التي أسست للاهتمام الأمريكي بالمنطقةاسرائيل، النفط)، والسياسات المتبعة التي رسمتها القيادات الرسمية المتعاقبة لتحقيق الأهداف الامريكية، والسمات التي اتسمت بها هذه السياسات، والاستراتيجيات التي اعتمدتها، والمبادىء القائمة عليها، بعدما تم تعريف وتحديد المنطقة كمنطقة مصالح حيوية مهمة لأميركا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث يرى المؤلفان” أن الحدث الأكبر الذي ترك آثاراً عميقة على الأوضاع السياسية والإستراتيجية في الشرق الأوسط وعلى العلاقات العربية مع الغرب والولايات المتحدة على وجه التحديد هو الاعتراف الأمريكي بقيام دولة إسرائيل في مايو 1948 في عهد الرئيس ترومان. ثم حظيت منطقة الشرق الأوسط بأهمية كبيرة لدى صانع القرار السياسي الأمريكي أثناء مرحلة الحرب الباردة إذ تبلورت فيها مجموعة مصالح كانت تتركز على:
-احتواء النفوذ السوفيتي في المنطقة.
-استمرار تدفق النفط العربي بأسعار معقولة وتفضيلية.
-دعم المواقف السياسية الإسرائيلية وحفظ أمنها وسيادتها.
-الحفاظ على الأسواق التجارية في المنطقة.
وفي هذا السياق، يقول الكتاب: “تم اعتماد استراتيجية الاحتواء للنفوذ السوفيتي المستند على مبدأ ترومان الصادر في 12 مارس 1947، بالإضافة إلى سياسة حافة الهاوية المتبعة من قبل حلف شمال الأطلسي الذي أنشىء عام 1949، وسياسة الانتقام الشامل في عهد الرئيس أيزنهاور والذي قامت حكومته بإنشاء حلف بغداد عام 1954”. ويتابع الكتاب استعراض الاحداث المختلفة التي مرت بها المنطقة- خلال مرحلة الحرب الباردة وما بعدها- والكيفية التي تعاملت بها أميركا مع هذه الأحداث لضمان مصالحها، وصولا إلى العام 2008 الذي جرت في أواخره الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وما نتج عنها من فشل مرشح اليمين المحافظ وفوز مرشح الحزب الديمقراطي باراك اوباما بمنصب الرئيس.
الخروج من المظلة الأمريكية
الفصل الثاني من الكتاب خصصه المؤلفان لتناول”التحدي العراقي للخروج من المظلة الامريكية”، ويضم ثلاثة مباحث. المبحث الاول: حرب الخليج الثانية 1991، ويشتمل على ثلاثة مطالبأسباب شن الحرب على العراق، الموقف العربي والتأثيرات الدولية على نشوب الحرب، نتائج حرب الخليج الثانية). وبدوره يشتمل المبحث الثاني: احتلال العراق 2003، على ثلاثة مطالب هي سياسة احتواء العراق، مرحلة المواجهة العسكرية، نتائج الاحتلال الأمريكي للعراق). وأخيراً، يتضمن المبحث الثالث والأخير: تداعيات الاحتلال الامريكي للعراق-المشكلة الكردية أنموذجاً، ثلاثة مطالب هي: تطورات القضية الكردية على الساحة التركية، تطورات القضية الكردية على الساحة العراقية، التهديد التركي باقتحام شمال العراق.
وينقسم الفصل الثالث:”ظاهرتا الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل” إلى مبحثين، الأول: ظاهرة الإرهاب. وفيه ثلاثة مطالب: مفهوم الإرهاب، أسباب ظاهرة الإرهاب، والولايات المتحدة والحرب على الإرهاب. والمبحث الثاني: انتشار أسلحة الدمار الشامل، الذي ينقسم بدوره إلى ثلاثة مطالب: الولايات المتحدة والحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل، التحدي النووي الإيراني، والإستراتيجية النووية الأمريكية. يتضمن الفصل الرابع:” التحدي الإيراني والقوى المحلية الصاعدة في الشرق الاوسط” ثلاثة مباحث. المبحث الأول: الصعود الإيراني كقوة إقليمية في الشرق الأوسط. ويشتمل على ثلاثة مطالب: التجاذب الإيراني الأمريكي في الصراع على الشرق الأوسط، الإستراتيجية الإيرانية في الشرق الأوسط، الدور الإيراني في الإشكالية الأمنية في الشرق الاوسط. ويشتمل المبحث الثاني: “القوى المحلية الفاعلة الاخرى في الشرق الأوسط” أيضاً على ثلاثة مطالب: حزب الله في لبنان، حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية”حماس”، القوى السياسية الشيعية في العراق. ويتضمن المبحث الثالث: التحالفات الإيرانية مع القوى الفاعلة في الشرق الاوسط، ثلاثة مطالب هي: التحالف الإيراني السوري، التحالف الإيراني مع حزب الله، التحالف الإيراني مع حركة المقاومة الفلسطينية.
دعم إسرائيل ومشروع الشرق الأوسط الجديد
الفصل الخامس:”التحديات المتعلقة بالدعم الاميركي لإسرائيل ومشروع الشرق الأوسط الجديد” تضمن مبحثين: الدعم الأمريكي لإسرائيل، ويشتمل على ثلاثة مطالب: الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، الدعم الاقتصادي الأمريكي لإسرائيل، الدعم السياسي الامريكي لإسرائيل. ويتضمن المبحث الثاني: مشروع الشرق الاوسط الجديد، مطلبين: الجذور الأيديولوجية لمشروع الشرق الأوسط الجديد، وظروف ولادة مشروع الشرق الأوسط الجديد.
ثم نصل إلى الفصل السادس والأخير الذي حمل عنوان: الخاتمة.
في هذا الفصل يصوغ مؤلفا الكتاب، الاستاذ الدكتور أمين المشاقبة وسعد شاكر شبلي، الاستنتاجات العامة التي توصلا إليها في ضوء دراستهما للسياسة الخارجية الامريكية في الشرق الاوسط في حقبة ما بعد الحرب الباردة (1990-2008). ولأهمية هذه النتائج فإننا نوردها بتوسع كما يلي:
1.حدوث إخفاقات واضحة في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط خلال مرحلة ما بعد الحرب الباردة، أدت لبروز تحديات أمنية عديدة كان من أبرزها:
أ. ظهور التحدي العراقي للمظلة التي تفرض سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط.
ب. حصول توازنات جديدة أدت لبروز دور القوى الإقليمية والمحلية الصاعدة في الشرق الأوسط.
2. وجود أطراف دولية وإقليمية فاعلة تدفع نحو استمرار تدهور الأوضاع في العراق وخلق الفوضى الخلاقة فيه، وذلك بعد ارتكاب الإدارة الأمريكية لأخطاء عديدة تتعلق بسوء التقدير للمعلومات التي توفرت لديها بوجود علاقة بين العراق وتنظيم القاعدة، إلا أن هذه الإدارة قد وضعت العراق على رأس اولوياتها لسنوات طويلة جراء تأثير الأطراف الفاعلة في السياسة الأمريكية والمتمثلة في:
أ. المحافظون الجدد والقوميون المتطرفون الذين سيطروا على السياسة الخارجية الامريكية في إدارة الرئيس بوش الابن، ولم يخدعوا بالمعلومات الاستخبارية المضللة عن علاقة العراق بتنظيم القاعدة، بل أنهم لفقوا هذه المعلومات لتبرير الغزو الذي كانوا ينتظرون تنفيذه منذ وقت طويل لأسباب اخرى تتعلق بتوجهات”منظمة مشروع من أجل قرن أمريكي جديد” التي طالبت باتباع سياسة تجمع بين القوة العسكرية و”الوضوح الأخلاقي” من أجل التحكم بالسياسة الخارجية الأمريكية بعد إحساسهم بنشوة النجاح الواضح في أسقاط المعسكر الشيوعي 1989-1991.
ب. اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ومن ورائه اسرائيل.
لم يكن العراق هدفاً مثالياً للمحافظين الجدد فحسب، بل إنه كان يعتبر الخطر الأكبر بالنسبة لإسرائيل، التي أمطرها صدام حسين ب39 صاروخاً بالستياً خلال حرب الخليج الثانية عام 1991، إلا أن الروابط المتينة بين المحافظين الجدد الذين هم بالأصل صهاينة، وحزب الليكود المتطرف في إسرائيل، مع أداء اللوبي الصهيوني لدوره البارز في الضغط على الإدارة الأمريكية ورموزها من أجل اتخاذ سياسات تتماشى مع التوجهات الإسرائيلية، لذا كان هدف تدمير نظام صدام حسين يخدم أغراض إسرائيل.
الفوضى الخلاقة لإحداث التغيير
هنا كان القرار الذي دفعت به هذه الأطراف لإحداث الفوضى الخلاقة في العراق بما يخدم الهدف العام في التغيير لكن في مجالات محددة ومراحل زمنية خاصة، من خلال استغلال عناصر داخل المجتمع العراقي التي تتطلع نحو هذا التغيير المطلوب ودعمها عبر تحريك الإعلام المحلي والعالمي واختراع رموز يمكنها التوحد حولها، وزيادة الضغط الدولي تجاه القوى التي يعارضونها. وان اختيار العراق ليكون هدفاً للحرب الاستباقية التي خططت لها الاطراف الدولية والإقليمية الفاعلة، جاء بسبب موقعه الجغرافي الذي يعد عصب العلاقات في المنطقة حيث تتصل حدوده مع كل الدول الهامة في الشرق الاوسط: إيران والسعودية وتركيا وسوريا والأردن والكويت، لذا فإن استمرار تدهور الأوضاع في العراق سيجعل من التواجد الأمريكي على أراضيه أمراً منطقياً، وسيؤكد أن أمريكا هي القوة المهيمنة في المنطقة، وسوف يوجد عوامل محفزة لتغيير النظام في سوريا، وسيكتمل هدف فرض الحصار على إيران، فضلاً عن وجود الاحتياطيات الضخمة من النفط التي يحتويها العراق والتي تسمح السيطرة عليها بالتحكم بجزء كبير من حركة النفط وأسعاره عالمياً.
-تحدي البرنامج النووي الإيراني
3. نجاح المشروع النووي الإيراني في أن يكون تحدياً أمنياً بارزاً للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، وذلك بعد تحول الخوف الامريكي من البرنامج النووي الإيراني من مجرد توقعات أو معلومات قد يكون كثيرا منها مبالغاً فيه، إلى حقيقة واقعة بدأت مع حلول شهر أغسطس من عام 2005، حيث طردت إيران مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأزالت الأختام التي وضعت على منشآتها الخاصة بتخصيب اليورانيوم متحدية الولايات المتحدة ضمنياً، وبأن تفعل ما تشاء بخصوص هذا الأمر، في ظل عدم قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية القيام بأي شيء ضد إيران سوى إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن، بعد نفاد جميع السبل التي استخدمتها لدفع إيران إلى التخلي عن برنامجها النووي، أما عن القدرات العسكرية والنووية الإيرانية فإن الولايات المتحدة تعلم جيداً بأن هذه القدرات هي السقف الأعلى لمشروع إيران الاستراتيجي تجاه منطقة الشرق الأوسط، وذلك لأنها نجحت حتى الآن في فرض حضورها الإقليمي دون الغطاء النووي، فكيف سيكون الحال عند تمكنها من إنتاج السلاح النووي خلال فترة قريبة، وهذا يعني أن الولايات المتحدة أمام خيارين لا ثالث لهما: فهي اما أن تتصرف بما ينسجم وتهديداتها بالهجوم على إيران، وهذا يعني بأنها تتجه مباشرة نحو المواجهة العسكرية الكارثية في الشرق الأوسط، مع احداث أزمة اقتصادية عالمية، او لا تقوم بمهاجمة إيران، وهناك احتمالات عديدة اكثر تعقيداً، لكن اقل كارثية، لذا يعد المشروع النووي الإيراني تحدياً أمنياً بارزاً للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط خلال هذه المرحلة الزمنية.
استنتاجات عامة
وفي الختام فقد توصلنا في هذا الكتاب إلى ما يلي:
1.إن التحدي العراقي للمظلة الأمريكية على الشرق الأوسط قد دفع الولايات المتحدة الامريكية لاحتلال العراق وتغيير نظام الحكم فيه الأمر الذي أفرز تداعيات عديدة كانت نتائجها مأساوية على الشعب العراقي جعلت من تركيز الإدارة الأمريكية على الأدوارالتالية:
أ.تغيير المهمة العسكرية للقوات الأمريكية في العراق من مهمة احتلال هجومية إلى مهمة تنفيذ عمليات مقاومة للعمليات التي تؤديها عناصر المقاومة العراقية ومن ثم العمل بجدية لتوقيع اتفاقية سحب القوات بحيث لا تتجاوز مدة بقاء القوات الأمريكية نهاية عام 2011.
ب.تكثيف تواجد القوات العسكرية الامريكية في محافظة بغداد واعتبارها مركز الثقل الرئيس في توفير الأمن والاستقرار.
ج.تهيئة مشروعات أشغال عامة وتوفير الخدمات البلدية الأساسية وضخ الأموال اللازمة لها مع توفير وظائف وفرص عمل للعاطلين من السكان، على ان يتزامن ذلك مع خفض مستويات العنف.
د.دفع الحكومة العراقية لاتخاذ خطوات عملية لتقليل حدة الانقسام الطائفي والاثني في العراق في البلاد تمهيداً لخلق ظروف اكثر ملائمة للمصالحة الوطنية والوصول إلى صيغة توافقية لاسلوب وآليات الحكم في البلاد.
2.إن مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية لما تسميه ظاهرتي الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل جاءت بعد تهديدها من قبل بعض القوى الإسلامية المعادية لها والتي وصلت إلى السلطة في عدد من دول المنطقة، وما رافقها من حدوث صحوة اسلامية، دفعت الولايات المتحدة لدراسة هذه الحالة بالاعتماد على المنهج الاستشرافي، فكانت الرؤى التي تتعرض للاسباب الموضوعية للصحوة الاسلامية مبنية على عدد من العناوين الرئيسة التي تركز على:
أ.الظروف: وهذه تتعلق بفشل النماذج السياسية والاقتصادية والبنية الفكرية الموالية للغرب في حكم الدول بالإضافة إلى عدم قدرتها على إيجاد حلول لأزمات المنطقة المستعصية مثل الصراع العربي-الإسرائيلي، مع تعاظم السلطة الدينية في الإسلام السياسي.
ب.المسارات: وتتمثل بميلاد حالة الانبعاث الإسلامي لدى القوى السياسية والتنظيمات والأفراد، مع توفر التمويل الخارجي للتشدد الديني.
ج.الأحداث المحفزة: وتشمل:
- اندلاع الثورة الإيرانية واستمرار نظام حكمها في إيران منذ عام 1979.
- مساهمة الحرب الأفغانية منذ الاحتلال السوفييتي لأفغانستان عام 1979.
- اندلاع حرب الخليج الثانية عام 1991.
- احداث 11 سبتمبر 2001 وبدء ما يسمى بالحرب العالمية على الإرهاب.
- غزو العراق عام 2003.
التعامل مع القوى الصاعدة
3.إن طريقة تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع القوى الصاعدة في الشرق الأوسط قد أخذت أشكالاً متعددة فهي تنظر للصراع في منطقة الشرق الأوسط على أنه يقوم بين المعتدلين والمتشددين، وهي تحاول بخطوات محددة تحت مظلة الغطاء السياسي دفع هذه القوى إلى التخلص من بعض الأوضاع والسياسات التي تراها أمريكا ضرورية لتحقيق تطبيع في العلاقات بينهما، والتي تتعلق بالآتي:
أ.تخلي إيران عن البرنامج النووي الطموح الذي يهدف لإنتاج السلاح النووي.
ب.التخلص من أسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها جميع الدول والقوى السياسية في المنطقة عدا إسرائيل وعدم إنتاج أو استخدام الصواريخ بعيدة المدى التي يتراوح مداها”1000-1500كم”، مع التخلص من منظومات الصواريخ المضادة للصواريخ.
ج. احترام حقوق الإنسان في الدول المعنية كإيران وسوريا ولبنان.
د. ضرورة إنهاء العداء التاريخي لإسرائيل من هذه الاطراف.
4.إن تبرير الولايات المتحدة الأمريكية دعمها لإسرائيل خلال مرحلة ما بعد الحرب الباردة، كان يقوم على أنهما مهددتان من قبل جماعات إرهابية تعود اصولها إلى العالمين العربي والإسلامي، ومن قبل دول لقبت”بالمارقة” تساعد هذه الجماعات وتسعى للحصول على اسلحة الدمار الشامل، مما يعطيهما حرية التصرف في التعامل مع بعض هذه الجماعات، خاصة تلك المتواجدة في فلسطين المحتلة، وفرضت على الولايات المتحدة تعقب هذه الجماعات وعلاقاتها مع إيران وسوريا، مما بلور تحالفاً لما يسمى الحرب على الإرهاب.
إعادة هيكلة الوطن العربي والعالم الإسلامي
5.إن الولايات المتحدة الأمريكية قد صممت ومن قبل الرئيس بوش شخصياً، مهمة إعادة هيكلة الوطن العربي والعالم الإسلامي عبر ما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير، وخيرت العالم بين تأييد خطواتها فيما يسمى بمحاربة الإرهاب، مع الربط بين “الإرهابيين” وانتشار اسلحة الدمار الشامل، فتلاقت بذلك المصالح الأمريكية والإسرائيلية في إعادة صياغة خريطة المنطقة من خلال تسويق صفقة ملائمة لإدخال إسرائيل في منطقة ينزع عنها مواصفات الجغرافيا التاريخية وسمات التاريخ الحضاري والثقافي، ويشدد فيها على الجغرافيا الاقتصادية في نظام السوق العالمية.
وأخيراً هناك تغيرات جذرية في السياسة الخارجية الأمريكية جاءت بعد انهيار وفشل اليمين المحافظ في الانتخابات الرئاسية مع نهاية عام 2008 وفشل مشروعه في المنطقة، وبروز الحزب الديمقراطي برئاسة باراك أوباما ومحاولة تغيير صورة أمريكا في العالم ومحاورة الأعداء قبل الأصدقاء واستبدال استخدامات القوة العسكرية بالحوار، علّ وعسى أن تتغير الحال في الشرق الأوسط، وأن يتم التعامل مع قضاياه وشعوبه ودوله بشيء من العدالة والإنصاف، واستبدال مبدأ استخدام القوة العسكرية بالحوار من اجل تغيير الوضع في الشرق الاوسط من خلال التعامل مع قضاياه وشعوبه بشيء من العدالة والإنصاف ومحاولة إيجاد حلول جوهرية لقضية العرب المركزية بعد انشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، والابتعاد عن سياسة الانحياز المطلق لإسرائيل وتناسي المصالح الوطنية لشعوب المنطقة، إذ ان حق تقرير المصير اطلقه الرئيس ودرو ويلسون في العشرينات من القرن الماضي ويعتبر من المبادىء القانونية التي أقامت عليها الأمة الامريكية حضارتها، يضاف لذلك الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحرياته. أليس من الإنصاف ان تتعدل سياسة الولايات المتحدة بهذا الاتجاه؟ وتنتهي حالة عدم الاستقرار القائمة في المنطقة منذ عدة عقود، أم أن عدم الاستقرار مطلوب لتحقيق رغبات أمم اخرى واستمرار الدور السياسي المهيمن؟!.
إن استخدام القوة العسكرية لن يفضي إلى شيء حقيقي دائم على الأرض عندما يتعلق الأمر بحقوق وطنية مشروعة لأنها موجودة بالوجدان والضمير الانساني، وهذا لا يمكن نزعه بقوة السلاح، فقد آن الأوان لسياسة خارجية أمريكية تستند إلى المبادىء والقيم الأخلاقية التي أرسى قواعدها البناة الأوائل، فنزع تلك القيم عن السياسة الخارجية الأمريكية يطيح بها إلى مستويات متدنية ويجعلها قريبة من شريعة الغاب، فالقوة ليست هي الحق دائماً وانما الحق قوة، والأمل معقود على الأجيال لتفهم هذه الحقيقة والعمل على تحقيقها، فقد أثبت التاريخ السياسي المعاصر فشل سياسات اليمين المحافظ برمتها، التي أفضت إلى زعزعة وتشويه صورة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم، لذا يستوجب الأمر من الساسة الأمريكان تحسين وتعديل هذه الصورة.
وفي النهاية، يخصص المؤلفان الصفحات الاخيرة من الكتاب لقائمة المراجع العربية والأجنبية التي رجعا إليها في تأليفه، وجدول زمني بالأحداث السياسية الواردة في الدراسة، التي تقدم مادة معرفية محفزة للمعنيين من الساسة والأكاديميين والباحثين-وبخاصة من البلاد العربية- الذين يشغلهم فهم السياسات الأمريكية المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط عامة، والوطن العربي بشكل خاص. سواء كان هذا الانشغال لأغراض بحثية علمية، أو لدواع سياسية تتصل بكيفية التعامل مع هذه السياسات لما لها من أثار على مجمل الأوضاع في المنطقة.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى