الشيخ التميمي : أغيثوا القدس قبل أن يلحق العار بالأمة

[angelالمدير العام]

وجه قاضي قضاة فلسطين، أمين سر الهيئة الإسلامية العليا في القدس، الشيخ تيسير التميمي «نداء أخيرا» الى الأمة العربية والإسلامية من خلال منبر «الدستور» لحماية القدس، محذرا من خطورة الوضع الذي وصلت اليه المدينة المقدسة بفعل المخططات الاسرائيلية التهويدية والاستيطانية.

وشدد التميمي خلال حوار شامل مع أسرة «الدستور» على أهمية الدور الأردني الفاعل في هذا السياق، مشيرا الى ما ينجزه الهاشميون ووزارة الأوقاف الأردنية في سبيل حماية المقدسات ولجم الهجمة الإسرائيلية الشرسة التي تستهدف الإنسان والمكان والتاريخ في القدس وفلسطين عموما.

وقال إن العرب والمسلمين مطالبون بمساندة الدور الأردني، ودعا في هذا السياق الى مراجعة الفتوى التي تعتبر زيارة القدس تطبيعا، معتبرا أن الحكم الشرعي ينبغي أن «ينزل على الواقع».

وأكد التميمي أن رفض فكرة الوطن البديل محل إجماع الفلسطينيين في الداخل والخارج، مشددا على ضرورة أن يقوم الشعب الفلسطيني -وفاء لأيادي الأردن البيضاء- ببذل كل جهد في سبيل دفع أي خطر يتهدد السيادة الأردنية، وتاليا تفاصيل الحوار...

الدستور: نرحب بك في دار «الدستور»، ونحن نعلم أنك قادم من القدس، ونتمنى أن نسمع من سماحتكم شرحا عن الأخطار التي تتهدد القدس حالياً وخاصة المسجد الأقصى وإعلان إسرائيل عن ترحيل 40 ألف مقدسي خلف الجدار خلال الأسابيع القادمة، وهذه الخطوات التي تتخذها إسرائيل من أجل تهويد القدس بالكامل

التميمي: من دواعي سروري أن أكون بينكم في مقر جريدة الدستور، هذا الصوت العربي الحر الذي يساند كل القضايا العربية وخاصة القضية الفلسطينية والقدس بوجه خاص.

أعتقد اعتقاداً جازماً أن مركز الصراع بين المشروع الصهيوني وبين الأمة بكاملها هي القدس، لأن القدس تمثل للمسلمين العقيدة والدين والكرامة والشرف، فحينما كانت القدس تحتل على مر التاريخ كانت الأمة تتحرك لتحريرها، ومعيار عزة وكرامة الأمة بالحفاظ على القدس وتحريرها من المحتلين الغاصبين، والعكس صحيح، حينما تكون القدس تحت الاحتلال تكون الأمة في أسوأ أوضاعها. لن نتكلم في التاريخ للتأكيد على ذلك، ولكن أقول ان القدس تحت الاحتلال وتهود الآن، وتحوّل إلى مدينة يهودية، فهذه الأمة الآن في أسوأ أوضاعها.

للأسف، إسرائيل في كل يوم تصادق على مخططات لبناء الآلاف من الوحدات الاستيطانية في القدس وفي محيطها، في كل يوم الجماعات اليهودية المتطرفة تقتحم المسجد الأقصى، في كل يوم هناك حفريات تحت أساسات المسجد الأقصى، وإسرائيل تعلن عن بناء كُنس جديدة في القدس، في كل يوم تهدم البيوت وتصادر الأراضي وتخلى بيوت أخرى من أهلها، وتصادر أراض ويعلن أنها سواء في سلوان أو العيسوية أو مناطق أخرى ستكون حدائق توراتية، وعلى مرأى ومسمع من الأمة، صمت مريب، حتى منظمة المؤتمر الإسلامي التي أنشئت بعد جريمة إحراق المسجد الأقصى عام 1969 في دستور إنشائها أنها أنشئت للدفاع عن القدس وحماية المسجد الأقصى، هذا الهدف مع الزمان اندثر، وحتى عنوانها واسمها تغير، فأصبحت منظمة التعاون الإسلامي، وتعنى بالشأن الإسلامي بشكل عام في كل الميادين إلا ما يتعلق بالقدس.

منظمة المؤتمر الإسلامي تضم في عضويتها كل العالم الإسلامي، وللأسف صمت. ممكن أنه في بعض المناسبات عندما تحتد الأمور ويحصل صدام في المسجد الأقصى..الخ، يخرج بيان على استحياء، إدانة أو شجب.

القدس تحتاج من الأمة كل شيء إلا التنديد والشجب والإدانة والتعبير عن الاستياء. يكفينا هذه البيانات الفارغة التي تخدر الأعصاب وتسمح للاحتلال أن يعمل في تنفيذ مخططاته بأريحية.

نداء أخير

اسمحوا لي بأن أقول انه ربما يكون هذا النداء الأخير للأمة فيما يتعلق بالمسجد الأقصى والقدس، لأن الأمر وصل إلى درجة خطيرة، خاصة في المسجد الأقصى، فالحفريات على قدم وساق، تحت أساساته، وهناك انهيارات حصلت في ساحات المسجد الأقصى، تصدعات في أعمدته، وفي جدرانه، الجدار الجنوبي والشرقي، حتى الأتربة والصخور القائم عليها المسجد الأقصى أزالتها إسرائيل، وفتحت شبكة من الانفاق تحت المسجد الأقصى المبارك، والمسجد الآن معلّق في الهواء، إسرائيل تراهن على هزة أرضية أو زلزال، فهناك مخطط لإزالة المسجد الأقصى وإقامة الهيكل مكانه، ولكن إسرائيل تسعى الى ذلك عبر باب المغاربة الذي استولت على مفاتيحه منذ عام 1967، فباب المغاربة منذ أن احتلت المدينة المقدسة لم يسمح لنا بالمطلق أن ندخل منه أو أن نستعمله، إسرائيل استولت عليه.

الآن، إسرائيل هدمت الطريق المؤدي إلى باب المغاربة، الطريق التاريخي من حارة المغاربة إلى باب المغاربة إلى المسجد الأقصى عام 2006، وأنشأت الجسر الخشبي، إسرائيل مخططها إقامة جسر يستوعب دبابات ومدرعات وآليات عسكرية وآلافا من الجنود والمستوطنين وآلافا من الجماعات اليهودية ليدخلوا إلى المسجد الأقصى الذي تقوم إسرائيل بتغيير واقعه، ويسهل عليها اقتحام المسجد، وأنا أقول وبكل صراحة، انه لولا جهود جلالة الملك عبدالله الثاني في منع إسرائيل من تنفيذ مخططها هذا بإزالة الجسر الخشبي، لتنفيذ المخطط الذي ذكرت، لقامت إسرائيل خلال أيام بتنفيذ هذا المخطط، وكذلك أنا بكل فخر أذكر قبل أكثر من عام، وأنتم تتابعون ذلك حينما حوصر المعتكفون في المسجد الأقصى، وكانت إسرائيل تنوي ارتكاب مجزرة في ساحاته، وأن تدخل إلى المسجد الأقصى لتقتل من تقتل وتعتقل من تعتقل، حيث فرضت حصارا على المسجد الأقصى، فلولا تدخل جلالة الملك عبدالله الثاني لحصلت كارثة، وأنا أقول انه لولا اهتمام الأردن والولاية الأردنية على المقدسات الإسلامية والمسيحية لحدث فراغ، لأن السلطة الفلسطينية ليس لها أي وجود على أرض الواقع في القدس، فإسرائيل تمنع أي عمل فلسطيني، حتى بيت الشرق أغلق، فلولا هذه الولاية الأردنية على المقدسات لحدث فراغ ودخلت وزارة الشؤون الدينية الإسرائيلية واستولت على المسجد الأقصى وعلى كل المقدسات الإسلامية والمسيحية فيه.

القدس في وضع خطير للغاية، هناك تهجير لأبنائها، وعمليات تطهير عرقي، يستولون على بيوت أبناء القدس، ويأتون باليهود لإسكانهم في بيوت أهالي القدس، ويهدمون البيوت، والشيء الخطير كذلك أنه يمنع الصلاة في المسجد الأقصى، لا يوجد مكان في العالم، مسجد أو كنيسة يحدد أعمار من يسمح لهم بالصلاة فيه، لا يوجد مكان عبادة في العالم يعتقل المصلي حينما يأتي للصلاة فيه، إلا المسجد الأقصى، فإسرائيل تسعى لقطع الصلة بين القدس وبين المسلمين والمسيحيين، القدس كما قلنا هي المسجد الأقصى محور معجزة الإسراء والمعراج، جزء من عقيدة الأمة حادثة الإسراء والمعراج، فهي معجزة والمعجزة عقيدة، ومن ينكر هذه المعجزة يكفر ويخرج عن الملة، ومن يتهاون في الدفاع عنها فهو متهاون في أمر دينه، وكذلك كنيسة القيامة، فلها شأن هام في عقيدة كل الطوائف المسيحية في العالم، أكثر من ملياري مسيحي في العالم، ومليار ونصف مليار مسلم أو أكثر، أي أكثر من نصف سكان العالم ترتبط القدس بعقيدتهم، أين هم؟.

أراد الله سبحانه وتعالى لهذه المدينة المقدسة أن تكون رمزا للتعددية الدينية. أنا كمسلم لا أتصور القدس دون كنيسة القيامة ودون المسيحيين، فلهذا سيدنا عمر بن الخطاب عندما جاء إلى القدس خرج إليها ولم يخرج لأي مدينة في العالم سواها. كان الفتح الإسلامي في كل مكان، فجاء إلى القدس، واشترط أن يسلمها لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكانة القدس الدينية والروحية والعالمية والإنسانية والحضارية، وكتب سيدنا عمر بن الخطاب العهدة العمرية، حيث اشترط على المسلمين كيف يتعاملون مع المسيحيين في القدس، وهذا دستور، وثيقة أمن وسلام، نحن نعمل بها حتى الآن وسنبقى نعمل بها إلى يوم الدين في العلاقة بين المسلمين والمسيحيين. وأعتقد أن المنطقة الوحيدة التي بها علاقة تعايش نموذجي بين المسلمين والمسيحيين في العالم هي هذه الديار المقدسة، في الأردن وفي فلسطين وفي القدس.

زيارة القدس

بين «الرباط» و«التطبيع»

الدستور: موضوع الزيارات للقدس، هل هي نوع من أنواع التطبيع، أم أن منعها يلبي رغبة إسرائيلية بطريقة غير مباشرة في منع المسلمين من الوصول إلى المدينة المقدسة؟

التميمي: يمكن أن تكون الزيارة تطبيعا، ويمكن أن تكون زيارة رباط في سبيل الله ودعم صمود أهل القدس، بحسب نية الزائر، وما سيقوم به.

الفتوى هي إنزال الحكم الشرعي على الواقع، فيجب أن نعرف واقع القدس، والزائر للقدس ماذا سيفعل في القدس حتى نقول عن عمله انه حرام أو حلال.. واقع القدس كما بيّنا، القدس عزلت عن محيطها الفلسطيني، وهي تعتمد في اقتصادها على أبناء فلسطين، يأتون للتسوق من أسواقها ويأتون للصلاة في مسجدها وكنيستها.

حينما تصب هذه الشرايين في القدس، حينما تقطع هذه الشرايين عن القلب، فالنتيجة حتمية وهي أن القدس ستموت.

في المقابل، هناك مشروع صهيوني لإحلال اليهود في القدس مكان أبناء القدس الأصليين، ومنع أبناء الضفة الغربية والقرى المجاورة للقدس من دخولها للتسوق في أسواقها، فالنتيجة الحتمية هنا أن الوضع الاقتصادي أصبح سيئا للغاية. أنا أقول على ضوء ما شرحت، اننا عند الفتوى أولاً يجب أن نحدد ونشخص واقع القدس، حيث نمنع من الصلاة في مسجدها، وقد عزلت القدس عن محيطها الفلسطيني. حتى المجاور للمسجد الأقصى، إذا كان عمره أقل من 50 عاماً لا يسمح له بالصلاة في القدس، بينما الجماعات اليهودية المتطرفة تدخل يومياً وتصلي صلوات تلموذية في ساحات المسجد الأقصى، هل نترك القدس لقمة سائغة لليهود، أم نفعّل ما أمرنا به صلى الله عليه وسلم «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى».. أمرنا بشد الرحال إلى المسجد الأقصى، نعم، صلى النبي صلى الله عليه وسلم بكل الأنبياء والمرسلين في المسجد الأقصى ليلة الإسراء والمعراج، إذن، أناشد الأمة بكاملها لكي تشد الرحال إلى المسجد الأقصى، أن تتوجه للقدس بنية الرباط والصلاة في مسجدها أو في كنيستها من المسيحيين، ودعم صمود أهلها بالشراء من أسواق القدس، أسواق أبناء القدس، والمبيت في فنادقهم لدعم صمودهم حتى يستطيعوا أن يواجهوا هذه المخططات الصهيونية.

الأمة تخلت عنا، إذن، لم يبق أمامنا إلا أن ندعم صمود الفلسطيني المقدسي الذي يواجه مخططات إسرائيل بصدر عار، لا حول له ولا قوة إلا هذا الثبات.

حتى نشخص وتكون الفتوى واضحة المعالم، نقول انه صحيح أن البعض يقول بأن هذا تطبيع مع الاحتلال، وأقول ان الفتوى يجب أولاً أن تنزل على الواقع، وتعرف ما هو. أقول انه يجب ألا نتعامل مع الاحتلال، ولكن الاحتلال مستريح لهذا الأمر لأن القدس لم يبق فيها على ضوء إجراءات الاحتلال إلا اليهود، والمشروع الصهيوني والمخطط أن يكون عدد سكان اليهود في القدس مليون يهودي، فكيف سنجعل هناك وجودا إسلاميا أو عربيا في القدس؟ والبقية الباقية من سكان القدس كيف يمكن أن يدعموا؟.

أقول ان هذه القدس ليست للفلسطينيين، وليست للعرب فقط، وليست للمسلمين فقط، وإنما للمسلمين والمسيحيين، والقدس لها بعد عالمي، القدس تضم كنوزا إنسانية وحضارية، تعمل إسرائيل الآن على طمسها وتهويدها وإلغائها. في كل يوم هناك هدم للمباني والعمائر التاريخية والأثرية في القدس. أنا أضرب مثالا، فالقدس كانت تحت الاحتلال الصليبي لسنوات طويلة، أين فتاوى العلماء، حيث كان بها العز بن عبدالسلام سلطان العلماء، وكان بها أبو حامد الغزالي وابن تيمية، هل حرموا على المسلمين دخول القدس، فهؤلاء أعلام في تاريخ الأمة الإسلامية، ولم يقولوا بأنهم لن يدخلوا القدس طالما أنها تحت الحكم الصليبي، بل بالعكس، أبو حامد الغزالي عندما دخل القدس وهي تحت الاحتلال الصليبي دخل من باب الأسباط، ورأى 360 حلقة علم في ساحات المسجد الأقصى وأصبح يبكي، حيث قال انه رأى أن إقبال الناس على العلم انخفض. لماذا هؤلاء العلماء الأعلام لم يحرموا على المسلمين دخول القدس وهي تحت الاحتلال الصليبي.. الجزائر كانت تحت الاحتلال الفرنسي أكثر من 130 عاما، ولم نسمع من أحد العلماء بأنه لا يجوز دخول الجزائر لأنها تحت الاحتلال، فأقول انه يمكن أن يكون هذا تطبيعا، إذا ذهبنا إلى المحتلين، وعقدنا معهم اتفاقيات تجارية، واقتصادية..الخ، أما حينما نذهب كمسلمين للصلاة في المسجد الأقصى وبنية الرباط ودعم صمود أهل القدس، فأقول ان هذا واجب، وأقول انه يجب على العلماء أن تكون فيهم الشجاعة وألا يرددوا ما يسمعون، فالقدس تضيع من بين أيدينا، وهي مستباحة لليهود، ومستباحة للغرباء، هل نحرمها على أبنائها وعلى المسلمين والمسيحيين، بالعكس، أعتقد أن هذا الامر يساعد المخططات الصهيونية بتهويدها، فهناك مخطط صهيوني للحوض المقدس، وهي البلدة القديمة التي تضم كل التراث الإنساني، المسجد الأقصى وكنيسة القيامة والعمائر والمباني التاريخية.. إسرائيل تعمل على تهويدها بشكل كامل، تحويل هذا الحوض المقدس إلى مدينة يهودية مقدسة، هكذا أعلنوا وهناك مخطط ينفذ الآن.

أقول إنه يجب، إذا كان هناك فتوى، أن نعيد النظر بها، وأن تتولى أمور الفتوى فيما يتعلق بالقدس أعلى المراجع الدينية الإسلامية، وليس فتوى من هنا أو من هناك. أقول ان وضع القدس يحتاج لدعم عربي وإسلامي كامل.

مشروع الوطن البديل

الدستور: حدثنا عن مشروع الوطن البديل، والفلسطينيين في الخارج، ما هو ردهم على ذلك، وثانياً دور الولاية الدينية لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في الأردن في إدارة وحماية المقدسات الإسلامية في القدس؟

التميمي: الوطن البديل فكرة صهيونية خبيثة، وأعتقد أنه لا يوجد فلسطيني على الأرض يؤمن بها، بل بالعكس كل من يفكر بها هو خائن للقضية الفلسطينية. الوطن البديل يعني تصفية القضية الفلسطينية، أي طرد أبناء فلسطين من بلادهم. وأقول ان كل فلسطيني سواء داخل فلسطين أو خارجها وكذلك القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس يحاربون هذه الفكرة بكل ما أوتوا من قوة. ونحن كشعب فلسطيني سواء في فلسطين أو في أي مكان في العالم أو هنا في المخيمات في الأردن، نحرص على الأردن، وعلى هذا الكيان، وعلى هذا البلد العزيز علينا الذي استضاف جزءا كبيرا من أبناء شعبنا الذين طردوا من أرضهم بقوة السلاح، ونحن نهتم بأن نكون عامل أمن واستقرار وهدوء وطمأنينة في هذا البلد، لأن هذا البلد وفر لنا ولإخواننا الذين سكنوا فيه كل الظروف المناسبة إذا ما قورنت ببلدان أخرى، فالوفاء منا يقتضي لهذا البلد المضياف أن نعمل على استقراره وأن نحارب كل فكرة تنال منه أو من سيادته. أنا أكرر وأقول ان الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين.

بالنسبة لولاية وزارة الأوقاف الأردنية على المقدسات في القدس، ذكرت في حديثي أنه لولا هذه الولاية لحدث فراغ، ولجاءت وزارة الأديان اليهودية واستولت على كل المقدسات وفرضت عليها إدارتها وأصبحت تعيّن الخطباء والأئمة وتمنع المصلين..الخ، ولاستولت عليها بشكل كامل، ولسهل عليها تنفيذ مخططاتها في القدس وفي المسجد الأقصى.

دعوى إسرائيلية لاعتماد القدس عاصمة للشعوب اليهودية

الدستور: بالنسبة للدعوى التي بدأت تحركها إسرائيل لاعتماد القدس عاصمة للشعوب اليهودية في العالم، هل هناك حراك فلسطيني دولي عربي في مواجهة هذا المخطط وهذه الدعوى التي بدأت تسخن هذه الأيام؟

التميمي: الرئيس محمود عباس استشعر هذا الخطر، فلهذا لجأ إلى الأمم المتحدة لاستصدار قرار من مجلس الأمن لتكون فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة، والقدس عاصمة لها.

تعرفون تأثير اللوبي الصهيوني على الإدارة الأميركية، ولكن العالم كله صوت لصالح هذا القرار، فلم يبق إلا إسرائيل وأميركا في الموضوع، طبعاً إسرائيل منذ زمن بعيد تعمل على أن تنقل سفارات الدول الغربية وخاصة أميركا إلى القدس، وهذا تكريس لما تدعو إليه حكومات إسرائيل المتعاقبة بأن القدس عاصمة إسرائيل الأبدية، او الموحدة. وأنا أقول ان نجاح هذا المشروع أو إفشاله يعتمد على التحرك العربي والإسلامي، تأثير العرب أو مليار ونصف مليار مسلم في العالم أو بابا الفاتيكان، لأن القدس كما قلنا لها شأن في الدين المسيحي، إذا تحركنا تحركا سليما وممنهجا سنفشل كل مخططات إسرائيل بما يتعلق بالقدس، ليس فقط اعتبارها عاصمة موحدة لإسرائيل، وإنما كذلك الوجود اليهودي في القدس، ولكن للأسف أنا غير متفائل لأن هناك صمتا، والكل يسعى لإرضاء أميركا ولعدم إغضاب إسرائيل.

وأقول ان عزة وكرامة الأمة هي بإنقاذ القدس، وانحطاط الامة وان تكون في ذل وهوان بضياع القدس. إذا بحثت الأمة عن مجدها وعزتها وكرامتها فهذه هي القدس، وإذا أرادت أن تبقى في ذل وهوان فلتترك القدس لليهود. وأقول وأؤكد أن مركز الصراع هو القدس.

أيادي الأردن البيضاء

الدستور: ماذا عن المخطط الأردني الجديد لمشروع باب المغاربة، الذي يتضمن أن تقوم المملكة بعرضه على اليونسكو، ويهدف إلى الحفاظ على مكانة الباب وعلى عروبة القدس بأكملها؟.. ثانياً نريد أن تحدثنا عن الدعم الملكي الهاشمي للقدس، المتمثل بإعمار المسجد الأقصى على ثلاث مراحل متتالية، ودور اللجنة الملكية للإعمار هناك، والمشاريع التي قامت بها خلال الفترة الأخيرة في القدس.

التميمي: أيادي الأردن البيضاء يلمسها كل زائر للمسجد الأقصى، فهناك لجنة ملكية لإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، ونعرف أن جلالة المغفور له الملك الحسين قام بإعادة إعمار قبة الصخرة على نفقته الخاصة، وهناك مراحل عديدة نفذت من قبل المملكة لإعمار المسجد الأقصى، والإعمار مستمر لم يتوقف، وهناك الآلاف من الموظفين في المسجد الأقصى تقوم الحكومة الأردنية بالانفاق عليهم، دفع رواتبهم وكل ما يتعلق بإدارة شأن المسجد الأقصى المبارك، وأعرف أن هناك مخططات أردنية كثيرة سواء في باب المغاربة أو في أماكن أخرى، ليس في المسجد الأقصى فقط، بل أيضاً في البلدة القديمة لإعمار المباني التاريخية والعمائر الأثرية، ولكن العقبة في تنفيذ هذه المخططات هي الاحتلال، الاحتلال يمنع دخول مواد البناء إلى المسجد الأقصى، فلو أتيح للمملكة الأردنية الهاشمية أن تنفذ المخططات التي ذكرت لإعمار باب المغاربة، فهي لديها الإمكانيات المادية والفنية لإعادة تعمير منطقة باب المغاربة.. لكننا نعلم بأن الحكومة تشترط أن تعود مفاتيح الباب إلى دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، أما أن تعمر للإسرائيليين فأعتقد أن هذا لا يمكن أن يكون.

وأنا بصفتي أمين سر الهيئة الإسلامية في القدس، أقول بأن الحكومة الأردنية تعمل بشكل متواصل وتستعمل كل إمكانياتها السياسية للدفاع عن المسجد الأقصى وعن مكانته، ولكن يدا واحدة لا تصفق، فالأردن يقوم بواجبه لكن على العرب والمسلمين كذلك أن يساندوه، وهناك تنسيق كامل وتام بين السلطة الوطنية الفلسطينية وبين المملكة الأردنية الهاشمية بهذا الشأن.

عضوية «اليونسكو»

وخطر الاستيطان

الدستور: بعد قبول عضوية فلسطين في «اليونسكو»، ما هي مخططاتكم للحشد ضد تهويد القدس أو ضد الإجراءات الإسرائيلية في القدس؟.. ثانياً: بالنسبة لمخطوطات البحر الميت وادعاء إسرائيل بسرقتها، هل لديكم أي شيء حول هذه المخطوطات؟.. ثالثاً: ماذا عن حجم الاستيطان والمصادرات التي تعرضت لها مدينة القدس رقمياً، وأي مناطق مهددة الآن أكثر من الأخرى حول المدينة؟

التميمي: بالنسبة لليونسكو، معروف أنها منظمة تابعة لهيئة الأمم المتحدة تعنى بالثقافة والعلوم والآثار والمعالم التاريخية والدينية في العالم، وحينما كانت القدس تتعرض لأي عدوان إسرائيلي أو أي أثر من آثارها أو أي مبنى من مبانيها، وخاصة المسجد الأقصى، كنا نخاطب اليونسكو، لأن هذا اختصاصها واهتمامها، لكن، للأسف كان موقفها دائماً سلبيا، لأن إسرائيل كانت تسيطر عليها.

الأردن نجح منذ الثمانينيات، وهو عضو في اليونسكو، بوضع القدس والمسجد الأقصى على قائمة التراث العالمي، وأن القدس والمسجد الأقصى مهددان بالخطر من قبل الاحتلال، ووجود فلسطين الآن كذلك في منظمة اليونسكو يساعد على أن نطرح قضايا القدس بالتعاون مع الأردن والدول العربية والإسلامية الأعضاء في اليونسكو، فهذا يساعد لمحاولة إصدار قرارات، محاولة أن يكون لليونسكو دور أكبر في الدفاع عن هذه الحضارة الإنسانية، والتراث العالمي، فهناك تراث روماني وبيزنطي وإسلامي ومسيحي من عصور متعاقبة، وإسرائيل تعمل على طمس هذا التراث وإلغائه، وأن يكون هناك حضارة مزيفة ومزورة هي حضارة يهودية.

بالنسبة لمخطوطات البحر الميت، فليس لدي معلومات وافية عنها.

أما بالنسبة للاستيطان، فأريد أن أشبهه بسرطان ينتشر في أنحاء الجسم بشكل كامل، في كل مكان في القدس نجد هناك بؤرا استيطانية. هناك مدن استيطانية حول القدس، أراض عربية فلسطينية صودرت وبنيت عليها المستوطنات، وفي داخل المدينة أحياء كاملة استيطانية، وفي الحوض المقدس، وهي البلدة القديمة أكثر من 80 بؤرة استيطانية، واكثر من 270 كنيسا داخل الحوض المقدس وفي المدينة المقدسة بنيت مؤخراً، وكنيس الخراب الذي افتتح في آذار 2010 يعتبر من أكبر الكنس في العالم، قبة هذا الكنيس تضاهي قبة الصخرة، فهناك تغيير لمعالم المدينة لتحويلها إلى مدينة يهودية، والأمة الإسلامية بملياراتها لم تقم بعمل شيء للقدس.

دور رئيس لعرب الـ»48»

الدستور: سمعتم عن توجه دولي لتسيير مسيرة مليونية باتجاه القدس للفت الأنظار للمدينة المقدسة وما تتعرض له من تهويد، فما رأيكم في هذه المسيرة، لا سيما أنه سيشارك بها متضامنون أجانب، وسيكون بمناسبة يوم الأرض حراك من داخل الأراضي المحتلة؟.. ثانياً: ما دور عرب الـ48 في دعم القدس ودعم صمود أهلها، والشيخ رائد صلاح والدور الذي قام به على هذا الصعيد؟.. ثالثاً: نريد التطرق لموضوع المصالحة الفلسطينية وتأثيرها على القدس، خاصة أن إسرائيل تهدد بأنها لن تتعامل مع أي حكومة تبنى على أساس المصالحة.

التميمي: بالنسبة للسؤال الثالث، لا شك أن إسرائيل استفادت من الانقسام، وإسرائيل تعتمد على الفرقة بين أبناء الشعب الفلسطيني، وهكذا كل احتلال أو استعمار يعتمد على بذر بذور الفتن والفرقة بين أبناء الشعب الواحد، فهذا شعار عند كل محتل ومستعمر، فقد استفادت إسرائيل من الفرقة، ونأمل أن تتم المصالحة، فهناك إجراءات عملية وجدية لتنفيذ بنودها، وهي الرد الوحيد والأقوى في مواجهة مخططات إسرائيل، فيجب أن نكون جميعاً في خندق واحد، للدفاع فلسطين من الاحتلال، فهذا احتلال ليس له مثيل في العالم، فإذا لم نوحد الجهود ونكون على قلب رجل واحد فإسرائيل ستستفيد من ذلك، وأعتقد أن الكل الآن يعرف أن مصلحة الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية أن نكون جميعاً في خندق واحد، وأعتقد أن قطار المصالحة انطلق ولن يقف.

أما بالنسبة للمسيرة المليونية، فان أي تحرك عالمي أو عربي او إسلامي باسم القدس هو في مصلحة القدس وضد مصلحة المخططات الإسرائيلية.

وأما أهلنا في الـ»48» فقد قاموا بدور هام، لأنهم يحملون البطاقات الإسرائيلية، فلا تستطيع إسرائيل ان تمنعهم من الوصول إلى المسجد الأقصى، وقد قاموا بدور هام في الدفاع عن المسجد الأقصى وهم ينظمون حملات أسبوعية يوم السبت وغيره، مسيرة البيارق، ويأتون للصلاة في المسجد الأقصى والتسوق من أسواقها، فهذا دور هام في الدفاع عن هوية القدس وعن عروبتها وعن إسلاميتها وعن المسجد الأقصى.

تهويد المسجد الإبراهيمي

الدستور: مخططات التهويد للمسجد الإبراهيمي، نريد أن تضعنا في صورتها، وما هي مخاوفكم؟

التميمي: حينما أعلن نتنياهو وضع الحرم الإبراهيمي على قائمة التراث الديني اليهودي تحركنا، وجاءت الوفود من كل مكان في الضفة الغربية للتضامن معنا، وألقيت خطبة وتكلمت عن أبعاد هذه المؤامرة، وهي تحويل الحرم الإبراهيمي إلى كنيس، وخرجنا بمظاهرة سلمية، وأعتقد أنكم تابعتم ذلك، فضابط إسرائيلي واجهنا ووضع قنبلة غاز في وجهي محاولاً اغتيالي، وقد دخلت في غيبوبة أكثر من خمس ساعات، وقال لي الطبيب المختص في المستشفى الأهلي في الخليل بأنه لو كان لدي مشكلة في القلب أو في التنفس لاستشهدت، وقد كانت هذه أمنيتي، ولكن الله لم يرد ذلك.

المخطط الإسرائيلي في الخليل لا يقل عن المخطط في القدس، وهم يعتبرون أن الخليل أقدس المدن لديهم، ويعتبرون الحرم الإبراهيمي كنيسا لليهود، وهذا مغاير للحقيقة، فهو تزوير للحقيقة وللتاريخ وللعقيدة، لأن اليهود لا أثر لهم لا في الخليل ولا في القدس.

الحرم الإبراهيمي يعتبر من الأهمية رابع مسجد في العالم الإسلامي. إسرائيل بعد المجزرة الشهيرة التي ارتكبت عام 1994 في ساحات المسجد الإبراهيمي استطاعت أن تستولي على أكثر من ثلثي الحرم، بحجة حماية اليهود. واليهود يأتون بعشرات الألوف في أعيادهم إلى الخليل، وإسرائيل هوّدت قلب مدينة الخليل، وأنا أخشى أن يحدث ما حدث في الخليل في القدس أو في الحرم. هناك أيام نمنع فيها من دخول المسجد الإبراهيمي بالمطلق، وبمناسبة وغير مناسبة يغلقون الحرم الإبراهيمي أمام المصلين، ويمنعون رفع الأذان على مآذنه، ويعتبرونه كنيسا يهوديا.. هودوا أجزاء منه ويحاولون تحويله إلى كنيس.

أعتقد أن اتفاقية الخليل كانت اتفاقية جائرة يجب أن يعاد النظر فيها. اتفاقية الخليل التي قسمت الخليل إلى H1 وH2، جعلت السيطرة الأمنية على مركز المدينة، وهي مدينة الآباء والاجداد، المدينة القديمة تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية بما فيها الحرم، فيجب أن يعاد النظر في اتفاقية الخليل، لأن هذه الاتفاقية ظالمة وفيها تضييع للتراث والتاريخ والحرم الإبراهيمي الشريف. فلا يمكن أن نتخلى عن تاريخنا وعن تراثنا وعن ديننا وعن عقيدتنا.

نداء إلى الأمة

الدستور: نريد أن نختتم برسالة أو صرخة للأمتين العربية والإسلامية والعالم بشأن القدس؟

التميمي: أوجه من على هذا المنبر الذي أعتز به، نداء للأمة الإسلامية والعربية، أنتم الآن تمتحنون في دينكم وفي عقيدتكم وفي شرفكم وفي كرامتكم، إما أن تدافعوا عن مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، عن أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، وأن تستعيدوا مكانة هذه الأمة بالحفاظ على هذه المدينة المقدسة، وإما أن يلحق بكم العار إلى يوم الدين.

[angelالمدير العام]

الشيخ التميمي : أغيثوا القدس قبل أن يلحق العار بالأمة