- angelالمدير العام
- عدد المساهمات : 8871
نقاط : 14094
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 27/10/2011
الموقع : عمان
المزاج : إذا ضبطت نفسك متلبساً بالغيرة "على " إنسان ما فتفقد أحاسيسك جيداً فقد تكون في حالة " حب " وأنت "لا تعلم"..
«الدستور» تحكي من بيت لحم قصة وطن مسلوب يبدو دائما أجمل
الثلاثاء ديسمبر 27, 2011 8:02 pm
نحمي عشقنا لفلسطين لإيماننا المطلق بأن الحق سيعود يوما لأصحابه، وأن خارطة العالم ستضم يوما من الايام هذا الاسم لهذه الدولة رضي المحتلون ام رفضوا، سنجدها يوما بحتمية الاصرار دولة مستقلة على ترابها الوطني، فالعواصف تقتلع الاشجار لكنها لا تقضي على البذور التي ستنبت من جديد أشجار الوجود.
هذا العشق يكبر وينمو مع الايام، ويأخذ مناحي جديدة مختلفة، لعلها أكثر وعيا بواقع الحال، لكنها أكثر وجعا من الماضي، لا سيما أن أنين فلسطين بات مؤلما، وصوتها يخترق كل جدران الصمت، منادية عن منقذ لها ليمنحها حرية طال انتظارها. الحديث عن فلسطين وقراءة كتب التاريخ والجغرافيا عنها، وحتى رؤيتها يوميا على شاشات التلفاز، ليس كمن يدخلها، ويتنفس من هوائها، ويتذوق من طعامها الذي لا توازيه لذة بين أطعمة الدنيا.. أن تلمس قدماك أرض فلسطين حتما حال مختلف، يحتاج منك وقفة تأمل لقصة وطن مسلوب لكنه يبدو دائما هو الأجمل.
لم يكن سهلا أن أستقبل نبأ ذهابي الى فلسطين، كما لم يكن سهلا وأنا أدخل الأراضي الفلسطينية، ذلك أنه بمجرد دخولك الاراضي الفلسطينية يواجهك علم إسرائيل وأجواء الاحتلال بكل تفاصيلها.. حقيقة تؤلمنا جميعا لكننا نتعايش معها من أجل حلمنا.
«رحلتي الى فلسطين» عنوان لحالة وليس لموضوع، نحاول أن ننقل جزءا من روعة المكان والزمان عبر «الدستور» حيث بدأت خطواتنا عند استقبال هاتف وزارة الخارجية للذهاب الى مدينة بيت لحم، التي زارها مندوبا عن جلالة الملك عبدالله الثاني وزير الخارجية ناصر جودة، للمشاركة في احتفالات الطوائف المسيحية بعيد الميلاد المجيد، تخللها تفاصيل سياسية ودينية وعاطفية واجتماعية كان أساسها للقيادة والشعب الفلسطيني أن الاردن هو المدخل الوحيد لهم نحو تحقيق ما يسعون له من حرية وسلام واستقرار.
تتسارع نبضات القلب لي ولزملائي كلما اقتربت بنا الحافلة نحو جسر الملك حسين، حيث تقترب منا نسائم فلسطين. قطعنا الجسر بعد استقبال من جنود الوطن، جنود الاردن الذين يقدمون يومهم وحياتهم كاملة على هذه الحدود الاكثر حساسية حماية لأمة كاملة وليس لوطن وحده، وسارت بنا الحافلة لندخل فلسطين، هذا الحلم الذي بات يحتل فينا جميعا المساحة الاكبر للغد العربي.
حالة نادرة إعلاميا وعاطفيا ومهنيا عشناها في تلك اللحظات، تمنيت لو أن الزمن يحنّط اللحظة وألا تتحرك، وتطول ساعتها لتبقى خالدة في ذهني وقلبي. سرنا نحو القدس، هذه المدينة التي تبكي لها قلوب الدنيا وهي أسيرة احتلال، ومؤامرة وكابوس، فإسرائيل عازمة على إفقادها هويتها، لا سيما مناطقها الجديدة، ليبقى «الاقصى» صامدا يتحصن بمواقف الاردن معه ودفاعه الدائم عنه في محافل العالم كافة.
وأنت في القدس تجد نفسك أمام واقع واحد، أن الحق حتى يتحقق يلزمه شخصان، الاول ينطق به، والآخر يطبقه، وهذا ما تنتظره هذه المدينة الاسيرة. عشرات السنين وهي تنطق بالحق، لكن للأسف لا أحد يسمعها ويطبق ما تنادي به، فهي تنتهك وتهوّد، وتمحى معالمها، والاقصى يتعرض لعملية تدمير على مراحل، وهي تقف وحدها تواجه هذا الواقع المرير، ولولا الرعاية الاردنية للمقدسات لكانت معالم المدينة الدينية دمرت منذ سنين كما تدمر عروبتها.
تسير الحافلة باتجاه بيت لحم، قاطعة شوارع القدس الواسعة والتي أسست فيها اسرائيل لحالة وليس لبنية تحتية، وعن بعد نرى سور الاقصى.. في هذه الاثناء نبحث عن كلمة لاسم مدينة او قرية فلسطينية باللغة العربية او حتى بمعنى عربي لكننا لا نجد ذلك بالمطلق.. أي لوحة تحمل شيئا من هذا القبيل، ذلك أن اللوحات الارشادية و»الآرمات» الموزعة في الشوارع كلها تحمل أسماء عبرية باللغة والمعنى، في محاولة اسرائيلية لطمس فلسطين، مدنها وتاريخها، وبالتالي القضاء على مستقبلها.
لا يمكنك أن تعرف أين أنت، ولا يمكنك أن تعرف من أي مدينة أو قرية مرت بك الحافلة. نسمع أننا عبرنا بالقرب من اريحا، وعلى بعد أمتار الخليل، ورام الله وبيت لحم، تليها بأمتار أبعد نابلس، وغيرها من مدن فلسطين، لكن بالمقابل لا يوجد أي «آرمة» ترشدك لذلك، فكل الاسماء الموجودة عليها كلها لمناطق عبرية بأسماء عبرية، تدق للعالم ناقوس الخطر، بأن فلسطين والقدس في طريق التهويد والزوال.
تسير في تلك الشوارع الواسعة، يرافق صوت الأمطار وهي تتساقط بغزارة على زجاج الحافلة، أنين فلسطين والقدس، فعلى الرغم من الايمان بغد أفضل، وأن هذه حقيقة مؤكدة، فإن هذه غدت حقيقة أتعبها الترحال عبر سنين الانتظار.
حاولت عدسات كاميراتنا التقاط صورة واضحة للاقصى، أو حتى لأسواره، لكن، للأسف، كانت اللحظة أسرع من الصورة، لتضيع الكثير من الصور، ولم نتمكن من التقاط أي صورة للمكان الذي لا بد من تخليده، وإلا فإن المؤامرة الاسرائيلية ستوصله الى ضياع للحقيقة وليس للصورة فحسب.
بدأت ساعات الليل تداهمنا ونحن نقترب من مدينة بيت لحم، مدينة السلام والهدوء. ومن عتمة المكان تطل علينا هذه المدينة التي زينتها الاضواء بكل شوارعها وزقاقها، ومنازلها، تنتزع عيدها وفرحها، رغم الاحتلال ومفاجأته التي تسعى في الغالب لزعزعة الأمن واغتيال الفرحة.
بمجرد دخولك هذه المدينة المشرقة، رغم أننا وصلنا لها في ساعات الليل، فإنها مشرقة وكأن شمس الظهيرة في أوجها، تشعر بحالة فرح مختلفة، وكأنك دخلت بيتا وليس مدينة، لما تتمتع به من دفء خاص، وتشعر بأن الفرح فيها «فعل مقاومة» لكنه موجود تعيشه وتشعر به في عيون أطفال وشباب هذه المدينة لتشعر بالفعل بأنك تعيش عيدا مختلفا بحميمية المكان وحالة السلام الديني الذي يحيط بهذه المدينة.
في هذه الاثناء، سارعنا لالتقاط صور المدينة التي كانت تستضيف آلاف الحجاج المسيحيين، وامتلأت ساحاتها بهم، وتحديدا ساحة كنسية المهد، التي كانت مختلفة أقصى حدود الاختلاف، وبدأنا نتسابق بالتقاط «صور اللحظة»، لقناعتنا أنه لن يبقى لنا من كل هذه التفاصيل سوى الصورة.
وحتى في هذه الظروف لم تبتعد مؤامرات إسرائيل عن المشهد، إذ يحدثنا الفلسطينيون بأن كل الحجاج الاجانب الذين يزورون فلسطين خلال هذه الفترة الزمنية تلتقطهم إسرائيل للاقامة في فنادقها وفي المناطق التابعة لها، وتكتفي بارسالهم لقضاء ليلة العيد المجيد فقط في بيت لحم، لتنزع بذلك أي فائدة من هذا الموسم المهم بالنسبة للمدينة والفلسطينيين بشكل عام.
خلال تجوالنا في شوارع مدينة السلام، ورغم هطول الامطار بكثافة، كانت أصوات الترحيب بالاردنيين تعلو من كل صوب، مع التأكيد على أنه من الاردن يأتي الامل، والجميع في هذه المدينة وغيرها من مدن فلسطين يعيشون وفق ما رواه المتحدثون لـ»الدستور» قناعة واحدة بأن طوق النجاة سيكون من الاردن الذي لم يترك مناسبة الا وجعل فيها فلسطين حاضرة بها، مطالبا بحقوق مسلوبة وأراض محتلة.
في بيت لحم تذوقنا طعم الكرم الفلسطيني، ولذة الطعام الذي أعد لنا في قصر الرئاسة الفلسطينية، وكان لكل شيء نكهة خاصة، حتى رغيف الخبز، كان بنكهة الوطن والصمود ولقمة العيش التي يسبقها قصة نضال حتى تصل للمواطن الفلسطيني.
في ساحة كنيسة المهد ورغم حالة الطقس البارد والماطر، فإن الاطفال والكهول والنساء والرجال، مسلمين ومسيحيين، يتجمهرون في الساحة، احتفالا بالعيد واللحظة والأمن الذي يحلمون به، وتسمع كلمات من الاطفال وهم يرددون التراتيل والادعية على اختلاف أحلامهم، الا أنهم يتفقون على دعاء واحد بأن ينعموا جميعا بنعمة الامن، فكلهم مسكونون بالأوجاع ذاتها.
ما من شك أني أجد نفسي أمام عبثية لغوية وأنا أبحث عن كلمات ألخّص بها زيارة الى فلسطين استمرت يومين، عشنا خلالها أنماطا متداخلة من الفرح والحزن والخوف، ولعل الخروج من مثل هذه المواقف بخسائر كبيرة أفضل بكثير من المكاسب الصغيرة، ففلسطين تعيش حالة تحتاج الى العرب، يقودون القضية الى مكاسب كبيرة.. إنها تحتاج لإنقاذ قبلة المسلمين الاولى، أن تكون الامة العربية حاضرة يوميا في شوارع فلسطين والقدس من خلال الوفود السياحية والدينية لنخرجها من عزلتها التي تستفرد بها إسرائيل وتستثمرها لتهويدها.
طريق العودة كانت تحمل دموعا مؤجلة، لكنها خلقت أحلاما قد تتحقق وقد لا تتحقق، نستمد فيها أمل العودة الى فلسطين من حلم الفلسطينيين أنفسهم بحرية قادمة، معلقين آمالهم بالاردن، قيادته وحكومته وشعبه، بتقديم وصفة آمنة تخرجهم من أزماتهم.
هي فلسطين، تبقى حالة عشقها في قلوبنا، ويبقى صوت أطفالها في آذاننا، ينادي بالحرية والأمن.
هذا العشق يكبر وينمو مع الايام، ويأخذ مناحي جديدة مختلفة، لعلها أكثر وعيا بواقع الحال، لكنها أكثر وجعا من الماضي، لا سيما أن أنين فلسطين بات مؤلما، وصوتها يخترق كل جدران الصمت، منادية عن منقذ لها ليمنحها حرية طال انتظارها. الحديث عن فلسطين وقراءة كتب التاريخ والجغرافيا عنها، وحتى رؤيتها يوميا على شاشات التلفاز، ليس كمن يدخلها، ويتنفس من هوائها، ويتذوق من طعامها الذي لا توازيه لذة بين أطعمة الدنيا.. أن تلمس قدماك أرض فلسطين حتما حال مختلف، يحتاج منك وقفة تأمل لقصة وطن مسلوب لكنه يبدو دائما هو الأجمل.
لم يكن سهلا أن أستقبل نبأ ذهابي الى فلسطين، كما لم يكن سهلا وأنا أدخل الأراضي الفلسطينية، ذلك أنه بمجرد دخولك الاراضي الفلسطينية يواجهك علم إسرائيل وأجواء الاحتلال بكل تفاصيلها.. حقيقة تؤلمنا جميعا لكننا نتعايش معها من أجل حلمنا.
«رحلتي الى فلسطين» عنوان لحالة وليس لموضوع، نحاول أن ننقل جزءا من روعة المكان والزمان عبر «الدستور» حيث بدأت خطواتنا عند استقبال هاتف وزارة الخارجية للذهاب الى مدينة بيت لحم، التي زارها مندوبا عن جلالة الملك عبدالله الثاني وزير الخارجية ناصر جودة، للمشاركة في احتفالات الطوائف المسيحية بعيد الميلاد المجيد، تخللها تفاصيل سياسية ودينية وعاطفية واجتماعية كان أساسها للقيادة والشعب الفلسطيني أن الاردن هو المدخل الوحيد لهم نحو تحقيق ما يسعون له من حرية وسلام واستقرار.
تتسارع نبضات القلب لي ولزملائي كلما اقتربت بنا الحافلة نحو جسر الملك حسين، حيث تقترب منا نسائم فلسطين. قطعنا الجسر بعد استقبال من جنود الوطن، جنود الاردن الذين يقدمون يومهم وحياتهم كاملة على هذه الحدود الاكثر حساسية حماية لأمة كاملة وليس لوطن وحده، وسارت بنا الحافلة لندخل فلسطين، هذا الحلم الذي بات يحتل فينا جميعا المساحة الاكبر للغد العربي.
حالة نادرة إعلاميا وعاطفيا ومهنيا عشناها في تلك اللحظات، تمنيت لو أن الزمن يحنّط اللحظة وألا تتحرك، وتطول ساعتها لتبقى خالدة في ذهني وقلبي. سرنا نحو القدس، هذه المدينة التي تبكي لها قلوب الدنيا وهي أسيرة احتلال، ومؤامرة وكابوس، فإسرائيل عازمة على إفقادها هويتها، لا سيما مناطقها الجديدة، ليبقى «الاقصى» صامدا يتحصن بمواقف الاردن معه ودفاعه الدائم عنه في محافل العالم كافة.
وأنت في القدس تجد نفسك أمام واقع واحد، أن الحق حتى يتحقق يلزمه شخصان، الاول ينطق به، والآخر يطبقه، وهذا ما تنتظره هذه المدينة الاسيرة. عشرات السنين وهي تنطق بالحق، لكن للأسف لا أحد يسمعها ويطبق ما تنادي به، فهي تنتهك وتهوّد، وتمحى معالمها، والاقصى يتعرض لعملية تدمير على مراحل، وهي تقف وحدها تواجه هذا الواقع المرير، ولولا الرعاية الاردنية للمقدسات لكانت معالم المدينة الدينية دمرت منذ سنين كما تدمر عروبتها.
تسير الحافلة باتجاه بيت لحم، قاطعة شوارع القدس الواسعة والتي أسست فيها اسرائيل لحالة وليس لبنية تحتية، وعن بعد نرى سور الاقصى.. في هذه الاثناء نبحث عن كلمة لاسم مدينة او قرية فلسطينية باللغة العربية او حتى بمعنى عربي لكننا لا نجد ذلك بالمطلق.. أي لوحة تحمل شيئا من هذا القبيل، ذلك أن اللوحات الارشادية و»الآرمات» الموزعة في الشوارع كلها تحمل أسماء عبرية باللغة والمعنى، في محاولة اسرائيلية لطمس فلسطين، مدنها وتاريخها، وبالتالي القضاء على مستقبلها.
لا يمكنك أن تعرف أين أنت، ولا يمكنك أن تعرف من أي مدينة أو قرية مرت بك الحافلة. نسمع أننا عبرنا بالقرب من اريحا، وعلى بعد أمتار الخليل، ورام الله وبيت لحم، تليها بأمتار أبعد نابلس، وغيرها من مدن فلسطين، لكن بالمقابل لا يوجد أي «آرمة» ترشدك لذلك، فكل الاسماء الموجودة عليها كلها لمناطق عبرية بأسماء عبرية، تدق للعالم ناقوس الخطر، بأن فلسطين والقدس في طريق التهويد والزوال.
تسير في تلك الشوارع الواسعة، يرافق صوت الأمطار وهي تتساقط بغزارة على زجاج الحافلة، أنين فلسطين والقدس، فعلى الرغم من الايمان بغد أفضل، وأن هذه حقيقة مؤكدة، فإن هذه غدت حقيقة أتعبها الترحال عبر سنين الانتظار.
حاولت عدسات كاميراتنا التقاط صورة واضحة للاقصى، أو حتى لأسواره، لكن، للأسف، كانت اللحظة أسرع من الصورة، لتضيع الكثير من الصور، ولم نتمكن من التقاط أي صورة للمكان الذي لا بد من تخليده، وإلا فإن المؤامرة الاسرائيلية ستوصله الى ضياع للحقيقة وليس للصورة فحسب.
بدأت ساعات الليل تداهمنا ونحن نقترب من مدينة بيت لحم، مدينة السلام والهدوء. ومن عتمة المكان تطل علينا هذه المدينة التي زينتها الاضواء بكل شوارعها وزقاقها، ومنازلها، تنتزع عيدها وفرحها، رغم الاحتلال ومفاجأته التي تسعى في الغالب لزعزعة الأمن واغتيال الفرحة.
بمجرد دخولك هذه المدينة المشرقة، رغم أننا وصلنا لها في ساعات الليل، فإنها مشرقة وكأن شمس الظهيرة في أوجها، تشعر بحالة فرح مختلفة، وكأنك دخلت بيتا وليس مدينة، لما تتمتع به من دفء خاص، وتشعر بأن الفرح فيها «فعل مقاومة» لكنه موجود تعيشه وتشعر به في عيون أطفال وشباب هذه المدينة لتشعر بالفعل بأنك تعيش عيدا مختلفا بحميمية المكان وحالة السلام الديني الذي يحيط بهذه المدينة.
في هذه الاثناء، سارعنا لالتقاط صور المدينة التي كانت تستضيف آلاف الحجاج المسيحيين، وامتلأت ساحاتها بهم، وتحديدا ساحة كنسية المهد، التي كانت مختلفة أقصى حدود الاختلاف، وبدأنا نتسابق بالتقاط «صور اللحظة»، لقناعتنا أنه لن يبقى لنا من كل هذه التفاصيل سوى الصورة.
وحتى في هذه الظروف لم تبتعد مؤامرات إسرائيل عن المشهد، إذ يحدثنا الفلسطينيون بأن كل الحجاج الاجانب الذين يزورون فلسطين خلال هذه الفترة الزمنية تلتقطهم إسرائيل للاقامة في فنادقها وفي المناطق التابعة لها، وتكتفي بارسالهم لقضاء ليلة العيد المجيد فقط في بيت لحم، لتنزع بذلك أي فائدة من هذا الموسم المهم بالنسبة للمدينة والفلسطينيين بشكل عام.
خلال تجوالنا في شوارع مدينة السلام، ورغم هطول الامطار بكثافة، كانت أصوات الترحيب بالاردنيين تعلو من كل صوب، مع التأكيد على أنه من الاردن يأتي الامل، والجميع في هذه المدينة وغيرها من مدن فلسطين يعيشون وفق ما رواه المتحدثون لـ»الدستور» قناعة واحدة بأن طوق النجاة سيكون من الاردن الذي لم يترك مناسبة الا وجعل فيها فلسطين حاضرة بها، مطالبا بحقوق مسلوبة وأراض محتلة.
في بيت لحم تذوقنا طعم الكرم الفلسطيني، ولذة الطعام الذي أعد لنا في قصر الرئاسة الفلسطينية، وكان لكل شيء نكهة خاصة، حتى رغيف الخبز، كان بنكهة الوطن والصمود ولقمة العيش التي يسبقها قصة نضال حتى تصل للمواطن الفلسطيني.
في ساحة كنيسة المهد ورغم حالة الطقس البارد والماطر، فإن الاطفال والكهول والنساء والرجال، مسلمين ومسيحيين، يتجمهرون في الساحة، احتفالا بالعيد واللحظة والأمن الذي يحلمون به، وتسمع كلمات من الاطفال وهم يرددون التراتيل والادعية على اختلاف أحلامهم، الا أنهم يتفقون على دعاء واحد بأن ينعموا جميعا بنعمة الامن، فكلهم مسكونون بالأوجاع ذاتها.
ما من شك أني أجد نفسي أمام عبثية لغوية وأنا أبحث عن كلمات ألخّص بها زيارة الى فلسطين استمرت يومين، عشنا خلالها أنماطا متداخلة من الفرح والحزن والخوف، ولعل الخروج من مثل هذه المواقف بخسائر كبيرة أفضل بكثير من المكاسب الصغيرة، ففلسطين تعيش حالة تحتاج الى العرب، يقودون القضية الى مكاسب كبيرة.. إنها تحتاج لإنقاذ قبلة المسلمين الاولى، أن تكون الامة العربية حاضرة يوميا في شوارع فلسطين والقدس من خلال الوفود السياحية والدينية لنخرجها من عزلتها التي تستفرد بها إسرائيل وتستثمرها لتهويدها.
طريق العودة كانت تحمل دموعا مؤجلة، لكنها خلقت أحلاما قد تتحقق وقد لا تتحقق، نستمد فيها أمل العودة الى فلسطين من حلم الفلسطينيين أنفسهم بحرية قادمة، معلقين آمالهم بالاردن، قيادته وحكومته وشعبه، بتقديم وصفة آمنة تخرجهم من أزماتهم.
هي فلسطين، تبقى حالة عشقها في قلوبنا، ويبقى صوت أطفالها في آذاننا، ينادي بالحرية والأمن.
- angelالمدير العام
- عدد المساهمات : 8871
نقاط : 14094
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 27/10/2011
الموقع : عمان
المزاج : إذا ضبطت نفسك متلبساً بالغيرة "على " إنسان ما فتفقد أحاسيسك جيداً فقد تكون في حالة " حب " وأنت "لا تعلم"..
رد: «الدستور» تحكي من بيت لحم قصة وطن مسلوب يبدو دائما أجمل
الخميس ديسمبر 29, 2011 7:25 pm
«الدستور» تحكي من بيت لحم قصة وطن مسلوب يبدو دائما أجمل
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى