- ابو ادممشرف عام
- عدد المساهمات : 5188
نقاط : 7790
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 26/10/2011
العمر : 45
الموقع : google
المزاج : مصدهج
مجموعة فتاوي شرعيه
الجمعة نوفمبر 11, 2011 10:32 pm
سئل فضيلة الشيخ: هل هناك فرق بين الرسول والنبي؟
فأجاب بقوله: نعم، فأهل العلم يقول :ون: إن النبي هو من أوحى الله إليه بشرع ولم يأمره بتبليغه بل يعمل به في نفسه دون إلزام بالتبليغ.
والرسول هو من أوحى الله إليه بشرع وأمره بتبليغه والعمل به. فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً، والأنبياء أكثر من الرسل، وقد قص الله بعض الرسل في القرآن ولم يقصص البعض الآخر.
قال تعالى: ) ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله( (2).
وبناء على هذه الآية يتبين أن كل من ذكر في القرآن من الأنبياء فهو رسول.
(125) سئل فضيلة الشيخ: قلتم في الفتوى السابقة رقم " 124 : " إن النبي من أوحي إليه بالشرع ولم يؤمر بتبليغه أما الرسول فهو من أوحي إليه بالشرع وأمر بتبليغه ولكن كيف لا يؤمر النبي بتبليغ الشرع وقد أوحي إليه؟
فأجاب بقوله: أوحى الله إلى النبي بالشرع من أجل إحياء الشرع بمعنى أن من رآه اقتدى به واتبعه دون أن يلزم بإبلاغه، ومن ذلك ما حصل لآدم عليه الصلاة والسلام، فإن آدم كان نبياً مكلماً كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع هذا فليس من الرسل لأنه قد دلت السنة بل دل القرآن، والسنة، وإجماع الأمة على أن أول رسول أرسله الله هو نوح عليه السلام. وآدم لابد أن يكون متعبداً لله بوحي من الله فيكون قد أوحي إليه ولم يؤمر بالتبليغ ولهذا لا يعد من الرسل.
(126) سئل فضيلة الشيخ جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً: من أول الرسل؟
فأجاب بقوله: أول الرسل عليهم الصلاة والسلام، نوح عليه الصلاة والسلام، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم وأما قبل نوح فلم يبعث رسول، وبهذا نعلم خطأ المؤرخين الذين قالوا: إن إدريس صلى الله عليه وسلم كان قبل نوح، لأن الله سبحانه وتعالى يقول : في كتابه: ) إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ( (1)وفي الحديث الصحيح في قصة الشفاعة " أن الناس يأتون إلى نوح فيقولون له : أنت أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض" فلا رسول قبل نوح، ولا رسول بعد محمد صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: ) ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين( (2).
وأما نزول عيسى بن مريم، عليه السلام في آخر الزمان فإنه لا ينزل على أنه رسول مجدد، بل ينزل على أنه حاكم بشريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأن الواجب على عيسى وعلى غيره من الأنبياء الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى: ) وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ( (3)وهذا الرسول المصدق لما معهم هو محمد صلى الله عليه وسلم كما صح ذلك عن ابن عباس وغيره.
(127) سئل: هل آدم عليه الصلاة والسلام، رسول أو نبي؟
فأجاب بقوله : آدم ليس برسول ولكنه نبي، كما جاء في الحديث الذي أخرجه ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن آدم أنبي هو ؟ قال : " نعم نبي مكلم " ، ولكنه ليس برسول والدليل قوله تعالى : ) كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ((4)وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة : إن الناس يذهبون إلى نوح فيقولون: " أنت أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض" وهذا نص صريح بأن نوحاً أول الرسل.
(128) وسئل فضيلته: عن عقيدة المسلمين في عيسى بن مريم، عليه الصلاة والسلام؟
فأجاب: عقيدة المسلمين في عيسى بن مريم، عليه الصلاة والسلام، أنه أحد الرسل الكرام، بل أحد الخمسة الذين هو أولو العزم وهم: محمد صلى الله عليه وسلم وإبراهيم ونوح، وموسى، وعيسى، عليهم الصلاة والسلام، ذكرهم الله في موضعين من كتابه : في سورة الأحزاب) وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً((1) وفي سورة الشورى ) شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ( (2).
وأن عيسى عليه الصلاة والسلام، بشر من بني آدم مخلوق من أم بلا أب، وأنه عبد الله ورسوله فهو عبد لا يٌعبد، ورسول لا يكذب، وأنه ليس له من خصائص الربوبية شيء بل هو كما قال الله تعالى: ) إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل( (3)وأنه، عليه الصلاة والسلام، لم يأمر قومه بأن يتخذوه وأمه إلهين من دون الله، وإنما قال لهم ما أمره الله به : )أن اعبدوا الله ربي وربكم( (4)وأنه،عليه السلام خلق بكلمة الله عز وجل كما قال الله تعالى: ) إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون( (5)وأنه ليس بينه وبين محمد صلى الله عليه وسلم رسول كما قال الله تعالى: ) وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ( (6)ولا يتم إيمان أحد حتى يؤمن بأن عيسى عبد الله ورسوله، وأنه مبرأ ومنزه عما وصفه به اليهود الذين قالوا: "إنه ابن بغي وإنه نشأ من الزنى" والعياذ بالله وقد برأه الله تعالى من ذلك، كما أنهم أي المسلمين يتبرؤون من طريق النصارى الذين ضلوا في فهم الحقيقة بالنسبة لعيسى ابن مريم حيث اتخذوه وأمه إلهين من دون الله، وقال بعضهم: إنه ابن الله، وقال بعضهم: إنه ثالث ثلاثة.
أما فيما يتعلق بقتله وصلبه فالله سبحانه وتعالى قد نفى أن يكون قد قتل أو صلب نفياً صريحاً قاطعاً فقال عز وجل: ) وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه مالهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً . بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً . وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً ( (1) فمن اعتقد أن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، قتل وصلب فقد كذب القرآن، ومن كذب القرآن فقد كفر، فنحن نؤمن بأن عيسى ، عليه الصلاة والسلام لم يقتل ولم يصلب ، ولكننا نقول : إن اليهود باؤوا بإثم القتل والصلب حيث زعموا أنهم قتلوا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وهم لم يقتلوه حقيقة بل قتلوا من شبه لهم، حيث ألقى الله شبهه على واحد منهم فقتلوه وصلبوه، وقالوا: إننا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله، فاليهود باؤوا بإثم القتل والصلب بإقرارهم على أنفسهم، والمسيح عيسى ابن مريم برأه الله من ذلك وحفظه ورفعه سبحانه وتعالى عنده إلى السماء وسوف ينزل في آخر الزمان إلى الأرض فيحكم بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم ثم يموت في الأرض ويدفن فيها ويخرج منها كما يخرج سائر بني آدم لقول الله تعالى منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ((2)، وقوله فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون( (3).
(129) وسئل فضيلة الشيخ: حفظه الله تعالى : عن وصف النبي صلى الله عليه وسلم بحبيب الله ؟
فأجاب بقوله: النبي صلى الله عليه وسلم حبيب الله لا شك فهو حاب لله ومحبوب لله، ولكن هناك وصف أعلى من ذلك وهو خليل لله، فالرسول صلى الله عليه وسلم خليل الله كما قال صلى الله عليه وسلم: " إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً ". ولهذا من وصفه بالمحبة فقط فإنه نزله عن مرتبته، فالخلة أعظم من المحبة وأعلى، فكل المؤمنين أحباء الله، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم في مقام أعلى من ذلك وهو الخلة فقد اتخذه الله خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، لذلك نقول : إن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم خليل الله، وهذا أعلى من قولنا : حبيب الله لأنه متضمن للمحبة، وزيادة لأنه غاية المحبة.
(130) وسئل الشيخ حفظه الله تعالى : عن حكم جعل مدح النبي صلى الله عليه وسلم تجارة ؟
فأجاب بقوله: حكم هذا محرم، ويجب أن يعلم بأن المديح للنبي صلى الله عليه وسلم ينقسم إلى قسمين :
أحدهما : أن يكون مدحاً فيما يستحقه صلى الله عليه وسلم بدون أن يصل إلى درجة الغلو فهذا لا بأس به أي لا بأس أن يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو أهله من الأوصاف الحميدة الكاملة في خلقه وهديه صلى الله عليه وسلم.
والقسم الثاني: من مديح الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يخرج بالمادح إلى الغلو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : " لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله". فمن مدح النبي صلى الله عليه وسلم بأنه غياث المستغيثين، ومجيب دعوة المضطرين، وأنه مالك الدنيا والآخرة، وأنه يعلم الغيب وما شابه ذلك من ألفاظ المديح فإن هذا القسم محرم بل قد يصل إلى الشرك الأكبر المخرج من الملة، فلا يجوز أن يمدح الرسول، عليه الصلاة والسلام، بما يصل إلى درجة الغلو لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
ثم نرجع إلى أتخاذ المديح الجائز حرفة يكتسب بها الإنسان فنقول أيضاً : إن هذا حرام ولا يجوز ، لأن مدح الرسول صلى الله عليه وسلم بما يستحق وبما هو أهل له صلى الله عليه وسلم من مكارم الأخلاق والصفات الحميدة ، والهدي المستقيم مدحه بذلك من العبادة التي يتقرب بها إلى الله ، وما كان عبادة فإنه لا يجوز أن يتخذ وسيلة إلى الدنيا لقول الله تعالى : ) من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون. أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها باطل ما كانوا يعملون( (1). والله الهادي إلى سواء الصراط.
سئل فضيلة الشيخ: لماذا وجه الله الخطاب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: ) ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك( (3)مع أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الشرك؟
فأجاب بقوله: الخطاب هنا للرسول صلى الله عليه وسلم في ظاهر سياق الآية.
وقال بعض العلماء: لا يصح أن يكون للرسول صلى الله عليه وسلم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يستحيل أن يقع منه ذلك والآية على تقدير " قل " وهذا ضعيف لإخراج الآية عن سياقها.
والصواب: أنه إما خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم والحكم له ولغيره، وإما عام لكل من يصح خطابه ويدخل فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وكونه يوجه إليه مثل هذا الخطاب لا يقتضي أن يكون ذلك ممكناً منه قال تعالى: ) ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين( (4)فالخطاب له ولجميع الرسل ولا يمكن أن يقع، فلا يمكن أن يقع منه صلى الله عليه وسلم باعتبار حاله شرك أبداً، والحكمة من النهي أن يكون غيره متأسياً به فإذا كان النهي موجهاً إلى من لا يمكن أن يقع منه باعتبار حاله فهو إلى من يمكن منه من باب أولى .
(133) سئل فضيلة الشيخ: ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : " رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة " ؟ ومن الذي تصدق رؤياه؟
فأجاب بقوله : معنى قوله صلى الله عليه وسلم : "رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة" أن رؤيا المؤمن تقع صادقة لأنها أمثال يضربها الملك للرائي، وقد تكون خبراً عن شيء واقع، أو شيء سيقع فيقع مطابقاً للرؤيا فتكون هذه الرؤيا كوحي النبوة في صدق مدلولها وإن كانت تختلف عنها ولهذا كانت جزءاً من ستة وأربعين جزءاً من النبوة وتخصيص الجزء بستة وأربعين جزءاً من الأمور التوقيفية التي لا تعلم حكمتها كأعداد الركعات والصلوات.
وأما الذي تصدق رؤياه فهو الرجل المؤمن الصدوق إذا كانت رؤياه صالحة، فإذا كان الإنسان صدوق الحديث في يقظته وعنده إيمان وتقوى فإن الغالب أن الرؤيا تكون صادقة، ولهذا جاء هذا الحديث مقيداً في بعض الروايات بالرؤيا الصالحة من الرجل الصالح، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً ".
ولكن ليعلم أن ما يراه الإنسان في منامه ثلاثة أقسام:
القسم الأول: رؤيا حق صالحة وهي التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم أنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة، وغالباً ما تقع، ولكن أحياناً يكون وقوعها على صفة ما رآه الإنسان في منامه تماماً، وأحياناً يكون وقوعها على صفة ضرب الأمثال في المنام، يضرب له المثل ثم يكون الواقع على نحو هذا المثل وليس مطابقاً له تماماً، مثل ما رأى النبي، عليه الصلاة والسلام، قبيل غزوة أحد أن في سيفه ثلمة، ورأى بقراً تنحر، فكان الثلمة التي في سيفه استشهاد عمه حمزة رضي الله عنه لأن قبيلة الإنسان بمنزلة سيفه في دفاعهم عنه ومعاضدته ومناصرته، والبقر التي تنحر كان استشهاد من استشهد من الصحابة رضي الله عنهم لأن في البقر خيراً كثيراً، وكذلك الصحابة رضي الله عنهم كانوا أهل علم ونفع للخلق وأعمال صالحة.
القسم الثاني : الحلم وهو ما يراه الإنسان في منامه مما يقع له في مجريات حياته، فإن كثيراً من الناس يرى في المنام ما تحدثه نفسه في اليقظة وما جرى عليه في اليقظة وهذا لا حكم له.
القسم الثالث: إفزاع من الشيطان، فإن الشيطان يصور للإنسان في منامه ما يفزعه من شيء في نفسه، أو ماله، أو في أهله، أو في مجتمعه، لأن الشيطان يحب إحزان المؤمنين كما قال الله تعالىإنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله((1) فكل شيء ينكد على الإنسان في حياته ويعكر صفوه عليه فإن الشيطان حريص عليه سواء ذلك في اليقظة أو في المنام، لأن الشيطان عدو كما قال الله تعالى: )إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً ( (2)وهذا النوع الأخير أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التحرز منه فأمر من رأى في منامه ما يكره أن يستعيذ بالله من الشيطان، ومن شر ما رأى، وأن يتفل عن يساره ثلاث مرات، وأن ينقلب على جنبه الآخر، وأن لا يحدث أحداً بما رأى فإذا فعل هذه الأمور فإن ما رآه مما يكره في منامه لا يضره شيئاً.
وهذا يقع كثيراً من الناس ويكثر السؤال عنه لكن الدواء له ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر عند مسلم " إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثاً، وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثاً، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه". وكما في حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري " إذا رأى أحدكم ما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره". وكما في حديث أبي قتادة عند مسلم قال: " كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الرؤيا الصالحة من الله فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث بها إلا من يحب، وإن رأى ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثاً، وليتعوذ بالله من شر الشيطان وشرها، ولا يحدث بها أحداً فإنها لن تضره". وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل ولا يحدث بها الناس". أخرجه مسلم.
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من رأى ما يكره بأمور:
1. أن يبصق عن يساره ثلاثاً.
2. أن يستعيذ بالله من شر الشيطان ثلاثاً.
3. أن يستعيذ بالله من شر ما رأى .
4. أن يتحول عن جنبه الذي كان عليه إلى الجنب الآخر.
5. أن لا يحدث بها أحداً.
6. أن يقوم فيصلي.
(134) سئل فضيلة الشيخ: كيف نجمع بين قوله تعالى: ) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ( (3). وقوله: )لا نفرق بين أحد منهم( (4)؟
فأجاب حفظه الله بقوله: قوله تعالى: ) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ( كقوله تعالى: ) ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض ( (1). فالأنبياء والرسل لا شك أن بعضهم أفضل من بعض فالرسل أفضل من الأنبياء ، وأولو العزم من الرسل أفضل ممن سواهم ، وأولو العزم من الرسل هم الخمسة الذين ذكرهم الله تعالى في آيتين من القرآن إحداهما في سورة الأحزاب: )وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم( (2). محمد، عليه الصلاة والسلام، ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم.
والآية الثانية في سورة الشورى: ) شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى ( (3). فهؤلاء خمسة وهم أفضل ممن سواهم.
وأما قوله تعالى عن المؤمنين: ) كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله( (4). فالمعنى لا نفرق بينهم في الإيمان بل نؤمن أن كلهم رسل من عند الله حقّاًَ وأنهم ما كذبوا فهم صادقون مصدقون وهذا معنى قوله: ) لا نفرق بين أحد من رسله( (5). أي في الإيمان بل نؤمن أن كلهم، عليهم الصلاة والسلام، رسل من عند الله حقّاً.
لكن في الإيمان المتضمن للاتباع هذا يكون لمن بعد الرسول صلى الله عليه وسلم خاصّاً بالرسول صلى الله عليه وسلم لأنه صلى الله عليه وسلم هو المتبع، لأن شريعته نسخت ماسواها من الشرائع وبهذا نعلم أن الإيمان يكون للجميع كلهم نؤمن بهم وأنهم رسل الله حقاً وأن شريعته التي جاء بها حق، وأما بعد أن بعث الرسول صلى الله عليه وسلم فإن جميع الأديان السابقة نسخت بشريعته صلى الله عليه وسلم وصار الواجب على جميع الناس أن ينصروا محمداً صلى الله عليه وسلم وحده ولقد نسخ الله تعالى بحكمته جميع الإديان سوى دين الرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا قال الله تعالى: ) قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون( (6)فكانت الأديان سوى دين الرسول صلى الله عليه وسلم كلها منسوخة لكن الإيمان بالرسل وأنهم حق هذا أمر لا بد منه.
(135) سئل فضيلة الشيخ حفظه الله: عن معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
فأجاب حفظه الله بقوله: معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وهي الآيات الدالة على رسالته صلى الله عليه وسلم وأنه رسول الله حقّاً كثيرة جداً وأعظم آية جاء بها هذا القرآن الكريم كما قال الله تعالى: ) وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين . أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون( (1).
فالقرآن العظيم أعظم آية جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنفع لمن تدبرها واقتدى بها لأنها آية باقية إلى يوم القيامة.
أما الآيات الأخرى الحسية التي مضت وانقضت أو لا تزال تحدث فهي كثيرة وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله جملة صالحة منها في آخر كتابه " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح"، هذا الكتاب الذي ينبغي لكل طالب علم أن يقرأه لأنه بين فيه شطح النصارى الذين بدلوا دين المسيح، عليه الصلاة والسلام، وخطأهم وضلالهم وأنهم ليسوا على شيء مما كانوا عليه فيما حرفوه وبدلوه وغيروه. والكتاب مطبوع وبإمكان كل إنسان الحصول عليه، وفيه فوائد عظيمة منها ما أشرت إليه، بيان الشيء الكثير من آيات النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك ابن كثير رحمه الله في " البداية والنهاية " ذكر كثيراً من آيات النبي صلى الله عليه وسلم فمن أحب فليرجع إليه.
(136) سئل فضيلة الشيخ حفظه الله تعالى: عمن يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم نور من نور الله وليس ببشر وأنه يعلم الغيب ثم هو يستغيث به صلى الله عليه وسلم معتقداً أنه يملك النفع والضر، فهل تجوز الصلاة خلف هذا الرجل أو من كان على شاكلته أفيدونا جزاكم الله خيراً؟.
فأجاب بقوله: من اعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم نور من الله وليس ببشر وأنه يعلم الغيب فهو كافر بالله ورسوله وهو من أعداء الله ورسوله وليس من أولياء الله ورسوله لأن قوله هذا تكذيب لله ورسوله ومن كذب الله ورسوله فهو كافر والدليل على أن قوله هذا تكذيب لله ورسوله قوله تعالى: ) قل إنما أنا بشر مثلكم( (2)وقوله تعالى: ) قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله( (3)وقوله تعالى: ) قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي ( (4)وقوله تعالى: )قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون((5) وقوله صلى الله عليه وسلم: " إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني".
ومن استغاث برسول الله صلى الله عليه وسلم معتقداً أنه يملك النفع والضر فهو كافر مكذب لله تعالى مشرك به لقوله تعالى: )وقال ربكم أدعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين( (1)وقوله تعالى: ) قل إني لا أملك لكم ضرّاً ولا رشداً . قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً ( (2)وقوله صلى الله عليه وسلم لأقاربه : لا أغني عنكم من الله شيئاً كما قال ذلك لفاطمة وصفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا تجوز الصلاة خلف هذا الرجل ومن كان على شاكلته ولا تصح الصلاة خلفه ولا يحل أن يجعل إماماً للمسلمين .
سئل فضيلة الشيخ: عن عقيدة السلف في القرآن الكريم؟
فأجاب قائلاً: عقيدة السلف في القرآن الكريم كعقيدتهم في سائر أسماء الله وصفاته وهي عقيدة مبنية على ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكلنا يعلم أن الله سبحانه وتعالى وصف القرآن الكريم بأنه كلامه، وأنه منزل من عنده قال تعالى: )وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه( (1). والمراد بلا ريب بكلام الله هنا القرآن الكريم وقال تعالى: ) قل نزله روح القدس من ربك( (2)وقال عز وجل إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون( (3) فالقرآن كلام الله تعالى لفظاً ومعنى، تكلم الله به حقيقة وألقاه إلى جبريل الأمين، ثم نزل به جبريل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين.
ويعتقد السلف أن القرآن منزل نزله الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم منجماً أي مفرقاً في ثلاث وعشرين سنة حسب ما تقتضيه حكمة الله عز وجل، ثم إن النزول يكون ابتدائياً، ويكون سببياً بمعنى أن بعضه ينزل لسبب معين اقتضى نزوله، وبعضه ينزل بغير سبب، وبعضه ينزل في حكاية حال مضت للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وبعضه ينزل في أحكام شرعية ابتدائية على حسب ما ذكره أهل العلم في هذا الباب.
ثم إن السلف يقولون: إن القرآن من عند الله ابتداء وإليه يعود في آخر الزمان هذا قول السلف في القرآن الكريم.
ولا يخفى علينا أن الله تعالى وصف القرآن الكريم بأوصاف عظيمة وصفه بأنه حكيم، وبأنه كريم وبأنه عظيم، وبأنه مجيد، وهذه الأوصاف التي وصف الله بها كلامه تكون لمن تمسك بهذا الكتاب وعمل به ظاهراً وباطناً فإن الله تعالى يجعل له من المجد، والعظمة، والحكمة، والعزة، والسلطان، ما لا يكون لمن لم يتمسك بكتاب الله عز وجل ولهذا أدعو من هذا المنبر جميع المسلمين حكاما ًومحكومين، علماء وعامة إلى التمسك بكتاب الله عز وجل ظاهراً وباطناً حتى تكون لهم العزة، والسعادة، والمجد، والظهور في مشارق الأرض ومغاربها، وأسال الله تعالى أن يعيننا على تحقيق ذلك.
فأجاب بقوله: نعم، فأهل العلم يقول :ون: إن النبي هو من أوحى الله إليه بشرع ولم يأمره بتبليغه بل يعمل به في نفسه دون إلزام بالتبليغ.
والرسول هو من أوحى الله إليه بشرع وأمره بتبليغه والعمل به. فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً، والأنبياء أكثر من الرسل، وقد قص الله بعض الرسل في القرآن ولم يقصص البعض الآخر.
قال تعالى: ) ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله( (2).
وبناء على هذه الآية يتبين أن كل من ذكر في القرآن من الأنبياء فهو رسول.
(125) سئل فضيلة الشيخ: قلتم في الفتوى السابقة رقم " 124 : " إن النبي من أوحي إليه بالشرع ولم يؤمر بتبليغه أما الرسول فهو من أوحي إليه بالشرع وأمر بتبليغه ولكن كيف لا يؤمر النبي بتبليغ الشرع وقد أوحي إليه؟
فأجاب بقوله: أوحى الله إلى النبي بالشرع من أجل إحياء الشرع بمعنى أن من رآه اقتدى به واتبعه دون أن يلزم بإبلاغه، ومن ذلك ما حصل لآدم عليه الصلاة والسلام، فإن آدم كان نبياً مكلماً كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع هذا فليس من الرسل لأنه قد دلت السنة بل دل القرآن، والسنة، وإجماع الأمة على أن أول رسول أرسله الله هو نوح عليه السلام. وآدم لابد أن يكون متعبداً لله بوحي من الله فيكون قد أوحي إليه ولم يؤمر بالتبليغ ولهذا لا يعد من الرسل.
(126) سئل فضيلة الشيخ جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً: من أول الرسل؟
فأجاب بقوله: أول الرسل عليهم الصلاة والسلام، نوح عليه الصلاة والسلام، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم وأما قبل نوح فلم يبعث رسول، وبهذا نعلم خطأ المؤرخين الذين قالوا: إن إدريس صلى الله عليه وسلم كان قبل نوح، لأن الله سبحانه وتعالى يقول : في كتابه: ) إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ( (1)وفي الحديث الصحيح في قصة الشفاعة " أن الناس يأتون إلى نوح فيقولون له : أنت أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض" فلا رسول قبل نوح، ولا رسول بعد محمد صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: ) ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين( (2).
وأما نزول عيسى بن مريم، عليه السلام في آخر الزمان فإنه لا ينزل على أنه رسول مجدد، بل ينزل على أنه حاكم بشريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأن الواجب على عيسى وعلى غيره من الأنبياء الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى: ) وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ( (3)وهذا الرسول المصدق لما معهم هو محمد صلى الله عليه وسلم كما صح ذلك عن ابن عباس وغيره.
(127) سئل: هل آدم عليه الصلاة والسلام، رسول أو نبي؟
فأجاب بقوله : آدم ليس برسول ولكنه نبي، كما جاء في الحديث الذي أخرجه ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن آدم أنبي هو ؟ قال : " نعم نبي مكلم " ، ولكنه ليس برسول والدليل قوله تعالى : ) كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ((4)وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة : إن الناس يذهبون إلى نوح فيقولون: " أنت أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض" وهذا نص صريح بأن نوحاً أول الرسل.
(128) وسئل فضيلته: عن عقيدة المسلمين في عيسى بن مريم، عليه الصلاة والسلام؟
فأجاب: عقيدة المسلمين في عيسى بن مريم، عليه الصلاة والسلام، أنه أحد الرسل الكرام، بل أحد الخمسة الذين هو أولو العزم وهم: محمد صلى الله عليه وسلم وإبراهيم ونوح، وموسى، وعيسى، عليهم الصلاة والسلام، ذكرهم الله في موضعين من كتابه : في سورة الأحزاب) وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً((1) وفي سورة الشورى ) شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ( (2).
وأن عيسى عليه الصلاة والسلام، بشر من بني آدم مخلوق من أم بلا أب، وأنه عبد الله ورسوله فهو عبد لا يٌعبد، ورسول لا يكذب، وأنه ليس له من خصائص الربوبية شيء بل هو كما قال الله تعالى: ) إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل( (3)وأنه، عليه الصلاة والسلام، لم يأمر قومه بأن يتخذوه وأمه إلهين من دون الله، وإنما قال لهم ما أمره الله به : )أن اعبدوا الله ربي وربكم( (4)وأنه،عليه السلام خلق بكلمة الله عز وجل كما قال الله تعالى: ) إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون( (5)وأنه ليس بينه وبين محمد صلى الله عليه وسلم رسول كما قال الله تعالى: ) وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ( (6)ولا يتم إيمان أحد حتى يؤمن بأن عيسى عبد الله ورسوله، وأنه مبرأ ومنزه عما وصفه به اليهود الذين قالوا: "إنه ابن بغي وإنه نشأ من الزنى" والعياذ بالله وقد برأه الله تعالى من ذلك، كما أنهم أي المسلمين يتبرؤون من طريق النصارى الذين ضلوا في فهم الحقيقة بالنسبة لعيسى ابن مريم حيث اتخذوه وأمه إلهين من دون الله، وقال بعضهم: إنه ابن الله، وقال بعضهم: إنه ثالث ثلاثة.
أما فيما يتعلق بقتله وصلبه فالله سبحانه وتعالى قد نفى أن يكون قد قتل أو صلب نفياً صريحاً قاطعاً فقال عز وجل: ) وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه مالهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً . بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً . وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً ( (1) فمن اعتقد أن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، قتل وصلب فقد كذب القرآن، ومن كذب القرآن فقد كفر، فنحن نؤمن بأن عيسى ، عليه الصلاة والسلام لم يقتل ولم يصلب ، ولكننا نقول : إن اليهود باؤوا بإثم القتل والصلب حيث زعموا أنهم قتلوا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وهم لم يقتلوه حقيقة بل قتلوا من شبه لهم، حيث ألقى الله شبهه على واحد منهم فقتلوه وصلبوه، وقالوا: إننا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله، فاليهود باؤوا بإثم القتل والصلب بإقرارهم على أنفسهم، والمسيح عيسى ابن مريم برأه الله من ذلك وحفظه ورفعه سبحانه وتعالى عنده إلى السماء وسوف ينزل في آخر الزمان إلى الأرض فيحكم بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم ثم يموت في الأرض ويدفن فيها ويخرج منها كما يخرج سائر بني آدم لقول الله تعالى منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ((2)، وقوله فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون( (3).
(129) وسئل فضيلة الشيخ: حفظه الله تعالى : عن وصف النبي صلى الله عليه وسلم بحبيب الله ؟
فأجاب بقوله: النبي صلى الله عليه وسلم حبيب الله لا شك فهو حاب لله ومحبوب لله، ولكن هناك وصف أعلى من ذلك وهو خليل لله، فالرسول صلى الله عليه وسلم خليل الله كما قال صلى الله عليه وسلم: " إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً ". ولهذا من وصفه بالمحبة فقط فإنه نزله عن مرتبته، فالخلة أعظم من المحبة وأعلى، فكل المؤمنين أحباء الله، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم في مقام أعلى من ذلك وهو الخلة فقد اتخذه الله خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، لذلك نقول : إن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم خليل الله، وهذا أعلى من قولنا : حبيب الله لأنه متضمن للمحبة، وزيادة لأنه غاية المحبة.
(130) وسئل الشيخ حفظه الله تعالى : عن حكم جعل مدح النبي صلى الله عليه وسلم تجارة ؟
فأجاب بقوله: حكم هذا محرم، ويجب أن يعلم بأن المديح للنبي صلى الله عليه وسلم ينقسم إلى قسمين :
أحدهما : أن يكون مدحاً فيما يستحقه صلى الله عليه وسلم بدون أن يصل إلى درجة الغلو فهذا لا بأس به أي لا بأس أن يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو أهله من الأوصاف الحميدة الكاملة في خلقه وهديه صلى الله عليه وسلم.
والقسم الثاني: من مديح الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يخرج بالمادح إلى الغلو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : " لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله". فمن مدح النبي صلى الله عليه وسلم بأنه غياث المستغيثين، ومجيب دعوة المضطرين، وأنه مالك الدنيا والآخرة، وأنه يعلم الغيب وما شابه ذلك من ألفاظ المديح فإن هذا القسم محرم بل قد يصل إلى الشرك الأكبر المخرج من الملة، فلا يجوز أن يمدح الرسول، عليه الصلاة والسلام، بما يصل إلى درجة الغلو لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
ثم نرجع إلى أتخاذ المديح الجائز حرفة يكتسب بها الإنسان فنقول أيضاً : إن هذا حرام ولا يجوز ، لأن مدح الرسول صلى الله عليه وسلم بما يستحق وبما هو أهل له صلى الله عليه وسلم من مكارم الأخلاق والصفات الحميدة ، والهدي المستقيم مدحه بذلك من العبادة التي يتقرب بها إلى الله ، وما كان عبادة فإنه لا يجوز أن يتخذ وسيلة إلى الدنيا لقول الله تعالى : ) من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون. أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها باطل ما كانوا يعملون( (1). والله الهادي إلى سواء الصراط.
سئل فضيلة الشيخ: لماذا وجه الله الخطاب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: ) ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك( (3)مع أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الشرك؟
فأجاب بقوله: الخطاب هنا للرسول صلى الله عليه وسلم في ظاهر سياق الآية.
وقال بعض العلماء: لا يصح أن يكون للرسول صلى الله عليه وسلم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يستحيل أن يقع منه ذلك والآية على تقدير " قل " وهذا ضعيف لإخراج الآية عن سياقها.
والصواب: أنه إما خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم والحكم له ولغيره، وإما عام لكل من يصح خطابه ويدخل فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وكونه يوجه إليه مثل هذا الخطاب لا يقتضي أن يكون ذلك ممكناً منه قال تعالى: ) ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين( (4)فالخطاب له ولجميع الرسل ولا يمكن أن يقع، فلا يمكن أن يقع منه صلى الله عليه وسلم باعتبار حاله شرك أبداً، والحكمة من النهي أن يكون غيره متأسياً به فإذا كان النهي موجهاً إلى من لا يمكن أن يقع منه باعتبار حاله فهو إلى من يمكن منه من باب أولى .
(133) سئل فضيلة الشيخ: ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : " رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة " ؟ ومن الذي تصدق رؤياه؟
فأجاب بقوله : معنى قوله صلى الله عليه وسلم : "رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة" أن رؤيا المؤمن تقع صادقة لأنها أمثال يضربها الملك للرائي، وقد تكون خبراً عن شيء واقع، أو شيء سيقع فيقع مطابقاً للرؤيا فتكون هذه الرؤيا كوحي النبوة في صدق مدلولها وإن كانت تختلف عنها ولهذا كانت جزءاً من ستة وأربعين جزءاً من النبوة وتخصيص الجزء بستة وأربعين جزءاً من الأمور التوقيفية التي لا تعلم حكمتها كأعداد الركعات والصلوات.
وأما الذي تصدق رؤياه فهو الرجل المؤمن الصدوق إذا كانت رؤياه صالحة، فإذا كان الإنسان صدوق الحديث في يقظته وعنده إيمان وتقوى فإن الغالب أن الرؤيا تكون صادقة، ولهذا جاء هذا الحديث مقيداً في بعض الروايات بالرؤيا الصالحة من الرجل الصالح، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً ".
ولكن ليعلم أن ما يراه الإنسان في منامه ثلاثة أقسام:
القسم الأول: رؤيا حق صالحة وهي التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم أنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة، وغالباً ما تقع، ولكن أحياناً يكون وقوعها على صفة ما رآه الإنسان في منامه تماماً، وأحياناً يكون وقوعها على صفة ضرب الأمثال في المنام، يضرب له المثل ثم يكون الواقع على نحو هذا المثل وليس مطابقاً له تماماً، مثل ما رأى النبي، عليه الصلاة والسلام، قبيل غزوة أحد أن في سيفه ثلمة، ورأى بقراً تنحر، فكان الثلمة التي في سيفه استشهاد عمه حمزة رضي الله عنه لأن قبيلة الإنسان بمنزلة سيفه في دفاعهم عنه ومعاضدته ومناصرته، والبقر التي تنحر كان استشهاد من استشهد من الصحابة رضي الله عنهم لأن في البقر خيراً كثيراً، وكذلك الصحابة رضي الله عنهم كانوا أهل علم ونفع للخلق وأعمال صالحة.
القسم الثاني : الحلم وهو ما يراه الإنسان في منامه مما يقع له في مجريات حياته، فإن كثيراً من الناس يرى في المنام ما تحدثه نفسه في اليقظة وما جرى عليه في اليقظة وهذا لا حكم له.
القسم الثالث: إفزاع من الشيطان، فإن الشيطان يصور للإنسان في منامه ما يفزعه من شيء في نفسه، أو ماله، أو في أهله، أو في مجتمعه، لأن الشيطان يحب إحزان المؤمنين كما قال الله تعالىإنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله((1) فكل شيء ينكد على الإنسان في حياته ويعكر صفوه عليه فإن الشيطان حريص عليه سواء ذلك في اليقظة أو في المنام، لأن الشيطان عدو كما قال الله تعالى: )إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً ( (2)وهذا النوع الأخير أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التحرز منه فأمر من رأى في منامه ما يكره أن يستعيذ بالله من الشيطان، ومن شر ما رأى، وأن يتفل عن يساره ثلاث مرات، وأن ينقلب على جنبه الآخر، وأن لا يحدث أحداً بما رأى فإذا فعل هذه الأمور فإن ما رآه مما يكره في منامه لا يضره شيئاً.
وهذا يقع كثيراً من الناس ويكثر السؤال عنه لكن الدواء له ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر عند مسلم " إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثاً، وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثاً، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه". وكما في حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري " إذا رأى أحدكم ما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره". وكما في حديث أبي قتادة عند مسلم قال: " كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الرؤيا الصالحة من الله فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث بها إلا من يحب، وإن رأى ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثاً، وليتعوذ بالله من شر الشيطان وشرها، ولا يحدث بها أحداً فإنها لن تضره". وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل ولا يحدث بها الناس". أخرجه مسلم.
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من رأى ما يكره بأمور:
1. أن يبصق عن يساره ثلاثاً.
2. أن يستعيذ بالله من شر الشيطان ثلاثاً.
3. أن يستعيذ بالله من شر ما رأى .
4. أن يتحول عن جنبه الذي كان عليه إلى الجنب الآخر.
5. أن لا يحدث بها أحداً.
6. أن يقوم فيصلي.
(134) سئل فضيلة الشيخ: كيف نجمع بين قوله تعالى: ) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ( (3). وقوله: )لا نفرق بين أحد منهم( (4)؟
فأجاب حفظه الله بقوله: قوله تعالى: ) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ( كقوله تعالى: ) ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض ( (1). فالأنبياء والرسل لا شك أن بعضهم أفضل من بعض فالرسل أفضل من الأنبياء ، وأولو العزم من الرسل أفضل ممن سواهم ، وأولو العزم من الرسل هم الخمسة الذين ذكرهم الله تعالى في آيتين من القرآن إحداهما في سورة الأحزاب: )وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم( (2). محمد، عليه الصلاة والسلام، ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم.
والآية الثانية في سورة الشورى: ) شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى ( (3). فهؤلاء خمسة وهم أفضل ممن سواهم.
وأما قوله تعالى عن المؤمنين: ) كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله( (4). فالمعنى لا نفرق بينهم في الإيمان بل نؤمن أن كلهم رسل من عند الله حقّاًَ وأنهم ما كذبوا فهم صادقون مصدقون وهذا معنى قوله: ) لا نفرق بين أحد من رسله( (5). أي في الإيمان بل نؤمن أن كلهم، عليهم الصلاة والسلام، رسل من عند الله حقّاً.
لكن في الإيمان المتضمن للاتباع هذا يكون لمن بعد الرسول صلى الله عليه وسلم خاصّاً بالرسول صلى الله عليه وسلم لأنه صلى الله عليه وسلم هو المتبع، لأن شريعته نسخت ماسواها من الشرائع وبهذا نعلم أن الإيمان يكون للجميع كلهم نؤمن بهم وأنهم رسل الله حقاً وأن شريعته التي جاء بها حق، وأما بعد أن بعث الرسول صلى الله عليه وسلم فإن جميع الأديان السابقة نسخت بشريعته صلى الله عليه وسلم وصار الواجب على جميع الناس أن ينصروا محمداً صلى الله عليه وسلم وحده ولقد نسخ الله تعالى بحكمته جميع الإديان سوى دين الرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا قال الله تعالى: ) قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون( (6)فكانت الأديان سوى دين الرسول صلى الله عليه وسلم كلها منسوخة لكن الإيمان بالرسل وأنهم حق هذا أمر لا بد منه.
(135) سئل فضيلة الشيخ حفظه الله: عن معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
فأجاب حفظه الله بقوله: معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وهي الآيات الدالة على رسالته صلى الله عليه وسلم وأنه رسول الله حقّاً كثيرة جداً وأعظم آية جاء بها هذا القرآن الكريم كما قال الله تعالى: ) وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين . أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون( (1).
فالقرآن العظيم أعظم آية جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنفع لمن تدبرها واقتدى بها لأنها آية باقية إلى يوم القيامة.
أما الآيات الأخرى الحسية التي مضت وانقضت أو لا تزال تحدث فهي كثيرة وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله جملة صالحة منها في آخر كتابه " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح"، هذا الكتاب الذي ينبغي لكل طالب علم أن يقرأه لأنه بين فيه شطح النصارى الذين بدلوا دين المسيح، عليه الصلاة والسلام، وخطأهم وضلالهم وأنهم ليسوا على شيء مما كانوا عليه فيما حرفوه وبدلوه وغيروه. والكتاب مطبوع وبإمكان كل إنسان الحصول عليه، وفيه فوائد عظيمة منها ما أشرت إليه، بيان الشيء الكثير من آيات النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك ابن كثير رحمه الله في " البداية والنهاية " ذكر كثيراً من آيات النبي صلى الله عليه وسلم فمن أحب فليرجع إليه.
(136) سئل فضيلة الشيخ حفظه الله تعالى: عمن يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم نور من نور الله وليس ببشر وأنه يعلم الغيب ثم هو يستغيث به صلى الله عليه وسلم معتقداً أنه يملك النفع والضر، فهل تجوز الصلاة خلف هذا الرجل أو من كان على شاكلته أفيدونا جزاكم الله خيراً؟.
فأجاب بقوله: من اعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم نور من الله وليس ببشر وأنه يعلم الغيب فهو كافر بالله ورسوله وهو من أعداء الله ورسوله وليس من أولياء الله ورسوله لأن قوله هذا تكذيب لله ورسوله ومن كذب الله ورسوله فهو كافر والدليل على أن قوله هذا تكذيب لله ورسوله قوله تعالى: ) قل إنما أنا بشر مثلكم( (2)وقوله تعالى: ) قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله( (3)وقوله تعالى: ) قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي ( (4)وقوله تعالى: )قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون((5) وقوله صلى الله عليه وسلم: " إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني".
ومن استغاث برسول الله صلى الله عليه وسلم معتقداً أنه يملك النفع والضر فهو كافر مكذب لله تعالى مشرك به لقوله تعالى: )وقال ربكم أدعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين( (1)وقوله تعالى: ) قل إني لا أملك لكم ضرّاً ولا رشداً . قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً ( (2)وقوله صلى الله عليه وسلم لأقاربه : لا أغني عنكم من الله شيئاً كما قال ذلك لفاطمة وصفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا تجوز الصلاة خلف هذا الرجل ومن كان على شاكلته ولا تصح الصلاة خلفه ولا يحل أن يجعل إماماً للمسلمين .
سئل فضيلة الشيخ: عن عقيدة السلف في القرآن الكريم؟
فأجاب قائلاً: عقيدة السلف في القرآن الكريم كعقيدتهم في سائر أسماء الله وصفاته وهي عقيدة مبنية على ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكلنا يعلم أن الله سبحانه وتعالى وصف القرآن الكريم بأنه كلامه، وأنه منزل من عنده قال تعالى: )وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه( (1). والمراد بلا ريب بكلام الله هنا القرآن الكريم وقال تعالى: ) قل نزله روح القدس من ربك( (2)وقال عز وجل إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون( (3) فالقرآن كلام الله تعالى لفظاً ومعنى، تكلم الله به حقيقة وألقاه إلى جبريل الأمين، ثم نزل به جبريل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين.
ويعتقد السلف أن القرآن منزل نزله الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم منجماً أي مفرقاً في ثلاث وعشرين سنة حسب ما تقتضيه حكمة الله عز وجل، ثم إن النزول يكون ابتدائياً، ويكون سببياً بمعنى أن بعضه ينزل لسبب معين اقتضى نزوله، وبعضه ينزل بغير سبب، وبعضه ينزل في حكاية حال مضت للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وبعضه ينزل في أحكام شرعية ابتدائية على حسب ما ذكره أهل العلم في هذا الباب.
ثم إن السلف يقولون: إن القرآن من عند الله ابتداء وإليه يعود في آخر الزمان هذا قول السلف في القرآن الكريم.
ولا يخفى علينا أن الله تعالى وصف القرآن الكريم بأوصاف عظيمة وصفه بأنه حكيم، وبأنه كريم وبأنه عظيم، وبأنه مجيد، وهذه الأوصاف التي وصف الله بها كلامه تكون لمن تمسك بهذا الكتاب وعمل به ظاهراً وباطناً فإن الله تعالى يجعل له من المجد، والعظمة، والحكمة، والعزة، والسلطان، ما لا يكون لمن لم يتمسك بكتاب الله عز وجل ولهذا أدعو من هذا المنبر جميع المسلمين حكاما ًومحكومين، علماء وعامة إلى التمسك بكتاب الله عز وجل ظاهراً وباطناً حتى تكون لهم العزة، والسعادة، والمجد، والظهور في مشارق الأرض ومغاربها، وأسال الله تعالى أن يعيننا على تحقيق ذلك.
- angelالمدير العام
- عدد المساهمات : 8871
نقاط : 14094
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 27/10/2011
الموقع : عمان
المزاج : إذا ضبطت نفسك متلبساً بالغيرة "على " إنسان ما فتفقد أحاسيسك جيداً فقد تكون في حالة " حب " وأنت "لا تعلم"..
رد: مجموعة فتاوي شرعيه
الجمعة نوفمبر 11, 2011 11:08 pm
جزاك الله خيرا اخي يوسف
- ابو ادممشرف عام
- عدد المساهمات : 5188
نقاط : 7790
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 26/10/2011
العمر : 45
الموقع : google
المزاج : مصدهج
رد: مجموعة فتاوي شرعيه
الجمعة نوفمبر 11, 2011 11:11 pm
جزاك الله الجنه يا انجل
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى