- ابو ادممشرف عام
- عدد المساهمات : 5188
نقاط : 7790
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 26/10/2011
العمر : 45
الموقع : google
المزاج : مصدهج
تاريخ الدوله العباسية 7
الإثنين نوفمبر 21, 2011 7:20 am
انتكاسة جديدة للخلافة العباسية
خلافة المكتفي بالله علي بن المعتضد بالله
خلافة المكتفي بالله علي بن المعتضد باللهانتكست البلاد في عهد المكتفي بالله من ربيع آخر 289هـ حتى ذي القعدة 295هـ، وازدادت الصراعات والمنافسات بين ذوي النفوذ بالدولة.
أعماله
قاتل القرامطة ونظف النواحي الشامية منهم في محرم سنة 291هـ، ولكن ذلك لم يكن للمذهب القرمطي.
وضعف سلطان هذه الفرقة بالعراق بعد مقتل زكرويه[1] وأولاده وقتل أكثر دعاتهم، ولكن نفى أخطر دعاتهم وهو الجنابي بالبحرين، ولم يكن له في عهد المكتفي كبير عمل، وإنما كانت مصائبه ورزاياه في عهد المقتدر. وفي عهده انتهت دولة بني طولون بمصر سنة 292هـ على يد العباسيين، كما انتهت دولة الأغالبة بإفريقية على يد أبي عبيد الله الشيعي داعية الفاطميين بالمغرب، كما سيأتي ذكره.
خلافة جعفر المقتدر بالله بن المعتضد بالله
تولى الخلافة المقتدر بالله من ذي القعدة 295هـ حتى قتل في شوال 320هـ، وسنُّه 13 سنة عن عهد من أخيه لم يرق الأمر للناس لصغر سنه، فحدثت محاولة لخلعه من كبار القادة وتولية عبد الله بن المعتز، ولكنها فشلت.
حكومة النساء
والحقيقة أن هيبة الخلافة قد سقطت في عهد المقتدر فهو شاب صغير لا يعرف عن السياسة شيئًا، ولا من الشجاعة شيئًا وكانت له أم وقهرمانة صار لهما الحكم في كل ما يجرى من الشئون، وإليهما يتقرب بالرشوة من يريد عملاً أو وزارة، والمقتدر لاهٍ بما هو فيه من اللعب واللهو والسرف ولم يعد بيده شيء، تولى الوزارة في عهده اثنا عشر وزيرًا، منهم من تقلد الوزارة مرتين وثلاثًا وكانت تنال بالرشوة، وتدخل في أمر تعيين الوزراء النساء والخدم والحاشية، ولم يكن الصالح منهم يبقى في العمل كثيرًا لأن بقاءه يتبع رضا أم المقتدر وقهرمانته وخدم الدار، وهؤلاء لا يرضون إلا إذا حوبوا بالأموال الكثيرة التي بها تفسد المالية، وتختل موازنتها فمتى حصل التقصير عن دفع الأموال جيء بآخر يستطيع أن يدفع، وسرعان ما يقبض على الأول ويصادر ويعين الثاني.
وفي سنة 301هـ قُتِل أبو سعيد الجنابي زعيم القرامطة وتولى ابنه سعيد إلا أن أخاه أبو طاهر سليمان الجنابي قد تغلب عليه وقاد القرامطة من بعده. وفي عهده فعل القرامطة الأفاعيل واشتد نفوذه وسار نحو الكوفة وتقدم ناحية العاصمة بغداد، وهم يهزمون جيوش الخلافة الواحد تلو الآخر.
وورد الخبر بذلك إلى بغداد فخاف الخاص والعام من القرامطة خوفًا شديدًا، وعزموا على الهرب إلى حلوان وهمذان..كل ذلك وعدد القرامطة لا يزيد عن 2700 حتى أنه لما علم المقتدر بعددهم قال: (لعن الله نيفًا وثمانين ألفًا يعجزون عن ألفين وسبعمائة!!).
آثار تكسير القرامطة للحجر الأسودوفي سنة 312هـ اعترض القرمطي أبو طاهر الحسين بن سعيد الجنابي للحجيج وهم راجعون من بيت الله الحرام.. فلما حاولوا أن يدافعوا عن أنفسهم وأموالهم وأعراضهم قتل منهم خلقًا كثيرًا وأسر من نسائهم وأبنائهم، ثم بعث الخليفة بجيش بقيادة مؤنس الخادم لقتال القرامطة وأنفق على خروجه ألف ألف دينار فخافه أبو طاهر وأطلق من كان معه من أسرى الحجيج.. فسكن الأمر وانصلحت الأحوال.
وفي عهد المقتدر أعلن عبد الرحمن الناصر أمير الأندلس نفسه أميرًا للمؤمنين.
وفي إفريقية قامت الدولة الفاطمية سنة 279هـ قضت على دولة الأدارسة من المغرب الأقصى والأغالبة من إفريقية وجعلت مقرها مدينة المهدية التي أسسها عبيد الله المهدي بالقرب من القيروان، وسيأتي ذكر الدولة الفاطمية في فصل خاص.
وفي الموصل ابتدأت دولة آل حمدان ولكن لم يتمكن سلطانهم، في عهد المقتدر، قامت سنة 293هـ واستمرت حتى 380هـ وسيأتي بيان هذه الدولة..
نهاية شنيعة
كانت نهاية المقتدر بائسة، شغب الجند واستاء القادة وحصل مواجهة بينه وبين أحد أكبر القادة في عصره وأعظمهم نفوذًا وهو مؤنس الخادم الملقب بالمظفر قائد عام الجيوش وهُزِم الخليفة وقتل على يد بعض الجند وذبحوه، ثم رفعوا رأسه على خشبة وهم يكبرون ويلعنونه، وأخذوا جميع ما عليه، حتى سراويله، وتركوه مكشوفًا إلى أن مر به رجل فستره بحشيش ثم حفر له موضعه ودفن وكان عمره حين قتل 38 عامًا.
خلافة أبو محمد القاهر بن المعتضد
جاء أبو محمد القاهر من شوال 320هـ حتى خلع في جمادى الأولى 322هـ، باختيار مؤنس قائد الجيش، وكان أول ما فعله هو إحضار أم المقتدر وتعذيبها، وكانت مريضة ليعرف أين كان مالها وجواهرها فاستلب جميع ما تملك.
وكان القاهر شريرًا خبيث النية سرعان ما غدر بمؤنس، وأمر بالقبض عليه وكل من أجلسوه على كرسي الخلافة ولما تمكن منهم القاهر أمر بقتلهم وأما من بقى منهم فقد أخذ يخطط للتخلص من القاهر فقبضوا عليه وسملوا عينيه فقضوا عليه وخلعوه بتخطيط من وزيره ابن مقلة.
خلافة الراضي أبو العباس بن أحمد المقتدر
اختاره القادة وعينوه خليفة من جمادى الأولى 322هـ حتى ربيع أول سنة 329هـ، كالعادة كانت الكلمة العليا في أول عهده لمن ساعده وهو الوزير بن مقلة وحاجبه محمد بن ياقوت ولكن سرعان ما انقلب على ابن ياقوت، الذي توفي مسجونًا ثم انقلب على ابن مقلة وسجنه.
واضطربت الأحوال فاضطر الراضي أن يرسل إلى محمد بن رائق وهو بواسط يعرض عليه الولاية ببغداد، فقلده الراضي لقب أمير الأمراء وولاه الدواوين، ومن ذلك الوقت بطلت الدواوين وبطلت الوزارة وانتقل السلطان الحقيقي لابن رائق وصارت الوزارة شكلية..
حقيقة منصب أمير الأمراء
عجبًا : كان ابن رائق وكاتبه ينظران في الأمور جميعها وكذلك كل من تولى إمرة الأمراء بعده، وصارت الأموال تُحمَلُ إلى خزائنهم فيتصرفون فيها كما يريدون، ويطلقون للخليفة ما يريدون وبطلت بيوت الأموال.
ودارت صراعات ونزاعات للفوز بهذا المنصب -الذي لم يدم طويلاً لابن رائق- كلٌ يريد أن تكون له إمارة الأمراء ببغداد، والأعداء ينتقصون في كل يوم من أرض الخلافة جزءًا ولم يعد لها شيء من الهيبة ولا نفوذ الكلمة.
مشهد آل طباطبا أحد آثار الدولة الإخشيديةظهرت في عهد الراضي الدولة الإخشيدية بمصر على يد مؤسسها محمد بن طغج الإخشيدي وهو من موالي آل طولون وكان ملكه مصر سنة 323هـ إلى سنة 358هـ، وهم الذين تسلم منهم الفاطميون مصر.
ختم الراضي الخلفاء في أشياء منها
أنه آخر خليفة دون له شعر- وآخر خليفة انفرد بتدبير الملك- وآخر خليفة خطب على منبر يوم الجمعة- وآخر خليفة جالس الندماء ووصل إليه العلماء- وآخر خليفة كانت مراتبه وجوائزه وخدمه وحجابه تجري على قواعد الخلفاء المتقدمين، وفي أيامه حدث اسم أمير الأمراء في بغداد، وصار إلى أمير الأمراء الحل والعقد، والخليفة يأتمر بأمره، وليس له من نفوذ الكلمة ولا سلطان الخلافة شيء.
خلافة إبراهيم المتقي لله بن المعتمد
عين القادة المتقي لله من ربيع أول 329هـ حتى خلع في صفر 333هـ، والوزراء ولم يكن له من الأمر شيء، واشتد الصراع على منصب أمير الأمراء ولم يكن يستقر الحال لأحدهم طويلاً:
(ابن رائق - بجكم - البريدي - ناصر الدولة ابن حمدان - توزون)، واستمر الحال على ذلك حتى خلعه توزون، وسمل عينيه وأدخله بغداد وهو على هذه الحال، وأرغمه على بيعة المستكفي، ثم سجن في جزيرة بالنهر، وبقي في سجنه مدة خمس وعشرين سنة حتى توفي عام 357هـ. وفي أيام المتقي هاجم الروم المسلمين ووصلوا إلى نصيبين، فقتلوا وسبوا ما شاء لهم هواهم أن يفعلوا.
[1] كبير دعاة القرامطة.
سيطرة البويهيين على الخلافة العباسية
دور جديد للدولة العباسية
يبتدئ هذا الدور من سنة 334هـ حتى سنة 447هـ، تولى فيه الخلافة خمسة خلفاء أوَّلهم:
خلافة المستكفي أبي القاسم عبد الله بن المكتفي بن المعتضد
(من صفر 333هـ حتى خلع في جمادى الآخرة 334هـ)
ويرتبط هذا الدور بتاريخ آل بويه الديلميين، الذين كانوا أصحاب النفوذ الحقيقي والسلطان الفعلي في العراق.
استيلاء البويهيين على عاصمة الخلافة
استيلاء البويهيين على عاصمة الخلافةبلاد الديلم تقع في الجنوب الغربي من شاطئ بحر الخزر.. كانت في القديم إحدى الولايات الفارسية، إلا أن أهلها لم يكونوا من العنصر الفارسي، بل عنصر ممتاز يطلق عليه اسم الديالمة أو الجيل.
فتحت بلاد الديلم في عهد عمر بن الخطاب، وخضعت للحكم الإسلامي مع بقائهم على وثنيتهم.. وكانت تجاورهم بلاد طبرستان وأكثر أهلها دانوا بالإسلام، وكان بين الديالمة والطبريين سلم وموادعة.
واستمر الحال على ذلك بعد قيام الدولة العباسية، فلا الديالمة تحدثهم أنفسهم بالخروج إلى بلاد المسلمين، ولا المسلمون يحدثون أنفسهم بالتوغل إلى بلادهم، حتى عهد المستعين الذي أرسل محمد بن طاهر ليحكم تلك البلاد -كان ذلك سنة 250هـ- ولكن أهل طبرستان امتنعوا وأعلنوا العصيان لمحمد بن طاهر، وجعلوا عليهم الحسن بن زيد (الدولة الزيدية)، وطلبوا من الديلم أن يساعدوهم على عمال ابن طاهر ففعلوا.
وظل الحسن يحكم مدن طبرستان ثم الري وجرجان حتى مات سنة 271هـ، ثم تولى أخوه محمد بن زيد وكانت مدته مضطربة حتى قتل سنة 287هـ، وكان وجود الحسن ومحمد من أسباب شيوع الإسلام في أهل الديلم.
ثم دخل بلاد الديلم الحسن بن علي الملقب بالأطروش سنة 301هـ وأقام بينهم 13سنة يدعوهم إلى الإسلام، فأسلم منهم خلق كثيرون واجتمعوا عليه وبنى في بلادهم المساجد.. ولكن إسلامهم ملتبس بتشيع.. ثم بعد فترة استطاع الأطروش بمساعدة الديلم أن يستولي على طبرستان وجرجان من السامانيين.. ثم توفي الأطروش سنة 304هـ. وتطورت الأحوال بمرور الأيام حتى سنة 323هـ، صارت القوى الكبرى بهذه البلاد على النحو التالي:
قوة على بن بويه بفارس والري.
وقوة السامانيين بخراسان وما وراء النهر.
وكان بنو بويه ثلاثة هم: علي والحسن وأحمد، فلما ضعف سلطان الخليفة خطر ببال عليِّ بن بويه أن يرسل أخاه الأصغر أحمد ليمد سلطانه إلى الأهواز والعراق.
واستطاع أحمد أن يسيطر على الأهواز بعد حروب بينه وبين بجكم الرائقي، وانهزم بجكم وفر إلى واسط.
دولة البويهيينوكاتب قواد بغداد أحمد بن بويه يطلبون إليه المسير نحوهم للاستيلاء على بغداد فوصلها في 11 من جمادى الأولى سنة 334هـ، والخليفة هو المستكفي بالله، فقابله واحتفى به وبايعه أحمد، وحلف كل منهما لصاحبه، هذا بالخلافة وذاك بالسلطنة، وفي هذا اليوم شرّف الخليفة بني بويه بالألقاب:
فلقب عليًّا صاحب بلاد فارس (عماد الدولة).
والحسن صاحب الري والجبل (ركن الدولة).
ولقب أحمد صاحب العراق (معز الدولة).
وأمر أن تضرب ألقابهم وكُناهم على النقود.
وهذا اليوم هو تاريخ الدور الثاني للخلافة العباسية وهو تاريخ سقوط السلطان الحقيقي من أيديهم، وصيرورة الخليفة منهم رئيسًا دينيًّا لا أمر له ولا نهى ولا وزير، وإنما له كاتب يدبر إقطاعياته وإخراجاته لا غير، وصارت الوزارة لمعز الدولة يستوزر لنفسه من يشاء.
خطر ببال معز الدولة أن يزيل اسم الخلافة أيضًا عن بني العباس ويوليها علويًّا؛ لأن معز الدولة كان من قوم انتشرت فيهم تعاليم الشيعة الزيدية كما رأينا، فكانوا يعتقدون أن بني العباس قد غصبوا الخلافة وأخذوها من مستحقيها، ولكن بعض خواصه أشار عليه ألاَّ يفعل وقال له:
إنك اليوم مع خليفة تعتقد أنت وأصحابك أنه ليس من أهل الخلافة، ومتى قتلته أجلست بعض العلويين خليفة اعتقدت أنت وأصحابك صحة خلافته، فلو أمرهم بقتلك لفعلوا. فأعرض عما كان قد عزم عليه.
ما وصلت إليه الأمة الإسلامية في ذلك الوقت
- الأندلس يحكمها عبد الرحمن الناصر أمير المؤمنين.
- بلاد إفريقية ويحكمها الفاطميون.
- أقصى المغرب ويحكمها الأدارسة والقائم بالأمر منهم إسماعيل المنصور، وهو ثاني خلفائهم ويلقب بأمير المؤمنين.
- مصر والشام ويحكمها الإخشيديون، ويخطبون باسم الخليفة العباسي.
- حلب والثغور لسيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان الشيباني، ويخطبون باسم الخليفة العباسي.
- الجزيرة الفراتية لناصر الدولة الحسن بن علي بن عبد الله بن حمدان، ويخطب باسم الخليفة العباسي.
- العراق للديلم والسلطان منهم معز الدولة أحمد بن بويه، ويخطب على منابره باسم الخليفة العباسي ثم باسم معز الدولة من بعده.
- عمان واليمن والبحرين وبادية البصرة للقرامطة، ويخطبون باسم المهدي الفاطمي.
- فارس والأهواز لعليِّ بن بويه الملقب بعماد الدولة، ويخطب باسم الخليفة العباسي، وكان يلقب بأمير الأمراء؛ لأنه أكبر بني بويه.
- الجبل والري لحسن بن بويه الملقب ركن الدولة، ويخطب باسم الخليفة العباسي، وجرجان وطبرستان عليها نزاع بين آل سامان وركن الدولة.
- خراسان وما وراء النهر لآل سامان، ومقر ملكهم مدينة بخارى، ويخطبون للخليفة العباسي.
هذه هي المدن الكبرى التي كانت لأسر مملوكة في الرقعة الإسلامية، فقد تفرق هذا الملك الواسع تفرقًا غريبًا بعد أن كان متماسك الأعضاء، ويرجع كله إلى خلافة واحدة كبرى تجمع شتاته.
وقفة
ومما يستحق النظر أن العنصر العربي لم يبق له شيء من الملك، إلا ما كان لناصر الدولة وأخيه سيف الدولة من آل حمدان فإنهما من عنصر عربي، ومع هذا فقد كان النفوذ والسلطان فيما يليانه من البلاد لقواد من الأتراك ولم يكن لهما استقلال سياسي، بل كان أمر بني بويه فوقهما، وكانا يذكران اسم معز الدولة في الخطبة بعد ذكر الخليفة العباسي.
خلع المستكفي
لم يمكث المستكفي في الخلافة بعد استيلاء معز الدولة إلا أربعين يومًا وخُلِع؛ لأن معز الدولة اتهمه بالتدبير عليهم، وذلك في جمادى الآخرة سنة 334هـ.
ضعف الخلافة العباسية وزوال البويهيين
خلافة الفضل المطيع لله بن المقتدر
(من جمادى الآخرة 334هـ حتى خلع في ذي القعدة 363هـ)
أحد قصور بغداد العظيمةعانى من شغب الجند عليه فاضطر إلى استرضائهم بإقطاع القواد والجند إقطاعات السلطان وأصحاب الأملاك فخربت البلاد لذلك، وعم الغلاء والنهب.. ولم تمض سنة على بغداد حتى اشتد الغلاء فأكل الناس الميتة والكلاب، وأكل الناس خروب الشوك، وكانوا يسلقون حبه ويأكلونه فلحق الناس أمراض وأورام في أحشائهم، وكثر فيهم الموت حتى عجز الناس عن دفن الموتى فكانت الكلاب تأكل لحومهم، وانحدر كثير من أهل بغداد إلى البصرة، فمات أكثرهم في الطريق وبيعت الدور والعقارات بالخبز.
فكان نظام الإقطاعات أول فساد بالعراق، لأنه أضعف همة الفلاحين الذين يقومون بزرع الأرض وإصلاحها.
نزاع بين الجند
ظهر كذلك لون من النزاع العنصري بين الأجناد من الديلم والأتراك، وقد حاولت الديلم خلع معز الدولة، ولكن الأتراك وقفوا معه وأفسدوا هذه المحاولة، فمال إليهم معز الدولة دون الديلم، وأطلق يد الأتراك فخربوا البلاد ونهبوا الأموال.
البويهيون على خُطا العبيديين
كان أهل بغداد قبل تحكم البويهية على مذهب أهل السنة والجماعة، يحترمون جميع الصحابة، ويفضلون الشيخين على سائرها ولا يقدحون في معاوية، ولا غيره من سلف المسلمين، فلما جاءت هذه الدولة وهي متشيعة: نما مذهب الشيعية ببغداد ووجد له دعمًا من الحكومة، حتى إنه أمر بالكتابة على المساجد سنة 351هـ: "لعن الله معاوية بن أبي سفيان، ولعن من غصب فاطمة رضي الله عنها، ومن منع أن يدفن الحسن عند قبر جده u...". فلما كان الليل حكه بعض الناس، ولكن المعز أعاد كتابته.
وفي 10 من محرم سنة 352هـ أمر معز الدولة بالإضراب عن العمل، وإظهار النياحة ولبس القباب وعملوها كالمسوح وأن يخرج النساء مسودات الوجه وقد شققن ثيابهن يدرن في البلد بالنوائح على الحسين بن علي t، ففعل الناس ذلك ولم يكن للسنية قدرة على المنع لكثرة الشيعة؛ ولأن السلطان معهم.
وفي من 18 ذي الحجة لنفس العام أمر بإظهار الزينة وإشعال النيران وإظهار الفرح احتفالاً بعيد الغدير (غدير خم)، وهو الموضع الذي يروى أن رسول الله قال فيه عن علي: "من كنت مولاه فعليُّ مولاه، اللهمَّ والِ من والاه، وعاد من عاداه"، وكان يومًا مشهودًا.
فتن وحروب
حصلت حروب بين معز الدولة البويهي وناصر الدولة العربي، لم تهدأ الحروب بين الطرفين فاشتغلا بها عن كل مصلحة، وكان ذلك سببًا فيما يأتي ذكره من الضعف أمام الروم.
توفي معز الدولة 13من ربيع آخر سنة 356هـ، وتولى بعده عز الدولة بختيار بن أحمد بن بويه فظل في السلطة حتى خلعه ابن عمه سنة 367هـ. وكانت مدته عبثًا واشتغالاً باللهو والنساء، ولم يحسن معاملة من حوله حتى استوحشوا منه. وفي هذه الفترة، استطاع الروم أن يستردوا جميع الثغور الإسلامية الكبرى، وصارت لهم الهيبة في قلوب المسلمين من أهل الجزيرة والشام، بينما بنو بويه وبنو حمدان يغزو بعضهم بعضًا، وعن عدوهم مشتغلون.
موقف يوضح ما وصل إليه الحال
سنة 361هـ أغار ملك الروم على الرها ونواحيها وساروا في الجزيرة حتى بلغوا نصيبين، فحرقوا البلاد وخربوها، فسار جماعة أهل تلك البلاد إلى بغداد مستنصرين، وقاموا في الجوامع والمشاهد واستنفروا المسلمين، وذكروا ما فعله الروم من النهب والقتل والأسر والسبي، فاستعظم الناس ذلك، فسار معهم أهل بغداد، وقصدوا دار الخليفة وأرادوا الهجوم عليه، فمنعوا من ذلك، وكان بختيار يصطاد بنواحي الكوفة، فخرج إليه وجوه أهل بغداد مستغيثين منكرين عليه اشتغاله بالصيد، وقتال عمران بن شاهين صاحب البطيحة -وهو مسلم- وترك جهاد الروم، ومنعهم عن ديار الإسلام فوعدهم بالتجهيز للجهاد، وأرسل إلى سبكتكين يأمره بالتجهيز وأن يستنفر العامة، فاجتمع معه عدد كثير لا يحصون.
وكتب بختيار إلى أبي تغلب بن حمدان صاحب الموصل يأمره بإعداد الميرة والعلوفات، ويعرفه عزمه على الجهاد والغزو فأجابه بإظهار السرور.. ثم أرسل بختيار إلى المطيع لله يطلب منه مالاً، فقال المطيع: إن الغزو والنفقة عليه وعلى غيره من مصالح المسلمين تلزمني إذا كانت الدنيا في يدي وتجبي إلى الأموال، وأما إذا كانت حالي هذه فلا يلزمني شيء، وإنما يلزم من البلاد في يده وليس لي إلا الخطبة، فإن شئتم أن أعتزل فعلت.
وترددت الرسائل بينهما حتى وصل الحال إلى تهديد الخليفة فبذل المطيع 400 ألف درهم، فاحتاج إلى بيع ثيابه، وأنقاض داره، وغير ذلك. وشاع بين الناس من أهل العراق وخراسان وغيرهم، أن الخليفة قد صودر ماله. فلما قبض بختيار المال صرفة في مصالحة، وبطل حديث الغزو.
الجامع الأزهروفي سنة 361هـ انتقل خلفاء الفاطميين إلى مصر، بعد استيلاء جوهر الصقلي عليها في عهد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي.
وفي 15 ذي القعدة سنة 363هـ اعتزل المطيع، ولم يكن له أثر يذكر.
خلافة أبي الفضل عبد الكريم الطائع لله بن المطيع
(من ذي القعدة 363هـ حتى رجب 381هـ)
كانت للفتنة التي قامت ببغداد بين أهل السنة والشيعة أثر كبير في إثارة الاضطرابات والفوضى ببغداد، فسفكت الدماء، وأحرقت الكرخ، التي كانت محلة الشيعة.. ولم يستطع بختيار أن يسيطر على مقاليد الأمور.
شهدت هذه الفترة صراعًا بين بختيار وعضد الدولة ابن عمه على بغداد انتهى لصالح الأخير سنة 366هـ، فتمكن من بغداد، ثم سار إلى الموصل فملكها وأزال عنها الدولة الحمدانية، واتسعت أملاكه فصار له العراق والجزيرة، والأهواز وفارس والجبال والري ثم جرجان.
كان عضد الدولة من أعقلِ آل بويه، حسن السياسة شديد الهيبة معطاء، وكان يختار على أساس الكفاءة لا الشفاعة.. توفي سنة 372هـ في شوال.
اختير بعده ابنه كاليجار المرزبان الملقب صمصام الدولة، فاضطربت في عهده الأحوال، وتقلص الملك الذي ورثه عن أبيه، حتى ضعف أمره ودخل في ولاية أخيه شرف الدولة من سنة 376هـ حتى توفي سنة 379هـ.
ثم تولى بعده بهاء الدولة أبو نصر، أخو شرف الدولة، وفي سنة 381هـ قبض بهاء الدولة على الطائع لله للاستيلاء على أمواله؛ طمعًا فيها ثم خلع.
وفي هذه الفترة قامت الدولة السبكتكينية (الغزنوية) من سنة 366هـ إلى سنة 582هـ، على يد سبكتكين كما سيأتي ذكره.
خلافة أبي العباس أحمد القادر بالله بن إسحاق بن المقتدر
(من رمضان 381هـ حتى توفي في ذي الحجة 422هـ)
تم اختياره بمعرفة آل بويه وقد كان هاربًا في زمن الطائع، فأتى به إلى بغداد واستقبل استقبالاً طيبًا من بهاء الدولة، لم يكن للخليفة شيء من السلطان كمن مضى في عهد سلاطين بني بويه، إلا أن ضعفهم أحيا للخليفة شيئًا من الكلمة والنفوذ، وكان القادر فيه من خلال الخير ما يساعد على ذلك، فقد كان حليمًا كريمًا يحب الخير وأهله، ويأمر به وينهى عن الشر، وكان حسن الاعتقاد، وصنف كتابًا على مذهب أهل السنة والجماعة ثم توفي سنة 422هـ.
خلافة أبي جعفر عبد الله القائم بأمر الله
(من ذي الحجة سنة 422هـ حتى 13 من شعبان سنة 467هـ)
وفي أول عهده ضعفت الخلافة والسلطنة جميعًا ببغداد وعمت الفوضى وشغب الجند، وكثر النزاع بين الديلم عنصر السلطان، وبين الأتراك قدماء العهد ببغداد، والعجيب أن آخر سلطان بويهي، وهو أبو نصر فنا خسرو، في ظل هذا الضعف البيِّن يطلب من الخليفة أن يلقب بالملك الرحيم، فأبى الخليفة ذلك ولكنه أصر حتى كان ذلك لقبه..!!
واستمر سلطانًا حتى قضى عليه السلطان طغرل بك السلجوقي، وبذلك انقضت مدة آل بويه التي لم تترك أثرًا صالحًا في عهد الدولة العباسية، إلا مزيدًا من الفساد والتشتت بما أظهرته من التشيع في بغداد، مع أن غالبية أهلها أهل سنة وجماعة.
خلافة المكتفي بالله علي بن المعتضد بالله
خلافة المكتفي بالله علي بن المعتضد باللهانتكست البلاد في عهد المكتفي بالله من ربيع آخر 289هـ حتى ذي القعدة 295هـ، وازدادت الصراعات والمنافسات بين ذوي النفوذ بالدولة.
أعماله
قاتل القرامطة ونظف النواحي الشامية منهم في محرم سنة 291هـ، ولكن ذلك لم يكن للمذهب القرمطي.
وضعف سلطان هذه الفرقة بالعراق بعد مقتل زكرويه[1] وأولاده وقتل أكثر دعاتهم، ولكن نفى أخطر دعاتهم وهو الجنابي بالبحرين، ولم يكن له في عهد المكتفي كبير عمل، وإنما كانت مصائبه ورزاياه في عهد المقتدر. وفي عهده انتهت دولة بني طولون بمصر سنة 292هـ على يد العباسيين، كما انتهت دولة الأغالبة بإفريقية على يد أبي عبيد الله الشيعي داعية الفاطميين بالمغرب، كما سيأتي ذكره.
خلافة جعفر المقتدر بالله بن المعتضد بالله
تولى الخلافة المقتدر بالله من ذي القعدة 295هـ حتى قتل في شوال 320هـ، وسنُّه 13 سنة عن عهد من أخيه لم يرق الأمر للناس لصغر سنه، فحدثت محاولة لخلعه من كبار القادة وتولية عبد الله بن المعتز، ولكنها فشلت.
حكومة النساء
والحقيقة أن هيبة الخلافة قد سقطت في عهد المقتدر فهو شاب صغير لا يعرف عن السياسة شيئًا، ولا من الشجاعة شيئًا وكانت له أم وقهرمانة صار لهما الحكم في كل ما يجرى من الشئون، وإليهما يتقرب بالرشوة من يريد عملاً أو وزارة، والمقتدر لاهٍ بما هو فيه من اللعب واللهو والسرف ولم يعد بيده شيء، تولى الوزارة في عهده اثنا عشر وزيرًا، منهم من تقلد الوزارة مرتين وثلاثًا وكانت تنال بالرشوة، وتدخل في أمر تعيين الوزراء النساء والخدم والحاشية، ولم يكن الصالح منهم يبقى في العمل كثيرًا لأن بقاءه يتبع رضا أم المقتدر وقهرمانته وخدم الدار، وهؤلاء لا يرضون إلا إذا حوبوا بالأموال الكثيرة التي بها تفسد المالية، وتختل موازنتها فمتى حصل التقصير عن دفع الأموال جيء بآخر يستطيع أن يدفع، وسرعان ما يقبض على الأول ويصادر ويعين الثاني.
وفي سنة 301هـ قُتِل أبو سعيد الجنابي زعيم القرامطة وتولى ابنه سعيد إلا أن أخاه أبو طاهر سليمان الجنابي قد تغلب عليه وقاد القرامطة من بعده. وفي عهده فعل القرامطة الأفاعيل واشتد نفوذه وسار نحو الكوفة وتقدم ناحية العاصمة بغداد، وهم يهزمون جيوش الخلافة الواحد تلو الآخر.
وورد الخبر بذلك إلى بغداد فخاف الخاص والعام من القرامطة خوفًا شديدًا، وعزموا على الهرب إلى حلوان وهمذان..كل ذلك وعدد القرامطة لا يزيد عن 2700 حتى أنه لما علم المقتدر بعددهم قال: (لعن الله نيفًا وثمانين ألفًا يعجزون عن ألفين وسبعمائة!!).
آثار تكسير القرامطة للحجر الأسودوفي سنة 312هـ اعترض القرمطي أبو طاهر الحسين بن سعيد الجنابي للحجيج وهم راجعون من بيت الله الحرام.. فلما حاولوا أن يدافعوا عن أنفسهم وأموالهم وأعراضهم قتل منهم خلقًا كثيرًا وأسر من نسائهم وأبنائهم، ثم بعث الخليفة بجيش بقيادة مؤنس الخادم لقتال القرامطة وأنفق على خروجه ألف ألف دينار فخافه أبو طاهر وأطلق من كان معه من أسرى الحجيج.. فسكن الأمر وانصلحت الأحوال.
وفي عهد المقتدر أعلن عبد الرحمن الناصر أمير الأندلس نفسه أميرًا للمؤمنين.
وفي إفريقية قامت الدولة الفاطمية سنة 279هـ قضت على دولة الأدارسة من المغرب الأقصى والأغالبة من إفريقية وجعلت مقرها مدينة المهدية التي أسسها عبيد الله المهدي بالقرب من القيروان، وسيأتي ذكر الدولة الفاطمية في فصل خاص.
وفي الموصل ابتدأت دولة آل حمدان ولكن لم يتمكن سلطانهم، في عهد المقتدر، قامت سنة 293هـ واستمرت حتى 380هـ وسيأتي بيان هذه الدولة..
نهاية شنيعة
كانت نهاية المقتدر بائسة، شغب الجند واستاء القادة وحصل مواجهة بينه وبين أحد أكبر القادة في عصره وأعظمهم نفوذًا وهو مؤنس الخادم الملقب بالمظفر قائد عام الجيوش وهُزِم الخليفة وقتل على يد بعض الجند وذبحوه، ثم رفعوا رأسه على خشبة وهم يكبرون ويلعنونه، وأخذوا جميع ما عليه، حتى سراويله، وتركوه مكشوفًا إلى أن مر به رجل فستره بحشيش ثم حفر له موضعه ودفن وكان عمره حين قتل 38 عامًا.
خلافة أبو محمد القاهر بن المعتضد
جاء أبو محمد القاهر من شوال 320هـ حتى خلع في جمادى الأولى 322هـ، باختيار مؤنس قائد الجيش، وكان أول ما فعله هو إحضار أم المقتدر وتعذيبها، وكانت مريضة ليعرف أين كان مالها وجواهرها فاستلب جميع ما تملك.
وكان القاهر شريرًا خبيث النية سرعان ما غدر بمؤنس، وأمر بالقبض عليه وكل من أجلسوه على كرسي الخلافة ولما تمكن منهم القاهر أمر بقتلهم وأما من بقى منهم فقد أخذ يخطط للتخلص من القاهر فقبضوا عليه وسملوا عينيه فقضوا عليه وخلعوه بتخطيط من وزيره ابن مقلة.
خلافة الراضي أبو العباس بن أحمد المقتدر
اختاره القادة وعينوه خليفة من جمادى الأولى 322هـ حتى ربيع أول سنة 329هـ، كالعادة كانت الكلمة العليا في أول عهده لمن ساعده وهو الوزير بن مقلة وحاجبه محمد بن ياقوت ولكن سرعان ما انقلب على ابن ياقوت، الذي توفي مسجونًا ثم انقلب على ابن مقلة وسجنه.
واضطربت الأحوال فاضطر الراضي أن يرسل إلى محمد بن رائق وهو بواسط يعرض عليه الولاية ببغداد، فقلده الراضي لقب أمير الأمراء وولاه الدواوين، ومن ذلك الوقت بطلت الدواوين وبطلت الوزارة وانتقل السلطان الحقيقي لابن رائق وصارت الوزارة شكلية..
حقيقة منصب أمير الأمراء
عجبًا : كان ابن رائق وكاتبه ينظران في الأمور جميعها وكذلك كل من تولى إمرة الأمراء بعده، وصارت الأموال تُحمَلُ إلى خزائنهم فيتصرفون فيها كما يريدون، ويطلقون للخليفة ما يريدون وبطلت بيوت الأموال.
ودارت صراعات ونزاعات للفوز بهذا المنصب -الذي لم يدم طويلاً لابن رائق- كلٌ يريد أن تكون له إمارة الأمراء ببغداد، والأعداء ينتقصون في كل يوم من أرض الخلافة جزءًا ولم يعد لها شيء من الهيبة ولا نفوذ الكلمة.
مشهد آل طباطبا أحد آثار الدولة الإخشيديةظهرت في عهد الراضي الدولة الإخشيدية بمصر على يد مؤسسها محمد بن طغج الإخشيدي وهو من موالي آل طولون وكان ملكه مصر سنة 323هـ إلى سنة 358هـ، وهم الذين تسلم منهم الفاطميون مصر.
ختم الراضي الخلفاء في أشياء منها
أنه آخر خليفة دون له شعر- وآخر خليفة انفرد بتدبير الملك- وآخر خليفة خطب على منبر يوم الجمعة- وآخر خليفة جالس الندماء ووصل إليه العلماء- وآخر خليفة كانت مراتبه وجوائزه وخدمه وحجابه تجري على قواعد الخلفاء المتقدمين، وفي أيامه حدث اسم أمير الأمراء في بغداد، وصار إلى أمير الأمراء الحل والعقد، والخليفة يأتمر بأمره، وليس له من نفوذ الكلمة ولا سلطان الخلافة شيء.
خلافة إبراهيم المتقي لله بن المعتمد
عين القادة المتقي لله من ربيع أول 329هـ حتى خلع في صفر 333هـ، والوزراء ولم يكن له من الأمر شيء، واشتد الصراع على منصب أمير الأمراء ولم يكن يستقر الحال لأحدهم طويلاً:
(ابن رائق - بجكم - البريدي - ناصر الدولة ابن حمدان - توزون)، واستمر الحال على ذلك حتى خلعه توزون، وسمل عينيه وأدخله بغداد وهو على هذه الحال، وأرغمه على بيعة المستكفي، ثم سجن في جزيرة بالنهر، وبقي في سجنه مدة خمس وعشرين سنة حتى توفي عام 357هـ. وفي أيام المتقي هاجم الروم المسلمين ووصلوا إلى نصيبين، فقتلوا وسبوا ما شاء لهم هواهم أن يفعلوا.
[1] كبير دعاة القرامطة.
سيطرة البويهيين على الخلافة العباسية
دور جديد للدولة العباسية
يبتدئ هذا الدور من سنة 334هـ حتى سنة 447هـ، تولى فيه الخلافة خمسة خلفاء أوَّلهم:
خلافة المستكفي أبي القاسم عبد الله بن المكتفي بن المعتضد
(من صفر 333هـ حتى خلع في جمادى الآخرة 334هـ)
ويرتبط هذا الدور بتاريخ آل بويه الديلميين، الذين كانوا أصحاب النفوذ الحقيقي والسلطان الفعلي في العراق.
استيلاء البويهيين على عاصمة الخلافة
استيلاء البويهيين على عاصمة الخلافةبلاد الديلم تقع في الجنوب الغربي من شاطئ بحر الخزر.. كانت في القديم إحدى الولايات الفارسية، إلا أن أهلها لم يكونوا من العنصر الفارسي، بل عنصر ممتاز يطلق عليه اسم الديالمة أو الجيل.
فتحت بلاد الديلم في عهد عمر بن الخطاب، وخضعت للحكم الإسلامي مع بقائهم على وثنيتهم.. وكانت تجاورهم بلاد طبرستان وأكثر أهلها دانوا بالإسلام، وكان بين الديالمة والطبريين سلم وموادعة.
واستمر الحال على ذلك بعد قيام الدولة العباسية، فلا الديالمة تحدثهم أنفسهم بالخروج إلى بلاد المسلمين، ولا المسلمون يحدثون أنفسهم بالتوغل إلى بلادهم، حتى عهد المستعين الذي أرسل محمد بن طاهر ليحكم تلك البلاد -كان ذلك سنة 250هـ- ولكن أهل طبرستان امتنعوا وأعلنوا العصيان لمحمد بن طاهر، وجعلوا عليهم الحسن بن زيد (الدولة الزيدية)، وطلبوا من الديلم أن يساعدوهم على عمال ابن طاهر ففعلوا.
وظل الحسن يحكم مدن طبرستان ثم الري وجرجان حتى مات سنة 271هـ، ثم تولى أخوه محمد بن زيد وكانت مدته مضطربة حتى قتل سنة 287هـ، وكان وجود الحسن ومحمد من أسباب شيوع الإسلام في أهل الديلم.
ثم دخل بلاد الديلم الحسن بن علي الملقب بالأطروش سنة 301هـ وأقام بينهم 13سنة يدعوهم إلى الإسلام، فأسلم منهم خلق كثيرون واجتمعوا عليه وبنى في بلادهم المساجد.. ولكن إسلامهم ملتبس بتشيع.. ثم بعد فترة استطاع الأطروش بمساعدة الديلم أن يستولي على طبرستان وجرجان من السامانيين.. ثم توفي الأطروش سنة 304هـ. وتطورت الأحوال بمرور الأيام حتى سنة 323هـ، صارت القوى الكبرى بهذه البلاد على النحو التالي:
قوة على بن بويه بفارس والري.
وقوة السامانيين بخراسان وما وراء النهر.
وكان بنو بويه ثلاثة هم: علي والحسن وأحمد، فلما ضعف سلطان الخليفة خطر ببال عليِّ بن بويه أن يرسل أخاه الأصغر أحمد ليمد سلطانه إلى الأهواز والعراق.
واستطاع أحمد أن يسيطر على الأهواز بعد حروب بينه وبين بجكم الرائقي، وانهزم بجكم وفر إلى واسط.
دولة البويهيينوكاتب قواد بغداد أحمد بن بويه يطلبون إليه المسير نحوهم للاستيلاء على بغداد فوصلها في 11 من جمادى الأولى سنة 334هـ، والخليفة هو المستكفي بالله، فقابله واحتفى به وبايعه أحمد، وحلف كل منهما لصاحبه، هذا بالخلافة وذاك بالسلطنة، وفي هذا اليوم شرّف الخليفة بني بويه بالألقاب:
فلقب عليًّا صاحب بلاد فارس (عماد الدولة).
والحسن صاحب الري والجبل (ركن الدولة).
ولقب أحمد صاحب العراق (معز الدولة).
وأمر أن تضرب ألقابهم وكُناهم على النقود.
وهذا اليوم هو تاريخ الدور الثاني للخلافة العباسية وهو تاريخ سقوط السلطان الحقيقي من أيديهم، وصيرورة الخليفة منهم رئيسًا دينيًّا لا أمر له ولا نهى ولا وزير، وإنما له كاتب يدبر إقطاعياته وإخراجاته لا غير، وصارت الوزارة لمعز الدولة يستوزر لنفسه من يشاء.
خطر ببال معز الدولة أن يزيل اسم الخلافة أيضًا عن بني العباس ويوليها علويًّا؛ لأن معز الدولة كان من قوم انتشرت فيهم تعاليم الشيعة الزيدية كما رأينا، فكانوا يعتقدون أن بني العباس قد غصبوا الخلافة وأخذوها من مستحقيها، ولكن بعض خواصه أشار عليه ألاَّ يفعل وقال له:
إنك اليوم مع خليفة تعتقد أنت وأصحابك أنه ليس من أهل الخلافة، ومتى قتلته أجلست بعض العلويين خليفة اعتقدت أنت وأصحابك صحة خلافته، فلو أمرهم بقتلك لفعلوا. فأعرض عما كان قد عزم عليه.
ما وصلت إليه الأمة الإسلامية في ذلك الوقت
- الأندلس يحكمها عبد الرحمن الناصر أمير المؤمنين.
- بلاد إفريقية ويحكمها الفاطميون.
- أقصى المغرب ويحكمها الأدارسة والقائم بالأمر منهم إسماعيل المنصور، وهو ثاني خلفائهم ويلقب بأمير المؤمنين.
- مصر والشام ويحكمها الإخشيديون، ويخطبون باسم الخليفة العباسي.
- حلب والثغور لسيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان الشيباني، ويخطبون باسم الخليفة العباسي.
- الجزيرة الفراتية لناصر الدولة الحسن بن علي بن عبد الله بن حمدان، ويخطب باسم الخليفة العباسي.
- العراق للديلم والسلطان منهم معز الدولة أحمد بن بويه، ويخطب على منابره باسم الخليفة العباسي ثم باسم معز الدولة من بعده.
- عمان واليمن والبحرين وبادية البصرة للقرامطة، ويخطبون باسم المهدي الفاطمي.
- فارس والأهواز لعليِّ بن بويه الملقب بعماد الدولة، ويخطب باسم الخليفة العباسي، وكان يلقب بأمير الأمراء؛ لأنه أكبر بني بويه.
- الجبل والري لحسن بن بويه الملقب ركن الدولة، ويخطب باسم الخليفة العباسي، وجرجان وطبرستان عليها نزاع بين آل سامان وركن الدولة.
- خراسان وما وراء النهر لآل سامان، ومقر ملكهم مدينة بخارى، ويخطبون للخليفة العباسي.
هذه هي المدن الكبرى التي كانت لأسر مملوكة في الرقعة الإسلامية، فقد تفرق هذا الملك الواسع تفرقًا غريبًا بعد أن كان متماسك الأعضاء، ويرجع كله إلى خلافة واحدة كبرى تجمع شتاته.
وقفة
ومما يستحق النظر أن العنصر العربي لم يبق له شيء من الملك، إلا ما كان لناصر الدولة وأخيه سيف الدولة من آل حمدان فإنهما من عنصر عربي، ومع هذا فقد كان النفوذ والسلطان فيما يليانه من البلاد لقواد من الأتراك ولم يكن لهما استقلال سياسي، بل كان أمر بني بويه فوقهما، وكانا يذكران اسم معز الدولة في الخطبة بعد ذكر الخليفة العباسي.
خلع المستكفي
لم يمكث المستكفي في الخلافة بعد استيلاء معز الدولة إلا أربعين يومًا وخُلِع؛ لأن معز الدولة اتهمه بالتدبير عليهم، وذلك في جمادى الآخرة سنة 334هـ.
ضعف الخلافة العباسية وزوال البويهيين
خلافة الفضل المطيع لله بن المقتدر
(من جمادى الآخرة 334هـ حتى خلع في ذي القعدة 363هـ)
أحد قصور بغداد العظيمةعانى من شغب الجند عليه فاضطر إلى استرضائهم بإقطاع القواد والجند إقطاعات السلطان وأصحاب الأملاك فخربت البلاد لذلك، وعم الغلاء والنهب.. ولم تمض سنة على بغداد حتى اشتد الغلاء فأكل الناس الميتة والكلاب، وأكل الناس خروب الشوك، وكانوا يسلقون حبه ويأكلونه فلحق الناس أمراض وأورام في أحشائهم، وكثر فيهم الموت حتى عجز الناس عن دفن الموتى فكانت الكلاب تأكل لحومهم، وانحدر كثير من أهل بغداد إلى البصرة، فمات أكثرهم في الطريق وبيعت الدور والعقارات بالخبز.
فكان نظام الإقطاعات أول فساد بالعراق، لأنه أضعف همة الفلاحين الذين يقومون بزرع الأرض وإصلاحها.
نزاع بين الجند
ظهر كذلك لون من النزاع العنصري بين الأجناد من الديلم والأتراك، وقد حاولت الديلم خلع معز الدولة، ولكن الأتراك وقفوا معه وأفسدوا هذه المحاولة، فمال إليهم معز الدولة دون الديلم، وأطلق يد الأتراك فخربوا البلاد ونهبوا الأموال.
البويهيون على خُطا العبيديين
كان أهل بغداد قبل تحكم البويهية على مذهب أهل السنة والجماعة، يحترمون جميع الصحابة، ويفضلون الشيخين على سائرها ولا يقدحون في معاوية، ولا غيره من سلف المسلمين، فلما جاءت هذه الدولة وهي متشيعة: نما مذهب الشيعية ببغداد ووجد له دعمًا من الحكومة، حتى إنه أمر بالكتابة على المساجد سنة 351هـ: "لعن الله معاوية بن أبي سفيان، ولعن من غصب فاطمة رضي الله عنها، ومن منع أن يدفن الحسن عند قبر جده u...". فلما كان الليل حكه بعض الناس، ولكن المعز أعاد كتابته.
وفي 10 من محرم سنة 352هـ أمر معز الدولة بالإضراب عن العمل، وإظهار النياحة ولبس القباب وعملوها كالمسوح وأن يخرج النساء مسودات الوجه وقد شققن ثيابهن يدرن في البلد بالنوائح على الحسين بن علي t، ففعل الناس ذلك ولم يكن للسنية قدرة على المنع لكثرة الشيعة؛ ولأن السلطان معهم.
وفي من 18 ذي الحجة لنفس العام أمر بإظهار الزينة وإشعال النيران وإظهار الفرح احتفالاً بعيد الغدير (غدير خم)، وهو الموضع الذي يروى أن رسول الله قال فيه عن علي: "من كنت مولاه فعليُّ مولاه، اللهمَّ والِ من والاه، وعاد من عاداه"، وكان يومًا مشهودًا.
فتن وحروب
حصلت حروب بين معز الدولة البويهي وناصر الدولة العربي، لم تهدأ الحروب بين الطرفين فاشتغلا بها عن كل مصلحة، وكان ذلك سببًا فيما يأتي ذكره من الضعف أمام الروم.
توفي معز الدولة 13من ربيع آخر سنة 356هـ، وتولى بعده عز الدولة بختيار بن أحمد بن بويه فظل في السلطة حتى خلعه ابن عمه سنة 367هـ. وكانت مدته عبثًا واشتغالاً باللهو والنساء، ولم يحسن معاملة من حوله حتى استوحشوا منه. وفي هذه الفترة، استطاع الروم أن يستردوا جميع الثغور الإسلامية الكبرى، وصارت لهم الهيبة في قلوب المسلمين من أهل الجزيرة والشام، بينما بنو بويه وبنو حمدان يغزو بعضهم بعضًا، وعن عدوهم مشتغلون.
موقف يوضح ما وصل إليه الحال
سنة 361هـ أغار ملك الروم على الرها ونواحيها وساروا في الجزيرة حتى بلغوا نصيبين، فحرقوا البلاد وخربوها، فسار جماعة أهل تلك البلاد إلى بغداد مستنصرين، وقاموا في الجوامع والمشاهد واستنفروا المسلمين، وذكروا ما فعله الروم من النهب والقتل والأسر والسبي، فاستعظم الناس ذلك، فسار معهم أهل بغداد، وقصدوا دار الخليفة وأرادوا الهجوم عليه، فمنعوا من ذلك، وكان بختيار يصطاد بنواحي الكوفة، فخرج إليه وجوه أهل بغداد مستغيثين منكرين عليه اشتغاله بالصيد، وقتال عمران بن شاهين صاحب البطيحة -وهو مسلم- وترك جهاد الروم، ومنعهم عن ديار الإسلام فوعدهم بالتجهيز للجهاد، وأرسل إلى سبكتكين يأمره بالتجهيز وأن يستنفر العامة، فاجتمع معه عدد كثير لا يحصون.
وكتب بختيار إلى أبي تغلب بن حمدان صاحب الموصل يأمره بإعداد الميرة والعلوفات، ويعرفه عزمه على الجهاد والغزو فأجابه بإظهار السرور.. ثم أرسل بختيار إلى المطيع لله يطلب منه مالاً، فقال المطيع: إن الغزو والنفقة عليه وعلى غيره من مصالح المسلمين تلزمني إذا كانت الدنيا في يدي وتجبي إلى الأموال، وأما إذا كانت حالي هذه فلا يلزمني شيء، وإنما يلزم من البلاد في يده وليس لي إلا الخطبة، فإن شئتم أن أعتزل فعلت.
وترددت الرسائل بينهما حتى وصل الحال إلى تهديد الخليفة فبذل المطيع 400 ألف درهم، فاحتاج إلى بيع ثيابه، وأنقاض داره، وغير ذلك. وشاع بين الناس من أهل العراق وخراسان وغيرهم، أن الخليفة قد صودر ماله. فلما قبض بختيار المال صرفة في مصالحة، وبطل حديث الغزو.
الجامع الأزهروفي سنة 361هـ انتقل خلفاء الفاطميين إلى مصر، بعد استيلاء جوهر الصقلي عليها في عهد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي.
وفي 15 ذي القعدة سنة 363هـ اعتزل المطيع، ولم يكن له أثر يذكر.
خلافة أبي الفضل عبد الكريم الطائع لله بن المطيع
(من ذي القعدة 363هـ حتى رجب 381هـ)
كانت للفتنة التي قامت ببغداد بين أهل السنة والشيعة أثر كبير في إثارة الاضطرابات والفوضى ببغداد، فسفكت الدماء، وأحرقت الكرخ، التي كانت محلة الشيعة.. ولم يستطع بختيار أن يسيطر على مقاليد الأمور.
شهدت هذه الفترة صراعًا بين بختيار وعضد الدولة ابن عمه على بغداد انتهى لصالح الأخير سنة 366هـ، فتمكن من بغداد، ثم سار إلى الموصل فملكها وأزال عنها الدولة الحمدانية، واتسعت أملاكه فصار له العراق والجزيرة، والأهواز وفارس والجبال والري ثم جرجان.
كان عضد الدولة من أعقلِ آل بويه، حسن السياسة شديد الهيبة معطاء، وكان يختار على أساس الكفاءة لا الشفاعة.. توفي سنة 372هـ في شوال.
اختير بعده ابنه كاليجار المرزبان الملقب صمصام الدولة، فاضطربت في عهده الأحوال، وتقلص الملك الذي ورثه عن أبيه، حتى ضعف أمره ودخل في ولاية أخيه شرف الدولة من سنة 376هـ حتى توفي سنة 379هـ.
ثم تولى بعده بهاء الدولة أبو نصر، أخو شرف الدولة، وفي سنة 381هـ قبض بهاء الدولة على الطائع لله للاستيلاء على أمواله؛ طمعًا فيها ثم خلع.
وفي هذه الفترة قامت الدولة السبكتكينية (الغزنوية) من سنة 366هـ إلى سنة 582هـ، على يد سبكتكين كما سيأتي ذكره.
خلافة أبي العباس أحمد القادر بالله بن إسحاق بن المقتدر
(من رمضان 381هـ حتى توفي في ذي الحجة 422هـ)
تم اختياره بمعرفة آل بويه وقد كان هاربًا في زمن الطائع، فأتى به إلى بغداد واستقبل استقبالاً طيبًا من بهاء الدولة، لم يكن للخليفة شيء من السلطان كمن مضى في عهد سلاطين بني بويه، إلا أن ضعفهم أحيا للخليفة شيئًا من الكلمة والنفوذ، وكان القادر فيه من خلال الخير ما يساعد على ذلك، فقد كان حليمًا كريمًا يحب الخير وأهله، ويأمر به وينهى عن الشر، وكان حسن الاعتقاد، وصنف كتابًا على مذهب أهل السنة والجماعة ثم توفي سنة 422هـ.
خلافة أبي جعفر عبد الله القائم بأمر الله
(من ذي الحجة سنة 422هـ حتى 13 من شعبان سنة 467هـ)
وفي أول عهده ضعفت الخلافة والسلطنة جميعًا ببغداد وعمت الفوضى وشغب الجند، وكثر النزاع بين الديلم عنصر السلطان، وبين الأتراك قدماء العهد ببغداد، والعجيب أن آخر سلطان بويهي، وهو أبو نصر فنا خسرو، في ظل هذا الضعف البيِّن يطلب من الخليفة أن يلقب بالملك الرحيم، فأبى الخليفة ذلك ولكنه أصر حتى كان ذلك لقبه..!!
واستمر سلطانًا حتى قضى عليه السلطان طغرل بك السلجوقي، وبذلك انقضت مدة آل بويه التي لم تترك أثرًا صالحًا في عهد الدولة العباسية، إلا مزيدًا من الفساد والتشتت بما أظهرته من التشيع في بغداد، مع أن غالبية أهلها أهل سنة وجماعة.
- angelالمدير العام
- عدد المساهمات : 8871
نقاط : 14094
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 27/10/2011
الموقع : عمان
المزاج : إذا ضبطت نفسك متلبساً بالغيرة "على " إنسان ما فتفقد أحاسيسك جيداً فقد تكون في حالة " حب " وأنت "لا تعلم"..
رد: تاريخ الدوله العباسية 7
الجمعة ديسمبر 02, 2011 9:43 pm
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
- ابو ادممشرف عام
- عدد المساهمات : 5188
نقاط : 7790
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 26/10/2011
العمر : 45
الموقع : google
المزاج : مصدهج
رد: تاريخ الدوله العباسية 7
الأحد ديسمبر 04, 2011 3:10 am
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
- ابو ادممشرف عام
- عدد المساهمات : 5188
نقاط : 7790
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 26/10/2011
العمر : 45
الموقع : google
المزاج : مصدهج
رد: تاريخ الدوله العباسية 7
الأحد ديسمبر 04, 2011 3:12 am
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
تاريخ الدوله العباسية 7
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى