- angelالمدير العام
- عدد المساهمات : 8871
نقاط : 14094
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 27/10/2011
الموقع : عمان
المزاج : إذا ضبطت نفسك متلبساً بالغيرة "على " إنسان ما فتفقد أحاسيسك جيداً فقد تكون في حالة " حب " وأنت "لا تعلم"..
تل ابيب تقرع طبول «حرب الغاز» وتحذر بيروت من الاقتراب
الأحد ديسمبر 11, 2011 9:45 pm
اي من البواخر التي شاركت في عمليات البحث عن الصندوق الاسود للطائرة الاثيوبية التي تحطمت في ظروف غامضة فوق السواحل اللبنانية في كانون الثاني 2010 كانت اسرائيلية ..؟ وهل كانت تل ابيب بحاجة الى اسقاط او سقوط الطائرة الاثيوبية بعد دقائق من اقلاعها من مطار بيروت حتى تتمكن من الوصول الى السواحل اللبنانية وتمكث فيها 17 يوما ..؟ وما الذي جرى بعد انتهاء المهمة ..؟ ولماذا التزمت الحكومة الاسرائيلية الصمت لـ 58 يوما قبل ان تعلن عن اكتشافها كميات ضخمة من الغاز والنفط في البقعة البحرية التي شملتها عمليات البحث عن صندوق الطائرة الاثيوبية..؟ كل هذه الاسئلة التي كانت صعبة وباتت اليوم لا تحتاج الى اجابات بحكم تطورات الاحداث وكشف معلومات بالغة الدقة والسرية وقبل الخوض في تفاصيل ما جرى لا بد من الاشارة الى ان عمليات البحث عن حطام الطائرة الاثيوبية في اعماق المتوسط شاركت فيها سفينة خاصة تملك قدرات تقنية عالية متخصصة في سبر اعماق البحار، بالاضافة الى قطع بحرية تابعة للولايات المتحدة وقوة الامم المتحدة المؤقتة العاملة في لبنان وفنيين فرنسيين الى جانب وحدات الجيش اللبناني المتخصصة.
ولعل ما وضع علامات استفهام كبيرة على العملية برمتها لجهة سقوط او اسقاط الطائرة التي كان على متنها 92 راكبا او لجهة عدم الكشف عن الاسباب الحقيقية لعملية انشطار الطائرة في الجو واستقرارها في اعماق المتوسط..
الروايات برمتها كانت الغازا واللغز الاكبر تمثل في الفترة الزمينة التي مكثتها بواخر «الانقاذ» في السواحل اللبنانية في مهمة كانت واضحة في ظاهرها لكنها غامضة في تفاصيلها .
معلومات بالغة الدقة كشفت ان بعض البواخر التي شاركت في عمليات البحث في السواحل اللبنانية الممتدة من قبالة العاصمة بيروت حتى صيدا جنوبا كانت متخصصة في المسح الجيولوجي ومهمتها كانت محصورة ليس في البحث عن بقايا الطائرة الاثيوبية او صندوقها الاسود وانما عن حقول النفط والغاز .
وكانت المفاجأة اعلان تل ابيب بعد صمت استمر 58 يوما عن اكتشافها لهذه الحقول وهو الامر الذي استفز الحكومة اللبنانية التي اعتبرت ما تقوم به اسرائيل هو استيلاء وقرصنة للمياه اللبنانية وما تحتويه وبقي الجدل قائما والتجاذب السياسي كذلك انما الوقائع الثابتة بقيت تثقل العاصمة بيروت التي باتت تعلم انها سائرة نحو مواجهة قد تتحول الى حرب اقليمية تحت عنوان نزاع النفط.
المواجهة الجديدة ستدور على مقربة من الساحل اللبناني امتداداً حتى الحدود البحرية المتنازع عليها مع اسرائيل لكن هناك جانبا من حدود آبار لبنان متجاورا مع خط الحدود البحرية مع اسرائيل وهي منطقة متنازع عليها تحاول اسرائيل بكافة الطرق لقضم ولو جزء يسير من الحقل النفطي تمهيداً لسحب أكبر كمية من النفط والغاز بعدما أنجزت عقوداً عدّة مع دول باعت بموجبها كميّات ضخمة منها لها مع تعهد باستخراجها ضمن مهل قصيرة .
لبنان الذي يعتزم التحرك بكل الاتجاهات لمنع اسرائيل من الاستيلاء على حقول النفط والغاز في سواحله واجه خلال الساعات الماضية تحركات اسرائيلية عاجلة حملت الطابع العسكري عندما قرر سلاح الجو الإسرائيلى استخدام طائرات بدون طيار للقيام بطلعات جوية للمراقبة والاستطلاع على حقول الغاز المتنازع عليها فى البحر الأبيض المتوسط.
وجاء قرار سلاح الجو بنشر الطائرات بعد ان وضع سلاح البحرية الإسرائيلى خطة تنفيذية لحماية حقول الغاز البحرية واتخذ قرارا بالاستعانة بطائرات سلاح الجو حتى تكون الحقول تحت الحراسة على مدار 24 ساعة.
القيادة العسكرية في تل ابيب اكدت «إن الطائرات بدون طيار هى جزء حاسم فى ساحة المعركة اليوم من خلال الزيادة الكبيرة فى ساعات الطيران وأنها يمكن أن تساهم أيضا فى حماية الحقول».
وكانت الحكومة الاسرائيلية صادقت في وقت سابق على نقاط العلامات لخط الحدود البحرية مع لبنان بشكل يتعارض مع الخرائط التي كان لبنان قدمها الى الامم المتحدة حيث ضمت منطقة على الحدود البحرية تبلغ مساحتها 850 كيلومترا مربعا فيها ثروة نفطية تقدر بمليارات الدولارات.
وقال لبنان انه سيتقدم بشكوى لدى الامم المتحدة احتجاجا على قيام اسرائيل بتحديد الحدود البحرية الاقتصادية التي تتعارض مع الحدود التي قدمها الى المنظمة الدولية.
ومن المفروض ان تبدأ الحكومة اللبنانية استدراجات العروض لاستخراج الغاز على مساحة تبلغ 22 الفا و500 كيلومتر تختزن كميات هائلة من النفط والغاز تقدر بمئات المليارات من الدولارات.
واكتسبت القضية أهمية كبرى بعد اكتشاف حقلي تمار واللوثيان للغاز الطبيعي في المياه الاسرائيلية وتقدر قيمتهما بعشرات المليارات من الدولارات.
وتؤكد التقارير المتخصة بشان هذه القضية انه اذا كانت اسرائيل قد سبقت لبنان بالتنقيب عن الغاز والبترول وامتدت أطماعها بالتالي إلى الحقول المشتركة مع لبنان وغزة فإنه يلزم لبنان 4 سنوات ليبدأ بإنتاج الغاز والنفط من حقوله البحرية منذ بدء الشركات المعنية عملها بالتنقيب وهو ما تستعجله حكومة نجيب ميقاتي التي أعلنت أن ملف الغاز والنفط هو على رأس أولوياتها وبدأ حراكها التنفيذي بالفعل لإظهار وتعزيز وتحصين حقوق لبنان في ثرواته الطبيعية.
وتقول التقارير انه منذ الثمانينيات قدم خبراء جيولوجيون اسرائيليون دراسات علمية خاصة تؤكد وجود آبار نفط وغاز بكميات هائلة في المياه الإقليمية لفلسطين امتدادا طبعا إلى مياه غزة ولبنان وسورية وقبرص.
وبعد انسحابها من لبنان في العام 2000 بدأت اسرائيل جدياً عمليات المسح الزلزالي للجرف البحري لشرق الأبيض المتوسط باكمله فتبين لها بعدما استخدمت الأقمار الاصطناعية الأميركية السرية أن 61.01 كلم من حوض النفط الكبير والمكثف يمتد ضمن الحدود البحرية لفلسطين في ما يمتد القسم الثاني بطول 120 كلم قبالة الشواطىء اللبنانية ويصل إلى 50 كلم كاقرب نقطة الى جزيرة قبرص.
اما الأرقام الحقيقية للمخزون النفطي والغازي لهذا الجوف البحري المتوسطي فلا تزال غير معلنة عن قصد من طرف الإسرائيلي خشية إثارة الانتباه وللتغطية على ما بدأت بالاستيلاء عليه من الحقول النفطية اللبنانية والفلسطينية لجهة قطاع غزة المحاصر.
لكن شركة نوبل اينيرجي الأميركية المعنية بمسح الطاقة واستخراجها، والتي لها حصة كبيرة من الحقل الاكبر المكتشف في الحوض الشرقي المتوسطي ليفياثان تقدر بـ 39.66%، (يحتوي هذا الحقل وحده على 450 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي) تقول ان هذا الحقل مع حقل آخر أصغر منه هو تمارا يقع مقابل مرفأ حيفا بمسافة 90 كلم ويحتوي على ما يتجاوز الـ 8 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي.
تقول نوبل إينيرجي وفقا للتقارير إن هذين الحقلين الغازيين متلاصقان في موقعهما داخل المياه الإقليمية والاقتصادية اللبنانية- الاسرائيلية. لا بل وأكثر من ذلك يذهب الخبير النفطي اللبناني د. علي حيدر «إلى أن ربع إلى ثلث حقل ليفياثان على الأقل يقع في الجانب اللبناني ما يعني أن إسرائيل فتحت شهيتها بالكامل على سرقة كل ما تبقى من كنوز هذا البئر الذي يعتبره رئيس مجلس إدارة شركة نوبل إينيرجي تشارلز ديفيدسون «الأهم والأغزر بين آبار الغاز الطبيعية المكتشفة حديثاً في العالم».
ويرجح ديفيدسون وجود حقل نفطي في قعر هذا البئر او تحت مصائده يقدر بحوالى 2.6 برميل من النفط الخام. ما يضاعف من الاهتمام الإسرائيلي وبالتالي منع لبنان من أي نوع من أنواع المطالبة بحقوقه في هذا الحقل وغيره من الحقول المتداخلة في مياهه الإقليمية والاقتصادية.
وفي هذا الإطار هدد وزير البنى التحتية الإسرائيلي عوزي لاندو لبنان بأن «اسرائيل ستدافع عن مكتسباتها في هذا الحقل أو غيره من حقول الحوض المتوسطي بكل ما يلزم من قوة». ومثله هدد رئيس وزرائه نتنياهو لاحقا لبنان أيضاً قائلا: « ان هذه الموارد الطبيعية (حقول الغاز) هي هدف استراتيجي كبير الأهمية وسوف يسعى (اعداء) إسرائيل إلى النيل منه، ولقد عقدت العزم مع حكومتي على أن ندافع عن تلك الموارد بجميع الوسائل المتاحة».
وبما أن حقل ليفياثان ومعه حقل تمارا، يكفيان وحدهما ليس لسد حاجات إسرائيل من الغاز الطبيعي على مدى 35 عاماً فقط ( وليس20 عاماً كما هو متداول) وإنما يجعلان منها دولة مصدرة للغاز تحمل الرقم 4 عالميا بعد روسيا وقطر وإيران.. لأن الأمر كذلك فقد أقدمت إسرائيل على ترسيم الحدود البحرية من جانب واحد ووفق ما يحلو لها ضاربة عرض الحائط بكل القوانين البحرية الدولية التي لا تعترف بها أصلاً. كما أنها هي الدولة الوحيدة في العالم المنتسبة إلى الأمم المتحدة من دون ترسيم نهائي لحدودها في البر والبحر الأمر الذي يجعل تطورات الأمور معها معقدة جدا، وليس امام الطرف الذي ينازعها هنا اي خيار سوى الحرب معها او الإذعان لشروطها.
ويبدو ان لبنان لن يرضخ للشروط الإسرائيلية وسيدافع عن حقوقه في ثروته البحرية بكل الوسائل المتاحة. هذا على الأقل ما قالته الحكومة اللبنانية مبينة أن أكثر من عشر شركات نفط عالمية تقدمت للاستثمار في هذا المجال «حيث إن لدى لبنان ثروة كبيرة من الغاز والنفط موزعة في مياهنا البحرية الإقليمية وخصوصاً عند حدودنا الجنوبية».
جدير بالذكر أن مجلس الوزراء الإسرائيلي كان قد أقدم على إجراء آحادي الجانب يقضي بترسيم حدود إسرائيل البحرية مع لبنان بالاستناد إلى اتفاق كانت الحكومة اللبنانية قد وقعته بالأحرف الأولى مع قبرص في العام 2007، فأضافت الى حصتها المشكوك فيها اصلا منطقة بحرية تزيد مساحتها على العشرين كلم طولا تحتوي على كميات هائلة من النفط والغاز الطبيعي. وتجاهلت إسرائيل كما العادة- احتجاج لبنان وتحذيره لها من الاستيلاء على مياهه البحرية واستغلال موارده باعتبار ذلك يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولسيادة دولة مستقلة عضو في الأمم المتحدة. لجأ لبنان إلى قوات الطوارىء الدولية (اليونيفل) الموجودة على أراضيه بهدف المساعدة على ترسيم الخط البحري مع الدولة العبرية لكن هذه القوات رفضت قائلة إن هذه المهمة ليست من اختصاصها. وإن كانت تراجعت (أي اليونيفل) لاحقا عن هذا الموقف على لسان قائدها اللواء «البرتو أسارتا» معلنة استعدادها لتنفيذ مهمة الترسيم فور ما يطلب منها ذلك دوليا وإقليميا. وعلى الرغم من أن الحكومة اللبنانية أعدت ملفا خاصا جديدا سترسله إلى الأمم المتحدة صادق عليه مجلس النواب اللبناني يتناول حدود لبنان البحرية، الإقليمية منها والاقتصادية مستندا بذلك إلى اتفاقية قانون البحار الصادرة عن الأمم المتحدة في العام 1982، والتي تنص على أن البحر الإقليمي للبنان هو 12 ميلا، أي 20 كلم مربعا، بدءا من الشاطىء، ويحق للدولة الساحلية المعنية أن تضيف 12 ميلا أخرى إذا وجد من ضمن هذه المساحة من البحر ثروات طبيعية ومصالح اخرى.. على الرغم من ذلك كله فإن إسرائيل تدعي أن ثروة الغاز الكامنة في البحر تجاه منطقة صور- الناقورة، وهي مياه إقليمية لبنانية صرف، هي حق لها طالما ليس هناك أي ترسيم للحدود البرية والبحرية بينها وبين لبنان. وما الخط الأزرق التي رسمته الأمم المتحدة على طول الحدود البرية بين البلدين المتحاربين، سوى تخطيط أولي لضبط التجاوزات ولتحديد مهام قوات الأمم المتحدة. وأي ناظر للخارطة الجغرافية اللبنانية يلحظ أن إسرائيل رسمت حدودها المائية في البحر انطلاقا من خط يبدأ من لسان الجليل البري الفاصل بين لبنان وسورية، وصولاً إلى نقطة «أبو الأسود» على الساحل اللبناني، ثم عبر البحر حتى المياه الإقليمية القبرصية.. وعليه فإن ما تلى نقطة «أبو الأسود» إلى آخر الساحل اللبناني في «الناقورة» أي على الحدود مع فلسطين المحتلة فلا يعتبر ما يقابله في البحر بالمنطق الإسرائيلي، كمياه إقليمية لبنانية، بل كمياه إقليمية إسرائيلية.
يقول افيغدور ليبرمان وزير خارجية إسرائيل « إن إسرائيل ستعرض على الأمم المتحدة ترسيم ما تعتبره من جانبها منطقتها الاقتصادية الإقليمية في البحر الأبيض المتوسط، والتي يوجد فيها حقول للغاز يطالب بها لبنان أيضا.. وسوف لن نسمح لأحد بالاعتداء على حقوقنا.. في البحر كما في البر».
كما صرح ناطق إسرائيلي آخر باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو( داني أيالون) بأن ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل يكون من البر أولا وبعدها من البحر.. «والآن ليس أمامنا وقد قام اللبنانيون بإرسال خرائطهم سوى ترسيم حدودنا البحرية بانفسنا».
ولبنان بطبيعة الحال، لا مصلحة له في حدوث مطلق حرب مع إسرائيل إذا كانت، بالطبع حقوقه في مياهه الإقليمية والاقتصادية مؤمنة إلى آخر نقطة نفط، أو آخر ليتر غاز مكعب.
ثم إن حصة لبنان هي الأكبر في حقول النفط والغاز المكتشفة كلها في البحر الأبيض المتوسط، بحسب شركة نوبل إينيرجي الأميركية نفسها، ما يعني أنه الأحرص على عدم حدوث أي حرب مع إسرائيل.. اقتصادية كانت أم غير ذلك.
ويقول الخبير العسكري اللبناني العميد المتقاعد أمين حطيط إن النزاع بين لبنان وإسرائيل حول الغاز والنفط مفتوح على احتمالين، فإما أن يأخذ النزاع شكلا سياسيا ودبلوماسيا وقضائيا وقانونيا، وفي هذا الوضع من المؤكد أن لبنان هو الرابح، بخاصة أن الأمم المتحدة ستستند إلى قانون البحار للحكم في اي نزاع.
والاحتمال الثاني هو أن ترفض إسرائيل الإذعان لقانون البحار، ما يفتح المجال أمام ثلاث فرضيات: الأولى أن لا تجد إسرائيل شركات تتعامل معها للتنقيب عن النفط والغاز، والثانية أن تنجح إسرائيل في استقدام شركات للتنقيب ولكن من دون الدخول في منطقة النزاع بين لبنان وإسرائيل ومراعاة المجال البحري اللبناني.
اما الفرضية الثالثة، فهي أن تقوم شركات النفط بنصب منصات التنقيب في المنطقة الاقتصادية اللبنانية في ظل عجز الأمم المتحدة عن إلزام إسرائيل التوقيع على قانون البحار، وفي هذه الحالة يصبح احتمال الاشتباك العسكري مرجحا، لأن لبنان بحسب المواقف التي صدرت عن مسؤوليه بإجماع لن يسمح باغتصاب حقوقه.
ولعل ما وضع علامات استفهام كبيرة على العملية برمتها لجهة سقوط او اسقاط الطائرة التي كان على متنها 92 راكبا او لجهة عدم الكشف عن الاسباب الحقيقية لعملية انشطار الطائرة في الجو واستقرارها في اعماق المتوسط..
الروايات برمتها كانت الغازا واللغز الاكبر تمثل في الفترة الزمينة التي مكثتها بواخر «الانقاذ» في السواحل اللبنانية في مهمة كانت واضحة في ظاهرها لكنها غامضة في تفاصيلها .
معلومات بالغة الدقة كشفت ان بعض البواخر التي شاركت في عمليات البحث في السواحل اللبنانية الممتدة من قبالة العاصمة بيروت حتى صيدا جنوبا كانت متخصصة في المسح الجيولوجي ومهمتها كانت محصورة ليس في البحث عن بقايا الطائرة الاثيوبية او صندوقها الاسود وانما عن حقول النفط والغاز .
وكانت المفاجأة اعلان تل ابيب بعد صمت استمر 58 يوما عن اكتشافها لهذه الحقول وهو الامر الذي استفز الحكومة اللبنانية التي اعتبرت ما تقوم به اسرائيل هو استيلاء وقرصنة للمياه اللبنانية وما تحتويه وبقي الجدل قائما والتجاذب السياسي كذلك انما الوقائع الثابتة بقيت تثقل العاصمة بيروت التي باتت تعلم انها سائرة نحو مواجهة قد تتحول الى حرب اقليمية تحت عنوان نزاع النفط.
المواجهة الجديدة ستدور على مقربة من الساحل اللبناني امتداداً حتى الحدود البحرية المتنازع عليها مع اسرائيل لكن هناك جانبا من حدود آبار لبنان متجاورا مع خط الحدود البحرية مع اسرائيل وهي منطقة متنازع عليها تحاول اسرائيل بكافة الطرق لقضم ولو جزء يسير من الحقل النفطي تمهيداً لسحب أكبر كمية من النفط والغاز بعدما أنجزت عقوداً عدّة مع دول باعت بموجبها كميّات ضخمة منها لها مع تعهد باستخراجها ضمن مهل قصيرة .
لبنان الذي يعتزم التحرك بكل الاتجاهات لمنع اسرائيل من الاستيلاء على حقول النفط والغاز في سواحله واجه خلال الساعات الماضية تحركات اسرائيلية عاجلة حملت الطابع العسكري عندما قرر سلاح الجو الإسرائيلى استخدام طائرات بدون طيار للقيام بطلعات جوية للمراقبة والاستطلاع على حقول الغاز المتنازع عليها فى البحر الأبيض المتوسط.
وجاء قرار سلاح الجو بنشر الطائرات بعد ان وضع سلاح البحرية الإسرائيلى خطة تنفيذية لحماية حقول الغاز البحرية واتخذ قرارا بالاستعانة بطائرات سلاح الجو حتى تكون الحقول تحت الحراسة على مدار 24 ساعة.
القيادة العسكرية في تل ابيب اكدت «إن الطائرات بدون طيار هى جزء حاسم فى ساحة المعركة اليوم من خلال الزيادة الكبيرة فى ساعات الطيران وأنها يمكن أن تساهم أيضا فى حماية الحقول».
وكانت الحكومة الاسرائيلية صادقت في وقت سابق على نقاط العلامات لخط الحدود البحرية مع لبنان بشكل يتعارض مع الخرائط التي كان لبنان قدمها الى الامم المتحدة حيث ضمت منطقة على الحدود البحرية تبلغ مساحتها 850 كيلومترا مربعا فيها ثروة نفطية تقدر بمليارات الدولارات.
وقال لبنان انه سيتقدم بشكوى لدى الامم المتحدة احتجاجا على قيام اسرائيل بتحديد الحدود البحرية الاقتصادية التي تتعارض مع الحدود التي قدمها الى المنظمة الدولية.
ومن المفروض ان تبدأ الحكومة اللبنانية استدراجات العروض لاستخراج الغاز على مساحة تبلغ 22 الفا و500 كيلومتر تختزن كميات هائلة من النفط والغاز تقدر بمئات المليارات من الدولارات.
واكتسبت القضية أهمية كبرى بعد اكتشاف حقلي تمار واللوثيان للغاز الطبيعي في المياه الاسرائيلية وتقدر قيمتهما بعشرات المليارات من الدولارات.
وتؤكد التقارير المتخصة بشان هذه القضية انه اذا كانت اسرائيل قد سبقت لبنان بالتنقيب عن الغاز والبترول وامتدت أطماعها بالتالي إلى الحقول المشتركة مع لبنان وغزة فإنه يلزم لبنان 4 سنوات ليبدأ بإنتاج الغاز والنفط من حقوله البحرية منذ بدء الشركات المعنية عملها بالتنقيب وهو ما تستعجله حكومة نجيب ميقاتي التي أعلنت أن ملف الغاز والنفط هو على رأس أولوياتها وبدأ حراكها التنفيذي بالفعل لإظهار وتعزيز وتحصين حقوق لبنان في ثرواته الطبيعية.
وتقول التقارير انه منذ الثمانينيات قدم خبراء جيولوجيون اسرائيليون دراسات علمية خاصة تؤكد وجود آبار نفط وغاز بكميات هائلة في المياه الإقليمية لفلسطين امتدادا طبعا إلى مياه غزة ولبنان وسورية وقبرص.
وبعد انسحابها من لبنان في العام 2000 بدأت اسرائيل جدياً عمليات المسح الزلزالي للجرف البحري لشرق الأبيض المتوسط باكمله فتبين لها بعدما استخدمت الأقمار الاصطناعية الأميركية السرية أن 61.01 كلم من حوض النفط الكبير والمكثف يمتد ضمن الحدود البحرية لفلسطين في ما يمتد القسم الثاني بطول 120 كلم قبالة الشواطىء اللبنانية ويصل إلى 50 كلم كاقرب نقطة الى جزيرة قبرص.
اما الأرقام الحقيقية للمخزون النفطي والغازي لهذا الجوف البحري المتوسطي فلا تزال غير معلنة عن قصد من طرف الإسرائيلي خشية إثارة الانتباه وللتغطية على ما بدأت بالاستيلاء عليه من الحقول النفطية اللبنانية والفلسطينية لجهة قطاع غزة المحاصر.
لكن شركة نوبل اينيرجي الأميركية المعنية بمسح الطاقة واستخراجها، والتي لها حصة كبيرة من الحقل الاكبر المكتشف في الحوض الشرقي المتوسطي ليفياثان تقدر بـ 39.66%، (يحتوي هذا الحقل وحده على 450 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي) تقول ان هذا الحقل مع حقل آخر أصغر منه هو تمارا يقع مقابل مرفأ حيفا بمسافة 90 كلم ويحتوي على ما يتجاوز الـ 8 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي.
تقول نوبل إينيرجي وفقا للتقارير إن هذين الحقلين الغازيين متلاصقان في موقعهما داخل المياه الإقليمية والاقتصادية اللبنانية- الاسرائيلية. لا بل وأكثر من ذلك يذهب الخبير النفطي اللبناني د. علي حيدر «إلى أن ربع إلى ثلث حقل ليفياثان على الأقل يقع في الجانب اللبناني ما يعني أن إسرائيل فتحت شهيتها بالكامل على سرقة كل ما تبقى من كنوز هذا البئر الذي يعتبره رئيس مجلس إدارة شركة نوبل إينيرجي تشارلز ديفيدسون «الأهم والأغزر بين آبار الغاز الطبيعية المكتشفة حديثاً في العالم».
ويرجح ديفيدسون وجود حقل نفطي في قعر هذا البئر او تحت مصائده يقدر بحوالى 2.6 برميل من النفط الخام. ما يضاعف من الاهتمام الإسرائيلي وبالتالي منع لبنان من أي نوع من أنواع المطالبة بحقوقه في هذا الحقل وغيره من الحقول المتداخلة في مياهه الإقليمية والاقتصادية.
وفي هذا الإطار هدد وزير البنى التحتية الإسرائيلي عوزي لاندو لبنان بأن «اسرائيل ستدافع عن مكتسباتها في هذا الحقل أو غيره من حقول الحوض المتوسطي بكل ما يلزم من قوة». ومثله هدد رئيس وزرائه نتنياهو لاحقا لبنان أيضاً قائلا: « ان هذه الموارد الطبيعية (حقول الغاز) هي هدف استراتيجي كبير الأهمية وسوف يسعى (اعداء) إسرائيل إلى النيل منه، ولقد عقدت العزم مع حكومتي على أن ندافع عن تلك الموارد بجميع الوسائل المتاحة».
وبما أن حقل ليفياثان ومعه حقل تمارا، يكفيان وحدهما ليس لسد حاجات إسرائيل من الغاز الطبيعي على مدى 35 عاماً فقط ( وليس20 عاماً كما هو متداول) وإنما يجعلان منها دولة مصدرة للغاز تحمل الرقم 4 عالميا بعد روسيا وقطر وإيران.. لأن الأمر كذلك فقد أقدمت إسرائيل على ترسيم الحدود البحرية من جانب واحد ووفق ما يحلو لها ضاربة عرض الحائط بكل القوانين البحرية الدولية التي لا تعترف بها أصلاً. كما أنها هي الدولة الوحيدة في العالم المنتسبة إلى الأمم المتحدة من دون ترسيم نهائي لحدودها في البر والبحر الأمر الذي يجعل تطورات الأمور معها معقدة جدا، وليس امام الطرف الذي ينازعها هنا اي خيار سوى الحرب معها او الإذعان لشروطها.
ويبدو ان لبنان لن يرضخ للشروط الإسرائيلية وسيدافع عن حقوقه في ثروته البحرية بكل الوسائل المتاحة. هذا على الأقل ما قالته الحكومة اللبنانية مبينة أن أكثر من عشر شركات نفط عالمية تقدمت للاستثمار في هذا المجال «حيث إن لدى لبنان ثروة كبيرة من الغاز والنفط موزعة في مياهنا البحرية الإقليمية وخصوصاً عند حدودنا الجنوبية».
جدير بالذكر أن مجلس الوزراء الإسرائيلي كان قد أقدم على إجراء آحادي الجانب يقضي بترسيم حدود إسرائيل البحرية مع لبنان بالاستناد إلى اتفاق كانت الحكومة اللبنانية قد وقعته بالأحرف الأولى مع قبرص في العام 2007، فأضافت الى حصتها المشكوك فيها اصلا منطقة بحرية تزيد مساحتها على العشرين كلم طولا تحتوي على كميات هائلة من النفط والغاز الطبيعي. وتجاهلت إسرائيل كما العادة- احتجاج لبنان وتحذيره لها من الاستيلاء على مياهه البحرية واستغلال موارده باعتبار ذلك يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولسيادة دولة مستقلة عضو في الأمم المتحدة. لجأ لبنان إلى قوات الطوارىء الدولية (اليونيفل) الموجودة على أراضيه بهدف المساعدة على ترسيم الخط البحري مع الدولة العبرية لكن هذه القوات رفضت قائلة إن هذه المهمة ليست من اختصاصها. وإن كانت تراجعت (أي اليونيفل) لاحقا عن هذا الموقف على لسان قائدها اللواء «البرتو أسارتا» معلنة استعدادها لتنفيذ مهمة الترسيم فور ما يطلب منها ذلك دوليا وإقليميا. وعلى الرغم من أن الحكومة اللبنانية أعدت ملفا خاصا جديدا سترسله إلى الأمم المتحدة صادق عليه مجلس النواب اللبناني يتناول حدود لبنان البحرية، الإقليمية منها والاقتصادية مستندا بذلك إلى اتفاقية قانون البحار الصادرة عن الأمم المتحدة في العام 1982، والتي تنص على أن البحر الإقليمي للبنان هو 12 ميلا، أي 20 كلم مربعا، بدءا من الشاطىء، ويحق للدولة الساحلية المعنية أن تضيف 12 ميلا أخرى إذا وجد من ضمن هذه المساحة من البحر ثروات طبيعية ومصالح اخرى.. على الرغم من ذلك كله فإن إسرائيل تدعي أن ثروة الغاز الكامنة في البحر تجاه منطقة صور- الناقورة، وهي مياه إقليمية لبنانية صرف، هي حق لها طالما ليس هناك أي ترسيم للحدود البرية والبحرية بينها وبين لبنان. وما الخط الأزرق التي رسمته الأمم المتحدة على طول الحدود البرية بين البلدين المتحاربين، سوى تخطيط أولي لضبط التجاوزات ولتحديد مهام قوات الأمم المتحدة. وأي ناظر للخارطة الجغرافية اللبنانية يلحظ أن إسرائيل رسمت حدودها المائية في البحر انطلاقا من خط يبدأ من لسان الجليل البري الفاصل بين لبنان وسورية، وصولاً إلى نقطة «أبو الأسود» على الساحل اللبناني، ثم عبر البحر حتى المياه الإقليمية القبرصية.. وعليه فإن ما تلى نقطة «أبو الأسود» إلى آخر الساحل اللبناني في «الناقورة» أي على الحدود مع فلسطين المحتلة فلا يعتبر ما يقابله في البحر بالمنطق الإسرائيلي، كمياه إقليمية لبنانية، بل كمياه إقليمية إسرائيلية.
يقول افيغدور ليبرمان وزير خارجية إسرائيل « إن إسرائيل ستعرض على الأمم المتحدة ترسيم ما تعتبره من جانبها منطقتها الاقتصادية الإقليمية في البحر الأبيض المتوسط، والتي يوجد فيها حقول للغاز يطالب بها لبنان أيضا.. وسوف لن نسمح لأحد بالاعتداء على حقوقنا.. في البحر كما في البر».
كما صرح ناطق إسرائيلي آخر باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو( داني أيالون) بأن ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل يكون من البر أولا وبعدها من البحر.. «والآن ليس أمامنا وقد قام اللبنانيون بإرسال خرائطهم سوى ترسيم حدودنا البحرية بانفسنا».
ولبنان بطبيعة الحال، لا مصلحة له في حدوث مطلق حرب مع إسرائيل إذا كانت، بالطبع حقوقه في مياهه الإقليمية والاقتصادية مؤمنة إلى آخر نقطة نفط، أو آخر ليتر غاز مكعب.
ثم إن حصة لبنان هي الأكبر في حقول النفط والغاز المكتشفة كلها في البحر الأبيض المتوسط، بحسب شركة نوبل إينيرجي الأميركية نفسها، ما يعني أنه الأحرص على عدم حدوث أي حرب مع إسرائيل.. اقتصادية كانت أم غير ذلك.
ويقول الخبير العسكري اللبناني العميد المتقاعد أمين حطيط إن النزاع بين لبنان وإسرائيل حول الغاز والنفط مفتوح على احتمالين، فإما أن يأخذ النزاع شكلا سياسيا ودبلوماسيا وقضائيا وقانونيا، وفي هذا الوضع من المؤكد أن لبنان هو الرابح، بخاصة أن الأمم المتحدة ستستند إلى قانون البحار للحكم في اي نزاع.
والاحتمال الثاني هو أن ترفض إسرائيل الإذعان لقانون البحار، ما يفتح المجال أمام ثلاث فرضيات: الأولى أن لا تجد إسرائيل شركات تتعامل معها للتنقيب عن النفط والغاز، والثانية أن تنجح إسرائيل في استقدام شركات للتنقيب ولكن من دون الدخول في منطقة النزاع بين لبنان وإسرائيل ومراعاة المجال البحري اللبناني.
اما الفرضية الثالثة، فهي أن تقوم شركات النفط بنصب منصات التنقيب في المنطقة الاقتصادية اللبنانية في ظل عجز الأمم المتحدة عن إلزام إسرائيل التوقيع على قانون البحار، وفي هذه الحالة يصبح احتمال الاشتباك العسكري مرجحا، لأن لبنان بحسب المواقف التي صدرت عن مسؤوليه بإجماع لن يسمح باغتصاب حقوقه.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى