منتدى كلنا الاردن
اهلا وسهلا بك زائرنا العزيز ونتمنى لك الفائدة من خلال منتدنا الذي تشرف بوجودك فيه معنا
وفي انتظار ابداعــــــــــــــــــــــك
منتدى كلنا الاردن منتدى كل الاردنيين

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى كلنا الاردن
اهلا وسهلا بك زائرنا العزيز ونتمنى لك الفائدة من خلال منتدنا الذي تشرف بوجودك فيه معنا
وفي انتظار ابداعــــــــــــــــــــــك
منتدى كلنا الاردن منتدى كل الاردنيين
منتدى كلنا الاردن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اهلا وسهلا بكل الاعضاء والزوار
<p>

منتدنا يفخر بوجودكم معنا وووووووو لانكم الاحلى والاجمل والارقى
بحـث
نتائج البحث
بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني




اذهب الى الأسفل
ابو ادم
ابو ادم
مشرف عام
التاريخ الأندلسي5 4311_1217418931 عدد المساهمات : 5188
نقاط : 7790
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 26/10/2011
العمر : 44
الموقع : google
المزاج : مصدهج

التاريخ الأندلسي5 Empty التاريخ الأندلسي5

الإثنين نوفمبر 21, 2011 8:39 pm
رسالة الوليد بن عبد الملك

من أقصى بلاد المسلمين.. من دمشق.. من أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك تصل رسالة إلى موسى بن نصير وطارق بن زياد بأن يعودا أدراجهما إلى دمشق، ولا يستكملا الفتح، حزن موسى بن نصير وأَسِفَ أشدَّ الأسف، لكن لم يكن بُدٌّ من الاستجابة والعودة كما أُمر.



ولنا أن نندهش مع موسى بن نصير لماذا هذا الأمر الغريب؟! ولماذا الاستدعاء في هذا التوقيت خاصة؟! إلاَّ أن هذه الدهشة سرعان ما تتبخَّر حين نعلم سبب ذلك عند الوليد بن عبد الملك، وكان كما يلي:

خط سير جيوش طارق بن زياد وموسى بن نصير1- كان الوليد بن عبد الملك يشغله همُّ توغُّل المسلمين بعيدًا عن ديارهم؛ فهو المسئول عن المسلمين الذين انتشروا في كل هذه المناطق الواسعة، وقد رأى أن المسلمين توغَّلوا كثيرًا في بلاد الأندلس في وقت قليل، وخشي –رحمه الله- أن يلتفَّ النصارى من جديد حول المسلمين؛ فإن قوة المسلمين مهما تزايدت في هذه البلاد، فهي قليلة وبعيدة عن مصدر إمدادها، فأراد ألاَّ يتوغَّل المسلمون أكثر من هذا.



2- كان من الممكن للوليد بن عبد الملك أن يُوقف الفتوح دون عودة موسى بن نصير وطارق بن زياد، لكن كان هناك أمر آخر عجيب قد سمعه الوليد بن عبد الملك؛ جعله يُصِرُّ على عودة موسى بن نصير وطارق بن زياد إلى دمشق؛ ذلك أنه قد وصل إلى علمه أن موسى بن نصير يُريد بعد أن ينتهي من فتح بلاد الأندلس أن يفتح كل بلاد أوربا حتى يصل إلى القسطنطينية من الغرب[1].



كانت القسطنطينية قد استعصت على المسلمين من الشرق، وكثيرًا ما ذهبت جيوش الدولة الأموية إليها ولم تُوفَّق في فتحها، وهنا فكَّر موسى بن نصير أن يخوض كل بلاد أوربا؛ فيفتح إيطاليا ثم يوغوسلافيا ثم رومانيا ثم بلغاريا ثم منطقة تركيا الحالية، حتى يصل إلى القسطنطينية من جهة الغرب؛ أي أنه سيتوغَّل بالجيش الإسلامي في عمق أوربا منقطعًا عن كل مدد، فأفزع هذا الأمر الوليد بن عبد الملك، وخشي على جيش المسلمين من الهَلَكَة؛ فعجَّل بأمر عودة موسى بن نصير وطارق بن زياد.


هِمَّة عالية

فتح القسطنطينيةهنا لا بُدَّ لنا أن نقف وقفة عند هذه الهمَّة العالية التي كانت عند موسى بن نصير؛ خاصة إذا علمنا أنه عندما كان يُفَكِّر هذا التفكير كان يبلغ من العمر خمسًا وسبعين سنة؛ فلله دَرُّه! شيخ كبير ومع ذلك يجاهد في سبيل الله، ويركب الخيول، ويفتح المدينة تلو المدينة، يحاصر إِشْبِيلِيَة شهورًا ويحاصر مَارِدَة شهورًا، ثم يفتح بَرْشُلُونَة وسَرَقُسْطَة والشمال الشرقي، ثمَّ يتَّجه إلى الشمال الغربي ويتجه إلى الصخرة يُريد أن يفتحها، ثم هو يُريد أن ينطلق إلى فرنسا وإيطاليا وغيرها حتى يصل إلى القسطنطينية!



أيُّ همَّة هذه التي امتلكها هذا الشيخ الكبير؟! التي تجعله يفعل كل هذا ويُؤَمِّل لهذا التفكير وعمره خمسٌ وسبعون سنة! إنه ليضرب المثل لرجالات المسلمين اليوم وشيوخهم الذين بلغوا مثل عمره أو أقل منه، وظنُّوا أنهم قد «خرجوا على المعاش» وانتهت رسالتهم بخروجهم هذا؛ فهي رسالة واضحة لهم بأن رسالتهم في الحياة لم تنتهِ بعدُ، فمَنْ لتعليم الأجيال؟! ومَن لتوريث الخبرات؟! ومَن لتصحيح المفاهيم؟!



فقد بدأ موسى بن نصير فتح الشمال الإفريقي وقد تجاوز الستين من عمره؛ أي تجاوز سنَّ المعاش في زمننا هذا، ثم ها هو ذا في سنِّ الخامسة والسبعين يحزن حزنًا شديدًا، ولكن على أي شيءٍ كان حزنه؟! حزن أولاً على أمر الوليد بن عبد الملك له بتركه ساحة الجهاد، وقد كان محبًّا له؛ علَّه ينال الشهادة التي لم تُصِبْهُ، ثم حزن ثانيًا حزنًا شديدًا؛ لأن الصخرة لم تُفتَح بعدُ، ثم حزن ثالثًا -وكان حزنه أشدَّ- لأنه لم يستكمل حُلْمَ فتح القسطنطينية من قِبَل الغرب كما كان يتمنى.



وفي هذا يذكر المَقَّرِيُّ صاحب نفح الطيب أن موسى بن نصير ترك الأندلس «وهو مع ذلك متلهِّف على الجهاد الذي فاته، أَسِيفٌ على ما لحقه من الإزعاج، وكان يُؤَمِّل أن يخترق ما بقي عليه من بلد إفرنجة فرنسا، ويقتحم الأرض الكبيرة حتى يتصل بالناس إلى الشام مؤملاً أن يتَّخذ مختَرَقُه بتلك الأرض طريقًا مَهْيَعًا[2] يسلكه أهل الأندلس في مسيرهم ومجيئهم -من المشرق وإليه- على البرِّ لا يركبون بحرًا»[3].


عودة وأُمنية

لم يجد موسى بن نصير إلاَّ أن يسمع ويُطيع لأمر الوليد بن عبد الملك، فأخذ طارقَ بن زياد وعاد أدراجه إلى دمشق، وعندما وصل وجد الوليد بن عبد الملك في مرض الموت، ثم لم يلبث أن مات وتولَّى الخلافة من بعده أخوه سليمان بن عبد الملك، وكان على رأي أخيه في استبقاء موسى بن نصير في دمشق؛ خوفًا من هلكة جيش المسلمين في توغُّله داخل بلاد أوربا نحو القسطنطينية.



وبعد عام من قدوم موسى بن نصير سنة 97هـ=716م كان سليمان بن عبد الملك ذاهبًا إلى الحجِّ، وهذا ما وافق اشتياقًا كبيرًا من قِبَل موسى بن نصير؛ فقد عاش في أرض الجهاد في شمال إفريقيا وبلاد الأندلس أكثر من عشر سنين لم يَعُدْ فيها مرَّة واحدة، فما كان منه إلاَّ أن رافق سليمان بن عبد الملك في طريقه إلى الحجِّ في ذلك العام[4].


وفاة موسى بن نصير

وفي طريقه إلى هناك قال موسى بن نصير: اللهم إن كنت تُريد لي الحياة فأعدني إلى أرض الجهاد، وأَمِتْني على الشهادة، وإن كنت تُريد لي غير ذلك فأمتني في مدينة رسول الله . ووصل –رحمه الله- إلى الحجِّ، وبعد حجِّه وفي طريق عودته مات في مدينة رسول الله ، ثم دُفِنَ مع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين[5].



وهكذا كانت همم الصالحين وقلوب المَوْصُولين برب العالمين، فقد بلغ من الكبر عِتِيًّا؛ إلاَّ أنه قَدَّم أكثر مما عاش، ظلَّ قلبه معلَّقًا بحُبِّ ربه حتى دعاه، فكانت الخاتمة وكانت الإجابة، عاش بين الأسنَّة في أقصى بلاد الأندلس، إلاَّ أنه مات بعد الحجِّ في مدينة رسول الله ، فلله دَرُّه من قائد وقدوة!



لقد مات القائد المسلم موسى بن نُصير بعد أن ملأ جهادُه -بقيادة المدِّ الإسلامي المبارك- وِدْيانَ المغرِب الإسلامي الشمال الإفريقي والأندلس وجباله وسهوله وهضابه، ووَجَّه دعاةَ الحق لإسماع ساكنيه نداءَ الخير؛ فيُخرجهم من الظلمات إلى النور المبين... كان موسى بن نصير يقود هذا الجهاد في شبه الجزيرة الأندلسية وهو يبلغ من العمر خمسًا وسبعين سنة، ممتطيًا جواده؛ يهبط في وديانها ويرتفع على صخراتها، يتحرَّك فيه إيمانٌ بالله العلي الكبير، فتسمو نفسه وتتجدَّد طاقته وتحدوه لإعلاء كلمة الله ورفع رايته في كل مكان، فيندفع قويَّ الجنَان رغم ما علا رأسه من الشَّيْب الوقور، يقوده إصرار العقيدة السمحة، وهِمَّة الإيمان الفتيِّ، وتُفَتِّق طاقاتِه كلمةُ الله، وتُقيم قوتها إيمانًا يعلو على أي اعتبار[6].


مصير طارق بن زياد

أمَّا رفيق الدرب طارق بن زياد فقد انقطعت أخباره كُلِّيَّةً بعد رحيله إلى دمشق مع موسى بن نصير، ولا أحدٌ يدري هل عاد مرَّة أخرى إلى الأندلس أم بَقِيَ في دمشق؟!



مهما بلغ المؤرخ في الثناء على طارق فإنه لا يستطيع وفاء حقِّه، ولو فكَّر أحدنا في الأمر لحظة لاستخرج من حياة طارق وأعماله سرًّا من أسرار قوَّة الإسلام، وناحية من نواحي امتيازه؛ فطارق هذا رجل مغربي بربري لم يكن ليصبح -بغير الإسلام- إلاَّ قائدًا خاملاً لجماعة من البربر منسيين في ركن من أركان الأطلسي، فجاء الإسلام فجعل منه قائدًا فاتحًا، وسياسيًّا محنَّكًا يقود الجيوش ويفتح الأمصار، ويُوَقِّع المعاهدات في قدرة وكياسة جديرتين بالإعجاب، فلو لم يكن للإسلام من أثر إلاَّ تكوين أمثال هذا الرجل واستنهاض قومه للعمل الجليل لكفاه، فكيف وقد بثَّ الإسلام هذه الروح في كل مكان أظلَّته رايته، وكيف وقد فعل هذا في أقصر وقت وحققه على أتم وجه؟! [7].


الصخرة.. والدرس الصعب

رحل موسى بن نصير وطارق بن زياد من الأندلس إلى دمشق بعدما وصلا بفتوحاتهما إلى غرب فرنسا، إلاَّ أنه كانت هناك منطقة صغيرة جدًّا في أقصى الشمال الغربي من بلاد الأندلس لم تُفتَح بعدُ، ولم يخطر على بال أحد من المسلمين أنه سيأتي يومٌ وتكون تلك المنطقة هي نواة الممالك النصرانية التي ستنشأ فيما بعدُ، وستكون صاحبة اليد الطُّولَى في سقوط الأندلس بعد ذلك بقرون.



تلك هي منطقة الصخرة التي لم يستكمل المسلمون فتحها، وكانت فيها طائفة كبيرة من النصارى، وأغلب الظنِّ أنه لو بقي موسى بن نصير أو طارق بن زياد ما تركوها، إلاَّ أننا نستطيع أن نقول: إن التهاون في أمر بسيط جدًّا قد يُؤَدِّي إلى ويلات عظيمة على مَرِّ الزمن، فلا بُدَّ أن يأخذ المسلمون كلَّ أمورهم بالعزم والحزم وعدم الطمأنينة، إلاَّ بعد استكمال النهايات على أتَمِّها.

[1] ابن خلدون: تاريخ ابن خلدون 4/117، 118، والمقري: نفح الطيب 1/233، 234.

[2] المهيع: السهل والواضح والبيّن والواسع. ابن منظور: لسان العرب، مادة هيع 8/378، والمعجم الوسيط 2/1003.

[3] المقري: نفح الطيب 1/233، 234، 277، وانظر: الحميري: الروض المعطار ص50.

[4] الذهبي: تاريخ الإسلام 6/489.

[5] الذهبي: سير أعلام النبلاء 4/500، وابن عذاري: البيان المغرب 2/32.

[6] عبد الرحمن الحجي: التاريخ الأندلسي ص128.

[7] حسين مؤنس: فجر الأندلس ص106،

عصر الولاة

عصر الولاة في الأندلسبعد انتهاء عهد الفتح يبدأ عهد جديد في تاريخ قصة الأندلس يُسمَّى عصر الولاة، الذي يبدأ من عام 95هـ=714م ويستمرُّ مدَّة اثنين وأربعين عامًا حيث ينتهي عام 138هـ=755م [1]، وعهد الولاة يعني أنَّ حُكم الأندلس في هذه الفترة كان يتولاَّه رجل يتبع الحاكم العام للمسلمين، وهو الخليفة الأموي الموجود في دمشق في ذلك الوقت.



وإذا نظرنا إلى عصر الولاة نرى أنه قد تعاقب فيه على حكم الأندلس اثنان وعشرون واليًا، أو عشرون واليًا تولَّى اثنان منهم مرتين[2]؛ فيُصبح مجموع فترات حكم الأندلس اثنتين وعشرين فترة خلال اثنين وأربعين عامًا؛ أي أن كل والٍ حكم سنتين أو ثلاث سنوات فقط.



ولا شكَّ أن هذا التغيير المتتالي للحكام قد أثَّر تأثيرًا سلبيًّا على بلاد الأندلس، إلاَّ أن هذا التغيير في الواقع كان له ما يُبَرِّرُه؛ حيث كان هناك في بادئ الأمر كثيرٌ من الوُلاة الذين يُستَشْهَدون أثناء جهادهم في بلاد فرنسا، ثم جاءت مرحلة كان فيها كثيرٌ من الوُلاة يُغَيَّرون عن طريق المكائد والانقلابات والمؤامرات.. وما إلى ذلك.



ومِنْ هنا نستطيع أن نُقَسِّم عهد الولاة بحسب طريقة الإدارة وطريقة الحكم إلى فترتين رئيستين مختلفتين تمامًا؛ حيث كانت الفترة الأولى فترة جهاد وفتوح وعظمة للإسلام والمسلمين، وتمتدُّ من بداية عهد الولاة من عام 95هـ=714م وحتى عام 123هـ=741م؛ أي: سبعة وعشرين عامًا.



وكانت الفترة الثانية فترة ضعف ومؤامرات ومكائد وما إلى ذلك، واستمرَّت من سنة 123هـ=741م وحتى سنة 138هـ=755م؛ أي مدَّة خمس عشرة سنة، وفي تناولنا لفترتي عهد الولاة هاتين لن ندخل في ذكر تفاصيل كُلٍّ منهما، وإنما سنقتصر على بعض الولاة فقط؛ لما لهم من الأهمية في دراستنا هذه.


عهد القوة

بصفة عامَّة تميَّزت الفترة الأولى من عهد الولاة بعِدَّة أمور؛ كان من أهمها:
نشر الإسلام في بلاد الأندلس

بعد أن تمكَّن المسلمون من توطيد أركان الدولة الإسلامية في هذه البلاد بدءوا يُعَلِّمون الناس الإسلام، ولأن الإسلام دين الفطرة فقد أقبل عليه أصحاب الفِطَر السوية من الناس عندما عرفوه، فاختاروه بلا تردُّد؛ فلقد وجد الإسبان في الإسلام دينًا متكاملاً شاملاً يُنَظِّم كل أمور الحياة، وجدوا فيه عقيدة واضحة وعبادات منتظمة، وجدوا فيه تشريعات في السياسة والحكم والتجارة والزراعة والمعاملات، وجدوا فيه تواضع القادة الفاتحين، وجدوا فيه كيفية التعامل والتعايش مع الأخ والأب والأم والزوجة والأبناء والجيران والأقرباء والأصدقاء، ووجدوا فيه كيفية التعامل مع العدوِّ والأسير، ومع كل الناس.



لقد تعوَّد الإسبان في حياتهم -قبل ذلك- فصلاً كاملاً بين الدين والدولة؛ فالدين عندهم لا يعدو أن يكون مجرَّد مفاهيم لاهوتية غير مفهومة، يتعاطونها ولكن لا يستطيعون تطبيقها، وفي التشريعات والحكم يُشَرِّع لهم مَنْ يحكمهم وَفق هواه، وحسبما يُحَقِّق مصالحه الشخصية، أمَّا في الإسلام فقد وجدوا أن الأمر يختلف عن ذلك تمامًا؛ فلم يستطيعوا أن يتخلَّفوا عن الارتباط به والانتساب إليه؛ فدخلوا فيه أفواجًا.



وفي مدَّةٍ قليلة أصبح عموم أهل الأندلس السكان الأصليين يدينون بالإسلام، وأصبح المسلمون من العرب والأمازيغ البربر قلَّةً بينهم، وأصبح أهل الأندلس هم جند الإسلام وأعوان هذا الدين[3]، وهم الذين اتَّجَهُوا بعد ذلك إلى فتوحات بلاد فرنسا.


نشأة جيل المولَّدين

كان من جرَّاء انصهار وانخراط الفاتحين بالسكان الأصليين، وانتشار الإسلام بصورة سريعة أن نشأ جيل جديد عُرِفَ باسم جيل المولَّدين، وهم أبناء الذين أسلموا من أهل الأندلس الأصليين، فقد كان الأب عربيًّا أو أمازيغيًّا بربريًّا والأم أندلسية[4].


إلغاء الطبقية ونشر الحرية العقائدية

ألغى المسلمون الطبقية التي كانت سائدة قبل ذلك؛ حيث جاء الإسلام وساوى بين الناس جميعًا؛ حتى كان الحاكم والمحكوم يقفان سويًّا أمام القضاء للتحاكم في المظالم، وعمل المسلمون في هذه الفترة على إتاحة الحريَّة العقائدية للناس؛ فتركوا للنصارى كنائسهم، وما هدموها قطُّ، وما كانوا يُحَوِّلونها إلى مساجد إلاَّ إذا وافق النصارى على بيعها لهم، وكان بيع الكنائس للمسلمين يُقَدَّر بأثمانٍ باهظة، أمَّا إن رفضوا بيعها تركها المسلمون لهم[5].



وهذه المواقف العظيمة إنما كانت تحدث والنصارى محكومون من قِبَل المسلمين، وعلينا أن نَعِيَ هذا الأمر جيدًا، ونقارن صنيع المسلمين هذا بما فعله النصارى بعد انتهاء الحكم الإسلامي في بلاد الأندلس، فيما عُرِفَ باسم محاكم التفتيش الإسبانية.


الاهتمام بالحضارة المادية

قنطرة قرطبةاهتمَّ المسلمون في هذه الفترة بتأسيس الحضارة المادية أو المدنية؛ فأسَّسوا الإدارة، وأقاموا العمران، وأنشئوا القناطر والكباري؛ ومما يدلُّ على براعتهم في هذا الأمر تلك القنطرة العجيبة التي تُسَمَّى قنطرة قُرْطُبَة[6]، وكانت من أعجب القناطر الموجودة في أوربا في ذلك الزمن، كذلك أنشأ المسلمون دورًا للأسلحة وصناعة السفن، وبدأت الجيوش الإسلامية تقوى وتتعاظم في هذه المنطقة.

تقليدُ الإسبانِ للمسلمين في كل شيء

كان من السمات المميِّزة -أيضًا- في هذه الفترة الأولى من عهد الولاة أن الإسبان بدءوا يُقَلِّدُون المسلمين في كل شيء؛ حتى أصبحوا يتعلَّمُون اللغة العربية التي يتكلَّمها الفاتحون، بل كان الإسبان النصارى واليهود يفتخرون بتعليم اللغة العربية في مدارسهم.


اتخاذ المسلمين قُرْطُبَة عاصمة لهم

كذلك كان من بين السمات المميزة لهذه الفترة -أيضًا- أن اتخذ المسلمون قُرْطُبَة عاصمةً لهم[7]؛ وقد كانت طُلَيْطِلَة في الشمال قبل ذلك هي عاصمة الأندلس، ولكن وجد المسلمون أنها قريبة من فرنسا وقريبة من منطقة الصخرة، وهما من مصادر الخطر عليهم؛ فرأوا أن طُلَيْطِلَة بذلك مدينة غير آمنة؛ ومن ثَمَّ فلا يمكن أن تكون هي العاصمة؛ لذلك اختاروا مدينة قُرْطُبَة، التي تقع في اتجاه الجنوب؛ لانتفاء الأسباب السابقة، وحتى تكون -أيضًا- قريبة من المدد الإسلامي في بلاد المغرب.


الجهاد في فرنسا

كان الجهاد في فرنسا من أهم السمات المميزة لهذه الفترة من عهد الولاة، فاتخذت خطوات كبيرة في هذه الفترة، وسنذكر بعض الولاة الذين كان لهم سَبْقٌ وحضور في عملية الجهاد في بلاد فرنسا.

[1] المقري: نفح الطيب 1/298-300.

[2] الحميدي: جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس 1/3-8، والمقري: نفح الطيب 1/298-300.

[3] مما يدل على ذلك قول السمح بن مالك –رحمه الله- في كتابه إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز –رحمه الله - أمير المؤمنين- عندما أراد أن يخلي الأندلس من المسلمين: «إن الناس قد كثروا بها وانتشروا في أقطارها، فاضرب عن ذلك». والناس هنا المقصود بهم المسلمين. انظر: ابن عذاري: البيان المغرب 2/26، وحسين مؤنس: فجر الأندلس ص340، 341.

[4] انظر في تفصيل ذلك: حسين مؤنس: فجر الأندلس ص344، 350.

[5] حول أوضاع أهل الذمة في الأندلس انظر دراسة حسين مؤنس: فجر الأندلس ص350-409.

[6] مجهول: أخبار مجموعة ص30، وابن عذاري: البيان المغرب 2/26، والمقري: نفح الطيب 1/235، 480، 3/15.

[7] ابن عذاري: البيان المغرب 2/25، والمقري: نفح الطيب 3/14


عبد العزيز بن موسى بنِ نصير

كان أول الولاة على الأندلس هو عبد العزيز بن موسى بنِ نصير -رحمه الله-(ت97هـ=716م)، وكان كأبيه في جهاده وتقواه وورعه، كان يقول عنه أبوه موسى بن نصير: عرفتُه صَوَّاما قَوَّاما[1]. وقال عنه الزركلي في الأعلام: «أمير فاتح، ولاَّه أبوه إمارة الأندلس عند عودته إلى الشام سنة 95هـ=714م فضبطها وسدَّد أمورها، وحمى ثغورها، وافتتح مدائن، وكان شجاعًا حازمًا، فاضلاً في أخلاقه وسيرته»[2].


السمح بن مالك الخولاني ت 102هـ=721م:

السمح بن مالك الخولانيتُعَدُّ ولاية السَّمْح بن مالك الخَوْلانِيِّ هي الولاية الرابعة للأندلس[3]، فبعد أن قُتل عبد العزيز بن موسى بن نصير بإِشْبِيلِيَة في رجب 97هـ[4]، اجتمع أهل الأندلس على تولية أيوب بن حبيب اللَّخْمِيِّ، وهو ابن أخت موسى بن نصير، ولم تدم ولايته إلاَّ ستة أشهر فقط؛ أي في سنة 97هـ=716م [5]، ثم كانت ولاية الأندلس إلى الحرِّ بن عبد الرحمن الثقفي في ذي الحجة سنة 97هـ= مارس 716م، من قِبَل عامل إفريقية محمد بن يزيد، فبقى الحرُّ واليًا عليها ثلاث سنين؛ فنقل الحرُّ الثقفي العاصمة من إِشْبِيلِيَة إلى قُرْطُبَة وقيل: في زمن أيوب اللَّخْمِيّ[6].



ثم لما تُوُفِّيَ الخليفة سليمان بن عبد الملك في صفر 99هـ= سبتمبر 717م، خلفه عمر بن عبد العزيز –رحمه الله[7]، فعيَّن السمح بن مالك واليًا على الأندلس في رمضان عام 100هـ، وجعل ولايتها تابعة للخلافة مباشرة؛ نظرًا لأهميتها وكثرة شئونها[8].



فتُعَدُّ ولايةُ السَّمْحِ بن مالك الخَوْلانِيِّ -رحمه الله- على الأندلس من حسنات الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز -رحمه الله (61-101هـ=781-720م)؛ فقد حكم عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- المسلمين سنتين ونصف على الأكثر 99-101هـ= 718-720م[9]، وفي هذه الفترة الوجيزة عَمَّ الأمن والرخاء والعدل كل بلاد المسلمين.


جهاد السمح بن مالك:

فتوحات السمح بن مالكاختار عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- السمحَ بن مالك الخَوْلاني، ذلك القائد الربَّاني المشهور في التاريخ الإسلامي، وهو القائد الذي انطلق إلى بلاد فرنسا مجاهدًا، وكانت بفرنسا مدينة إسلامية واحدة هي مدينة أرْبُونَة، تلك التي فتحها موسى بن نصير / بسرية من السرايا[10]، لكن السمح بن مالك الخَوْلاني فتح كل منطقة الجنوب الغربي لفرنسا، ثم أسَّس مقاطعة ضخمة جدًّا وهي مقاطعة سبتمانيا[11].



أخذ السمح الخولاني يستكمل الفتوح في جنوب غرب فرنسا، وفي الوقت ذاته أرسل يُعَلِّم الناس الإسلام؛ سواء في فرنسا أو في الأندلس، إلى أن لقي ربه شهيدًا في معركة تولوز بطرسونة يوم عرفة سنة 102هـ=9 من يونيه 721م [12].

[1] الحميدي: جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس 7/290، وابن الأثير: الكامل في التاريخ 4/300.

[2] الزركلي: الأعلام 4/28، 29.

[3] انظر ترتيب الولاة: المقري: نفح الطيب 1/299.

[4] مجهول: أخبار مجموعة ص28، والحميدي: جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس 7/289، 290، وابن عذاري: البيان المغرب 2/24، 25، والمقري: نفح الطيب 1/281.

[5] مجهول: أخبار مجموعة ص28، وابن عذاري: البيان المغرب 2/25، والمقري: نفح الطيب 1/234، 3/14.

[6] مجهول: أخبار مجموعة ص29، وابن عذاري: البيان المغرب 2/25، والمقري: نفح الطيب 3/14، وحسين مؤنس: فجر الأندلس 120، 121.

[7] الطبري: تاريخ الأمم والملوك 4/57-59، والذهبي: تاريخ الإسلام 6/382، وابن كثير: البداية والنهاية 9/200.

[8] مجهول: أخبار مجموعة ص30، والحميدي: جذوة المقتبس 1/5، وابن عذاري: البيان المغرب 2/26، والمقري: نفح الطيب 1/235، 3/14، 15.

[9] الطبري: تاريخ الأمم والملوك 4/59، وابن كثير: البداية والنهاية 9/217.

[10] انظر: المقري: نفح الطيب 1/274.

[11] انظر تفصيل ذلك: الخشني: قضاة قرطبة ص9، وسبتمانيا الآن هي ساحل الريفييرا، وتُعَدُّ من أشهر المنتجعات السياحية في العالم.

[12] ابن عذاري: البيان المغرب 2/26، والمقري: نفح الطيب 3/15، وذكر الحميدي في جذوة المقتبس أنه استشهد في يوم عرفة سنة 103هـ، 6/236، 237.


لما سقط السمح بن مالك شهيدًا في أرض الجهاد، اختار أهل الأندلس عبد الرحمن بن عبد الله الغَافِقِيَّ -رحمه الله- أميرًا عليهم، واستطاع بمهارته العسكرية أن يجمع شتات المسلمين، ويعود إلى الأندلس في (ذي الحجة سنة 102هـ)، وكانت هذه ولايته الأولى، ولم تدم إلاَّ شهرين؛ فقد عزله يزيد بن أبي مسلم عامل إفريقية، وولَّى بدلاً منه عَنْبَسَة بْن سُحَيْم -رحمه الله- وذلك في (صفر 103هـ)[1].

جهاد عنبسة بن سحيم

عنبسة بن سحيمكان عنبسة بن سحيم –رحمه الله- قائدًا تقيًّا وَرِعًا، وإداريًّا فذًّا، ومجاهدًا حَقَّ الجهاد، حكم بلاد الأندلس من سنة (103هـ=721م) إلى سنة (107هـ=725م) [2]، فوصل في جهاده إلى مدينة (سانس Sens)، وهي تبعد عن باريس بنحو ثلاثين كيلو مترًا، وهذا يعني أن عنبسة بن سحيم –رحمه الله- قد وصل إلى ما يقرب من70٪ من أراضي فرنسا، ويعني هذا -أيضًا- أن 70٪ من أراضي فرنسا كانت بلادًا إسلامية، فقد أوغل عنبسة بن سحيم –رحمه الله- في غزو الفرنج.

ويرى ( إيزيدور) أسقف بَاجَة[3] في ذلك العصر أن فتوحات عَنْبَسَة كانت فتوحات حِذَق ومهارة أكثر منها فتوحات بطش وقوة؛ ولذلك تضاعف في أيامه خَرَاج بلاد الغال -فرنسا- وافتتح (قرقشونة Carcassona) صلحًا بعد أن حاصرها مدَّة، وأوغل في بلاد فرنسا فعبر نهر الرون إلى الشرق، وأُصيب بجراحات في بعض الوقائع[4]، فاستُشهِدَ عنبسة بن سحيم –رحمه الله- وهو في طريق عودته إلى الأندلس في (شعبان 107هـ= ديسمبر 725م) [5].

[1] انظر في تفصيل ذلك: الأزدي: تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس 1/386، وابن الأثير: الكامل 4/377، 5/120، وابن عذاري: البيان المغرب 2/27، 3/16، والذهبي: تاريخ الإسلام 7/209.

[2] ابن عذاري: البيان المغرب 2/27، والمقري: نفح الطيب 1/235.

[3] باجة: هي مدينة بالأندلس بينها وبين قرطبة مائة فرسخ 5.5كم تقريبًا. الحميري: الروض المعطار في خبر الأقطار ص75، وصفة جزيرة الأندلس ص36.

[4] انظر: الزركلي: الأعلام 5/91، وانظر تفصيل حملات عنبسة بن سحيم: الأمير شكيب أرسلان: غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط 73-86، وحسين مؤنس: فجر الأندلس 210-215.

[5] انظر: ابن الأثير: الكامل في التاريخ 4/377، وابن عذاري: البيان المغرب 2/27، والمقري: نفح الطيب 1/235، 3/16، وذكر الحميدي في جذوة المقتبس أن ولايته على الأندلس كانت سنة 106هـ من قِبَل بشر بن صفوان أمير إفريقية في أيام هشام بن عبد الملك، ووفاته سنة 107هـ، وقيل سنة 109هـ، 6/319.
angel
angel
المدير العام
المدير العام
عدد المساهمات : 8871
نقاط : 14094
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 27/10/2011
الموقع : عمان
المزاج : إذا ضبطت نفسك متلبساً بالغيرة "على " إنسان ما فتفقد أحاسيسك جيداً فقد تكون في حالة " حب " وأنت "لا تعلم"..

التاريخ الأندلسي5 Empty رد: التاريخ الأندلسي5

الإثنين ديسمبر 19, 2011 10:36 pm
التاريخ الأندلسي5
ابو ادم
ابو ادم
مشرف عام
التاريخ الأندلسي5 4311_1217418931 عدد المساهمات : 5188
نقاط : 7790
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 26/10/2011
العمر : 44
الموقع : google
المزاج : مصدهج

التاريخ الأندلسي5 Empty رد: التاريخ الأندلسي5

الأربعاء ديسمبر 21, 2011 3:18 am
التاريخ الأندلسي5
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى