- ابو ادممشرف عام
- عدد المساهمات : 5188
نقاط : 7790
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 26/10/2011
العمر : 45
الموقع : google
المزاج : مصدهج
التاريخ الأندلسي 9
الإثنين نوفمبر 21, 2011 8:59 pm
ولاية الحكم بن هشام
الحكم بن هشام, الحكم الربضيتولَّى بعد هشام بن عبد الرحمن الداخل ابنه الحكم الشهير بالحكم الربضي، وذلك من سنة (180هـ=796م) وحتى سنة (206هـ=821م) [1]، لكن الحكم لم يكن على شاكلة أبيه ولا على شاكلة جدِّه، فكان قاسيًا جدًّا، فرض الكثير من الضرائب، واهتمَّ بالشِّعر والصيد، وقاوم الثورات بأسلوب غير مسبوق في بلاد الأندلس في عهد الإمارة الأموية؛ حتى وصل الأمر في آخر حياته إلى حرق بيوت الثائرين عليه، ونفيهم خارج البلاد[2].
ثورة الربض
من أشهر الثورات التي قمعها الحكم بن هشام – الحكم الربضي- ثورة الربض (202 هـ= 808 م) وهم قومٌ كانوا يعيشون في إحدى ضواحي قُرْطُبَة، وقد ثار أهلها ثورة كبيرة جدًّا عليه؛ بسبب ما عُرِفَ عنه من معاقرة الخمر، وتشاغله باللهو والصيد، وقد زاد من نقمة الشعب عليه قتله لجماعة من أعيان قُرْطُبَة؛ فكرهه الناس، وصاروا يتعرَّضون له ولجنده مما حثَّه على تحصين قرطبة، فأقام حولها الأسوار، وحفر الخنادق، وجعل جنوده على مقربة منه؛ فزاد ذلك من حقد أهل قُرْطُبَة عليه، وزاد توجُّسهم منه، ثم حدث أن مملوكًا له اختلف مع أحد العوامِّ فقتله؛ فثار أهل الربض، وزحفوا إلى قصره وأحاطوا به فقاتلهم قتالاً شديدًا هو وجنده حتى تغلَّب عليهم[3].
ولم يكتفِ الحكم بهزيمتهم، بل أحرق وخرَّب ديارهم، وقتل ثلاثمائة من وجهائهم وصلبهم، وأمر بطردهم خارج البلاد[4]؛ فتفرَّقوا في البلاد ومنهم مَنْ ذهب إلى الإسكندرية في مصر، وأقاموا فيها فترة ثم ارتحلوا عنها إلى جزيرة كريت، فأقاموا فيها دويلة عام (212هـ=728م) استمرَّت مائة عام حتى استولى عليها البيزنطيون من بعد[5].
الجهاد في عهد الحكم بن هشام
ورغم أفعاله تلك إلاَّ أن الحكم بن هشام لم يُوقِفْ حركة الجهاد[6]؛ وذلك لأن الجهاد كان عادة في الإمارة الأموية؛ سواء في بلاد الشام أو في بلاد الأندلس، لكن كانت له انتصارات وهزائم في الوقت نفسه، وكنتيجة طبيعية لهذا الظلم الذي اتَّصف به، وهذه العلاقة التي ساءت بين الحاكم والمحكوم سقطت بعض البلاد الإسلامية في يد النصارى؛ فسقطت بَرْشُلُونَة، وأصبحت تُمثِّل إمارة نصرانية صغيرة في الشمال الشرقي عُرِفَت في التاريخ باسم إمارة أراجون، وكانت متاخمة لحدود فرنسا بجوار جبال البرينيه في الشمال الشرقي للبلاد[7].
لكن الحكم بن هشام بفضل من الله ومَنٍّ عليه تاب عن أفعاله في آخر عهده، ورجع عن ظلمه، واستغفر واعتذر للناس عن ذنوبه، ثم اختار من أبنائه أصلحهم، وإن لم يكن الأكبر؛ ليكون وليًّا لعهده، وكان من حُسْنِ خاتمته أنه قام بهذا الاعتذار وهذه التوبة وهو في كامل قوَّته وبأسه، وذلك قبل موته بعامين[8].
[1] انظر: ابن عذاري: البيان المغرب، 2/68، والمقري: نفح الطيب، 1/339.
[2] انظر: ابن الأثير: الكامل في التاريخ، 5/413، والمقري: نفح الطيب، 1/339.
[3] انظر: ابن الأثير: الكامل في التاريخ، 5/413، 414.
[4] المصدر السابق، 5/414.
[5] المصدر السابق، 5/480، وتاريخ ابن خلدون، 3/253.
[6] ابن عذاري: البيان المغرب، 2/72.
[7] ابن الأثير: الكامل في التاريخ، 5/322، 323.
[8] ابن سعيد المغربي: المغرب في حلى المغرب، 1/43.
ولاية عبد الرحمن الأوسط
عبد الرحمن الثاني, عبد الرحمن الأوسطبعد الحكم بن هشام تولَّى ابنه عبد الرحمن الثاني، وهو المعروف في التاريخ باسم عبد الرحمن الأوسط (فهو الأوسط بين عبد الرحمن الداخل وعبد الرحمن الناصر كما سيأتي)، وقد حكم من سنة (206هـ=821م) وحتى آخر الفترة الأولى (عهد القوة) من عهد الإمارة الأموية، وذلك سنة (238هـ=852م)، وتُعَدُّ فترة حكمه هذه من أفضل فترات تاريخ الأندلس، فاستأنف الجهاد من جديد ضدَّ النصارى في الشمال، وألحق بهم هزائم عدَّة[1]، وكان حسن السيرة، هادئ الطباع، محبًّا للعلم، محبًّا للناس[2].
قال عنه الصفدي: كان عادلاً في الرعية بخلاف أبيه، جوادًا فاضلاً، له نظر في العلوم العقلية، وهو أول من أقام رسوم الإمرة، وامتنع عن التبذُّل للعامَّة، وهو أول من ضرب الدراهم بالأندلس، وبنى سور إِشْبِيلِيَة، وأمر بالزيادة في جامع قُرْطُبَة، وكان يُشَبَّه بالوليد بن عبد الملك، وكان محبًّا للعلماء مقرِّبًا لهم، وكان يُقيم الصلوات بنفسه، ويُصَلِّي إمامًا بهم في أكثر الأوقات... وهو أول مَنْ أدخل كتب الأوائل إلى الأندلس، وعرَّف أهلها بها، وكان حَسَنَ الصورة ذا هيئة، وكان يُكثِر تلاوة القرآن، ويحفظ حديث النبي ، وكان يُقالُ لأيامه أيام العروس، وافتتح دولته بهدم فندق الخمر وإظهار البِرِّ، وتملَّى[3] الناس بأيامه وطال عمره، وكان حَسَنَ التدبير في تحصيل الأموال وعمارة البلاد بالعدل، حتى انتهى ارتفاع بلاده في كل سنة ألف ألف دينار[4].
عهد عبد الرحمن الثاني
ومن أهم ما تميَّز به عهد عبد الرحمن الأوسط الأمور الثلاثة التالية:
أولاً: ازدهار الحضارة العلمية
ومن أشهر العلماء في عصر عبد الرحمن الأوسط عباس بن فرناس -رحمه الله- (274 هـ=887م)، وكنيته أبو القاسم، وهو من أهل قُرْطُبَة، من موالي بني أمية، وبيته في برابر (تاكرنا) كان في عصر الخليفة عبد الرحمن الأوسط (في القرن التاسع للميلاد)، وله أبيات في ابنه محمد بن عبد الرحمن (المتوفى سنة 273هـ)، وكان فيلسوفًا شاعرًا، له علم بالفلك[5].
وهو أول مَنِ استنبط في الأندلس صناعة الزجاج من الحجارة، وصنع (الميقاتة) لمعرفة الأوقات، ومَثَّل في بيته السماء بنجومها وغيومها وبروقها ورعودها، وهو أول طيار اخترق الجوَّ؛ أراد تطيير جثمانه، فكسا نفسه الريش، ومدَّ له جناحين طار بهما في الجوِّ مسافة بعيدة، ثم سقط فتأذَّى في ظهره؛ لأنه لم يعمل له ذنبًا، ولم يَدْرِ أن الطائر إنما يقع على زِمِكِّه[6].
ولكنه -برغم هذه المحاولة الرائدة التي فشلت- كان عبقرية هائلة؛ حتى إن الصفدي بَعْدَ كثيرٍ من المدح له يصفه بأنه «له شخص إنسي وفطنة جني»[7].
ثانيًا: ازدهار الحضارة المادية
اهتمَّ عبد الرحمن الأوسط بالحضارة المادية (العمرانية والاقتصادية وغيرها) اهتمامًا كبيرًا[8]، فازدهرت حركة التجارة في عهده؛ ومن ثَمَّ كثُرت الأموال[9]؛ ومن المهم أن نعلم أن بلاد الأندلس لم يكن فيها ما نُسَمِّيه بـ «التسوُّل»، فقد كانت هذه العادة في بعض البلاد الإسلامية الأخرى؛ لكنها لم تُعرَف في بلاد الأندلس[10].
كذلك تقدَّمت وسائل الريِّ في عهده بشكل كبير، وتمَّ رصف الشوارع وإنارتها ليلاً في هذا العمق القديم جدًّا في التاريخ، في الوقت الذي كانت فيه أوربا تعيش في جهلٍ وظلام دامس، كما أقام القصور المختلفة والحدائق الغنَّاء، وتوسَّع في ناحية المعمار حتى كانت المباني الأندلسية آية في المعمار في عهده –رحمه الله[11].
ثالثًا: وقف غزوات النورمان
النورمان هم أهل إسكندنافيا، وهي بلاد تضمُّ الدانمارك والنرويج وفنلندا والسويد، وقد كانت هذه البلاد تعيش في همجية مطلقة؛ فقد كانوا يعيشون على ما يُسَمَّى بحرب العصابات، فقاموا بغزوات عُرِفَت باسم «غزوات الفايكنج»، وهي غزوات إغارة على أماكن متفرِّقة من بلاد العالم، ليس لها من هَمٍّ إلاَّ جمع المال وهَدْم الديار.
جهاد عبد الرحمن الأوسط
في عهد عبد الرحمن الأوسط سنة (230هـ=845م) هجمت هذه القبائل على إِشْبِيلِيَة من طريق البحر في أربع وخمسين سفينة، ودخلوها فأفسدوا فسادًا كبيرًا، ودمَّروا إِشْبِيلِيَة تمامًا، ونهبوا ثرواتها، وهتكوا أعراضها، ثم تركوها إلى شَذُونة وألمَرِيَّة ومُرْسِيَة وغيرها من البلاد فأشاعوا الرعب، وعمَّ الفزع[12]، وهذه هي طبيعة الحروب المادية بصفة عامَّة، وشتَّان بين المسلمين في فتحهم للبلاد وبين غيرهم في معاركهم!
فلمَّا علم عبد الرحمن الأوسط -رحمه الله- بهذا الأمر ما كان منه إلاَّ أن جهَّز جيشه وأعدَّ عُدَّته، وخلال أكثر من مائة يوم كاملة دارت بينه وبينهم معارك ضارية، أُغرِقَت خلالها خمسٌ وثلاثون سفينةً للفايكنج، ومنَّ الله على المسلمين بالنصر، وعاد النورمان إلى بلادهم خاسئين خاسرين[13].
ولم يجنح عبد الرحمن الأوسط بعدها إلى الدَّعَة أو الخمول، وإنما عمل على تفادي تلك الأخطاء التي كانت سببًا في دخول الفايكنج إلى بلاده فقام بما يلي:
أولاً: رأى أن إِشْبِيلِيَة تقع على نهر الوادي الكبير الذي يصبُّ في المحيط الأطلنطي، ومن السهولة جدًّا أن تدخل سفن الفايكنج أو غيرها من المحيط الأطلنطي إلى إِشْبِيلِيَة، فقام بإنشاء سور ضخم حول إِشْبِيلِيَة، وحصَّنها تحصينًا منيعًا، ظلَّت بعده من أحصن حصون الأندلس بصفة عامة[14].
ثانيًا: لم يكتفِ بذلك بل قام -أيضًا- بإنشاء أسطولين قويين؛ أحدهما في الأطلسي والآخر في البحر الأبيض المتوسط؛ وذلك حتى يُدافع عن كل سواحل الأندلس، فكانت هذه الأساطيل تجوب البحار وتصل إلى أعلى حدود الأندلس في الشمال عند مملكة ليون، وتصل في البحر الأبيض المتوسط حتى إيطاليا.
وكان من نتيجة ذلك أنه فتح جزر البليار للمرة الثانية[15]، وكذلك كان من نتيجة هزيمة الفايكنج في هذه الموقعة قدوم سفارة من الدانمارك محمَّلة بالهدايا تطلب وُدَّ المسلمين، وتطلب المعاهدة معهم.
وبلغت البلاد من القوة في عهد الأمير عبد الرحمن هذا أن جاءته الهدايا من القسطنطينية أيضًا[16].
[1] ابن عذاري: البيان المغرب، 2/81.
[2] مجهول: أخبار مجموعة، ص122.
[3] تملَّى: أي عاش طويلاً واستمتع بالشيء. ابن منظور: لسان العرب، مادة ملا 15/290.
[4] الصفدي: الوافي بالوفيات، 18/84.
[5] الصفدي: الوافي بالوفيات، 16/380.
[6] المقري: نفح الطيب، 3/374، وزِمِكّ الطائر: ذيله وذنبه. ابن منظور: لسان العرب، مادة زمك 10/436، والمعجم الوسيط 1/400.
[7] الصفدي: الوافي بالوفيات، 16/380.
[8] المقري: نفح الطيب، 1/347.
[9] ابن عذاري: البيان المغرب، 2/91.
[10] قال المقري: «وأما طريقة الفقراء على مذهب أهل الشرق في الدروزة التي تكسل عن الكد، وتحوج الوجوه للطلب في الأسواق، فمستقبحة عندهم إلى نهاية، وإذا رأوا شخصًا صحيحًا قادرًا على الخدمة يطلب سَبُّوه وأهانوه، فضلاً عن أن يتصدقوا عليه؛ فلا تجد بالأندلس سائلاً إلاَّ أن يكون صاحب عذر». نفح الطيب، 1/220، والفقراء هنا هم الصوفية.
[11] انظر: ابن عذاري: البيان المغرب، 2/91، والمقري: نفح الطيب، 1/347.
[12] ابن عذاري: البيان المغرب، 2/87.
[13] انظر: ابن عذاري: البيان المغرب، 2/87، 88.
[14] الذهبي: سير أعلام النبلاء، 8/261، والصفدي: الوافي بالوفيات، 18/84، والحميري: صفة جزيرة الأندلس، ص20.
[15] انظر: ابن عذاري: البيان المغرب، 2/89، وكنا قد ذكرنا أن الذي فتحها للمرة الأولى كان موسى بن نصير ~؛ وذلك قبل فتح الأندلس سنة 91هـ=710م، ثم سقطت في أيدي النصارى في عهد الولاة الثاني حين انحدر حال المسلمين آنذاك، ثم سيطر عليها الفايكنج، وهنا وفي سنة 234هـ=849م تم فتحها ثانية.
[16] المقري: نفح الطيب، 1/346
فترة الضعف في الإمارة الأموية
الإمارة الأموية في الأندلس في عهد الضعفبوفاة عبد الرحمن الأوسط -رحمه الله- يبدأ عهد جديد في بلاد الأندلس، وهو فترة الضعف في الإمارة الأموية، ويبدأ من سنة (238هـ=852م) وحتى سنة (300هـ=913م) أي حوالي اثنتين وستين سنة.
فلقد تولَّى بعد عبد الرحمن الأوسط ابنه محمد بن عبد الرحمن الأوسط، ثم اثنان من أولاده؛ هما: المنذر وعبد الله، وحقيقة الأمر أن الإنسان لَيَتَعجَّب: كيف بعد هذه القوَّة العظيمة والبأس الشديد والسيطرة على بلاد الأندلس وما حولها يحدث هذا الضعف وذلك الانحدار؟!
فمن سُنن الله U أن الأمم لا تسقط فجأة، بل يأتي السقوط متدرِّجًا وعلى فترات طويلة، ففي عهد الولاة الثاني ظهرت أسباب الضعف؛ منها:
أولاً: انفتاح الدنيا وحبُّ الغنائم.
ثانيًا: القَبَلِيَّة والقومية.
ثالثًا: ظلم الولاة.
رابعًا: ترك الجهاد.
وكل هذه الأسباب لم تنشأ فجأة، وإنما كانت بذورها قد نشأت منذ أواخر عهد القوَّة من عهد الولاة أثناء وبعد موقعة بلاط الشهداء.
إذًا لكي نفهم سبب ضعف الإمارة الأموية علينا أن نرجع قليلاً، وندرس الفترة الأخيرة من عهد القوة، ونبحث فيها عن بذور الضعف، والأمراض التي أدَّت إلى هلكة أو ضعف الإمارة الأموية في هذا العهد الثاني.
عوامل وأسباب ضعف الإمارة الأموية
كان من أهمِّ أسباب ضعف الإمارة الأموية ما يلي:
أولاً: كثرة الأموال وانفتاح الدنيا على المسلمين
من جديد كانت الدنيا قد انفتحت على المسلمين، وكثرت الأموال في أيديهم، وقد زاد هذا بشدَّة في أواخر عهد القوة من الإمارة الأموية، فقد ازدهرت التجارة كثيرًا، ولم يُوجد هناك في البلاد فقير، وفُتِنَ الناسُ بالمال، وتكرَّر ثانية حديث رسول الله : «فَوَاللهِ مَا الْفَقْرُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ»[1]. وقال -أيضًا-: «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ»[2] وقد حذَّر الرسول من الدنيا مِرارًا وتكرارًا وقلَّل من قيمتها، فكان يقول : «وَاللهِ مَا الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ[3] فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ؟» [4].
ثانيًا: زِرْياب
اسم ليس بغريب لكنه كان كدابَّة الأرض التي أكلت مِنْسأَةَ سليمان u؛ فسقط جسده على الأرض؛ زِرْياب هذا كان من مطربي بغداد، تربَّى هناك في بيوت الخلفاء والأمراء؛ حيث كان يُغَنِّي لهم ويُطربهم، وكان مُعَلِّمه هو إبراهيم الموصلي كبير مطربي بغداد في ذلك الوقت[5].
ومع كرِّ الأيام ومرِّ السنين لمع نجم زرياب في بغداد فغار منه إبراهيم الموصلي، فدبَّر له مكيدة فطُرِدَ من البلاد، أو أنه هدَّده فهرب زرياب من نفسه دون مكائد كما في روايات أخرى.
وكانت مشارق الأرض الإسلامية ومغاربها متسعة جدًّا في ذلك الوقت، وبعد حيرة وجد زرياب ضالَّته في الأندلس؛ حيث الأموال الكثيرة والحدائق والقصور، وهي صفات كثيرًا ما يعشقها أمثال هؤلاء، كما تكون -أيضًا- أرضًا خصبة لاستقبال وإيواء أمثالهم[6].
وغالب الأمر أن الأندلس إلى هذه الفترة لم تكن تعرف الغناء، إلاَّ أن زرياب ذهب إلى هناك فاستقبلوه وعظَّمُوه وأحسنوا وِفَادته، حتى دخل على الخلفاء، ودخل بيوت العامَّة ونواديهم، فأخذ يُغَنِّي للناس ويُعَلِّمهم ما قد تَعَلَّمَه في بغداد، ولم يكتفِ زرياب بتعليمهم الغناء وتأليف ما يُسمَّى بالموشحات الأندلسية، لكنه بدأ يُعَلِّمهم فنون (الموضة) وملابس الشتاء والصيف والربيع والخريف، وأن هناك ملابس خاصَّة بكل مناسبة من المناسبات العامَّة والخاصَّة[7].
ولم يكن الناس في الأندلس على هذه الشاكلة، إلا أنهم أخذوا يسمعون من زرياب ويَتَعَلَّمُون؛ خاصَّة وأنه قد بدأ يُعَلِّمهم -أيضًا- فنون الطعام كما عَلَّمَهُم ملابس الموضة تمامًا، وأخذ يحكي لهم حكايات الأمراء والخلفاء والأساطير والروايات، وما إلى ذلك حتى تعلَّق الناس به بشدَّة، وتعلَّق الناس بالغناء، وكَثُرَ المطربون في بلاد الأندلس، ثم بعد ذلك انتشر الرقص، وكان في البداية بين الذكور ثم انتقل إلى الإناث وهكذا.
الغريب أن دخول زرياب إلى أرض الأندلس كان في عهد عبد الرحمن الأوسط -رحمه الله؛ ذلك الرجل الذي اهتمَّ بالعلم والحضارة والعمران والاقتصاد وما إلى ذلك، لكنه -ويا للأسف- ترك زرياب يفعل كل هذه الأمور، وينخر في جسد الأُمَّة دون أن يدري أحدٌ.
ففي الوقت الذي انتعشت فيه النهضة العلمية وكثُرَ العلماء، كان كلام زرياب المنمَّق وإيقاعه الرَّنَّان يصرف الناس عن سماع العلماء إلى سماعه هو، ويصرف الناس عن سماع حديث رسول الله، وعن سماع قصص السلف الصالح إلى سماع حكاياته العجيبة وأساطيره الغريبة، بل - والله - لقد انصرف الناس عن سماع القرآن الكريم إلى سماع أغانيه والتعلُّق بلهوه ومجونه.
وليس هذا بعجيب أو جديد؛ ففي بداية دعوة رسول الله في مكة، وحين رآه النضر بن الحارث -وكان من رءوس الكفر- يخاطب الناس بالقرآن فيتأثَّرُون ويؤمنون بهذا الدين، ما كان منه إلاَّ أن قطع أميالاً طويلة وذهب إلى بلاد فارس، وقضى هناك فترة طويلة يتعلَّم حكايات رستم وإسفنديار، ويتعلَّم الأساطير الفارسية، ثم اشترى قينتين (مغنيتين) وعاد إلى مكة، وفي مكة كان النضر بن الحارث يقوم بحرب مضادة للدعوة الإسلامية، فكان إذا وجد في قلب رجل ميلاً إلى الإسلام أرسل له القينتين تُغَنِّيانِه ما كان في بلاد فارس من حكايات رستم وإسفنديار؛ حتى يُلهياه عن هذا الدين، وظلَّ على هذا النحو، وأنزل الله I فيه قرآنًا يُتلى إلى يوم القيامة: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [لقمان: 6].
وقد أقسم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنها ما نزلت إلاَّ في الغناء[8].
وهكذا؛ فالشيطان لا يهدأ ولا ينام حتى في وجود هذه النهضة العلمية؛ {ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: 17].
وكلما زاد الاهتمام بالدين، وارتقى مستوى الإيمان عند الناس، وتعلَّقت قلوبهم بالمساجد، نشط الشيطان، وزادت حركته عن طريق زرياب ومَن سار على نهجه.
وإنه بالرغم من مرور أكثر من ألفٍ ومائتي عام على وفاة زرياب هذا، إلا أن له شهرة واسعة في كل بلاد شمال إفريقيا، فلم يسمع الكثير من الناس عن السَّمح بن مالك الخولاني وعنبسة بن سحيم -رحمهما الله- ولم يسمعوا عن عُقبَة بن الحجاج، أو سيرة عبد الرحمن الداخل، أو عبد الرحمن الأوسط، ولم يسمعوا عن كثير من قادة المسلمين في فارس والروم وفي بلاد إفريقيا والأندلس؛ لكنهم سمعوا عن زرياب، ويعرفون سيرته وتفاصيل حياته، بل إن موشحاته الأندلسية ما زالت إلى يومنا هذا تُغنَّى في تونس والمغرب والجزائر، وما زالت تُدرَّس سيرته الذاتية هناك على أنه رجل من قوَّاد التنوير والنهضة، ويُمَجَّد في حربه ضدَّ الجمود وكفاحه من أجل الفنِّ، ولا يعلم الناس أن زرياب هذا ومَنْ سار على طريقه كان سببًا رئيسًا في سقوط بلاد الأندلس، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
ثالثًا: عمر بن حفصون
عمر بن حفصون (240-306هـ=855-919م) كان مسلمًا من المولَّدين؛ أي: من أهل الأندلس الأصليين، كان عمر بن حفصون قاطعًا للطريق، وكان يتزعَّم عصابة من أربعين رجلاً، وحين بدأ الناس يركنون إلى الدنيا ويتركون الجهاد في سبيل الله زاد حجمه، واشتدَّ خطره، وبدأ يثور في منطقة الجنوب؛ حتى أرهب الناس في هذه المنطقة، وأخذ يجمع حوله الأنصار فتوسَّع سلطانه كثيرًا، فسيطر على كل الجنوب الأندلسي.
وفي سنة (286هـ=899م) قام عمر بن حفصون بعملٍ لم يتكرَّر كثيرًا في التاريخ الإسلامي بصفة عامَّة وتاريخ الأندلس بصفة خاصَّة؛ فلكي يُعَضِّد من قوَّته في آخر عهده، وبعد اثنين وعشرين عامًا من ثورته انقلب على عقبيه وتحوَّل من الإسلام إلى النصرانية، وسمَّى نفسه صمويل؛ وذلك بهدف كسب تأييد مملكة ليون النصرانية في الشمال، وهو وإن كان قد تركه بعض المسلمين الذين كانوا معه إلاَّ أنه نال بالفعل تأييد مملكة ليون، في الوقت الذي تزامن مع توقُّف الجهاد في ممالك النصارى[9].
بدأت (مملكة ليون) تتجرَّأ على حدود الدولة الإسلامية؛ فبدأت تهاجمها من الشمال وعمر بن حفصون أو صمويل يُهاجمها من جهة الجنوب.
[1] البخاري: كتاب الرقاق، باب: ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها 6061، ومسلم: كتاب الزهد والرقائق 2961 عن عمرو بن عوف واللفظ له.
[2] الترمذي: كتاب الزهد، باب أن فتنة هذه الأمة في المال 2336، وقال: صحيح غريب. وأحمد 17506، وابن حبان 3223، والحاكم 7896، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
[3] أشار أحد رواة الحديث بِالسَّبَّابَةِ.
[4] مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة 2858 عن المستورد بن شداد، وأحمد 18037، وابن حبان 6265.
[5] المقري: نفح الطيب، 3/123.
[6] انظر: المقري: نفح الطيب، 1/123.
[7] انظر مزيدًا من التفاصيل في المقري: نفح الطيب، 1/133.
[8] انظر: الطبري: جامع البيان في تأويل القرآن، 20/127، والبغوي: معالم التنزيل في تفسير القرآن، 6/284، والقرطبي: الجامع لأحكام القرآن، 14/53، وابن كثير: تفسير القرآن العظيم، 6/332.
[9] ابن عذاري: البيان المغرب، 2/139.
الحكم بن هشام, الحكم الربضيتولَّى بعد هشام بن عبد الرحمن الداخل ابنه الحكم الشهير بالحكم الربضي، وذلك من سنة (180هـ=796م) وحتى سنة (206هـ=821م) [1]، لكن الحكم لم يكن على شاكلة أبيه ولا على شاكلة جدِّه، فكان قاسيًا جدًّا، فرض الكثير من الضرائب، واهتمَّ بالشِّعر والصيد، وقاوم الثورات بأسلوب غير مسبوق في بلاد الأندلس في عهد الإمارة الأموية؛ حتى وصل الأمر في آخر حياته إلى حرق بيوت الثائرين عليه، ونفيهم خارج البلاد[2].
ثورة الربض
من أشهر الثورات التي قمعها الحكم بن هشام – الحكم الربضي- ثورة الربض (202 هـ= 808 م) وهم قومٌ كانوا يعيشون في إحدى ضواحي قُرْطُبَة، وقد ثار أهلها ثورة كبيرة جدًّا عليه؛ بسبب ما عُرِفَ عنه من معاقرة الخمر، وتشاغله باللهو والصيد، وقد زاد من نقمة الشعب عليه قتله لجماعة من أعيان قُرْطُبَة؛ فكرهه الناس، وصاروا يتعرَّضون له ولجنده مما حثَّه على تحصين قرطبة، فأقام حولها الأسوار، وحفر الخنادق، وجعل جنوده على مقربة منه؛ فزاد ذلك من حقد أهل قُرْطُبَة عليه، وزاد توجُّسهم منه، ثم حدث أن مملوكًا له اختلف مع أحد العوامِّ فقتله؛ فثار أهل الربض، وزحفوا إلى قصره وأحاطوا به فقاتلهم قتالاً شديدًا هو وجنده حتى تغلَّب عليهم[3].
ولم يكتفِ الحكم بهزيمتهم، بل أحرق وخرَّب ديارهم، وقتل ثلاثمائة من وجهائهم وصلبهم، وأمر بطردهم خارج البلاد[4]؛ فتفرَّقوا في البلاد ومنهم مَنْ ذهب إلى الإسكندرية في مصر، وأقاموا فيها فترة ثم ارتحلوا عنها إلى جزيرة كريت، فأقاموا فيها دويلة عام (212هـ=728م) استمرَّت مائة عام حتى استولى عليها البيزنطيون من بعد[5].
الجهاد في عهد الحكم بن هشام
ورغم أفعاله تلك إلاَّ أن الحكم بن هشام لم يُوقِفْ حركة الجهاد[6]؛ وذلك لأن الجهاد كان عادة في الإمارة الأموية؛ سواء في بلاد الشام أو في بلاد الأندلس، لكن كانت له انتصارات وهزائم في الوقت نفسه، وكنتيجة طبيعية لهذا الظلم الذي اتَّصف به، وهذه العلاقة التي ساءت بين الحاكم والمحكوم سقطت بعض البلاد الإسلامية في يد النصارى؛ فسقطت بَرْشُلُونَة، وأصبحت تُمثِّل إمارة نصرانية صغيرة في الشمال الشرقي عُرِفَت في التاريخ باسم إمارة أراجون، وكانت متاخمة لحدود فرنسا بجوار جبال البرينيه في الشمال الشرقي للبلاد[7].
لكن الحكم بن هشام بفضل من الله ومَنٍّ عليه تاب عن أفعاله في آخر عهده، ورجع عن ظلمه، واستغفر واعتذر للناس عن ذنوبه، ثم اختار من أبنائه أصلحهم، وإن لم يكن الأكبر؛ ليكون وليًّا لعهده، وكان من حُسْنِ خاتمته أنه قام بهذا الاعتذار وهذه التوبة وهو في كامل قوَّته وبأسه، وذلك قبل موته بعامين[8].
[1] انظر: ابن عذاري: البيان المغرب، 2/68، والمقري: نفح الطيب، 1/339.
[2] انظر: ابن الأثير: الكامل في التاريخ، 5/413، والمقري: نفح الطيب، 1/339.
[3] انظر: ابن الأثير: الكامل في التاريخ، 5/413، 414.
[4] المصدر السابق، 5/414.
[5] المصدر السابق، 5/480، وتاريخ ابن خلدون، 3/253.
[6] ابن عذاري: البيان المغرب، 2/72.
[7] ابن الأثير: الكامل في التاريخ، 5/322، 323.
[8] ابن سعيد المغربي: المغرب في حلى المغرب، 1/43.
ولاية عبد الرحمن الأوسط
عبد الرحمن الثاني, عبد الرحمن الأوسطبعد الحكم بن هشام تولَّى ابنه عبد الرحمن الثاني، وهو المعروف في التاريخ باسم عبد الرحمن الأوسط (فهو الأوسط بين عبد الرحمن الداخل وعبد الرحمن الناصر كما سيأتي)، وقد حكم من سنة (206هـ=821م) وحتى آخر الفترة الأولى (عهد القوة) من عهد الإمارة الأموية، وذلك سنة (238هـ=852م)، وتُعَدُّ فترة حكمه هذه من أفضل فترات تاريخ الأندلس، فاستأنف الجهاد من جديد ضدَّ النصارى في الشمال، وألحق بهم هزائم عدَّة[1]، وكان حسن السيرة، هادئ الطباع، محبًّا للعلم، محبًّا للناس[2].
قال عنه الصفدي: كان عادلاً في الرعية بخلاف أبيه، جوادًا فاضلاً، له نظر في العلوم العقلية، وهو أول من أقام رسوم الإمرة، وامتنع عن التبذُّل للعامَّة، وهو أول من ضرب الدراهم بالأندلس، وبنى سور إِشْبِيلِيَة، وأمر بالزيادة في جامع قُرْطُبَة، وكان يُشَبَّه بالوليد بن عبد الملك، وكان محبًّا للعلماء مقرِّبًا لهم، وكان يُقيم الصلوات بنفسه، ويُصَلِّي إمامًا بهم في أكثر الأوقات... وهو أول مَنْ أدخل كتب الأوائل إلى الأندلس، وعرَّف أهلها بها، وكان حَسَنَ الصورة ذا هيئة، وكان يُكثِر تلاوة القرآن، ويحفظ حديث النبي ، وكان يُقالُ لأيامه أيام العروس، وافتتح دولته بهدم فندق الخمر وإظهار البِرِّ، وتملَّى[3] الناس بأيامه وطال عمره، وكان حَسَنَ التدبير في تحصيل الأموال وعمارة البلاد بالعدل، حتى انتهى ارتفاع بلاده في كل سنة ألف ألف دينار[4].
عهد عبد الرحمن الثاني
ومن أهم ما تميَّز به عهد عبد الرحمن الأوسط الأمور الثلاثة التالية:
أولاً: ازدهار الحضارة العلمية
ومن أشهر العلماء في عصر عبد الرحمن الأوسط عباس بن فرناس -رحمه الله- (274 هـ=887م)، وكنيته أبو القاسم، وهو من أهل قُرْطُبَة، من موالي بني أمية، وبيته في برابر (تاكرنا) كان في عصر الخليفة عبد الرحمن الأوسط (في القرن التاسع للميلاد)، وله أبيات في ابنه محمد بن عبد الرحمن (المتوفى سنة 273هـ)، وكان فيلسوفًا شاعرًا، له علم بالفلك[5].
وهو أول مَنِ استنبط في الأندلس صناعة الزجاج من الحجارة، وصنع (الميقاتة) لمعرفة الأوقات، ومَثَّل في بيته السماء بنجومها وغيومها وبروقها ورعودها، وهو أول طيار اخترق الجوَّ؛ أراد تطيير جثمانه، فكسا نفسه الريش، ومدَّ له جناحين طار بهما في الجوِّ مسافة بعيدة، ثم سقط فتأذَّى في ظهره؛ لأنه لم يعمل له ذنبًا، ولم يَدْرِ أن الطائر إنما يقع على زِمِكِّه[6].
ولكنه -برغم هذه المحاولة الرائدة التي فشلت- كان عبقرية هائلة؛ حتى إن الصفدي بَعْدَ كثيرٍ من المدح له يصفه بأنه «له شخص إنسي وفطنة جني»[7].
ثانيًا: ازدهار الحضارة المادية
اهتمَّ عبد الرحمن الأوسط بالحضارة المادية (العمرانية والاقتصادية وغيرها) اهتمامًا كبيرًا[8]، فازدهرت حركة التجارة في عهده؛ ومن ثَمَّ كثُرت الأموال[9]؛ ومن المهم أن نعلم أن بلاد الأندلس لم يكن فيها ما نُسَمِّيه بـ «التسوُّل»، فقد كانت هذه العادة في بعض البلاد الإسلامية الأخرى؛ لكنها لم تُعرَف في بلاد الأندلس[10].
كذلك تقدَّمت وسائل الريِّ في عهده بشكل كبير، وتمَّ رصف الشوارع وإنارتها ليلاً في هذا العمق القديم جدًّا في التاريخ، في الوقت الذي كانت فيه أوربا تعيش في جهلٍ وظلام دامس، كما أقام القصور المختلفة والحدائق الغنَّاء، وتوسَّع في ناحية المعمار حتى كانت المباني الأندلسية آية في المعمار في عهده –رحمه الله[11].
ثالثًا: وقف غزوات النورمان
النورمان هم أهل إسكندنافيا، وهي بلاد تضمُّ الدانمارك والنرويج وفنلندا والسويد، وقد كانت هذه البلاد تعيش في همجية مطلقة؛ فقد كانوا يعيشون على ما يُسَمَّى بحرب العصابات، فقاموا بغزوات عُرِفَت باسم «غزوات الفايكنج»، وهي غزوات إغارة على أماكن متفرِّقة من بلاد العالم، ليس لها من هَمٍّ إلاَّ جمع المال وهَدْم الديار.
جهاد عبد الرحمن الأوسط
في عهد عبد الرحمن الأوسط سنة (230هـ=845م) هجمت هذه القبائل على إِشْبِيلِيَة من طريق البحر في أربع وخمسين سفينة، ودخلوها فأفسدوا فسادًا كبيرًا، ودمَّروا إِشْبِيلِيَة تمامًا، ونهبوا ثرواتها، وهتكوا أعراضها، ثم تركوها إلى شَذُونة وألمَرِيَّة ومُرْسِيَة وغيرها من البلاد فأشاعوا الرعب، وعمَّ الفزع[12]، وهذه هي طبيعة الحروب المادية بصفة عامَّة، وشتَّان بين المسلمين في فتحهم للبلاد وبين غيرهم في معاركهم!
فلمَّا علم عبد الرحمن الأوسط -رحمه الله- بهذا الأمر ما كان منه إلاَّ أن جهَّز جيشه وأعدَّ عُدَّته، وخلال أكثر من مائة يوم كاملة دارت بينه وبينهم معارك ضارية، أُغرِقَت خلالها خمسٌ وثلاثون سفينةً للفايكنج، ومنَّ الله على المسلمين بالنصر، وعاد النورمان إلى بلادهم خاسئين خاسرين[13].
ولم يجنح عبد الرحمن الأوسط بعدها إلى الدَّعَة أو الخمول، وإنما عمل على تفادي تلك الأخطاء التي كانت سببًا في دخول الفايكنج إلى بلاده فقام بما يلي:
أولاً: رأى أن إِشْبِيلِيَة تقع على نهر الوادي الكبير الذي يصبُّ في المحيط الأطلنطي، ومن السهولة جدًّا أن تدخل سفن الفايكنج أو غيرها من المحيط الأطلنطي إلى إِشْبِيلِيَة، فقام بإنشاء سور ضخم حول إِشْبِيلِيَة، وحصَّنها تحصينًا منيعًا، ظلَّت بعده من أحصن حصون الأندلس بصفة عامة[14].
ثانيًا: لم يكتفِ بذلك بل قام -أيضًا- بإنشاء أسطولين قويين؛ أحدهما في الأطلسي والآخر في البحر الأبيض المتوسط؛ وذلك حتى يُدافع عن كل سواحل الأندلس، فكانت هذه الأساطيل تجوب البحار وتصل إلى أعلى حدود الأندلس في الشمال عند مملكة ليون، وتصل في البحر الأبيض المتوسط حتى إيطاليا.
وكان من نتيجة ذلك أنه فتح جزر البليار للمرة الثانية[15]، وكذلك كان من نتيجة هزيمة الفايكنج في هذه الموقعة قدوم سفارة من الدانمارك محمَّلة بالهدايا تطلب وُدَّ المسلمين، وتطلب المعاهدة معهم.
وبلغت البلاد من القوة في عهد الأمير عبد الرحمن هذا أن جاءته الهدايا من القسطنطينية أيضًا[16].
[1] ابن عذاري: البيان المغرب، 2/81.
[2] مجهول: أخبار مجموعة، ص122.
[3] تملَّى: أي عاش طويلاً واستمتع بالشيء. ابن منظور: لسان العرب، مادة ملا 15/290.
[4] الصفدي: الوافي بالوفيات، 18/84.
[5] الصفدي: الوافي بالوفيات، 16/380.
[6] المقري: نفح الطيب، 3/374، وزِمِكّ الطائر: ذيله وذنبه. ابن منظور: لسان العرب، مادة زمك 10/436، والمعجم الوسيط 1/400.
[7] الصفدي: الوافي بالوفيات، 16/380.
[8] المقري: نفح الطيب، 1/347.
[9] ابن عذاري: البيان المغرب، 2/91.
[10] قال المقري: «وأما طريقة الفقراء على مذهب أهل الشرق في الدروزة التي تكسل عن الكد، وتحوج الوجوه للطلب في الأسواق، فمستقبحة عندهم إلى نهاية، وإذا رأوا شخصًا صحيحًا قادرًا على الخدمة يطلب سَبُّوه وأهانوه، فضلاً عن أن يتصدقوا عليه؛ فلا تجد بالأندلس سائلاً إلاَّ أن يكون صاحب عذر». نفح الطيب، 1/220، والفقراء هنا هم الصوفية.
[11] انظر: ابن عذاري: البيان المغرب، 2/91، والمقري: نفح الطيب، 1/347.
[12] ابن عذاري: البيان المغرب، 2/87.
[13] انظر: ابن عذاري: البيان المغرب، 2/87، 88.
[14] الذهبي: سير أعلام النبلاء، 8/261، والصفدي: الوافي بالوفيات، 18/84، والحميري: صفة جزيرة الأندلس، ص20.
[15] انظر: ابن عذاري: البيان المغرب، 2/89، وكنا قد ذكرنا أن الذي فتحها للمرة الأولى كان موسى بن نصير ~؛ وذلك قبل فتح الأندلس سنة 91هـ=710م، ثم سقطت في أيدي النصارى في عهد الولاة الثاني حين انحدر حال المسلمين آنذاك، ثم سيطر عليها الفايكنج، وهنا وفي سنة 234هـ=849م تم فتحها ثانية.
[16] المقري: نفح الطيب، 1/346
فترة الضعف في الإمارة الأموية
الإمارة الأموية في الأندلس في عهد الضعفبوفاة عبد الرحمن الأوسط -رحمه الله- يبدأ عهد جديد في بلاد الأندلس، وهو فترة الضعف في الإمارة الأموية، ويبدأ من سنة (238هـ=852م) وحتى سنة (300هـ=913م) أي حوالي اثنتين وستين سنة.
فلقد تولَّى بعد عبد الرحمن الأوسط ابنه محمد بن عبد الرحمن الأوسط، ثم اثنان من أولاده؛ هما: المنذر وعبد الله، وحقيقة الأمر أن الإنسان لَيَتَعجَّب: كيف بعد هذه القوَّة العظيمة والبأس الشديد والسيطرة على بلاد الأندلس وما حولها يحدث هذا الضعف وذلك الانحدار؟!
فمن سُنن الله U أن الأمم لا تسقط فجأة، بل يأتي السقوط متدرِّجًا وعلى فترات طويلة، ففي عهد الولاة الثاني ظهرت أسباب الضعف؛ منها:
أولاً: انفتاح الدنيا وحبُّ الغنائم.
ثانيًا: القَبَلِيَّة والقومية.
ثالثًا: ظلم الولاة.
رابعًا: ترك الجهاد.
وكل هذه الأسباب لم تنشأ فجأة، وإنما كانت بذورها قد نشأت منذ أواخر عهد القوَّة من عهد الولاة أثناء وبعد موقعة بلاط الشهداء.
إذًا لكي نفهم سبب ضعف الإمارة الأموية علينا أن نرجع قليلاً، وندرس الفترة الأخيرة من عهد القوة، ونبحث فيها عن بذور الضعف، والأمراض التي أدَّت إلى هلكة أو ضعف الإمارة الأموية في هذا العهد الثاني.
عوامل وأسباب ضعف الإمارة الأموية
كان من أهمِّ أسباب ضعف الإمارة الأموية ما يلي:
أولاً: كثرة الأموال وانفتاح الدنيا على المسلمين
من جديد كانت الدنيا قد انفتحت على المسلمين، وكثرت الأموال في أيديهم، وقد زاد هذا بشدَّة في أواخر عهد القوة من الإمارة الأموية، فقد ازدهرت التجارة كثيرًا، ولم يُوجد هناك في البلاد فقير، وفُتِنَ الناسُ بالمال، وتكرَّر ثانية حديث رسول الله : «فَوَاللهِ مَا الْفَقْرُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ»[1]. وقال -أيضًا-: «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ»[2] وقد حذَّر الرسول من الدنيا مِرارًا وتكرارًا وقلَّل من قيمتها، فكان يقول : «وَاللهِ مَا الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ[3] فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ؟» [4].
ثانيًا: زِرْياب
اسم ليس بغريب لكنه كان كدابَّة الأرض التي أكلت مِنْسأَةَ سليمان u؛ فسقط جسده على الأرض؛ زِرْياب هذا كان من مطربي بغداد، تربَّى هناك في بيوت الخلفاء والأمراء؛ حيث كان يُغَنِّي لهم ويُطربهم، وكان مُعَلِّمه هو إبراهيم الموصلي كبير مطربي بغداد في ذلك الوقت[5].
ومع كرِّ الأيام ومرِّ السنين لمع نجم زرياب في بغداد فغار منه إبراهيم الموصلي، فدبَّر له مكيدة فطُرِدَ من البلاد، أو أنه هدَّده فهرب زرياب من نفسه دون مكائد كما في روايات أخرى.
وكانت مشارق الأرض الإسلامية ومغاربها متسعة جدًّا في ذلك الوقت، وبعد حيرة وجد زرياب ضالَّته في الأندلس؛ حيث الأموال الكثيرة والحدائق والقصور، وهي صفات كثيرًا ما يعشقها أمثال هؤلاء، كما تكون -أيضًا- أرضًا خصبة لاستقبال وإيواء أمثالهم[6].
وغالب الأمر أن الأندلس إلى هذه الفترة لم تكن تعرف الغناء، إلاَّ أن زرياب ذهب إلى هناك فاستقبلوه وعظَّمُوه وأحسنوا وِفَادته، حتى دخل على الخلفاء، ودخل بيوت العامَّة ونواديهم، فأخذ يُغَنِّي للناس ويُعَلِّمهم ما قد تَعَلَّمَه في بغداد، ولم يكتفِ زرياب بتعليمهم الغناء وتأليف ما يُسمَّى بالموشحات الأندلسية، لكنه بدأ يُعَلِّمهم فنون (الموضة) وملابس الشتاء والصيف والربيع والخريف، وأن هناك ملابس خاصَّة بكل مناسبة من المناسبات العامَّة والخاصَّة[7].
ولم يكن الناس في الأندلس على هذه الشاكلة، إلا أنهم أخذوا يسمعون من زرياب ويَتَعَلَّمُون؛ خاصَّة وأنه قد بدأ يُعَلِّمهم -أيضًا- فنون الطعام كما عَلَّمَهُم ملابس الموضة تمامًا، وأخذ يحكي لهم حكايات الأمراء والخلفاء والأساطير والروايات، وما إلى ذلك حتى تعلَّق الناس به بشدَّة، وتعلَّق الناس بالغناء، وكَثُرَ المطربون في بلاد الأندلس، ثم بعد ذلك انتشر الرقص، وكان في البداية بين الذكور ثم انتقل إلى الإناث وهكذا.
الغريب أن دخول زرياب إلى أرض الأندلس كان في عهد عبد الرحمن الأوسط -رحمه الله؛ ذلك الرجل الذي اهتمَّ بالعلم والحضارة والعمران والاقتصاد وما إلى ذلك، لكنه -ويا للأسف- ترك زرياب يفعل كل هذه الأمور، وينخر في جسد الأُمَّة دون أن يدري أحدٌ.
ففي الوقت الذي انتعشت فيه النهضة العلمية وكثُرَ العلماء، كان كلام زرياب المنمَّق وإيقاعه الرَّنَّان يصرف الناس عن سماع العلماء إلى سماعه هو، ويصرف الناس عن سماع حديث رسول الله، وعن سماع قصص السلف الصالح إلى سماع حكاياته العجيبة وأساطيره الغريبة، بل - والله - لقد انصرف الناس عن سماع القرآن الكريم إلى سماع أغانيه والتعلُّق بلهوه ومجونه.
وليس هذا بعجيب أو جديد؛ ففي بداية دعوة رسول الله في مكة، وحين رآه النضر بن الحارث -وكان من رءوس الكفر- يخاطب الناس بالقرآن فيتأثَّرُون ويؤمنون بهذا الدين، ما كان منه إلاَّ أن قطع أميالاً طويلة وذهب إلى بلاد فارس، وقضى هناك فترة طويلة يتعلَّم حكايات رستم وإسفنديار، ويتعلَّم الأساطير الفارسية، ثم اشترى قينتين (مغنيتين) وعاد إلى مكة، وفي مكة كان النضر بن الحارث يقوم بحرب مضادة للدعوة الإسلامية، فكان إذا وجد في قلب رجل ميلاً إلى الإسلام أرسل له القينتين تُغَنِّيانِه ما كان في بلاد فارس من حكايات رستم وإسفنديار؛ حتى يُلهياه عن هذا الدين، وظلَّ على هذا النحو، وأنزل الله I فيه قرآنًا يُتلى إلى يوم القيامة: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [لقمان: 6].
وقد أقسم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنها ما نزلت إلاَّ في الغناء[8].
وهكذا؛ فالشيطان لا يهدأ ولا ينام حتى في وجود هذه النهضة العلمية؛ {ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: 17].
وكلما زاد الاهتمام بالدين، وارتقى مستوى الإيمان عند الناس، وتعلَّقت قلوبهم بالمساجد، نشط الشيطان، وزادت حركته عن طريق زرياب ومَن سار على نهجه.
وإنه بالرغم من مرور أكثر من ألفٍ ومائتي عام على وفاة زرياب هذا، إلا أن له شهرة واسعة في كل بلاد شمال إفريقيا، فلم يسمع الكثير من الناس عن السَّمح بن مالك الخولاني وعنبسة بن سحيم -رحمهما الله- ولم يسمعوا عن عُقبَة بن الحجاج، أو سيرة عبد الرحمن الداخل، أو عبد الرحمن الأوسط، ولم يسمعوا عن كثير من قادة المسلمين في فارس والروم وفي بلاد إفريقيا والأندلس؛ لكنهم سمعوا عن زرياب، ويعرفون سيرته وتفاصيل حياته، بل إن موشحاته الأندلسية ما زالت إلى يومنا هذا تُغنَّى في تونس والمغرب والجزائر، وما زالت تُدرَّس سيرته الذاتية هناك على أنه رجل من قوَّاد التنوير والنهضة، ويُمَجَّد في حربه ضدَّ الجمود وكفاحه من أجل الفنِّ، ولا يعلم الناس أن زرياب هذا ومَنْ سار على طريقه كان سببًا رئيسًا في سقوط بلاد الأندلس، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
ثالثًا: عمر بن حفصون
عمر بن حفصون (240-306هـ=855-919م) كان مسلمًا من المولَّدين؛ أي: من أهل الأندلس الأصليين، كان عمر بن حفصون قاطعًا للطريق، وكان يتزعَّم عصابة من أربعين رجلاً، وحين بدأ الناس يركنون إلى الدنيا ويتركون الجهاد في سبيل الله زاد حجمه، واشتدَّ خطره، وبدأ يثور في منطقة الجنوب؛ حتى أرهب الناس في هذه المنطقة، وأخذ يجمع حوله الأنصار فتوسَّع سلطانه كثيرًا، فسيطر على كل الجنوب الأندلسي.
وفي سنة (286هـ=899م) قام عمر بن حفصون بعملٍ لم يتكرَّر كثيرًا في التاريخ الإسلامي بصفة عامَّة وتاريخ الأندلس بصفة خاصَّة؛ فلكي يُعَضِّد من قوَّته في آخر عهده، وبعد اثنين وعشرين عامًا من ثورته انقلب على عقبيه وتحوَّل من الإسلام إلى النصرانية، وسمَّى نفسه صمويل؛ وذلك بهدف كسب تأييد مملكة ليون النصرانية في الشمال، وهو وإن كان قد تركه بعض المسلمين الذين كانوا معه إلاَّ أنه نال بالفعل تأييد مملكة ليون، في الوقت الذي تزامن مع توقُّف الجهاد في ممالك النصارى[9].
بدأت (مملكة ليون) تتجرَّأ على حدود الدولة الإسلامية؛ فبدأت تهاجمها من الشمال وعمر بن حفصون أو صمويل يُهاجمها من جهة الجنوب.
[1] البخاري: كتاب الرقاق، باب: ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها 6061، ومسلم: كتاب الزهد والرقائق 2961 عن عمرو بن عوف واللفظ له.
[2] الترمذي: كتاب الزهد، باب أن فتنة هذه الأمة في المال 2336، وقال: صحيح غريب. وأحمد 17506، وابن حبان 3223، والحاكم 7896، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
[3] أشار أحد رواة الحديث بِالسَّبَّابَةِ.
[4] مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة 2858 عن المستورد بن شداد، وأحمد 18037، وابن حبان 6265.
[5] المقري: نفح الطيب، 3/123.
[6] انظر: المقري: نفح الطيب، 1/123.
[7] انظر مزيدًا من التفاصيل في المقري: نفح الطيب، 1/133.
[8] انظر: الطبري: جامع البيان في تأويل القرآن، 20/127، والبغوي: معالم التنزيل في تفسير القرآن، 6/284، والقرطبي: الجامع لأحكام القرآن، 14/53، وابن كثير: تفسير القرآن العظيم، 6/332.
[9] ابن عذاري: البيان المغرب، 2/139.
- angelالمدير العام
- عدد المساهمات : 8871
نقاط : 14094
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 27/10/2011
الموقع : عمان
المزاج : إذا ضبطت نفسك متلبساً بالغيرة "على " إنسان ما فتفقد أحاسيسك جيداً فقد تكون في حالة " حب " وأنت "لا تعلم"..
رد: التاريخ الأندلسي 9
الجمعة ديسمبر 02, 2011 9:41 pm
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
- ابو ادممشرف عام
- عدد المساهمات : 5188
نقاط : 7790
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 26/10/2011
العمر : 45
الموقع : google
المزاج : مصدهج
رد: التاريخ الأندلسي 9
الإثنين ديسمبر 05, 2011 6:27 am
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
التاريخ الأندلسي 9
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى