منتدى كلنا الاردن
اهلا وسهلا بك زائرنا العزيز ونتمنى لك الفائدة من خلال منتدنا الذي تشرف بوجودك فيه معنا
وفي انتظار ابداعــــــــــــــــــــــك
منتدى كلنا الاردن منتدى كل الاردنيين

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى كلنا الاردن
اهلا وسهلا بك زائرنا العزيز ونتمنى لك الفائدة من خلال منتدنا الذي تشرف بوجودك فيه معنا
وفي انتظار ابداعــــــــــــــــــــــك
منتدى كلنا الاردن منتدى كل الاردنيين
منتدى كلنا الاردن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اهلا وسهلا بكل الاعضاء والزوار
<p>

منتدنا يفخر بوجودكم معنا وووووووو لانكم الاحلى والاجمل والارقى
بحـث
نتائج البحث
بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني




اذهب الى الأسفل
ابو ادم
ابو ادم
مشرف عام
التاريخ الأندلسي 10 4311_1217418931 عدد المساهمات : 5188
نقاط : 7790
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 26/10/2011
العمر : 45
الموقع : google
المزاج : مصدهج

التاريخ الأندلسي 10 Empty التاريخ الأندلسي 10

الإثنين نوفمبر 21, 2011 9:08 pm
الأندلس أواخر عهد الضعف

بعد اثنين وستين عامًا من الضعف الشديد، وبعدما تفاعلت عوامل السقوط مع بعضها البعض، نُلقي الآن نظرة عامَّة على طبيعة الوضع في بلاد الأندلس أواخر عهد الضعف في الإمارة الأموية؛ أي سنة (300هـ=913م)، ونُوَضِّح أهمَّ الملامح التي سادت هذا العصر، والتي كانت من فعلِ ونتاجِ عوامل الضعف.

أولاً: كثرة الثورات داخل الأندلس

كانت هناك ثورات لا حصر لها داخل الأندلس، بل واستقلالات في كثير من المناطق، والتي كان من أشهرها استقلال صمويل أو عمر بن حفصون؛ حيث استقلَّ بالجنوب وكوَّن ما يشبه الدُّوَيْلة، فضَمَّ إليه الكثير من الحصون، حتى ضمَّ كل حصون إِسْتِجَة وجَيَّان، التي كانت عند فتح الأندلس من أحصن المناطق الأندلسية على الإطلاق، وكذلك كانت غَرْنَاطَة إحدى المدن التي في حوزته، والتي اتخذ لها عاصمة سمَّاها (بابشتر) وتقع في الجنوب بجوار ألمَرِيَّة على ساحل البحر الأبيض المتوسط[1].

وكان من هذه الثورات الكبيرة -أيضًا- ثورة ابن حجاج في أشبيلية، وكانت هذه الثورة تمدُّ وتساعد عمر بن حفصون أو صمويل في ثورته ضد قُرْطُبَة[2].

ومثلها كانت ثورة ثالثة في شرق الأندلس في منطقة بَلَنْسِيَة، ورابعة في منطقة سَرَقُسْطَة في الشمال الشرقي، حيث استقلَّت إمارة سَرَقُسْطَة -أيضًا- عن الإمارة الأموية في قُرْطُبَة، وخامسة في غرب الأندلس يقودها عبد الرحمن الجلِّيقي، وسادسة في طُلَيْطلَة، وهكذا ثورات وثورات أَدَّت في نهاية الأمر إلى أن الحكومة المركزية للإمارة الأموية في قُرْطُبَة لم تَعُدْ تُسيطر على كل بلاد الأندلس إلاَّ على مدينة قُرْطُبَة وحدها، إضافة إلى بعض القرى التي حوله[3].

ومن ثَمَّ فقد انفرط العِقد تمامًا حتى سنة (300هـ= 913م)، وتوزَّعت الأندلس بين كثير من القوَّاد، كُلٌّ يحارب الآخر، وكُلٌّ يبغي مُلكًا ومالاً.

ثانيًا: تكوُّن مملكة نافار

مملكة نافارذكرنا -سابقًا- أنه كانت هناك مملكتان نصرانيتان؛ هما مملكة ليون في الشمال الغربي ومملكة أراجون في الشمال الشرقي وعاصمتها بَرْشُلُونَة، اللتان تكوَّنتا زمن ضعف المسلمين في عهد الولاة الثاني، وهنا وفي الفترة الثانية من فترتي الإمارة الأموية تكوَّنت في الشمال -أيضًا- مملكة نصرانية ثالثة كانت قد انفصلت عن مملكة ليون، وهي مملكة أو إمارة نافار، وتُكتَب في بعض الكتب العربية (نباره)، وتُعرَفُ الآن في إسبانيا بإقليم الباسك، ذلك الإقليم الذي يحاول الانشقاق عن إسبانيا.

هذه الممالك النصرانية الثلاث بعد أن كانت تخاف المسلمين في العهد الأول للإمارة الأموية، تجرَّأت كثيرًا على البلاد الإسلامية؛ فهاجمت شمال الأندلس، وبدأت تقتل المسلمين المدنيين في مدن الأندلس الشمالية.

ثالثًا: قتلُ ولي العهد محمد بن عبد الله

أمر خطير آخر قد ظهر، وهو يُعَبِّرُ عن مدى المأساة والفتنة في ذلك الوقت، وهو أنَّ وَلِيَّ العهد للأمير عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الأوسط الذي كان يحكم البلاد في ذلك الوقت قتله أخوه المطرف بن عبد الله، وكان ولي العهد هذا يُسمَّى محمد بن عبد الله، فأصبح الوضع من الخطورة بمكان[4].

وهكذا يكون الحال حين يختلف المسلمون ويتفرَّقون، وحين ينشغلون بدنياهم وبزريابهم وبأنفسهم؛ حكومات نصرانية في الشمال تهاجم المسلمين، ثورات واستقلالات في الداخل، قتلٌ لولي العهد القادم، بلاد إسلامية واسعة بغير ولي عهد في هذه المرحلة الحرجة.

رابعًا: ظهور نجم الدولة العبيدية الفاطمية الشيعية

زادت الأمور تعقيدًا في بلاد الأندلس بظهور دولة جديدة في بلاد المغرب، كانت من أشدِّ الدول خطورة على بلاد الأندلس، وهي الدولة المسمَّاة بالفاطمية، واسمها الصحيح الدولة العبيدِية.

ظهرت الدولة العبيدية في بلاد المغرب العربي سنة (296هـ= 909م)؛ أي: قبل سنة (300هـ=913م) [5] (نهاية الفترة الثانية من الإمارة الأموية) بأربع سنوات فقط، وكانت دولةً شيعيةً خبيثةً؛ همُّها الأول قَتْل علماء السُّنَّة في بلاد المغرب العربي، ومحاولة نشر نفوذها في هذه المنطقة، فانتشرت بصورة سريعة من بلاد المغرب إلى الجزائر وتونس، ثم إلى مصر والشام والحجاز وغيرها.

وأعلن ابن حفصون الطاعة لعبيد الله المهدي[6]، ولا شَكَّ أن ذلك لم يكن حبًّا في العبيدين؛ ولكن احتياجًا لمددهم وأموالهم.

خامسًا: تَردِّي الأوضاع في بقية أقطار العالم الإسلامي

إذا تخطَّيْنَا بلاد الأندلس وألقينا نظرة على مجمل أقطار العالم الإسلامي في الشرق والغرب وجدنا ما يلي:

مصر والشام يحكمها الإخشيديون، الموصل يحكمها ابن حمدان، البحرين واليمامة يحكمها القرامطة، أصبهان يحكمها بنو بويه، خراسان يحكمها نصر الساماني، طبرستان يحكمها الدَّيْلَم، الأهواز يحكمها البُريديون، كرمان يحكمها محمد بن إلياس، الدولة العباسية أو الخلافة العباسية لا تحكم إلاَّ بغداد فقط، ولا تبسط سيطرتها حتى على أطراف العراق.

هكذا كان الوضع في أقطار العالم الإسلامي؛ لم يكن هناك أيُّ أمل في أيِّ مدد إلى بلاد الأندلس؛ حيث كانت كلها أقطار مشتتة ومفرقة، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله!

المنحة في ظل المحنة

وإن الناظر إلى بلاد الأندلس في ذلك الوقت ليرى أنه لا محالة من انتهاء الإسلام فيها، وأن ما هي إلا بضعة شهور أو سنوات قلائل حتى يدخل النصارى إلى الأندلس ويُحكِموا قبضتَهم عليها، ولن تُنقَذَ إلاَّ بمعجزة جديدة مثل معجزة عبد الرحمن الداخل -رحمه الله-.

وبالفعل فإن الله I بمنِّه وجُودِه أنعم على المسلمين بتلك المعجزة للمرَّة الثانية، فمَنَّ عليهم بأمير جديد، وحَّد الصفوف وقوَّى الأركان، وأعلى من شأن بلاد الأندلس حتى أصبحت في عهده أقوى ممالك العالم على الإطلاق، وأصبح هو أعظم ملوك أوربا في زمانه بلا منازع، إنه عبد الرحمن الناصر.

[1] لمزيد من التفاصيل، انظر: ابن الخطيب: الإحاطة في أخبار غرناطة، 24/38، وما بعدها.

[2] انظر: ابن عذاري: البيان المغرب، 2/125.

[3] انظر بعض تفصيل ذلك عند ابن عذاري: البيان المغرب، 2/133.

[4] انظر: ابن عذاري: البيان المغرب، 2/150.

[5] ابن الأثير: الكامل في التاريخ، 6/446.

[6] ابن خلدون: تاريخ ابن خلدون، 4/135.


رأينا كيف كان الوضع أواخر عهد الضعف من الإمارة الأموية، وكيف أن الناظر إلى بلاد الأندلس في ذلك الوقت يرى أنه لا محالة من انتهاء الإسلام فيها، وأنها ما هي إلاَّ بضعة أشهر أو سنوات قلائل حتى يدخل النصارى الأندلسَ ويُحكِمُوا قبضتهم عليها.


عبد الرحمن الناصر (277-350هـ= 891-961م)

عبد الرحمن الناصرهو أمير المؤمنين الناصر لدين الله أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله المرواني، وأُمُّه أمُّ ولدٍ تُسمَّى (ماريا) أو (مرته أو مزنة)، وجِدُّه السادس هو عبد الرحمن بن معاوية الأموي - صقر قريش - وقد وُلِدَ في قُرْطُبَة وعاش بها.



نشأ عبد الرحمن بن محمد يتيمًا؛ فعندما كان عُمرُه عشرين يومًا قَتَلَ عمُّه أباه؛ لأنه كان مؤهلاً للإمارة بعد أبيهما عبد الله الأمير السابع من أمراء الأمويين بالأندلس، وفتح الصبي عينيه على الدنيا ليجد الحياة قاتمة أمامه، ولم يكن البلاط الأموي المشغول بكثير من الأحداث -من ثورات داخلية ومطامع خارجية- لِيشغلَ نفسه بطفل صغير كهذا، غير أن جدَّه الأمير عبد الله -الذي اتصف بالورع والتقوى والتقشف وحب الناس، وكان على درجة عالية من التدين- هذا الجد هو الذي تولَّى تربيته، فنال الصبي الصغير نصيبًا كبيرًا من رعايته، وكان جزاءُ عَمِّه القتل، فقد قتله أبوه عبد الله، بعد أن تأكد من براءة أخيه مما اتُّهم به، ثم اهتم الأمير عبد الله بحفيده اهتمامًا كبيرًا وأولاه عناية خاصة[1]؛ ولعلَّ ذلك عطفٌ وشفقةٌ عليه بعد مقتل أبيه، ونشأ عبد الرحمن في هذا الجو المليء بالأحداث المتتابعة.



وكان عبد الرحمن من ناحيته فتى شديد النجابة والنبوغ، وأبدى بالرغم من حداثته تفوقًا في العلوم والمعارف إلى درجة تسمو على سنه، ودرس القرآن والسُّنَّة وهو طفل لم يجاوز العاشرة، وبرع في النحو والشعر والتاريخ، ومهر بالأخص في فنون الحرب والفروسية، حتى كان جده يُرَشِّحه لمختلف المهام، ويندبه للجلوس مكانه في بعض الأيام والأعياد لتسليم الجند عليه، وهكذا تعلَّقت آمال أهل الدولة بهذا الفتى النابه، وأضحى ترشيحه لولاية العهد أمرًا واضحًا مقضيًّا، بل يقال: إن جده قد رشحه بالفعل لولاية عهده، وذلك بأن برئ بخاتمه إليه حينما اشتدَّ عليه المرض كإشارة باستخلافه[2].


ولاية العهد لعبد الرحمن الناصر

لا شَكَّ أن سيرة عبد الرحمن الداخل -الجد الأكبر لعبد الرحمن- كانت تلهمه، كما أن قصة تأسيسه للدولة الأموية بعد عناء وجهاد وإرادة فولاذية كانت نصب عين عبد الرحمن، وهو يخوض ما يمكن أن نُسَمِّيَه رحلة التأسيس الثاني.



ومن الطرائف التي تندر في التاريخ أن أحدًا من أعمام عبد الرحمن، ولا من أعمام أبيه، حاول أن يعترضه في المنصب أو ينازعه فيه[3]، بل كانوا أول مَنْ بايعوه حتى تكلم بلسانهم عمه أحمد بن عبد الله قائلاً: «والله! لقد اختارك الله على علم للخاص منا والعام، ولقد كنتُ أنتظر هذا من نعمة الله علينا، فأسأل الله إيزاع الشكر، وتمام النعمة، وإلهام الحمد»[4].


وقفات مع عبد الرحمن الناصر

إن دراسة كافَّة جوانب حياة عبد الرحمن الناصر لَتحتاج إلى دراسة جادَّة متأنِّية، وعناية خاصَّة تَفُوق هذه السطور، إلا أن هناك بعض الإشارات العامَّة رأينا أن نقف أمامها بعض الشيء، فحينما تولى الحُكم كان يبلغ من العمر اثنتين وعشرين سنةً هجريةً[5]؛ أي: إحدى وعشرين سنةً ميلادية، وبِلُغَةٍ أخرى فهو طَالِبٌ بالفرقة الثالثة أو الرابعة بالجامعة في أيامنا هذه، هذه واحدة.



أمَّا الثانية فإنه يُخطئ مَنْ يَظُنُّ أن تاريخ عبد الرحمن الناصر -رحمه الله- يبدأ منذ هذه السن أو منذ ولايته هذه على البلاد، فقد رُبِّي عبد الرحمن الناصر منذ نعومة أظافره تربية قلَّما تتكرَّر في التاريخ.



لم يكد يرى عبد الرحمن الناصر نورَ الدنيا حتى قُتِلَ أبوه، وهو بعدُ لم يبلغ من العمر إلا ثلاثة أسابيع فقط؛ ومن ثَمَّ قام على تربيته جدُّه الأمير عبد الله بن محمد، فربَّاه –رحمه الله- ليقوم بما لم يستطع هو القيام به، ربَّاه على سعة العلم وقوة القيادة، وحب الجهاد، وحُسن الإدارة؛ ربَّاه على التقوى والورع، ربَّاه على الصبر والحلم وعلى العزة والكرامة، ربَّاه على العدل مع القريب والبعيد، ربَّاه على الانتصار للمظلوم، ربَّاه ليكون عبدَ الرحمن الناصر.



وهي رسالة إلى كل آباء المسلمين وأُولي الأمر منهم: إن لم نكن نحن عبد الرحمن الناصر فليكن أبناؤنا عبد الرحمن الناصر، وإذا كان كل مولود يُولَد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه؛ فما بال تربية أبنائنا اليوم؟! هل نأمرهم بالصلاة عند سبع ونضربهم عليها عند عشر؟! هل نُحَفِّظ أبناءَنا القرآن، أم ندعهم يتعلمون اللغات فقط، ويحفظون الأغاني، وينشغلون بالكرتون؟! وتُرَى ما قدوة أولادنا الآن؟ وبمَنْ يتمثَّلون ويُريدون أن يكونوا مثلهم؟! أعباء ضخمة، ولكن: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»[6].



والثالثة أنَّ عبد الرحمن الناصر -رحمه الله- حين تولَّى الحُكم كان على ثقةٍ شديدةٍ بالله U، وفي الوقت ذاته على ثقةٍ شديدةٍ بنفسه، وأنه قادر على أن يُغَيِّر، فهو يعي قول الله تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 160]. فلم يدخل قلبَه يومًا شكٌّ أو يأسٌ أو إحباطٌ من صعوبة التغيير أو استحالته، أو أنَّه لا أمل في الإصلاح.. فقام وهو ابن اثنين وعشرين عامًا، وحمل على عاتقه مهمَّة ناءت بها السموات والأرض والجبال؛ مهمَّة هي من أثقل المهام في تاريخ الإسلام.

[1] ابن الأثير: الكامل، 6/467، وابن عذاري: البيان المغرب، 2/156، والذهبي: سير أعلام النبلاء، 8/265، 15/562، والصفدي: الوافي بالوفيات، 18/136.

[2] محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس 2/373.

[3] رسائل ابن حزم 2/194.

[4] محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس 2/374.

[5] انظر: ابن الأثير: الكامل، 6/467، وابن عذاري: البيان المغرب، 2/156، والذهبي: سير أعلام النبلاء، 8/265، 15/562، والصفدي: الوافي بالوفيات، 18/136.

[6] البخاري: كتاب العتق، باب كراهية التطاول على الرقيق 2416 عن عبد الله بن عمر، ومسلم: كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر 1829.


عبد الرحمن الناصر وتغيير التاريخ

يتولَّى عبد الرحمن الناصر الحُكم ويقوم بأمر الإمارة, فإذا به -وسبحان الله- يُحيل الضعف إلى قوَّة, والذلَّ إلى عزَّة, والفُرقَة إلى وَحْدَة, ويُبَدِّد الظلام بنور ساطع يُشرق في كل سماء الأندلس تحت مجدٍ وسيادةٍ وسلطان.



بعد تَوَلِّي عبد الرحمن الناصر الحُكم -وبهذه المؤهلات السابقة, وبهذه التربية الشاملة لكل مقوِّمَات الشخصية الإسلامية السوِيَّة, وبهذه الثقة الشديدة بالله وبنفسه- أقدم على تغيير التاريخ, فقام بما يلي:
أولاً: إعادة توزيع المهام والمناصب وإسناد الأمر إلى أهله

عبد الرحمن الناصر وتوحيد الأندلسحين تولَّى الحُكمَ لم يكن عبد الرحمن الناصر يملك من بلاد الأندلس سوى قُرْطُبَة وما حولها من القرى[1], ورغم أنها تُعَدُّ أكبر بلاد الأندلس, وتُمثِّل مركز ثقل كبير لكونها العاصمة, إلا أنها لم تكن تمثِّل أكثر من عُشْرِ مساحة الأندلس, وبدأ عبد الرحمن الناصر من هذه المساحة الصغيرة يُغَيِّر من التاريخ.



فقام بتغيير البطانة التي حوله -أو فريق العمل بمصطلحاتنا الآن- فعزل مَنْ رآه غير صالح للمنصب الذي هو فيه, وولَّى مَنْ رأى فيهم الكفاءة والمقدرة وحُسن تدبير الأمور[2].



ثم أعلى من شأن العلماء, ورفع منزلتهم فوق منزلته نفسه, ورضخ لأوامرهم ونواهيهم, فطبَّق ذلك على نفسه أولاً قبل أن يُطَبِّقه على شعبه, واجتهد قدر طاقته في تطبيق بنود الشريعة.



ولقد وَرَدَ أن عبد الرحمن الناصر –رحمه الله- كان يحضر خطبة الجمعة, وكان يخطبها المنذر بن سعيد, وكان من أكبر علماء قُرْطُبَة في ذلك الوقت, وكان شديدًا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, حتى على عبد الرحمن الناصر -رحمه الله- الخليفة والأمير, وكان عبد الرحمن الناصر قد بنى لنفسه قصرًا كبيرًا, فأسرف المنذر في الكلام, وأسرع في التقريع لعبد الرحمن الناصر لبنائه ذلك القصر.



وحين عاد عبد الرحمن الناصر إلى بيته قال: «والله! لقد تعمَّدني منذر بخطبته, وما عَنى بها غيري, فأَسرَفَ عليَّ, وأَفرَط في تقريعي, ولم يُحْسِن السياسة في وعظي؛ فزعزع قلبي, وكاد بعصاه يقرعني».



وهنا أشار عليه رجل ممن كانوا حوله بعزله عن خطبة الجمعة, فردَّ عليه عبد الرحمن الناصر قائلاً: «أَمِثْلُ منذر بن سعيد في فضله وخيره وعلمه يُعزَل؟! يُعزَل لإرضاء نفسٍ ناكبةٍ عن الرشد, سالكةٍ غيرَ قصد؟! هذا والله لا يكون, وإني لأستحي من الله ألا أجعل بيني وبينه في صلاة الجمعة شفيعًا مثل منذر في ورعه وصِدْقِه». وما عزله حتى مات[3].



وعلى مثل هذه المبادئ وهذه المعاني بدأ عبد الرحمن الناصر يُربِّي أهل قُرْطُبَة, وكان في انصياعه هو قدوة للناس جميعًا.


ثانيًا: القضاء على الثورات

بعد الانتهاء من الشأن الداخلي في قُرْطُبَة وتهيئته تمامًا بدأ عبد الرحمن الناصر -رحمه الله- يتجه إلى المحيط الخارجي؛ حيث الثورات المتعدِّدة في كل أرض الأندلس, فأرسل حملة يقودها عباس بن عبد العزيز القرشي إلى قلعة رباح, التي كان قد ثار فيها واحد من زعماء البربر يُدعى الفتح بن موسى بن ذي النون, ومعه حليف قوي آخر يُدعى «أرذبلش», وبعد معارك شديدة هُزم الفتح بن موسى وقُتل أرذبلش, وبعث برأسه إلى قُرْطُبَة حيث علَّقها الناصر على باب السدة لإرهاب الثائرين, وطهرت قلعة رباح وما حولها من الثورة.. كان ذلك في ربيع الآخر من عام (300 هـ), أي بعد شهر واحد من جلوسه على كرسي الملك.



ثم أرسل سرية أخرى في جمادى الأولى إلى الغرب فاستردت مدينة إِسْتِجَة, التي كان يُسيطر عليها أتباع ابن حفصون, فحققت النصر على العصاة, وهدمت أسوار المدينة وقنطرتها الواقعة على نهر شنيل؛ لتعود معزولة لا يمكنها أن تثور مرَّة أخرى.



ثم خرج عبد الرحمن الناصر بنفسه قائدًا على حملة عسكرية, فكان في توليه القيادة ما أثار نفوس الجنود بالحماسة والعزم, وتوجَّه بها إلى عُمَر أو صمويل بن حفصون (240-306هـ=855-919م)[4] وكان لتبكيره إليه ونهوضه إليه بنفسه ثلاثة أسباب:

الأول: أن هذا الرجل لا يختلف اثنان على أنه يستحقُّ القتل؛ وذلك لأنه ارتدَّ عن دين الله , وفارق جماعة المسلمين بخروجه عليهم؛ ومن ثَمَّ فقد أصبح قتاله فرضًا على المسلمين.

والثاني: أن ابن حفصون كان الثائر الأقوى والتهديد الأكبر من بين الثائرين في الجزيرة, وتركه على حاله ومواجهة صغار الثائرين, يُقَوِّي مركزه, كما يُقَوِّي نفوس الثائرين الآخرين, ويضع صورة الحكم في قُرْطُبَة في حرج شديد, إذا ظهر أنها تتأخَّر عن مواجهته.

والثالث: أنه يستطيع بذلك أن يحفِّزَ أهل قُرْطُبَة الذين كانوا قد ألفوا الثورات في هذه الآونة؛ حيث المعركة في منتهى الوضوح؛ فهي بين المسلمين والمرتدين.


في الطريق للقضاء على ثورة صمويل بن حفصون

استمرَّ مدى هذه الحملة طيلة ثلاثة أشهر كاملة؛ هي شعبان ورمضان وشوال من سنة (300هـ= 913م) في العام نفسه الذي تولَّى فيه –رحمه الله, واستردَّ فيها مدينة جَيَّان, وهي من المدن الحصينة في الأندلس, كما استردَّ فيها زهاء سبعين حصنًا من أمهات المعاقل الثائرة, وهزم فيها جيوش ابن حفصون هزائم منكرة[5].



ولكن ما زالت قوة صمويل بن حفصون كبيرة جدًّا؛ فالمدد يأتيه من الشمال من دول النصارى, ويأتيه -أيضًا- من الجنوب من الدولة العبيدية (الفاطمية), هذا فضلاً عن إمدادات مدينة إِشْبِيلِيَة, التي كان عليها حاكم مسلم من بني حجاج, لكنه كان متمرِّدًا على سلطة قُرْطُبَة, وكان يملك جيشًا مسلمًا كبيرًا.

وفكَّر عبد الرحمن الناصر كثيرًا في كيفية قطع هذه الإمدادات عن صمويل بن حفصون, واهتدى أخيرًا في أن يبدأ بالهجوم على مدينة أشبيلية أكبر مدن الجنوب بعد قُرْطُبَة؛ وذلك بمنطق النزعة الإسلامية التي غلبت عليه؛ حيث أَمَّل إن هو ذهب إلى إِشْبِيلِيَة واستطاع أن يُرغِم حَاكِمَها على الانضمام له, أو الانصياع إليه بالقوة أن ينضم إليه جيش إِشْبِيلِيَة المسلم الكبير, وبذلك تقوى جيوش الدولة الأموية, وتقوى شوكته.



وبالفعل -وبعونٍ من الله- كان له ما أمَّل؛ حيث ذهب إلى إِشْبِيلِيَة بعد أقل من عام واحد من ولايته في سنة (301هـ= 914م), واستطاع أن يضمَّها إليه؛ فقويت بذلك شوكته وعظم جانبه, فعاد إلى صمويل بن حفصون بعد أن قطع عنه المدد الغربي الذي كان يأتيه من إِشْبِيلِيَة, واستردَّ منه جبال رُنْدة ثم شَذُونَة ثم قَرْمُونَة[6], وهي جميعًا من مدن الجنوب.



تعمَّق عبد الرحمن الناصر بعد ذلك ناحية الجنوب حتى وصل إلى مضيق جبل طارق فاستولى عليه, ويكون بذلك -أيضًا- قد قطع الإمدادات والمساعدات التي كانت تأتيه من الجنوب من الدولة العبيدية (الفاطمية) عن طريق مضيق جبل طارق, وسعى عبد الرحمن الناصر إلى أكثر من هذا؛ حيث قطع -أيضًا- طريق الإمدادات التي كانت تأتيه من الدول النصرانية في الشمال عن طريق المحيط الأطلسي, ثم مضيق جبل طارق, ثم البحر الأبيض المتوسط, ثم إنه وجد في البحر مراكب لابن حفصون كانت تأتيه بالمدد من بلاد المغرب العربي فأحرقها؛ وبذلك يكون عبد الرحمن الناصر قد قطع عن صمويل بن حفصون كل طرق الإمدادات والمساعدات التي كانت تمدُّه وتُقَوِّيه[7].



ولم يجد صمويل بن حفصون بُدًّا من طلب الصلح والمعاهدة من عبد الرحمن الناصر على أن يُعطيه اثنين وستين ومائة حصن من حصونه, ولأن البلاد كانت تشهد موجة من الثورات والانقسامات يُريد عبد الرحمن الناصر أن يتفرَّغ لها, فضلاً عن أنه سيضمن في يده اثنين وستين ومائة حصن, وسيأمن جانب عدوِّه؛ فقد قَبِلَ المعاهدة ووافق على الصلح مع صمويل بن حفصون[8].


عبد الرحمن الناصر يُفاجئ الجميع ويتجه نحو الشمال الغربي

أصبحت قوَّة عبد الرحمن الناصر -رحمه الله- تضمُّ قُرْطُبَة وإِشْبِيلِيَة وجَيَّان وإِسْتِجَة, وهي جميعًا من مدن الجنوب, إضافة إلى حصون أخرى كثيرة - كما ذكرنا - وكل هذه المساحة كانت تُمَثِّل تقريبًا سُدُسَ مساحة الأندلس الإسلامية في ذلك الوقت, هذه أولاً.

وثانيًا: أن صمويل بن حفصون ما زال يملك حصونًا كثيرة, ويُسيطر سيطرة كاملة على الجنوب الشرقي من البلاد, لكن قُطِعت عنه الإمدادات الخارجية؛ سواء من النصارى أو الدولة العبيدية (الفاطمية) أو إِشْبِيلِيَة, فصار خطره محدودًا بالمقارنة بالحال من قبل.

وثالثًا: كان هناك تمرُّد في طُلَيْطِلَة (تقع في شمال قُرْطُبَة), ورابعًا: تمرُّد في سَرَقُسْطَة في الشمال الشرقي, وخامسًا: تمرُّد في شرق الأندلس في بَلَنْسِيَة, وسادسًا: تمرُّد في غرب الأندلس يقوده عبد الرحمن الجِلِّيقي.

أي أن الأندلس في عام (302هـ= 915م) كانت مقسمة إلى ستة أقسام؛ قسم واحد فقط في يد عبد الرحمن الناصر, ويضمُ قُرْطُبَة وإِشْبِيلِيَة وما حولهما, بما يُقارب سدس مساحة الأندلس -كما ذكرنا- والخمسة الأخرى مُوَزَّعة على خمسة متمردين, والمتوقَّع - إذًا - أن يحاول عبد الرحمن الناصر من جديد مقاومة أحد مراكز التمرُّد هذه, وبخاصة الأقرب منه.





وإن المرء ليقف متعجِّبًا حين يعلم أن عبد الرحمن الناصر ترك كل هذه التمرُّدات, واتَّجه بصره صوب الشمال الغربي؛ صوب مملكة ليون النصرانية مباشرة, فأرسل أحد قادته, فانتصر وغنم وسبى, ثم عاد في العام نفسه, غير أن النصارى أرادوا الانتقام لهزيمتهم, فعادوا لمهاجمة ديار المسلمين, فأُرْسِلَتْ إليهم صائفة في العام التالي, غير أن المسلمين هُزموا فيها, فتجرَّأ النصارى من بعدُ على مهاجمة الثغور, فأرسل عبد الرحمن الناصر إليهم في العام التالي جيشًا قويًّا أوقع بهم هزيمة مريرة[9].



فكأنه أراد أن يُعَلِّم الناس أمرًا ويُرسل إليهم برسالة في منتهى الوضوح كانت قد خَفِيَتْ عليهم؛ مفادها: أن الأعداء الحقيقيين ليسوا المسلمين في الداخل, إنما هم النصارى في الشمال؛ مملكة ليون, ومملكة نافار, وبهذا العمل استطاع عبد الرحمن الناصر -رحمه الله- إحراج المتمردين إحراجًا كبيرًا أمام شعوبهم, كما استطاع أن يُحَرِّك العاطفة في قلوب الشعوب نحوه, وكذلك تتحرك عواطف الشعوب نحو مَنْ يُدافع عن قضاياها الخارجية, ونحو مَنْ يحارب أعداءها الحقيقيين.



وهذه نصيحة إلى أولياء أمور المسلمين بألا يتهاونوا بعواطف الشعوب, وأن يُقَدِّروها حقَّ قدرها, وأن يستميلوها بالتوجُّه نحو الأعداء الحقيقيين, بدلاً من الصراع مع الجار أو القُطر المسلم, فإذا كانت القضية هي فلسطين, أو الشيشان, أو كشمير, أو غيرها من قضايا المسلمين كانت الوَحْدة والتجمُّع, وكان الانسجام وعدم الفُرقة.



لم يمضِ عامان آخران حتى جاءته هدية من رب العالمين, ألا وهي موت صمويل بن حفصون مرتدًا وعلى نصرانيته في سنة (306هـ=919م), ذلك الثائر الأخطر في تاريخ الأندلس منذ الفتح, والذي ظلَّت ثورته تؤرِّق بلاط العاصمة الأندلسية ثلاثين عامًا, وكانت هذه بداية النهاية لمعاقل ابن حفصون التي تنازعها أولاده فافترقوا, ومنهم مَنِ انحاز إلى الناصر, فسهل على الناصر بعد مجموعة من المعارك الاستيلاء على كل معاقل ابن حفصون وتطهيرها في عام (316 هـ) [10].


عبد الرحمن الناصر وتوحيد الأندلس

لم يلتقط عبد الرحمن الناصر -رحمه الله- أنفاسه, وقام في سنة (308هـ= 921م) بالتحرُّك نحو نصارى الشمال بجيش كثيف, وفي طريقه نحو الشمال خاف صاحب طُلَيْطِلَة المستقل بها أن يغزوه عبد الرحمن فخرج بجيشه مع الناصر مُظهرا الطاعة, واتجه الجيشان نحو غزو الشمال[11], بعدها أصبح الطريق آمنًا نحو الشمال مباشرة؛ حيث سَرَقُسْطَة في الشمال الشرقي وطُلَيْطِلَة في وسط الشمال قد أصبحتا في يده.



وفي العام نفسه (308هـ= 921م) وعمره – آنذاك - ثلاثون سنة فقط, قام عبد الرحمن الناصر على رأس حملة ضخمة جدًّا باتجاه نصارى الشمال, فكانت غزوة موبش الكبرى بين عبد الرحمن الناصر من جهة, وجيوش ليون ونافار مجتمعة من جهة أخرى, واستمرَّت هذه الغزوة طيلة ثلاثة أشهر كاملة, حقق فيها عبد الرحمن الناصر انتصارات ضخمة وغنائم عظيمة, وضمَّ إليه مدينة سالم وكانت تحت يد النصارى[12].



وبعد أربعة أعوام من غزوة موبش وفي سنة (312هـ= 924م) قام عبد الرحمن الناصر-رحمه الله- بنفسه بحملة ضخمة أخرى على مملكة نافار, واستطاع في أيام معدوداتٍ أن يكتسحها اكتساحًا, ويضم إلى أملاك المسلمين مدينة بنبلونة عاصمة نافار, ثم بدأ بعدها يُحَرِّر الأراضي التي كان قد استولى عليها النصارى في عهد ضعف الإمارة الأُموية.



وفي سنة (316هـ=928م) أرسل عبد الرحمن الناصر حملة أخرى إلى شرق الأندلس؛ لقمع التمرد الذي كان هناك, وضَمَّها بالفعل إلى أملاكه, ثم في العام نفسه أرسل حملة أخرى إلى غرب الأندلس فاستطاعت هزيمة عبد الرحمن الجِلِّيقي؛ ومن ثَمَّ ضمَّ غرب الأندلس إلى أملاكه من جديد[13].



وبذلك وبعد ستة عشر عامًا من الكفاح المضني يكون –رحمه الله- قد وحَّد الأندلس كلها تحت راية واحدة؛ وحَّدها جميعًا ولم يتجاوز عمره آنذاك ثمانية وثلاثين عامًا بعدُ.

[1] الذهبي: سير أعلام النبلاء، 8/256.

[2] ابن عذاري: البيان المغرب، 2/158.

[3] النباهي: تاريخ قضاة الأندلس، ص70، وابن خاقان: مطمح الأنفس، ص100، والمقري: نفح الطيب، 1/571.

[4] ابن عذاري: البيان المغرب 2/159.

[5] ابن عذاري: البيان المغرب، 2/160- 163، ومحمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس 2/376.

[6] قرمونة أو قرمونية: كورة بالأندلس يتصل عملها بأعمال إشبيلية غربي قرطبة وشرقي إشبيلية. ياقوت الحموي: معجم البلدان 4/330.

[7] انظر: ابن عذاري: البيان المغرب، 2/164، 165، وتاريخ ابن خلدون: 4/139.

[8] تاريخ ابن خلدون: 4/139.

[9] ابن عذاري: البيان المغرب، 2/169.

[10] انظر التفاصيل عند محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس، 2/383 وما بعدها.

[11] ابن عذاري: البيان المغرب 2/177.ونَبَّه ابن عذاري إلى أن طاعة صاحب طليطلة تحتها معصية؛ وبالفعل فقد خرجت طُلَيْطِلَة عن طاعة الناصر، فعاد وأرسل إليها سنة 318هـ يُنذر ويتوعَّد، ويحضهم على الدخول في الطاعة، ولكنهم أَبَوْا، فضرب عليهم الحصار عامين، استغاثوا خلالهما بملك ليون، ولكنه لم يستطع أن يفعل لهم شيئًا، وفي النهاية سلَّموا لعبد الرحمن الناصر سنة 320هـ.

[12] لمزيد من التفاصيل: انظر: ابن عذاري: البيان المغرب، 2/175.

[13] انظر: ابن عذاري: البيان المغرب، 2/197، 198.

إعلان الخلافة الأموية

عبد الرحمن الناصر وإعلان الخلافة الأمويةنظر عبد الرحمن الناصر -رحمه الله- إلى العالم الإسلامي من حوله، فوجد الخلافة العباسية قد ضَعُفت، وكان المقتدر بالله الخليفة العباسي في ذلك الوقت قد قُتِل على يد مؤنس المظفر التركي، وقد تولَّى الأتراك حكم البلاد فِعْليًّا، وإن كانوا قد أجلسوا الخليفة العباسي القادر بالله على كرسي الحُكم.



ثم نظر الناصر لدين الله إلى الجنوب فوجد العبيديين (الدولة العبيدية الفاطمية) قد أعلنوا الخلافة، وسمَّوا أنفسهم أمراء المؤمنين، فرأى أنه - وقد وحَّد الأندلس، وصنع هذه القوة العظيمة - أحق بهذه التسمية وبذلك الأمر منهم؛ فأطلق على نفسه لقب أمير المؤمنين، وسمى الإمارة الأموية بالخلافة الأموية[1].

ومن هنا يبدأ عهد جديد في الأندلس هو عهد الخلافة الأموية، وذلك ابتداء من عام (316هـ= 928م) وحتى عام (400هـ= 1010م)؛ أي: نحو أربع وثمانين سنة متصلة، وهو يُعَدُّ (عهد الخلافة الأموية) استكمالاً لعهد الإمارة الأموية، مع فروق في شكليات الحكم وقوة السيطرة والسلطان لصالح الأخير.

حملات عبد الرحمن الناصر التوسعية

بعد ثلاث سنوات من إعلان الخلافة الأموية سنة (319هـ= 931م) اتجه عبد الرحمن الناصر جنوبًا نحو مضيق جبل طارق، وقام بغزو بلاد المغرب وحارب العبيديين (الفاطميين) هناك، فضم سَبْتَة وطَنْجَة إلى بلاد الأندلس، وتمَّت له بذلك السيطرة الكاملة على مضيق جبل طارق، فبدأ بإمداد أهل السُّنَّة في منطقة المغرب بالسلاح، لكنه لم يشأ أن يمدَّهم بالجنود؛ تحسُّبًا لهجمات ممالك النصارى في الشمال.


خيانة حاكم سرقسطة

وفي سنة (323هـ= 935م) تَحْدُث خيانة من حاكم مملكة الشمال الشرقي (سَرَقُسْطَة) محمد بن هشام التُّجِيبي؛ حيث تحالف مع مملكة (ليون) النصرانية لحرب عبد الرحمن الناصر، وبكل حزم وقوة يأخذ عبد الرحمن الناصر جيشًا كبيرًا يتصدَّى به لهذه الخيانة ويهاجم مدينة (سَرَقُسْطَة)، وعند أطراف المدينة يهاجمه جيش (سَرَقُسْطَة)، فيغزو عبد الرحمن الناصر قلعة حصينة، ويمسك بقوَّاد هذا الجيش، ويقوم بإعدامهم على الفور أمام أعين الجميع في عمل لا يُوصف إلاَّ بالكياسة والحزم.



وهنا أعلن حاكم (سَرَقُسْطَة) محمد بن هشام التُّجِيبي ندمه وعودته إلى عبد الرحمن الناصر، وكعادة الأبطال الدُّهاة والساسة الحكماء قَبِلَ منه –رحمه الله- اعتذاره، ثم أعاده حاكمًا على (سَرَقُسْطَة)؛ رابحًا بذلك كل قلوب التجيبيين بعد أن كان قد تمكن منهم، متشبهًا في ذلك برسول الله حين قال لأهل مكة بعدما دخلها فاتحًا، وكانوا قد طردوه منها وآذوه هو وأصحابه: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ»[2].



وبمنطق الحزم وقت الحزم والعفو عند المقدرة عَمِلَ عبد الرحمن الناصر؛ فأطلق حُكَّام (سَرَقُسْطَة) بعد أن أعلنوا توبتهم، وأعاد التجيبيين إلى حكمهم؛ وفي سنة (326هـ=937م) بعث عبد الرحمن الناصر من سَرَقُسْطَة بحملة إلى أرض العدوِّ في الشمال، بقيادة نجدة بن حسين الصقلبي وأمر محمد بن هشام التجيبي بالخروج معه؛ اختبارًا لوفائه بالعهد، فخرج معه محمد، وقامت الحملة بواجبها؛ فاستولت على مدن وحصون، وهزمت النصارى هزيمة كبيرة، وعادت محملة بالغنائم إلى سَرَقُسْطَة[3].


موقعة الخندق أو سمورة

أن تسير الأمور هكذا على الدوام أمر في غاية الصعوبة، فليس هناك بشر لا يُخطئ، ولكل جواد كبوة. هذه ليست مبررات لما سيأتي بقدر ما هي بحث في العلَّة والسبب في محاولةٍ لتجنُّبه وتفاديه ما دام سَلَّمنا أنه من شِيَم البشر؛ ففي سنة (327هـ= 939م) وبعد سبع وعشرين سنة من بداية عهد عبد الرحمن الناصر كانت قوَّة الجيش الإسلامي قد بلغت شأوًا عظيمًا؛ حيث ناهزت المائة ألف مقاتل، والأندلس آنذاك تحت راية واحدة، أخذ عبد الرحمن الناصر هذا الجيش العظيم متجهًا إلى مملكة (ليون) النصرانية ليحاربهم هناك[4].



وفيما أشبه غزوة حُنَين تدور واحدة من أشرس وأعنف المعارك على المسلمين، سُمِّيَت بموقعة الخندق، وبانتهاء المعركة كان نصف عدد الجيش (خمسون ألفًا) بين القتل والأسر، وفرَّ عبد الرحمن الناصر مع النصف الآخر عائدين بأكبر خسارة وأثقل هزيمة.



وأرجع المؤرخون سبب الهزيمة إلى أن بعض المسلمين كانوا يجدون في قلوبهم من عبد الرحمن الناصر، فقبعوا للصفوف، وسارعوا في الهرب، وجرُّوا على المسلمين الهزيمة وأوبقوهم[5].



إلا أننا نعتقد أن الأمر ليس بهذه البساطة الظاهرة، ونرى أن الدولة التي بلغت هذا القدر من القوة، وخرج منها هذا الجيش المجهز، وتوالي انتصاراتها السابقة قد يكون أوقع في نفس عبد الرحمن الناصر ما كان قد وقع من قبل في نفس مَنْ هو خير منه؛ حين قالوا: «لن نغلب اليوم من قلة». فأخذ -كما أخذوا- درسًا ربانيًّا قاسيًا.


العودة إلى الجهاد

بعد موقعة سمورة أو موقعة الخندق أو خندق سمورة لم يستسلم عبد الرحمن الناصر -رحمه الله، وهو الذي رُبِّيَ على الجهاد والطاعة لربِّه ولرسوله، فعَلِمَ مواضع الخلل ومواطن الضعف، ومن جديد تدارك أمره، وقام ومعه العلماء والمربُّون يُحَفِّزون الناس.



ومن جديد أعدُّوا العُدَّة وقاموا بحرب عظيمة على النصارى سنة (329هـ=941م) تلتها حملات مكثفة وانتصارات تلو انتصارات، ظلَّت من سنة (329هـ=941م) إلى سنة (335هـ=947م) حتى أيقن النصارى بالهلكة، وطلب ملك (ليون) الأمان والمعاهدة على الجزية، يدفعها لعبد الرحمن الناصر عن يدٍ وهو صاغر[6]، وكذلك فعل ملك نافار فدفعوا جميعًا الجزية ابتداءً من سنة (335هـ=947م)، وإن لم يمنع هذا من نقض ونشوب بعض الحروب خلال هذه الفترة وحتى آخر عهده / سنة (350هـ=961م).

[1] انظر: ابن عذاري: البيان المغرب، 2/198، والمقري: نفح الطيب، 1/353.

[2] ابن هشام: السيرة النبوية 2/411، والسهيلي: الروض الأنف 4/170، وابن القيم: زاد المعاد 3/356، وابن كثير: السيرة النبوية 3/570، وابن حجر: فتح الباري 8/ 18.

[3] محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس 2/405 وما بعدها.

[4] المقري: نفح الطيب، 1/355.

[5] ابن الخطيب: أعمال الأعلام ص37، ومحمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس 2/415 وما بعدها.

[6] انظر: ابن الخطيب: أعمال الأعلام، ص37.


علاقة عبد الرحمن الناصر بشمال أفريقيا

لم تقتصر الأخطار التي كانت تُهَدِّد الدولة الإسلامية في الأندلس على ما كان في الأندلس نفسها من ثورات أتت على قواها ومواردها، ولا على ما كان يتربَّص بها من القوى الإسبانية النصرانية المتوثِّبة الطامحة للقضاء على المسلمين في الأندلس؛ بل وفي كل بقاع الأرض إن استطاعت إلى ذلك سبيلاً، لم تقتصر الأخطار المحدقة على هذا، وإنما تحالف مع هذه الأخطار وشاركها خطرٌ آخرُ يتربَّص بها في بلاد شمال أفريقيا، خطرٌ لا يقلُّ طموحًا عن طموح النصارى في الشمال، فهو -أيضًا- يتمنى السيطرة على هذه الجزيرة، وعلى ما فيها من خيرات، ويعلم أنها لن تَدِين له بشكل كامل إلا إذا اعتنقت معتقده، وتخلَّت راغبة أو راهبة عما تعتقد؛ إنه الخطر الشيعي الإسماعيلي، الذي تمثَّل في هذا الوقت في الدولة العبيدية (المعروفة زورًا بالفاطمية).


الدولة الفاطمية (العبيدية الشيعية)

أعبد الرحمن الناصر وشمال أفريقيا ُعلن قيام هذه الدولة الخبيثة بالمغرب سنة (297هـ)، بعد نجاح أبي عبد الله الشيعي في دعوته، وجذب الأعوان والأنصار لها، وقيامه بمبايعة «عبيد الله المهدي» بالخلافة، وكان ذلك في ظلِّ انشغال الإمارة الأموية في ذلك الوقت بمواجهة الثورات، التي كانت تعصف بالأندلس من الداخل، كما كانت مشغولة بردِّ اعتداءات نصارى الشمال على أرضها، وكانت أضعف -في ذلك الوقت- من أن تُسيطر على هاتين الجبهتين معًا، فكيف إذا فُتحت عليها جبهة ثالثة؟! ثم إن بلاد شمال أفريقيا لطالما اعتُبِرَت خطَّ الدفاع الأول عن الأندلس؛ لأنها كانت دائمًا قاعدة غزو هذه البلاد.

خطر الدولة الفاطمية العبيدية

كان عبد الرحمن الناصر يعلم بكل هذه الأخطار؛ لقربه من جدِّه الأمير عبد الله، وكان مطلعًا على ما آلت إليه حال الأندلس من ضعف في الداخل والخارج، وما آل إليه حال الأعداء من قوَّة وتمكُّن، ولكنه -ومع علمه بهذا كله- لم يفعل مثل أعمامه وأعمام أبيه، ولم يترك الأمر بالكلية لغيره يتحمَّل أعباءه، وإنما تصدَّر لهذا الأمر، وقام به حقَّ القيام.



فإلى جوار المهامِّ العظيمة التي اضطلع عبد الرحمن الناصر بها منذ تَوَلِّيه الحكم، إلا إنه ومع ذلك كان منذ اللحظة الأولى يرقب كل ما يحدث في بلاد الشمال الإفريقي بعين الحرص والحذر، وأنقذه وخفَّف عنه في ذلك الوقت أن الدولة العبيدية كانت هي الأخرى مشغولة بتوطيد أركانها في المغرب؛ لأنها ما كانت تستطيع الانطلاق إلى الأندلس أو إلى مصر إلاَّ بعد أن تستقرَّ في المغرب أولاً.

ولكن استقرار هذه الدولة في المغرب سيكون على حساب الأندلس بعد ذلك.


المواجهة بين عبد الرحمن الناصر والدولة الفاطمية (العبيدية الشيعية)

لم يستطع عبد الرحمن الناصر أن يصبر حتى يقضي على كل الثورات في الأندلس قضاء مبرمًا، ولا أن يقضي على شوكة نصارى الشمال أولاً، وكذلك لم ينتظر حتى يفرغ العبيديون من أمر المغرب، ثم يأتي دور الأندلس، وإنما سارع هو إلى نقل المعركة إلى أرض المغرب؛ ليشغلهم بالمغرب عن العبور إلى الأندلس، وليستطيع تقوية مركزه في المغرب، فيتمكن من تهديد سلطان العبيديين هناك بعد ذلك، وفي ذلك براعة حربية؛ فهو بذلك يُشَتِّت جهود العبيديين العسكرية والسياسية، ويشغلهم عن الأندلس بالمغرب، ويعاقبهم على مساندتهم ومساعدتهم للثائرين عليه، بأن يُساعد هو -أيضًا- كلَّ مَنْ يسعى للخروج عليهم، ويضمُّه عبد الرحمن الناصر إليه، في حين لا يستطيع العبيديون أنفسهم أن يفعلوا ذلك.



ففي سنة (319هـ) أرسل الناصر أسطولاً قويًّا حشد له ما استطاع من رجال وعتاد، وأرسله إلى سَبْتَة فاستولى عليها من يد ولاتها بني عصام حلفاء العبيديين (الفاطميين)، ثم سارع بتحصينها، وإمدادها بالجند والسلاح، والقادة الأكفاء؛ لأنه يعلم جيدًا أن العبيديين لن يركنوا إلى الراحة والدعة، ولن يتخلَّوْا عن سَبْتَة بسهولة؛ ليس لأنها مفتاح الأندلس فحسب، ولكن لأنها إن بقيت في يد الناصر، فإنها ستُهَدِّد دولتهم الناشئة التي لم تستقرّ بعدُ، وقد عرفنا من قبلُ أهمية ميناء سَبْتَة بالنسبة للأندلس، ورأينا كيف أن موسى بن نصير لم يستطع العبور إلى الأندلس إلاَّ بعد أن أمِن خطر سَبْتَة، وها نحن الآن نعرف أهمية سَبْتَة بالنسبة للمغرب -أيضًا- لذلك لا نعجب إذا عرفنا إصرار إسبانيا على أن تبقى سَبْتَة ومليلة تحت يدها حتى الآن.



لقد كانت هذه خطوة جريئة حازمة من عبد الرحمن الناصر، أشعرت العبيديين -بلا شكٍّ- وحلفاءهم بالخوف والجزع من هذه القوة الجديدة، التي بدأ نجمها يبزغ في الأندلس، فإلى جوار الثورات التي يعمل هذا الرجل على إخمادها في بلاده، وبالرغم من وجود نصارى الشمال المتربِّصين به وبدولته، إذا به يفتح على نفسه جبهة جديدة في المغرب، وقد كان المنتظر منه أن يُسارع إلى الاستنجاد بهذه الدولة الفتية التي بدأت تظهر في المغرب؛ لتُعينه على أعدائه الكثيرين؛ لذلك فإننا نعتبر أن هذه الخطوة كانت من أكثر خطوات عبد الرحمن الناصر –رحمه الله- جُرْأة وشجاعة وحزمًا، كما كانت أكثرها دلالة على حُسن سياسته وفهمه الرائع لكيفية سير الأمور.



كان يمكن لعبد الرحمن الناصر أن يركن لهذا التقدم وهذا النصر المهم؛ فلقد شغلهم بسَبْتَة عن الأندلس، إلا أن الرجل كان قد عزم على أن يمضي في طريقه إلى النهاية، وألا تضعف همته أو تفتر، فراسل الحسن بن أبي العيش بن إدريس العلوي حاكم طَنْجَة لينزل له عن طَنْجَة؛ لتكتمل بذلك سيطرته على رأس العدوة، فرفض ابن أبي العيش ذلك، فحاصره أسطول الأندلس، وضيَّق عليه حتى اضطره إلى التسليم[1].



وفي سنة (319هـ) -أيضًا- أرسل إليه موسى بنُ أبي العافية أمير مِكْنَاسَة يحالفه ويدخل في طاعته، ويَعِدُه بالدعوة له في المغرب، وبتقريب أهل المغرب وزعمائهم منه، فتَقَبَّله عبد الرحمن أحسن قبول، وأمدَّه بالمال، وساعده في حروبه في المغرب؛ ليُقَوِّيَ مركزه[2]، وبادر على إثر ذلك زعماء الأمازيغ (البربر) من الأدارسة وزناتة إلى طاعة عبد الرحمن الناصر والدعاء له على المنابر، وامتدَّ نفوذه إلى تاهرت، وفاس.



وفي سنة (323هـ) أرسل القائم العبيدي جيشًا بقيادة ميسور الصقلبي إلى موسى بن أبي العافية، ودارت بينهما عدة معارك انهزم فيها موسى بن أبي العافية، وهرب إلى الصحراء، ثم استنجد بالناصر فأنجده، وهُزم العبيديون، وعاد لموسى بن أبي العافية ملكه في المغرب وقوي أمره[3]، كما قوي نفوذ الناصر لدين الله هناك؛ حتى إن مَنْ ثاروا على الدولة العبيدية في المغرب كانوا يُراسلونه ويعترفون له بأنه الأحق بالولاية، وكان عبد الرحمن الناصر يصلهم ويُحْسِنُ إليهم[4].



كل هذا والمعركة دائرة في المغرب، فلمَّا قويت شوكة العبيديين في المغرب، وتغلَّبُوا على ما قام عليهم من ثورات، أقدم المعز لدين الله العبيدي على ما يُشبه جسَّ نبض عبد الرحمن الناصر، فأمر أسطوله بضرب سواحل الأندلس، وبالفعل هاجمت سفن العبيديين ثغر ألمَرِيَّة سنة (344هـ)، وأحرقت ما فيه من سفن، وخَرَّبت كل ما استطاعت تخريبه، فكان ردُّ عبد الرحمن الناصر عليهم عنيفًا؛ إذ أمر فخرج أسطوله إلى سواحل الدولة العبيدية، وردَّ لهم الصاع صاعين، وعادوا سنة (345هـ) [5]، فعلم العبيديون أنه لا طاقة لهم بالأندلس، فلم يُعيدوا الكَرَّة.



وفي سنة (347هـ) اجتاحت قوات العبيديين بقيادة جوهر الصقلي المغرب الأقصى، ودخلت فاس وقتلت عامل عبد الرحمن الناصر عليها، فأسرع عبد الرحمن الناصر بتجريد حملة أندلسية عبرت إلى المغرب، واستطاعت ردَّ العبيديين على أعقابهم[6].



ثم لم يلبث عبد الرحمن الناصر أن مرض سنة (349هـ)، ثم توفي –رحمه الله- سنة (350هـ).

[1] أبو العباس أحمد الناصري: الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، 1/253.

[2] ابن عذاري: البيان المغرب، 2/204.

[3] انظر: تاريخ ابن خلدون، 1/136.

[4] انظر: ابن عذاري: البيان المغرب، 2/213.

[5] انظر ابن عذاري: البيان المغرب، 2/221، وتاريخ ابن خلدون 4/46.

[6] ابن عذاري: البيان المغرب، 2/222.
angel
angel
المدير العام
المدير العام
عدد المساهمات : 8871
نقاط : 14094
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 27/10/2011
الموقع : عمان
المزاج : إذا ضبطت نفسك متلبساً بالغيرة "على " إنسان ما فتفقد أحاسيسك جيداً فقد تكون في حالة " حب " وأنت "لا تعلم"..

التاريخ الأندلسي 10 Empty رد: التاريخ الأندلسي 10

الجمعة ديسمبر 02, 2011 9:40 pm
التاريخ الأندلسي 10
التاريخ الأندلسي 10
التاريخ الأندلسي 10
التاريخ الأندلسي 10
التاريخ الأندلسي 10
ابو ادم
ابو ادم
مشرف عام
التاريخ الأندلسي 10 4311_1217418931 عدد المساهمات : 5188
نقاط : 7790
التقيم : 6
تاريخ التسجيل : 26/10/2011
العمر : 45
الموقع : google
المزاج : مصدهج

التاريخ الأندلسي 10 Empty رد: التاريخ الأندلسي 10

الإثنين ديسمبر 05, 2011 6:28 am
التاريخ الأندلسي 10
التاريخ الأندلسي 10
التاريخ الأندلسي 10
التاريخ الأندلسي 10
التاريخ الأندلسي 10

الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى